مؤشرات كارثة إنسانية تهدد حياة المواطن إثر رفع سعر المشتقات النفطية وأسطوانة الغاز المنزلي

> تقرير/ جهاد محسن

> على ما يزيد عن عامين ونصف من تحرير العاصمة عدن والمحافظات الجنوبية، وطرد ميليشيات الحوثي وصالح، وما حظيت به المناطق المحررة من دعم لا محدود من دول التحالف العربي، وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن عدن مازالت تشهد أوضاعا سيئة على مختلف المستويات الخدمية والاقتصادية والأمنية، ويعاني المواطنون في هذه المدينة من خدمات مفقودة، وأوضاع معيشية متدهورة، زاد من تعقيدات الوضع العام انخفاض سعر العملة المحلية أمام الدولار، ناهيك عن الارتفاعات غير الرسمية التي طرأت على سعر الوقود والمشتقات النفطية، وأسعار المواد الغذائية، والخبز (الروتي)، والدواء والحليب، ومستلزمات الأطفال، وسعر أسطوانة الغاز المنزلي، وأجور النقل العامة إلى درجة تكشف وبجلاء مدى فشل الحكومة الشرعية في تسيير شئون المحافظات المحررة.
تدهور القطاعات والخدمات العامة، وانفلات مختلف جوانب الحياة في عـدن ضاعف وإلى حد لم يعد يطاق من معاناة السكان أمام أكبر عاصفة تدمير تعيشها هذه العاصمة، وذلك نتيجة للعجز الذي تعاني منه مؤسسات الدولة والدوائر المحلية، وفشل السلطات الرسمية في تلبية أبسط الاحتياجات الرئيسية للمواطن من أمن ومياه وكهرباء، وتأمين أسعار مختلف الخدمات الأساسية والسلع الغذائية.
مع تزايد تدهور الأوضاع الاجتماعية في عـدن تتزايد حدة الغضب والسخط الشعبي إزاء فشل وزارات الحكومة، ومؤسسات الدولة في معالجات قضايا ومشكلات المواطنين الذين أصبحوا يتجرعون بصمت وعلى مضض بحرا متلاطما من سياسية العبث والتجويع والإفقار الذي تمارسه الحكومة التي لايزال العديد من وزرائها يقبعون خارج البلاد، وبعيداً عن أحوال العباد.
*ارتفاعات غير رسمية
ليست أزمة الماء والكهرباء وحدها ما كدرت حياة مواطني عـدن، وجعلتهم يتكبدون وحدهم المرارة والألم.
حيث شهدت المدينة منذ تحريرها أزمات مفتعلة عكست بظلالها على أوضاع المواطنين، وأثرت على حياتهم المعيشية بشكل مباشر، فمنذ تحرير عدن وموجة انعدام المشتقات النفطية مازالت مستمرة، فلا حلول ولا توجهات حكومية واضحة تنهي هذه الأزمة، كما لو كانت تعين المتسببين بها إلى ممارسة المزيد من سياسات استغلال المواطن ونهبه، بصورة جشعة غير مبررة لا تخدم سوى المتنفذين أنفسهم.
فلا يعقل أن تتوفر المشتقات النفطية من بترول وديزل، وبوفرة في الأسواق السوداء وبأسعار تتجاوز سعر الدبة الواحدة إلى ما يزيد عن 10 آلاف ريال يمني، بينما ينعدم توفيرها في المحطات العامة والخاصة.
مؤخراً، وفي ظل الأزمات المتفاقمة المفتعلة، طرأت زيادة غير رسمية على أسعار المشتقات النفطية في محطات التموين المحلية، حيث بلغ سعر دبة البترول الواحدة في معظم المحطات 5400 ريال، وسعر دبة الديزل بـ6000 ريالا، ناهيك عن سعره في الأسواق السوداء التي تعدى الـ10 آلاف ريال، وتباع جهرا، ليلا ونهارا.
طابور طويل للمركبات
طابور طويل للمركبات

*صمت رسمي مطبق
هذه الزيادة التي فرضت على أسعار المشتقات النفطية لم تعلق عنها الحكومة الشرعية، ودون أن يصدر عنها بيان رسمي من شركة النفط المحلية تكشف ما يدور في كواليسها من خفايا وأسرار عن أسباب الارتفاع غير الرسمي للمشتقات النفطية، والذي تسبب بعرقلة الحياة العامة، وإرباك مصالح الناس.
ولا تزال السلطات الرسمية في عـدن تلتزم السكوت حيال ما يعتري المواطن من قضايا طاحنة تكاد تعصف بحياته وأمنه، فلا الحكومة الشرعية قادرة على إحداث جهود ملموسة لتدارك آثار الأزمات المتفاقمة، والقضايا المتراكمة، ما ينذر بثورة جياع قد تندلع في أي وقت تهدد مستقبل الشرعية برمتها في اليمن.
يصف الكثيرون أن أزمة انعدام المشتقات النفطية في عـدن بالمفتعلة، وهناك من يراها بأنها نجمت بفعل فشل الإدارة المحلية عن تلبية أبسط الاحتياجات الملحة ما ساعد من تكدير الوضع المعيشي لسكان المدينة وتحميلهم أعباء إضافية لا تحتمل، لاسيما بعد أن ارتفعت تكلفة أجور المواصلات العامة بنسبة ارتفاع 30 % في خطوط النقل الداخلية، ونضع مثالا على ذلك إذا كان متوسط دخل الفرد أصبح 60 ألف ريال شهرياً، فإنه أصبح ينفق ما بين 15 إلى 20 ألف ريال شهريا قيمة أجر مواصلات.
*تبريرات غير مسئولة
دائما ما تبرر إدارة شركة النفط في عـدن أن ما تشهده المدينة من انعدام كامل للمشتقات النفطية يأتي جراء نفاد مخزون مادتي البنزين والديزل من صهاريج شركة مصافي عـدن، واستمرار رفض وتعنت الشركة الناقلة لمشتقات النفط بتفريغ شحناتها من بواخرها الراسية، إلا بعد أن يتم دفع كامل استحقاقاتها.
وغالبا ما تتسبب أزمة انعدام المشتقات النفطية في عـدن في زيادة حدة انقطاعات الكهرباء، وذلك تحت مبرر نفاد محطات توليد الطاقة من مشتقات التشغيل (مازوت وديزل)، وهي ذريعة أصبحت تتردد مع كل أزمة مفتعلة.

المخزون النفطي الخاص بشركة النفط، والذي كان يصل إلى 37 ألف طن، دفع بقيادة المحافظة وشركة النفط إلى استيراد مادتي الديزل والمازوت من خارج المدينة، لكنها سرعان ما تنفد من السوق دون أن تلبي حاجة الطلب في الأسواق لأكثر من أيام لتعود الأزمة مجدداً للظهور.
*أسعار السوق السوداء
مازالت معظم محطات تموين المشتقات النفطية في عـدن متوقفة عن العمل، ما شجع ظهور السوق السوداء، التي أصبحت تبيع الدبة البترول سعة 20 لتراً ما بين 10 إلى 12 ألف ريال، ودبة الديزل سعة 20 لترا ما بين 12 إلى 15 ألف ريال، أمام مرأى ومسمع السلطات المحلية التي لم تحرك ساكنا لوضع حد لهذه الظاهرة التي تحمل معها مؤشرات كارثة قادمة على رؤوس الجميع.
*أزمة غاز الطبخ تتزايد
في سياق الأزمات والأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها سكان عـدن، تأتي أزمة انعدام غاز الطبخ المنزلي لتضيف حالة من الاختناق الشعبي الذي أصبح محاطا بالأزمات في ظل ظروف ما انفكت تزداد ضراوة وصعوبة في تأمين قوت وغذاء يومه، نتيجة انعدام أسطوانة الغاز المنزلي، وتارة نتيجة ارتفاع سعرها دون رقابة أو محاسبة.
الكثير من عائلات المدينة لجأت إلى توفير احتياطات بديلة عن أسطوانة غاز الطبخ بعد ارتفاع سعرها وبشكل غير قانوني في الكثير من فروع شركة الغاز، ونقاط البيع من 1600 ريال، وهو السعر الرسمي، إلى 3000 ريال في نقاط البيع الخاصة، إلى جانب تعبئة الغاز من المحطات بسعر 3900 ريال، سعر الأسطوانة عبوة 20 لترا.
ومازالت شركة الغاز الوطنية تتكتم عن أسباب وبواعث الأزمة، وتغض البصر عن مساءلة المتسببين في رفع سعر أسطوانة الغاز، التي أصبحت تباع في السوق السوداء عبوة 20 لترا، ما بين مبلغ 5 إلى 6 آلاف ريال، وهذا المبلغ يعد مبلغاً كبيراً يفوق إمكانيات أهالي عـدن المحدودة، فيما يقوم عدد من المراكز والوكلاء المعتمدين لدى شركة الغاز الوطنية بعـدن بتوريد حصتها إلى السوق السوداء وبيعها بسعر مضاعف دون حسيب أو رقيب.
وتبقى التساؤلات قائمة حول الكارثة القادمة التي قد يواجها المواطنون في عدن إزاء تدهور مختلف القطاعات الخدمية والجوانب الإنسانية.
تقرير/ جهاد محسن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى