مسكينة عدن.. بلا تربية ولا تعليم

> نادرة عبد القدوس

>
نادرة  عبد القدوس
نادرة عبد القدوس
لم أجد مستهلاً مناسِباً لعنوان المقالة، غير عبارة (مسكينة عدن).. واستسمح عذراً، صديقة لي، دون ذكر اسمها، باستعارتها. وللعلم، صديقتي هذه، كان لها باع في النضال السياسي ضد المستعمر البريطاني، كما لها، منذ سنوات وحتى اليوم حكايات نضالية من أجل الحفاظ على هوية عدن. وهي تكرر هذه العبارة، بألم، يومياً، من شدة الجور على مدينتها التي كانت مناراً في العلم والثقافة والحياة المدنية وكانت قِبلة العلماء والمثقفين من مختلف أصقاع العالم.
ولست هنا بصدد التذكير بهوية عدن وماهيتها ولا بمعالمها وآثارها ولا بتاريخها ومدارسها الفقهية والتعليمية، وغير ذلك مما كان حياً، إلى عقود قليلة ماضوية.. لأن ما أنا بصدده أعظم من إعادة بناء المنشآت التي دُمرت أو المواقع والمعالم التاريخية إلخ.. إن ما أنا بصدده بناء الإنسان.. كيف نعيد بناء البشر قبل الحجر؟ الأديان السماوية، كافة، جاءت لتعيد بناء الإنسان وتكمل مكارم الأخلاق.
وكان ديننا الحنيف أول الأديان التي دعت إلى العلم والدراسة والتفقه، من الدعوة الأولى إلى القراءة والفهم والإدراك؛ لذلك كنا أمة (اقرأ)، وبدأ الناس مع مرور الزمن وانعطاف المراحل إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد.
سيل من المعلومات سُكبت على مسامعي عن حال التربية والتعليم في مدينتي عدن، وأصدُقكم القول أنني ذهلت، بل صُعقت مما علمته، أيعقل بأن يصل الحال إلى هذا المستوى من الخطورة؟! أيعقل أن يصل حال التربية والتعليم، في عدن التي كانت، في عقود القرن الماضي، تزخر بالعناصر التربوية وتفخر بهم، بكونهم كانوا مثالاً للتربويين والمعلمين الذين تخرجت على أياديهم أجيالاً من المتعلمين الذين أصبح لمعظمهم شأن في البلاد؟ فكيف أضحت عدن اليوم بلا تربية ولا تعليم؟! وأين جهات الاختصاص؟ ومن هي جهات الاختصاص؟ وكيف تنظر إلى هذه المسألة الخطيرة وتصمت أو تغض الطرف؟ ولماذا؟ ولصالح من؟
أسئلة كثيرة جالت في خاطري.. فوالله إنه لو حدث هذا في بلدٍ آخر، أقل منا شأناً، لثار الناس جميعاً، احتجاجاً وغضباً وغيرة على مستقبل أبنائهم، فماذا عسى يكون من أولويات مقومات البناء، في أي بلدٍ كان، غير التعليم؟ فماذا يحدث في التربية والتعليم في مدينة عدن؟
المصيبة الأولى أن معظم مدارس محافظة عدن، بمختلف مديرياتها، تعاني نقصاً في المعلمين!!
المصيبة الثانية أن هناك أسماء وهمية، في قائمة المعلمين وتستلم رواتب شهرية وعلاوات!!
المصيبة الثالثة أن هناك معلمين ومعلمات خارج نطاق الجمهورية وآخرين نائمون في بيوتهم وضمائرهم مرتاحة!!
المصيبة الرابعة أن هؤلاء المذكورين آنفاً من المعلمين، غير الوهميين، يستبدلون غيرهم من أقاربهم وأحبائهم أو جيرانهم، ليحلوا محلهم في التعليم، مقابل عشرين ألف ريال، يقومون بدفعها لهم من مرتباتهم الشهرية!!
المصيبة الخامسة والأخيرة أن إدارة التربية والتعليم في المحافظة، تعلم علم اليقين بما يجري منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولا تحرك ساكناً!!
وكيف ستقوم إدارة التربية والتعليم بدورها الفاعل، إذا ما علمنا أن أحد مدراء التربية والتعليم في إحدى مديريات محافظة عدن، غير مؤهل بمنصبه، لعدم استيفاء الشرط الأول، وهو بأن يكون في الأساس، تربوياً ومعلماً، وهو لا هذا ولا ذاك؟! وهي لعمري مصيبة المصائب.. لذلك؛ فإنه من الأهمية بمكان عدم السكوت عما يحدث في ميدان التعليم بعدن، وعلى الصحفيين والإعلاميين الغيورين على مدينتهم وما يحدث لها من تدمير ممنهج أن يمتشقوا أقلامهم ويبدأوا بفضح الحقائق، في كل مجالات الحياة وأهمها التعليم، حتى يسمع الأصم ويرى الأعمى.
وسؤال نوجهه إلى الأخ وزير التربية والتعليم: هل تعلم بما يجري في إدارة التربية والتعليم في محافظة عدن؟ فإن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم.
والسلام ختام

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى