مؤتمر الحوار.. محطات «الإقصاء والظلم» ومكتسبات القضية ونظرة أخرى للعالم تحفظ «وحدة الجنوب»

> كتب / حسين حنشي

> تمهيد:
(شكل الدولة) مبتدأ ومنتهى المشاكل المتناسلة في اليمن جنوباً وشمالاً، وهو ليس من (المرجعيات الثلاث) التي يصر العالم على أن تكون مرتكزات للحل في البلد.
المبادرة الخليجية التي قدمتها دول الخليج في 3 أبريل 2011م ولم يوقع عليها كليا إلا في 23 نوفمبر 2011 بالرياض بعد تذليل وتعديل “لا تشير إلى أي شكل لدولة المستقبل”، بل خطوط عامة لتسوية وحصانة.
وثيقة الحوار الوطني الشامل- وهي الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي عقد في اليمن بصنعاء بين كافة مكونات المجتمع اليمني السياسية الحزبية والمستقلة، والذي بدأ في 18 مارس 2013 واختتم أعماله في 25 يناير 2014 - لم يكن فيها حديث عن “شكل الدولة” بل إنها تركت حتى “هوية البلد منتظرة للحراك”!! وشكل الدولة معلق كذلك، وهي وثيقة لاتفاق قوى، كل منها قدم “شكلا آخر للدولة”.
قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216) الصادر في 14 أبريل 2015 لم يحمل شيئا يذكر عن “شكل الدولة” وتركز على تقويض قوة الانقلابيين عبر عقوبات وإجراءات طلبها منهم.
*مسار الحوار ومسار القضية
نصت مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية التي وقعت في 23 نوفمبر 2011 على وجوب مؤتمر حوار وطني شامل، يضم كافة الجهات بما فيها الحراك الجنوبي، وجاءت قرارات مجلس الأمن: 2014 الصادر في 2011 و2051 الصادر في 2012، لتشدد على ضرورة إجراء عملية سياسية شاملة للتغيير السلمي والإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن.
وبحسب القرار الجمهوري رقم 13 بتاريخ 6 مايو 2012 أنشئت لجنة اتصال للمشروع، ثم صدر القرار الرئاسي رقم 5 في 18 يناير 2013 بإنشاء الأمانة العامة للحوار، وسمت المكونات السياسية والاجتماعية ممثليها ضمن قوام أعضاء المؤتمر الـ565، الذين صدر بهم القرار رقم 11، ومن ثم تسمية أعضاء هيئة الرئاسة الـ9 في القرار رقم 12.
افتتح المؤتمر في الثامن عشر من مارس 2013 بجلسة عامة افتتاحية علنية، وعقدت الجلسة الختامية بدءا من السادس عشر حتى الواحد والعشرين من يناير 2014، وفي 25 يناير تم اعتماد الوثيقة النهائية.
وكان لافتا تأثير الفريق الجنوبي قبل الإقصاء، حيث جاء في الوثيقة النهائية عن هوية الدولة وشكلها حديث ينم عن “عدم اتفاق” بل عن تخويل للجنوبيين، فقد جاء في نص الوثيقة النهائية: وتم الاتفاق على استمرار النقاش، وتأجيل اتخاذ القرارات النهائية إلى المرحلة التي تلي الجلسة العامة الثانية، وجاء في نص الوثيقة النهائية في باب بناء الدولة:
ثالثا: القرارات المتعلقة بـ(هوية الدولة) أقر الفريق القرارات الآتية:
1 - 1 اسم الدولة:
* الجمهورية اليمنية، في حال بقاء الدولة بسيطة.
* جمهورية اليمن الاتحادية، في حال تغير شكل الدولة إلى دولة اتحادية. وانتظار الحراك الجنوبي لمخرجات القضية الجنوبية.
وفيما يخص شكل الدولة (عدد الأقاليم): جاء بالنص كذلك: (وتم الاتفاق على استمرار النقاش وتأجيل اتخاذ القرارات النهائية إلى المرحلة التي تلي الجلسة العامة الثانية. وفي باب بناء الدولة جاء
رابعا: القرارات المتعلقة بـ(شكل الدولة): بحسب مخرجات فريق القضية الجنوبية.
*القضية الجنوبية.. «نضال قبل الإقصاء»
بدأ فريق القضية الجنوبية أعماله في يوم الإثنين الموافق 1 أبريل 2013، وتم في الاجتماع اختيار هيئة رئاسة بالتوافق مكونة من الآتية أسماؤهم: أحمد بن فريد محمد الصريمة - رئيساً، بلقيس علي صالح اللهبي - نائباً أول، محمد علي أبو لحوم - نائباً ثانيا، شفيع محمد العبد علي - مقرراً.
1 - 1 خلال فترة العمل الأولى للفريق تم تشكيل لجنة لإعداد الخطة التنفيذية ضمت الأعضاء: رضية شمشير علي - أحمد محمد الكحلاني - محمد محمد قحطان - أحمد صالح القنع - محمد أحمد العفيف - إبراهيم مالك شجاع الدين - أحمد صالح عجروم (بمساعدة الميسرين مروان الشيباني وخديجة الصرحي، كما أوكل إلى هذه اللجنة مهمة صياغة إجراءات وتدابير لبناء الثقة).
4 - 4 تشكيل لجنة لاستخلاصات الرؤى التي قدمت حول جذور ومحتوى القضية الجنوبية، ضمت في عضويتها: رضية شمشير علي - أحمد محمد الكحلاني - محمد أحمد العفيف - عبدالرحمن عمر السقاف - بلقيس علي اللهبي - أماني أحمد الماخذي - نادية عبدالله الأخرم - علي حسين عشال - خالد إبراهيم بامدهف - ناصر أحمد عباد شريف - إبراهيم مالك شجاع الدين - شفيع محمد العبد.
9 - 9 شهد الفريق انسحاب رئيس الفريق أحمد بن فريد محمد الصريمة، وعضو الفريق أحمد صالح عجروم، وانتقال عضو الفريق علي ناصر البخيتي إلى فريق صعدة.
10 - 10 بعد انسحاب الرئيس السابق للفريق تم التوافق على اختيار محمد علي أحمد شيخ رئيساً لفريق القضية الجنوبية.
11 - 11 تمت إضافة محمد عبدالله عوض الدغاري الى عضوية الفريق بديلاً عن العضو المنسحب أحمد صالح عجروم.
رفض الفريق النزول الميداني بحسب الخطة التنفيذية للفريق إلى المحافظات الجنوبية حتى يتم تنفيذ النقاط العشرين التي تقدمت بها اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، وكذا النقاط الـ11 الخاصة بإجراءات وتدابير لبناء الثقة وخلق بيئة ملائمة، تقدم بها فريق القضية الجنوبية إلى رئاسة مؤتمر الحوار بتاريخ 3/ 4/ 2013 كإجراءات وتدابير لبناء الثقة وخلق بيئة ملائمة للقضية الجنوبية.
مؤتمر الحوار
مؤتمر الحوار

استمع فريق القضية الجنوبية المكوّن من 40 عضواً يمثلون أبناء الجنوب وأبناء الشمال مناصفة وفقا لنص الفقرة (8) من المادة (12) من النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، يمثل أبناء الجنوب بـ50 % من فريق القضية الجنوبية، و75 % من هذه النسبة للحراك الجنوبي السلمي، خلال الفترة (أبريل - مايو)، إلى قراءة الرؤى السياسية حول الجذور والمحتوى للقضية الجنوبية والمقدمة من المكونات السياسية والمجتمعية.
بدأ فريق عمل القضية الجنوبية اجتماعات دورته الثانية يوم السبت الموافق 13 يوليو 2013، وفي 10 سبتمبر 2013 تم تشكيل الفريق المصغر المنبثق عن فريق عمل القضية الجنوبية (8 + 8)، لمناقشة ملخص الرؤى والخروج برؤية توافقية لكل المكونات السياسية حول (الحلول والضمانات). وبدأ الفريق المصغر اجتماعاته في نفس اليوم بحضور مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر وفريق الخبراء الدوليين، وقد عقد الفريق المصغر للقضية الجنوبية 32 اجتماعا خلال الفترة (10 سبتمبر حتى 21 ديسمبر).
وفي تاريخ 23 ديسمبر 2013، وفي اجتماع بدار الرئاسة، بعد إقصاء فريق القضية الجنوبية، وفي 27 ديسمبر، وتعيين شخصيات بديلة، تم التوقيع على الوثيقة التي تخص القضية الجنوبية بطريقة “غير شرعية” بعد إقصاء ممثليها ما أوجد هناك “وثيقة غير ملزمة” لاسيما ما احتوته بعد الإقصاء.
*المكتسبات الجنوبية من الحوار
كما هو واضح أن الجنوبيين شاركوا في المراحل التي ضمنت لهم “حقا سياسيا” وعبر آليات الدولة اليمنية وضمن “المرجعيات الثلاث”، وهو مكتسب حقيقي، كما أنهم بعد الإقصاء أفقدوا المشروع “الإشكالي” عدد الأقاليم “المشروعية”، لاسيما وهو “خارج نصوص الوثائق للمرجعيات الثلاث كنصوص”، بل أتى عبر لجنة شكلت لاحقا بعد الإقصاء بكثير.
ففي 27 ديسمبر 2013 أعلن القيادي الجنوبي محمد علي أحمد رئيس فريق القضية الجنوبية انسحاب الحراك الجنوبي من مؤتمر الحوار بشكل نهائي، أي قبل التوقيع على مخرجات القضية بأربعة أيام، ودون المشاركة في ذلك.
وصرح محمد علي أحمد الذي يرأس فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار بانسحاب الحراك المشارك في الحوار من المؤتمر، وذلك في مؤتمر صحفي عقده بصنعاء، واتهم قوى صنعاء النافذة بمحاولة السيطرة على الحوار ومخرجاته والالتفاف على لجنة الستة عشر، واتهم الأمانة العامة لمؤتمر الحوار بتحريض ممثلي الحراك على الانشقاق، مشيرا إلى أن الضمانات والوعود التي قدمتها الدول الراعية لمكون الحراك لم تكن حاضرة للأسف على المستوى المطلوب، كما تطرق إلى الضعف الأمني في صنعاء وإصرار الحراك على نقل فريق التفاوض خارج صنعاء.
وأكد بن علي أن الحراك لن يعود إلى الحوار إلا في ظل تفاوض بين دولتين (شمال وجنوب)، ووصف مؤتمر الحوار بأنه مؤامرة تاريخية على القضية الجنوبية.
لهذا من المستطاع قانونياً أن يعمل الجنوبيون وعبر المرجعيات على ضرب مشروع “الأقاليم الستة” الخلافي وانتزاع “إقليم ضمن دولة من إقليمين أو ثلاثة أقاليم، يكون فيها الجنوب إقليما واحدا”، كما قال الرئيس هادي في 2016 لصحيفة (عكاظ).
فلجنة تحديد الأقاليم التي شكلها الرئيس هادي لاحقا، وكان عليها أن تختار بين عدد الأقاليم، لم يتفق عليها ولا تعد مخرجاتها “من المرجعيات الثلاث” “كنصوص” على الأقل، رغم التوصية بذلك، لاسيما للقوى التي غادرت المؤتمر و“لم تمثل”.
وإذا كان الجنوب رافضاً لشكل الدولة فقط، وهناك استعداد للقبول بدولة من إقليمين كما قدم فريق القضية الجنوبية في مشروعه، بالإضافة حتى إلى الحزب الاشتراكي وهو “عمق الجنوب” ولا أحد ينكر ذلك، فلماذا تصر قوى على فرض “الشكل المثير للحروب” الأقاليم الستة؟!.
إذا كان الحوثيون أمسكوا بالأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني لأنه يحمل مسودة الدستور التي تنص على شكل الدولة، قبل أن يقبلوا بعدد الأقاليم وهم الذين كان مشروعهم أيضاً يقترح “إقليمين” (ثم اتخذوه عذرا) لتفجير الحروب وجعل الوطن ساحة لكل الدول، فلماذا لم تفوت عليهم الفرصة؟ ولماذا الإصرار على إهدائهم “الحجة” للقول لشعبهم “تحديدا الزيدي” إنه لا يمكن حشر الملايين في إقليم جبلي دون حتى منفذ بحري؟ ألم يقل بنعمر إن الحوثيين فقط كانوا يطالبون بميناء ميدي بداية حتى يقبلوا “بشكل الدولة” لماذا منحوا الفرصة إذاً لتفجير الحروب؟!.
مخرجات لجنة تحديد الأقاليم التي تعد خارج المرجعيات صدرت في 10 فبراير 2014 كذلك “ليست ملزمة” وقابلة للتعديل والرئيس هادي الذي هو رئيس اللجنة تحدث بذلك شخصيا بعد إقرار مخرجاتها بعامين وعشرين يوما، وتحديدا في مارس 2016 في حديث لصحيفة (عكاظ) السعودية لايزال منشورا، حيث قال “نتوقع بناء الدولة الاتحادية من أقاليم عدة خمسة أو ستة، لكن حتى الآن ربما تكون ثلاثة أقاليم”.
بمعنى إقليمان في الشمال وإقليم في الجنوب، ويعني إقليم الشمال وإقليم الوسط الشافعي وإقليم الجنوب، وهو ما يعني أن عدد الأقاليم ليس ملزما، لأنه ليس من المرجعيات الثلاث.. فلماذا الإصرار عليها، وتفجير مزيد من الحروب؟.. سؤال سيطرحه العالم ككل.
*البناء على ما تم اكتسابه
تضمن المرجعيات الثلاث للجنوبيين الخروج بإقليم ضمن دولة يمنية، وحسب مخرجات الحوار، بعد إنهاء مخرجات اللجنة التي شكلت لاحقا، واستنادا إلى تصريح الرئيس هادي في مارس 2016م لـ(عكاظ) عن “بلد بثلاثة أقاليم الشمال والوسط الشافعي والجنوب”، وهنا يمكنهم بناء مؤسساتهم استعدادا لتطورات لاحقة يفرضون بها “حق تقرير المصير”.
ويمكن للعالم تفهم حل في اليمن بهذه الطريقة يصفر عداد المشاكل في البلد، لاسيما بعد أن وثق العالم مؤخرا بقدرة الجنوبيين العسكرية والأمنية والسياسية في صنع استقرار وفي توحيد الكلمة والهدف، والأهم “القيادة”.
ومن الواجب توحيد “العامل والآلية” بعد أن توحد الهدف، ويمكن لتبني الإنجاز السياسي للفريق المشارك بالحوار بمحتواه السياسي وشخصياته المشاركة من قبل القيادة المتصدرة للمشهد الآن في الجنوب أن يصنع قوة جنوبية ونصرا حقيقياً.
ففي الجنوب حققت أجهزة الأمن الجنوبية انتصارات لافتة في مجال مكافحة الإرهاب أكثر من أي “حكومة يمنية” من الحكومات المتعاقبة، وهذا يجلب ثقة العالم.
كما حقق الشعب الجنوبي التفافة حول مكون جديد مدعوم عربياً هو المجلس الانتقالي، الذي قال عنه السفير البريطاني حديثا يمكن البناء عليه “كصوت قوي موحد للجنوب” حسب وصفه.
ففي يوليو من العام الجاري أعلن السفير البريطاني لدى اليمن سايمون شيركليف،عن لقاء جمعه باللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بمقر إقامته المؤقت في دولة الإمارات.
وقال السفير البريطاني، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) إنه التقى باللواء الزبيدي وعبر خلال اللقاء عن دعم بلاده لإيجاد صوت جنوبي موحد في جنوب اليمن، من خلال الحوار السياسي.
وقال السفير البريطاني إن “المملكة المتحدة تدعم صوتاً جنوبياً قوياً وموحداً، بإمكانه تحقيق أهدافه من خلال حوار سياسي وتوافق وليس عن طريق العنف”.
وأكد السفير شيركليف أن الزبيدي تحدث خلال اللقاء عن المجلس الانتقالي الجنوبي، وقدم له شرحا عنه بشكل أكبر، وأنه أكد بأن المجلس يريد أن يكون الصوت الأساسي للجنوب.
وقبل أيام قال رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي إن “لغة العالم” حول الوضع في اليمن سياسية، ولا يمكن لأحد القول إنه ضد الوحدة، ولكن المواقف الحقيقية “تخضع للمصالح” ولما يفرض على الأرض.
وقال الأستاذ لطفي شطارة، خلال حلقة عقدت بعدن ناقشت مستقبل (المجلس الانتقالي): “هنالك اعتراف مبطن من بعض الدول، وأنا أول ما أعلن عن المجلس الانتقالي سافرت إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والتقيت بوزراء الخارجية في البلدان الثلاثة، ولأول مرة شعرت أن الكلام مختلف، وجاء السفير الألماني إلى لندن لحضور هذا اللقاء وكان هذا بطلب من السفير نفسه، فهذا مؤشر أن الناس بالخارج بدأت تتقبل كلامنا وعملنا”.
إذا بإمكان الجنوبيين أن يقدموا للعالم “مفهوما مختلفا وقانونيا” للمرجعيات الثلاث في اليمن يضمن وحدة أراضيهم بإقليم واحد، لكن ذلك يقتضي توحيد الآليات والاستفادة من جميع المكتسبات في وضع يشهد حراكا عالميا لإنهاء الحرب في اليمن، وبحل سياسي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى