حكايات ومآسٍ خلفتها سيطرة الحوثيين وتوقف المرتبات في ذمار.. مستشار يتحول إلى عامل بناء وطيار بائعا للقات ودكتور جامعي يبيع الذرة

> قسم التحقيقات

> أصبح الوضع المأسوي كبيرا جدا بين أوساط المجتمع اليمني، وخصوصا بعد انقطاع الرواتب في عهد حكم حليفي الانقلاب مليشيات الحوثي والمخلوع صالح، وسيطرتهم على صنعاء وبعض المحافظات اليمنية منها محافظة ذمار.
فأصبحت محافظة ذمار واحدة من المحافظات اليمنية التي استسلمت للأمر الواقع، وكثيرا ما خيم الحزن والظلم والخوف بين أبناء هذه المحافظة، وخصوصا بعد انقطاع رواتب موظفي الدولة التي خلفت الكثير من القصص والمعاناة.
فكان التحول الجذري لعشرات الأسر من حال الى حال ليدق ناقوس الخطر، وصلت بعضها الى الانتحار أو قتل أسر بكاملها، وهذا ما حذرت منه عشرات المنظمات المحلية والدولية لتصل هذه المرارة كل منزل يمني عدا منازل القيادات الحوثية.. فكثير من الأسر اليمنية تعتمد اعتمادا كليا على الراتب ويعد مصدر دخلها الوحيد، ولكن المليشيات أوقفته.
فالحالة الاقتصادية للبلاد وصلت الى حد كبير جدا من المأساة التي لم يكن يتوقعها المواطن اليمني يوما من الأيام، ولكنه أصبح يعيشها في ظل سلطة وحكم حليفي الانقلاب التي حولت كل مصادر الدخل لليمنيين لصالح مجهودها الحربي، ودخولهم في حرب هم في غنى عنها، إلى جانب الكثير من عمليات الابتزاز المستمرة وحملات الاعتقالات والنهب.
*من مستشار إلى عامل بناء
حاولنا أن نوضح الصورة أكثر من محافظة ذمار.. وفيما يلي نسرد لكم في هذا التقرير عددا من القصص، والبداية من مستشار محافظة ذمار وأمين سر حزب التنظيم الناصري “شعلان الأبرط” الذي تحول إلى عامل بناء يبحث عن قوت يومه له ولأسرته.
ويشغل “الأبرط” منصب حكومي رفيع، ناهيك عن حياته السياسية الكبيرة والطويلة وتاريخه الكبير، ويعد من أبرز القيادات في التنظيم الوحدوي الناصري بمحافظة ذمار، وعضوا في مجلس الحوار المحلي، ويحظى باحترام كل أبناء محافظة ذمار.
اعتقل شعلان قبل أشهر من قبل المليشيات الحوثية بذمار، وتلقى أشد أنواع التعذيب داخل سجون الحوثي والذي لا زال يتلقى العلاج حتى اللحظة أثر الاعتقال والتعذيب، عقب قيامة بتنفيذ وقفة احتجاجية امام النيابة العام للمطالبة بالأفراج عن المعتقلين في سجون المليشيات.
الأبرط نشر صورة على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، وعلق عليها قائلا: “شاقي تحت التجربة، ونصف (كريك) في زمن الأنصاص... أنا الشعب”، في إشارة واضحة إلى انعدام كل مصادر دخله والتي يحاول من خلالها أن يكسب عيش يومه.
يأتي هذا بعد مرور أكثر من عام على انقطاع الرواتب ومصدر دخله الوحيد، ولم يستحِ أو يخجل من هذا العمل مواجها أعباء الحياة، وتحمل المسؤولية تجاه أسرته، قائلا: “إن هذه الأعمال لمحاولة تغطية تكاليف المعيشة، لأن ألم الظروف اليومية أقوى من الألم السابق”.
*دكتور جامعي يتحول إلى بائع
لم يقتصر الوضع على السياسيين فقط، فقد طال كذلك دكاترة وكوادر جامعيين كبار،كان لهم الفضل في تأسيس جامعة ذمار وتأهيل الجيل القادم من أبناء المحافظة، ولكن المليشيات سرعان ما قضت على تلك القامات، فالبعض غادر البلاد والبعض اكتفى بالبقاء فيها رغم الأوضاع.
الدكتور عبد الجبار قاسم، رئيس وأحد مؤسسي كلية الهندسة بجامعة ذمار، اضطرته الظروف إلى بيع (المسابل) (الهند)، في عربية متنقلة وسط الشارع العام بذمار، بعد أن قطع راتبه والذي يعد مصدر عيشه الوحيد.
واضطر العديد من الأكاديميين في عدد من الجامعات اليمنية إلى ترك مهنة التدريس، والبحث عن مهن بديلة كبيع (القات) وصناعة البلك وغيرها من المهن، بعد رفض الانقلابيين صرف مرتباتهم.
*معلم يقتل زوجته
وفي حدث جديد غير متوقع قام معلم يدعى “س.ع” بقتل زوجته طعناً وشرد أبناءه نتيجة إصابته بحالة نفسية معقدة بسبب انقطاع راتبه، وذلك إثر شجار سابق بينهما بسبب الحالة المعيشية الصعبة التي يمر بها هو وأسرته.. وتسكن هذه الأسرة في حارة “عزان” شرق مدينة ذمار.
وتعاني عشرات الأسر في ذمار من هكذا حالات نفسية والتي تعد هذه الحالة الثانية من نوعها خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الشهرين، فيما يدخل العشرات من الذين انقطعت رواتبهم في حالات نفسية مماثلة.
*انقطاع الرواتب وتدمير التعليم
في ظل انقطاع المرتبات يواجه الأهالي قلقا كبيرا من تدهور التعليم في محافظة ذمار، خصوصا مع تأجيل بداية العام الدراسي الجديد، وشائعات انتشرت حول دفع مبالغ مالية من قبل أهالي الطلاب، فقد تعذر أغلب المدرسين عن الحضور للمدارس بسبب انقطاع المرتبات وسوء حالتهم الاقتصادية.
وقد رفض الكادر التعليمي مزاولة مهنتهم، متعللين بانقطاع المرتبات وارتباطهم بأعمال أخرى من أجل سد حاجيات أسرهم، في حين أن المدارس الحكومية متوقفة عن التعليم إلا أن المدارس الخاصة قد بدأت عامها الجديد منذ قرابة نصف شهر وبمناهج قوية.
الأمر الذي زاد من قلق أهالي الطلاب هو انتشار شائعة أخرى تقول إنه قد تم تغيير المناهج الدراسية من قبل مليشيات الحوثي بمناهج تخدم مذهبهم، وقد تكون بمثابة غسيل أدمغة جيل المستقبل، الجيل الذي يضع الشعب آماله فيه ببناء البلاد من جديد لا الاندلاع في ساحات الحرب والقتال.
*من طيار إلى بائع (قات)
معاناة هي الأخرى تحكي أسلوب جديد من فصول المعاناة وهي تحول الكابتن طيار “مقبل الكوماني” من أبناء محافظة ذمار إلى بائع لـ(القات) ليكسب مصدرا لرزقه، بعد أن تم إعفائه من عمله.
ونشر الكابتن على حسابه في (فيسبوك) صورا له مقارنا ماضيه بحاضره، قائلا: “كنت في ظل الجمهورية أعانق السماء، فضائي الرحب، وها أنا اليوم أصبحت أعانق (علاقي القات) في دكان صغير لا تتجاوز مساحته مترا مربعا”.
وأضاف: “شتان ما بين معانقة السماء وغيومها، ولفافها (أكياس القات وعيدانها). وتحولت قصة الكوماني إلى قضية رأي عام، وقارن بعض الناشطين بين الطيار الكوماني الذي تحول إلى بائع (قات)، وبين بائع القات محمد الحوثي الذي تحول إلى رئيس اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين.
وهكذا هي حالة عشرات الموظفين التي انقطعت رواتبهم، مما يهدد باندلاع ثورة جياع تستعيد الحقوق وتملأ البطون الجوعى رغيفا دافئا كما يرى ناشطون وحقوقيون.وهذا هو حال محافظة ذمار كونها واحدة من محافظات الجمهورية اليمنية.
معاناة تلو أخرى يعيشها المواطن اليمني منذرة بكارثة قد تحل على اليمن واليمنيين بلا رحمة، ففي كل يوم تظهر لنا حادثة جديدة ومأساة جديدة، في ظل هذا الوضع الكارثي، الذي صنعته أيدي الساسة من مليشيات الحوثي والمخلوع صالح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى