مواقف تجبرنا على القول: أبين بخير !

> مدين مقباس

>
مدين مقباس
مدين مقباس
قبل أيام استوقفتني لحظة رجولية وإنسانية عندما شاهدت أحد موظفي مكتب هيئة رعاية أسر الشهداء بأبين، وهو يسند عجوزا طاعنة في السن، من إحدى أسر شهداء ثورة 14 أكتوبر، لتجتاز الطريق بسلامة بعد أن تسلمت «إعانة» أحد الشهداء مقرب لها.
تلك اللحظة التي رأيت فيها الابتسامة ترتسم على ملامح وجهها وكذا حرص ذلك الشاب الذي أوقف عمله لإسنادها في الطريق لتغادر المكان بسلام حملت معاني كبيرة وقيّما نبيلة ومسؤولية عالية نادراً ما نجدها اليوم عند موظفي مؤسسات الدولة في هذا الزمن، الذي جار على الكل، وتغيرت فيه سلوكيات كثير من الشباب والمسؤولين، وبعض الموظفين، وتبدلت الأخلاق والقيم والرحمة، وحل محلها سلوك الكراهية الهدام للمجتمع ولقيمه.
نعم استوقفتني تلك اللحظة لأنها أعادت إلى ذهني صورة المواجع والألم التي كست وجوه أهلنا في أبين حزناً عندما سلمت محافظتهم لتنظيم القاعدة وهجروا من ديارهم في 2011م وتجرعوا المر أثناء نزوحهم، ولم تفارق صورة الحزن وجوه معظم الأسر إلى يومنا هذا، ولم تجد من يمحوها ويعيد لها تلك الابتسامة المسلوبة، وجعلتني هذه اللحظة المشرقة اتساءل مع نفسي.. متى ستنتهي مأساة أبين؟ ولماذا لا يؤدي بقية الموظفين واجباتهم وأعمالهم بشكل مرضٍ ويرسم الابتسامة على وجوه الفقراء والمتضررين والمواطنين ولو في لحظة عابرة كابتسامة تلك «العجوز»؟ لماذا لا يكون الموظف سنداً للمواطن؟... إلخ.
يثبت الواقع في محافظة أبين أن الدمار والخراب الذي تعرضت له، لم يقتصر على تدمير مؤسسات الدولة والقطاعات المختلفة بل طال الإنسان، أبناءها، وكوادرها، حتى أصاب الكثير منا اليأس في الفترات السابقة لصعوبة استعادة الوضع فيها إلى مستوى مقبول، ولو في حده الأدنى لتطبيع الأوضاع في مؤسساتها وأجهزتها المختلفة بسواعدهم المخلصة.
لكن رغم هذا التدمير والتهميش لكودارها واليأس الذي دب في نفوس أبنائها إلا أننا نلمس أن بعض الأعمال المبشرة بالخير تنعش في حياتنا ذلك الأمل الذي لم يمت، ولازال ينبض فيها من تحت ركام الدمار.
كتلك الأعمال والجهود التي يقوم بها من يعملون بصمت بعيدا عن الضجيج الإعلامي لإنعاش الأمل في حياة المواطن للتغلب على مختلف الظروف حتى وإن كانت هذه الأعمال في أبسط صورها العابرة، كتلك اللحظة التي رأينا فيها الموظف الشاب «عدنان المريدي» وهو يسند إحدى الأمهات، وكثيرا من أمثاله ونشعر بالفخر والاعتزاز بهم وتجبرنا جهودهم ومواقفهم على التوقف عندها لنقول: إن أبين بخير مادام فيها هؤلاء الأوفياء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى