العالم يراهن على العقول البشرية

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
رغم تغير مفهوم الغنى على مستوى العالم إلا أننا في الشعوب العربية ما زلنا نؤمن أن أساس الغنى وحل مشكلاتنا الحياتية مرهون بما لدينا من ثروات في باطن الأرض، وما نمتلك من مساحات جغرافية، فالنفط هو مصدر الثروة ومفتاح كافة الحلول لدينا، رغم أن معطيات عقود خلت تؤكد أن مشكلتنا تكمن في عدم الاستقرار السياسي وهشاشة الأنظمة الحاكمة، التي لا تعتمد معيار العدالة في ممارسات سلطاتها، هذا إلى جانب ما تؤكده حقائق العصر.
إن مفهومنا للثراء خاطئ من منظر ربط ذلك بما لدينا من ثروات نفطية ونحوها، حتى أننا أودعنا الأجيال ذلك المفهوم الخاطئ، وعلى هذا الأساس تدور صراعاتنا التي لا نهاية لها على ذلك المحور (الثروة والمساحة الجغرافية)، مع أن نماذج ذلك واضحة، فكثير من البلدان التي تعاني من حالات حروب واضطرابات لم تحقق شيئاً على الصعيد الاقتصادي، ولم تتمكن من سد احتياجات شعوبها الفقيرة، رغم وجود الثروات الباطنية والمساحات الجغرافية الشاسعة.
واقع لسنا ببعيدين عنه في هذا الجزء من العالم، حيث نعاني ويلات الصراعات الحادة المستمرة والتعبئة الخاطئة التي تزيف التاريخ، وتجعل محور الصراع الثروة والجغرافيا.. الحال الذي يجعل مفهوم العداء للآخر محوره هاتان الركيزتان، واستثنت عطاء العقل البشري تماماً، وتجاهلت تقنيات الثورة العصرية بجديدها العاصف على صعد الحياة المختلفة.
تلك الثورة العصرية التي تجاوزت مفهوم الثراء على أساس ثروات الأرض الباطنية، وما تمتلك من مساحات جغرافية.. إذ استطاعت شعوب صغيرة المساحة أن تحقق عائدات فلكية مصدرها العقل البشري، الأمر الذي جعل بلدان صغيرة تمتلك ترليونات العائدات المالية.
في واقعنا المؤلم لا يمكن التعويل على عطاء العقل بالمطلق لأننا ببساطة بعيدون عن قطار التطور البشري تماماً، فلا مراهنة على مخرجات التعليم ولا على ابتكارات العقل في بنية طاردة تماماً للعقول المتميزة.
حتى إن الحروب أفقدتنا الكثير من تلك المهارات والقدرات التي فضل أصحابها البحث لأنفسهم عن أوطان بديلة.. حالة تردي واقع التعليم وغياب الاستقرار السياسي والأمني في بلداننا مدعاة للكثير من التداعيات على صعيد الواقع واستمرار إدارة الصراع وفق ما ترسخ من مفاهيم خاطئة هو القائم، حتى إن الحديث عن واقع الحال في خارطة اليمن التي تضم شمال اليمن وجنوبه ينطلق من مفهوم الثروة والجغرافيا.
مع أن الكثير من المعطيات تشير إلى امتلاك شمال اليمن الكثير من الثروات والعائدات الزراعية المتنوعة ومناطق النفط الواعدة، وهكذا هو الحال أيضا في الجنوب.. فعوضاً عن ذلك علينا البحث عن سبل تمكن الجميع من تحقيق الرخاء والاستقرار، لو أننا نمتلك إرادة سياسية واضحة في حل مشكلات الواقع وبناء الإنسان عبر بوابة التعليم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى