أما زالت الأصنام ..؟!

> علي سالم اليزيدي

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
كانت هناك قبيلة عند العرب قبل ظهور الإسلام تدعى (جهيمة) وكان لها صنم كبير من التمر، وعندما تجوع هذه القبيلة تذهب وتأخذ قضمة من الإله التمر أو الصنم، وهكذا حتى تأكله كله، ثم بعد ذلك تقوم بتجميع زنابيل التمر من كل فروع القبيلة مرة أخرى، وتعيد نفس الحكاية، وهي بناء الصنم المعبود من تمر لهذه السنة، وخلافا عن العام الفائت وحتى يتقبل العابدون هذا الإله الجديد وتنطلي اللعبة على عقولهم، مع أنهم ربما يعرفون أن القضم قادم ولابد منه، يطلون ويزينون الصنم بالقماش والجلود وسعف النخيل، ويمارسون طقسا مثيرا مرجفا للقلوب ومموِّها للعقول عن ذي قبل، وتظهر فيه وجوه شعراء جدد أو محسنة المظهر غير العام، وكتاب رقاع جداد، وفرسان مزركشة، وخطباء الافتتاح يهزون الأرض بالكلام أمام الصنم الجديد الساكت، ومنتفعون، ومراسلو أنباء وصحفيون (حق ذاك الوقت) الذين يغالطون الجمهور في الصنم هذا، وقدرته على جلب الخير وحماية القبيلة ومنع الشر، بل وطرد كل شرير من بقايا الصنم المأكول العام المنصرم.
ويحتفى باستقبال الصنم التمر المعبود إلى المعبد، ويزف ويطلق عليه لقب، غير لقب العام الفائت، ويهمس به نفر من الأفاكين في خلوة تحت منصة التنصيب، ثم يهرول وبأيديهم عصا، وربيب التمر المسنكر الحالي يدسونه في الأفواه ويصرخون، ويصرخ معهم الطفل والعجوز المسنكر، والجلدة لمن يسكت، ويزعقون وهم يذرفون الدموع (الإله الطيب الحبيب أبا رطيب، أبا مطر، مكف الشر)، ويصيح القوم (نعم، نعم مجلب الخير أبو رطيب، وتدور اللعبة، وتجوع القبيلة، وتحين لحظة القضمة، وقضمة وراء قضمة، وكلا أخذ قضمته من الصنم الجديد، وذهب الصنم، وبعدها يأتي موسم الخريف والوزيف، ونبحث عن صنم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى