رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي لـ«الأيام»: على الجنوبيين الاستعداد لمواجهة تحديات اللحظة

> حاوره / طاهر بن طاهر

> دائما يتحدث عن الجنوب بمنطق السياسي الحصيف والمتأني كما عُرف عنه منذ انطلاق الثورة السلمية، لم يعرف الغلو والتطرف والاندفاع والمبالغة طريقا إلى مواقفه، ولم يكن متعصبا يوما، ولم تأخذه الفلسفة خارج حدود العقل والمنطق أو تذهب به نحو اللامعقول كما عصفت بكثير من ساسة الجنوب.. رئيس دائرة العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي د. عيدروس نصر النقيب مازال ممسكا بتلابيب القضية رغم حالته الصحية، ومازال يجيد فن الممكن بأسلوبه القديم المتجدد ذاته، إذ يقول إن على الجنوبيين أن يستعدوا لمواجهة تحديات اللحظة بعيداً عن المشاريع المتضاربة والمتعارضة وأن يعالجوا نتائج التخريب الأخلاقي والتربوي والقيمي والاقتصادي الذي تعرض له الجنوب.
«الأيام» التقت د. النقيب وناقشت معه عددا من القضايا، وهاكم حصيلة الحوار:
*ما سبب نزوحك لممارسة النضال من الخارج؟
- الحقيقة أنني قررت الاستقرار مؤقتا في اي بلد آمن بعد أن تلقيت رسالة تهديد بالقتل في مطلع العام 2011م بعد اندلاع ثورة الشباب السلمية، وخصوصا مع انتشار أعمال القتل والبلطجة والاعتداءات المنظمة على المعارضين السياسيين، تمنيت أن استقر في دولة عربية قريبة جغرافيا من بلادي تسمح بحد أقصى من ممارسة نشاط سياسي معقول لكنني لم أفلح حتى في انتزاع إقامة عمل حتى عبر كفيل، واضطررت إلى اختيار المملكة المتحدة البريطانية على طريقة “مرغمٌ أخوك لا بطل” لقد ظننت أنني النازح السياسي الوحيد في تلك الفترة ولم أتصور أن النزوح سيشمل معظم الطبقة السياسية بمن فيهم الرئيس ووزراؤه وبرلمانيوه.
*لكونك قياديا محبوبا عند شباب الجنوب، ما هي النصيحة التي تقدمها لهم؟
- لا أدري إلى أي مدى أنا محبوب، لكنني أشكرك على هذه المعلومة، ونصيحتي للشباب تتمثل في شيئين:
الأول: ويتعلق ببناء أنفسهم علميا، وأعني هنا متابعة التأهيل العلمي والمهني للاطلاع على كل ما يتوصل إليه العلم في مجال الطبيعة والعلوم الاجتماعية والثقافة الرقمية وثورة الهندسة الوراثية، وهذا لا يعفيهم من متابعة آخر منتجات الفلسفة وعلم الاجتماع والعلوم السياسية وغيرها.
والثاني: التعلم ممن سبقونا الصبر وسعة الأفق وتجنب الارتجال والاستعجال في اتخاذ القرارات والمواقف سواء كانت سياسية أو مهنية أو عائلية أو حتى شخصية، والتأني والصبر ودراسة الافتراضات والاحتمالات والخيارات لاختيار أفضلها في كل شيء هو الطريق الأضمن للنجاح.
*هل مازالت الحكومة تدفع رواتب أعضاء مجلس النواب؟
- معلوماتي أن هناك نوابا في صنعاء يتسلمون من الحكومة الانقلابية وآخرين يتسلمون من الشرعية، لكن ليست لدينا تفاصيل وعموما الراتب حق للبرلماني كموظف حكومي رغم أن البرلمان معطل إلا من بعض أنصار الانقلاب الذين يستدعون عند الحاجة فقط.
* لماذا غاب العمل المؤسسي عن قيادات الجنوب في الاشتراكي والمقاومة والحراك.. إلخ؟
- الحقيقة أنني لا أمتلك تفاصيل كافية عن وضع ونشاط الحزب الاشتراكي وهيئاته، نظرا لوجودي بعيدا عن مركز القرار، لكن معلوماتي أن الحزب مر بظروف مالية وتنظيمية صعبة أثرت سلبا على مستوى أدائه وقدرته على توسيع نشاطاته، وفي الحقيقة ان جميع الأحزاب السياسية التقليدية تشهد تراجعا في حضورها ولم يبقَ في الواجهة إلا صخب الزعماء والتأثير المالي والإعلامي والمليشياوي، وهو ما يفتقر إليه الحزب الاشتراكي.
* لماذا لا يستطيع المجلس الانتقالي والحراك والمقاومة فتح قناة إعلامية تملأ الفراغ الإعلامي المؤسسي بالجنوب؟
- مع أنني لست على مقربة من مواقع الحدث لكن معرفتي أن تعقيدات العمل الإعلامي ومتطلباته تقتضي توفر قاعدة مادية وتكنيكية ومالية وبشرية تفتقر إليها القوى السياسية الجنوبية، ولم يتشجع رجال المال الجنوبي للاستثمار في هذا المجال بكل أسف.
بالنسبة للمجلس الانتقالي فإن هناك خطة لتفعيل العمل الإعلامي بعد استحداث الموقع الإلكتروني، وهناك توجه لإنشاء قناة تلفزيونية وربما محطة إذاعية وجريدة وغير ذلك، لكن كل هذا يتطلب إمكانات مادية وفنية على المجلس أن يبحث لها عن مصادر.
*كيف تفسر سياسة قناة (عدن لايف) عندما كانت تنشر برامج تقليدية دون أن تعمل برامج مع شباب الجنوب من الأدباء والكتاب والمثقفين، بل كانت متخصصة لترديد كلام مجموعة من الأشخاص غير المؤهلين سياسيا أو إعلاميا؟
- لا أستطيع تقييم قناة (عدن لايف) لكن لا يمكن إنكار الدور الذي لعبته عند بداياتها، وأظن أن مشكلة التمويل تظل المعضلة الأساسية لأي عمل إعلامي.
* لكونك ناشطا سياسيا وقياديا بارزا، أيمكن أن توضح ما سبب اختفاء قناة (صوت الجنوب) ومن كان الممول الرسمي لها؟
- لقد لعبت قناة (صوت الجنوب) دورا إعلاميا لا يمكن الاستهانة به مثلها مثل (عدن لايف) وخصوصا أثناء حرب 2015م ومعلوماتي أن تمويل القناة كان من قبل بعض رجال الأعمال الوطنيين الجنوبيين المناصرين للقضية الجنوبية، أما عن سبب توقفها فأعتقد أنه نفس السبب المالي والفني الذي أدى إلى توقف (عدن لايف)، أعتقد أن أي عمل إعلامي لن ينجح إلا بتوفر شروط كثيرة أهمها المؤسسية، والموازنة التي تجمع بين الإيراد والإنفاق، وأخيرا الكادر الفني المتخصص فنيا وإداريا ومحاسبيا، لأن الإعلام لم يعد فقط مجرد دعاية وتحريض بل صار (بزنس) مثل أي بزنس.
* لماذا تركت القيادات مربعات فاضية في الجامعات والكليات لقوى سياسة تعمل ضد الجنوب؟
- ربما أنا أرى العكس.. إن الشعب الجنوبي هو من أكثر شعوب الأرض انشغالا بالسياسة، نظرا لما تعلمه من الماضي وما تعرض له طوال العقدين الماضيين من تمييز واستبعاد وتهميش.
مشكلة الجنوبيين ليست في الفراغات السياسية، بل في غياب الأداة الطليعية التي توحد تلك الكتلة الهائلة من الناشطين المنخرطين إلى هذا الحد أو ذاك في التعاطي مع السياسة وإشكالياتها.
* كيف تقرأ الواقع السياسي اليوم، وهل هناك متغيرات قادمة بالجنوب؟
- التغير سنة الوجود، وكما نعلم لم يعد الجنوب كما كان قبل سنتين أو ثلاث سنوات، لكن قوى التغيير وأدواته مختلفة، وإذا كانت حركة التغيير قد سارت لصالح الجنوب ومشروعه التحرري فإن القوى الرافضة لهذا المشروع ماتزال تجمع أدواتها وتحاول الحيلولة دون بلوغ الجنوبيين مستوى تطلعاتهم.
أنا من المدرسة التفاؤلية التي ترى أن القادم أجمل وأن التغيرات القادمة لابد أن تأتي لصالح تطلعات وأحلام الشعب الجنوبي، لكن هذا التفاؤل لكي يتحول إلى واقع يحتاج إلى مجموعة من الشروط، أولها: وحدة الأداة السياسية الجنوبية، وهي أساس قواسم مشتركة واضحة، وثانيها: الدعم العربي والدولي لقضية الجنوب، وثالثها: استعداد الجنوبيين لمواجهة تحديات اللحظة بعيداً عن المشاريع المتضاربة والمتعارضة والقضاء على نتائج التخريب الذي تعرض له الجنوب على مدى ربع قرن، وخصوصا التخريب الأخلاقي والتربوي والقيمي والاقتصادي.
*كيف تفسر عدم زيادة الأجور للمدنيين والمتقاعدين وعدم صرف مرتبات الأمن والجيش منذ أشهر؟
- بالنسبة للمرتبات وحقوق العاملين الجنوبيين هي تعبر عن فشل الحكومة في إدارة ملف صغير، وهو ملف المرتبات، فكيف لها أن تدعي القدرة على إدارة بقية الملفات الأكثر تعقيدا.
هم يشتكون من توقف الموارد وعدم توريد الإيرادات من مناطق الشمال إلى البنك في عدن. المواطن لا تعنيه مبررات الحكومة ودعاواها وشكاواها، لأنه طالما يعمل لدى هذه الحكومة فيحق له أن يحصل على أجرته وهو حق قانوني لا نزاع فيه، يتضمنه عقد العمل بين الحكومة والموظف.
حاوره / طاهر بن طاهر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى