«الأيام» تسبر أغوار لجنة نظر قضايا الأراضي ومـعالجتها بالجنوب في مقرها بعدن(3) أراضي الجنوب المنهوبة.. جريمة منظمة يقاومها القضاء بهيبته

> تحقيق/ عيدروس زكي

> جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية.. دولة وقيادة وشعبا.. اكتوت بنيران غدر مشروع الوحدة الاندماجية الارتجالية الفاشلة مع الجمهورية العربية اليمنية، منذ وهلتها الأولى في 22 مايو 1990م.. واكتملت فصول تلك الحيلة على الجنوب الشريك النصفي الآخر للدولة الوليدة ـ حينها ـ بالانقضاض عليه بالقوة العسكرية، ما أدى إلى خسارته الحرب التي دافع عن أرضه فيها وشعبه باستماتة، وذلك في 7 يوليو 1994م، وسُمِّيَ ـ وقتذاك ـ المُعتَدِي مُنتَّصِرَاً، فأخذه جبروته المُتعجرف، للهجوم على كل ما هو جنوبي ويدل على كينونته آنذاك، فَظَلَمَ موظفي الجنوب بتسريحهم عن أعمالهم في جهاز الدولة الإداري، وهَدَمَ الحجر باستباحته كل مقومات الدولة الجنوبية المؤسسية بخصخصتها وبيعها للقطاع التجاري، واستباح الأرض الشاسعة فيه، والتي رأى فيها جوهرة نفيسة لا يمكن له التفريط فيها، فصادر كل ما وقعت عيناه عليها في الجنوب.. فيما الجنوبيون (أهل الأرض) لحق بهم جور لم يشهده شعب أي بلد آخر، فقد حرم أبناء الجنوب من تمكينهم أراضيهم لبناء مساكنهم الشخصية المتواضعة عليها، فيما تمتع الغرباء القادمون من الشطر الشمالي إلى الجنوب بأرضهم بالمعاملة المُتمَيِّزَة؛ لكونهم الرابحين في حرب 1994م، فطغوا وبغوا واعتدوا وعاثوا في الجنوب فسادا.
رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي انتهز مناسبة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشَّامل، واستشعاراً منه بالمسؤولية العظمى الملقاة على عاتقه نحو الجنوب، وبحجم التَسَلُط الكبير الذي فرضته عصابة 7 يوليو 1994م عليه، والإجحاف المهول الذي لحق بشعبه الجنوبي في دَفَّتَي الأراضي والموظفين المُبعَدِين، فأنشَأ الرئيس بقراره رقم (2) للعام 2013م الذي أصدره بتاريخ 8 يناير 2013م وفي الفقرة (أ) من القرار أنشأ لجنة نظر قضايا الأراضي ومعالجتها بمحافظات الجنوب، وتَشَكَّلَت اللجنة من خيرة بيارق القضاء الجنوبي البارزة والتي يُشَار إلى كفاءتها وخبرتها ونزاهتها واستقلالها وحزمها، وجعلوا من أنفسهم بثقلهم القانوني السِّيادي السَّامي الوطني بيادقاً في سبيل نصرة الحق الجنوبي دون سواه، وإعادتهم الأراضي السكنية والزراعية والعقارية والاستثمارية المنهوبة في الجنوب إلى أصحابها الأصليين، أو تعويضهم بأراض أخرى مماثلة لها بدلاً عنها، تصدياً من اللجنة الرئاسية عينها لهذه الجريمة المُنَظَّمَة التي عانى منها منذ 1994م الجنوب كله، ولا سِيَّمَا عاصمته عدن ومتنفسها المُلاصق لها جغرافياً شقيقتها توأم روحها محافظة لحج.
القاضي محمد عمر
القاضي محمد عمر

وقاومت اللجنة - بصلاحيات هيبتها القضائية والتوجيهات الرئاسية لها - ذلك السلب المُمَنهَج، وحققت في مجال عملها إنجازات جبَّارة، ضَخَّت الأمل مُجَدَّدَاً في نفوس المواطنين المغلوبين على أمرهم، الذين تَضَرَّرُوا من استبداد فرقة 1994م التي أصابتها ضروب الجنون والاستقواء.
«الأيام» في ختام تحقيقها تستعرض أبرز المعوقات التي تعترض مهام عمل لجنة نظر قضايا الأراضي ومعالجتها بمحافظات الجنوب وكذا قضايا المشاريع الاستثمارية المختلفة. حيث أوضح القاضي قاسم رئيس اللجنة بأن: “ثَمَّة صعوبات جَمَّة ومعوقات عِدَّة، تقف حجر عثرة أمام مهمات عمل اللجنة الرئاسية، والتي تبذل اللجنة إزاءها جهودا كبيرا لتجاوزها حرصاً منها على المصلحة العليا للوطن، ولمصالحة المواطن الجنوبي المُتَضَرِّر المظلوم والمغلوب على أمره، في شتى المراحل السياسية التي شهدها الجنوب، والتي نال من أذاها على صعيده الشخصي الحقوقي، ولهذا نعمل جاهدين على إعادة له عقاراته المختلفة المسلوبة منه مهما يكون كنهها، أو تعويضه بدلاً عنها، وتظهر جليةً هذه الصعوبات التي تعانيها اللجنة ومعوقاتها، من خلال عدم تفاعل الجهات ذات العلاقة معها، والبطء في تنفيذ قرارات اللجنة، وعدم توافر الإمكانات اللَّازِمَة، وضعف التَّواصل مع الجمهور المُتَظَلِّم، وشح الموارد المالية والبشرية، وعدم استكمال تأسيس مركز المعلومات الخاص باللجنة، وعدم وجود تمويل لصندوق التعويضات المُكَرَّس لأراضي المواطنين الجنوبيين، رفقة أقرانهم الموظفين الجنوبيين المُبعَدِين عن أعمالهم بجهاز الدولة في الجنوب، بعد حرب صيف العام 1994م، سوى المنحة المالية المُقَدَّمَة من حكومة دولة قطر الشقيقة، التي تبلغ: (350,000,000) دولار، (ثلاثمائة وخمسين مليون دولار)، جرى توريد منها إلى الحكومة اليمنية مبلغ وقدره: (150,000,000) دولار، (مائة وخمسين مليون دولار)، لا يُعلَم أي شيء عن المرجع النهائي الذي آل إليه هذا المبلغ”.
ملفات قضايا الاراضي بعدن
ملفات قضايا الاراضي بعدن

قضايا المشاريع الاستثمارية بأنواعها
وأشار فضيلة القاضي محمد عمر سعيد بَاشَبِيب، عضو اللجنة ومُقَرِّرها، رئيس دائرة القضايا الاستثمارية باللجنة بدوره لـ«الأيام» إلى جملة من مهام دائرته وإنجازاتها بالقول: أولاً نشكر «الأيام» الغراء على نزولها واللقاء برئاسة ومسؤولي اللجنة، أما بخصوص دائرتنا باللجنة، فإنها معنية بنظر قضايا الأراضي الاستثمارية، وهي قضايا المشاريع الاستثمارية بأنواعها، والمتَمَثَّلة في الآتي:
أ ـ مشاريع إقامة المنشآت السياحية.
ب ـ مشاريع إقامة المحال التجارية الكبرى والصغرى.
ج ـ مشاريع إقامة الورش المتعَدّدة.
د ـ مشاريع إقامة المباني السكنية.
بالإضافة إلى أن هناك مجموعة من الأشخاص، قد تَقَدَّمُوا بشكاوى إلى اللجنة تَتَعَلَّق بتأميمات محالهم التجارية منذ ما بعد الاستقلال الوطني لدولة الجنوب، 1967م، وهذا يُعَد خارج اختصاص اللجنة وفقاً وقرار إنشائها الرئاسي.
ومن ضمن المعالجات التي قامت بها دائرتنا، تبرز بثلاث قضايا هي:
1 ـ قضية شركة صناعة السجائر والكبريت الوطنية المحدودة (عدن)، التي دخلت الدولة معها شريكة (قطاع مختلط) وتبَيَّن من خلال النظر في القضية، أن الدولة في فترة شراكتها تلك مع الشركة عينها، لم تَدفَع ما عليها من مساهمات في الشراكة، بالرغم من أنها على نصيبها من أرباح الإنتاج، وكانت المعالجة إعادة الشركة (المصنع) إلى صاحبه المرحوم (صالح سالم بَاثَوَّاب).

2 ـ قضية مساحة الأرض الواقعة ما بين مُجمَّع (عدن مول) وفندق (ميركيور)، بمديرية صيرة بالعاصمة عدن، ومساحة الأرض هذه خَرَجَت من أجلها تظاهرات شعبية واحتجاجات جماهيرية من مختلف شرائح المجتمع، طَالَبَت بإبقائها مُتنَفَّسَاً عاماً للعاصمة عدن، والمساحة نفسها كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح، قد صرفها للشيخ ناجي عبد العزيز الشايف، (أحد كبار رجال القبائل النَّافذين في صنعاء)، الذي باع الأرضية ذاتها للمستثمر شاهر عبد الحق بِشْر، مُتَمَثِّلَاً في شركته (أُوشن بريز) للاستثمار والتنمية المحدودة، وكانت المعالجة من اللجنة لهذه القضية هي تعويض المستثمر تعويضاً عادلاً بصرف له أرضية أخرى في موقع آخر، وأيضاً جرى هذا التعويض بناءً على الشكوى الرسمية المُقَدَّمَة من المجلس المحلي بمديرية صيرة بالعاصمة عدن.
3 ـ قضية المستثمر المرحوم (الشيخ محمد عمر بَامَشمُوس)، الرئيس السابق للغرفة التجارية والصناعية بالعاصمة عدن، الذي صُرِفَت له أرضية خاصة لموقع بناء مركز تجاري، وتم الاستيلاء عليها، من قبل عدد من النَّافذين، وأقرَّت اللجنة تعويضه بأرضية أخرى.
كشف قضايا مديرية خور مكسر
كشف قضايا مديرية خور مكسر

*إعداد مقترحات قرارات المعالجات
وبَيَّن القاضي محمد عمر، أن لجنة نظر قضايا الأراضي ومعالجتها بالجنوب، في هذه الأثناء، في طور المعالجات، ومن المُؤَمَّل أن تخلق هذه المعالجات الارتياح التام والرضا العام للمتضررين الجنوبيين الذين سُلِبَت أراضيهم من الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات الاعتبارية، لكن الظروف الاستثنائية التي يعيشها البلد جَرَّاء الانقلاب والحرب التي شهدها الجنوب في العام 2015م، بلا شك سَتُؤَثِّر سلباً على المعالجات. وخلال الفترة الحالية عملت اللجنة على بقية القضايا بإعداد مقترحات قرارات معالجاتها وسَتُصدَر بشأنها قرارات رئاسية مرتقبة بالمعالجات، وبلغ عدد الحالات المنظورة أمام دائرة قضايا الأراضي الاستثمارية: (5,569)، (خمسة آلاف وخمسمائة وتسع وستين) قضية، موجودة في مقر اللجنة الرئيس بالعاصمة عدن، فيما يبلغ عدد قضايا الدائرة ذاتها بفرع اللجنة بمحافظة لحج: (5,547)، (خمسة آلاف وخمسمائة وسبع وأربعين) قضية، وللدائرة قضايا مُتفَرِّقَة في بقية فروع اللجنة بمحافظات الجنوب، ووَرَدَت توجيهات إلى اللجنة من رئاسة الجمهورية بإنهاء أعمالها، في نهاية هذا العام 2017م، ولكن اللجنة ترى أنه لَا بُدَّ وأن يكون عملها مُتأنِّيَاً ومُستَمِرَّاً لتَتَشَكَّل النتائج الإيجابية المُضَاعَفَة انتصاراً لقضايا المواطنين الجنوبيين المُتَظَلِّمِين.
*قوام أعضاء لجنة الأراضي
بتاريخ 8 يناير 2013م، أصدَر رئيس الجمهورية، عبدربه منصور هادي، قراره رقم (2) للعام 2013م، الخاص بإنشاء لجنة نظر قضايا الأراضي ومعالجتها بمحافظات الجنوب، وبموجب القرار وفي فقرته (أ) تم تشكيل اللجنة بقوام أعضائها من الإخوة الآتية أسماؤهم:
القاضي صالح ناصر طاهر قاسم، القاضي الدكتور علي عطبوش عوض محمد، القاضي داود عبده أحمد المعشري، القاضي محمد عمر سعيد بَاشَبِيب، القاضي يحيى محمد عبد الله الإرياني، وجرت لاحقاً إضافة القاضي عمر محمد سالم وحدين، والقاضي عبده أحمد جابر حسن، إلى قوام أعضاء اللجنة بقرار من رئيس الجمهورية، وبالتَّوَافُق ما بين أعضاء اللجنة، تم تكوين رئاستها على النحو الآتي: القاضي صالح ناصر طاهر قاسم، رئيساً للجنة، القاضي الدكتور علي عطبوش عوض محمد، نائباً لرئيس اللجنة، وناطقاً رسمياً لها، القاضي محمد عمر سعيد بَاشَبِيب، مُقَرِّرَاً للجنة.. كما صُدِرَ بتاريخ 8 يناير 2014م قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيين القاضي الدكتور علي عطبوش عوض محمد مديراً عاماً تنفيذياً لصندوق تعويضات أصحاب قضايا الأراضي التي تم الاستيلاء عليها والموظفين الذين تم إبعادهم من وظائفهم في المجالات المدنية والأمنية والعسكرية بمحافظات الجنوب منذ 7 يوليو 1994م، ثم بتاريخ 23 أغسطس 2017م صُدِرَ قرار رئيس الجمهورية رقم (123) للعام 2017م بتعيينه محامياً عاماً أول بمكتب النائب العام للجمهورية، وما يزال محتفظاً بعضويته الكفؤة في لجنة نظر قضايا الأراضي ومعالجتها بمحافظات الجنوب، بينما القاضي يحيى محمد عبد الله الإرياني، غادر اللجنة لتعيينه محافظاً لمحافظة إب، بالقرار الجمهوري رقم (94) الصادر بتاريخ الموافق 8 يونيو 2014م.
تحقيق/ عيدروس زكي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى