ريف تعز.. تهجير وحصار مطبق لعشرات الأسر.. المليشيا تزرع شبكة ألغام بقرى القوز والأشروح ونازحون يفترشون العراء

> استطلاع/ صلاح الجندي

> اجتاحت المليشيات الإنقلابية بقوات ضخمة قرية القوز, آخر قرية من قرى منطقة الرحبة بمديرية جبل حبشي غرب تعز ، والتي تضم إلى جانبها قرى صغيرة متناثرة على سلسلة هضاب تطل على ثاني قرية في جنوب المديرية، والتي تعتبر شريان الحياة لعدد كبير من سكان المناطق الجبلية التي اتخذوا منها طريقا رئيسة للوصول إلى المدينة بعد حصار الانقلابيين على المحافظة منذ قرابة ثلاثة أعوام.
«الأيام» زارت هذه المناطق وتلمست وضعهم الإنساني جراء الحرب والنزوح والألغام والقصف العشوائي، وخرجت بهذه الإحصائيات والمعلومات عن الوضع الماساوي فيها.
تسببت المليشيا في مأساة إنسانية لعشرات الأسر في منطقة الرحبة بتعز، حيث فرضت عليهم حصارا خانقا امتد إلى الآن لأسبوعين، فحرم الأهالي أثر ذلك من أبسط مقومات الحياة.
إلى جانب الموت الذي يستوطن الرحبة، يضرب نفس الموت وبوحشية لاتقل فضاعة قرى مأهولة بالسكان في منطقة الأشروح، حيث غادرت عشرات الأسر مُكرهة منازلها بعد استهداف عشوائي ومباشر من قِبل المليشيات.
يقول الأهالي في أحاديث لـ«الأيام» إن المليشيا تسللت في ظلام الليل إلى الأحياء وزرعت عشرات الألغام لمنع تقدم المقاومة الشعبية والجيش الوطني، وهو ما أوقع ضحايا مدنيين كثر جراء تلك الألغام غالبيتهم من النساء والأطفال.
*تهجير قسري
وأشار مدير فرع مكتب الصحة بمديرية جبل حبشي بتعز فهد سعيد النمر لـ«الأيام» إلى أن انتهاكات جسيمة ارتكبتها المليشيات الحوثية بحق المدنيين بمنطقة الأشروح والرحبة جنوب جبل حبشي غرب المحافظة.
وبلغ عدد الأسر التي تركت منازلها حسب تصريح النمر: 297 أسرة، منها 86 أسرة هُجِّرت قسراً بعد أن اقتحمت المليشيا بأسلحتها الثقيلة والمتوسطة 64 منزلاً في القوز الأعلى36، القوز الأسفل 16 والمدافن 12منزل.
موضحاً: “أن 110 أسر نزحت نتيجة الاستهداف والخوف من المواجهات القريبة منها، وكانت تسكن 54 منزلاً في قرى تقع في إطار منطقة الأشروح وهي: معزولة، والجبانة، والقشعة، وشعبة الإبل، بالإضافة إلى استهدافها لقرى مختلفة في الكويحة بالمدفعية الثقيلة.
وتقع هذه الأسر في اطار مديرية مقبنة، ومصير الضحايا فيها مجهول، ولم تتمكن «الأيام» من التواصل بالأهالي هناك بعد استهداف الإنقلابيين لأعمدة الإرسال الخاصة بالهاتف الخلوي.
وأوضح النمر أن “نحو 101 أسرة من القرى المجاورة والقريبة من مسرح المعارك اضطرت إلى ترك منازلها نتيجة الخوف والألغام والاستهداف المباشر الذي تقوم به المليشيا على المدنيين كجزء من سياسة الإخضاع بالقوة التي تمارسها”.
وتتوزع هذه الأسر في قرى أُنم (مناقل) 35 أسرة، والمنايس (بني بكاري) 25 أسرة، ومداهفة (بني بكاري)41 أسرة.
*حصار خانق
في قرية الرحبة ما تزال 400 أسرة تقبع في حصار خانق منذ نحو أسبوعين على التوالي ويفتقر الأهالي فيها إلى أبسط الاحتياجات الأساسية، حيث يشكون من نفاد الغذائية من منازلهم كالدقيق، والسكر، والأرز، ومدخراتهم التي تعينهم في شأونهم اليومية.
وتسبب الاجتياح الأخير للحوثيين بالسيطرة على منطقة «القوز» إحدى قرى الرحبة المتناثرة في سلسلة هضاب تلتقي فيها خمس مديريات في تعز، والتي تعد المنفذ الوحيد لقرية الرحبة، ماجعل مصير 400 أسرة بين رحى حرب ظالمة، محكمة في ذلك بالسيطرة على شرق وغرب وجنوب القرية فيما تمركز الجيش الوطني في الجبال شمال القرية، ويفرض طرفا الحرب حصارا لتلك الأسر المحرومة ويعرضونهم لكارثة إنسانية.

الأمر الذي أجبر معظم الأسر في الرحبة ومنطقة الأشروح والقوز إلى النزوح لمناطق مختلفة أهمها مدينة تعز ومناطق مختلفة في الحجرية، فيما فضلت بعضها النزوح إلى قرى قريبة من المواجهات كقرى: مدقة، النجاب، الميهال، وقريضة الواقعة في إطار الأشروح بعد تضاعف ظروفها المادية وشحة وسائل النقل.
*كابوس الألغام
“أتمنى طلقة تأخذ روحي ولا لغم يفقدني قدميّ”، هذا أمنية أحد مقاتلي المقاومة الشعبية التي شُكلت من أبناء القرى في منطقة الأشروح، لمنع اجتياح الإنقلابيين لها.
وتُعد الألغام أحد أسلحة الحوثيين التي عرفوا بها منذ حروبهم الست في صعدة، حيث توجد لديهم فرق خاصة بزراعتها، ولا تفرق المليشيات في ذلك بين جغرافيا مفرغة من المدنيين وبين أحياء سكانية.
وأفاد «الأيام» مصدر محلي أن “عشرات الألغام زرعتها المليشيا في قرية القوز الأعلى والقوز الأسفل، ومحاولة قطع الخط الرابط بين مديرية مقبنة ومديرية جبل حبشي والمعافر بالمدنية، وذلك عبر زراعة ألغام عربات، قبل أن يتمكن مختصون في الجيش الوطني من التعامل معها وانتزاعها”.
فيما تسبب هجوم مباغت للمليشيا على قرى القوز والأشروح ببتر أقدام امرأتين وشاب آخر بانفجار لغم أثناء محاولتهم الخروج من القرية.

إلى ذلك أفاد مسؤول محلي «الأيام» بأن امرأة أصيبت بطلق ناري شمال الجبهة، ولم يستطع الأهالي إسعافها إلا بعد مرور 5 ساعات من إصابتها، بسبب القذائف والقناصة المتمترسين في القرى المقابلة لقرية الأشروح.
*رعب
تقول أم عمر الشارحي: “بدأت أولى ليالي الرعب عندما اقتحمت المليشيا قرية القوز، حيث اعتلوا أسطح المنازل مطلقين صرختهم، قبل أن تنسحب مجبرة إلى القرية التي خلفنا نتيجة لهجوم شباب المقاومة عليهم”.
وأشارت أم عمر في حديثها لـ«الأيام» إلى أن المليشيات قبل دحرها من القرية عمدت على ترويع المواطنين وإجبارهم على النزوح من منازلهم، عقبها تلغيم لأراضيها.
وتعيش كثير من الأسر تحت الأشجار في القرى المجاورة، لعدم تمكنهم من تحمل تكاليف النزوح إلى مناطق آمنة بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة.
*البقاء اضطراراً
أم عمر لم تنزح من قريتها هي وثلاث أسر فقط ممن آثرن البقاء في منازلهن، فالموت لم يُعد يخيفهن، تقول أم عمر: “ليش بنزح، لن أخاف من أبتهم (الحوثيين)، لو جاء الموت بموت ببيتي، ولا يدخلوا يعبثوا به وبما نملك، والحمد لله انسحبوا من قريتنا، وإن شاء الله سينسحبوا من قرية القوز”.
وتوضح بأن الكثير ممن نزحوا لا يجدون أدنى مقومات النزوح، وآخرون شدوا الرحال إلى أهاليهم في القرى المجاورة، الأمر الذي تسبب في اكتظاظ المنازل وازدحامها بالأفراد، في ظل غياب أي دور للدولة أو المنظمات المعنية”.
وتسبب تمدد المليشيات في المنطقة في انعدام المواصلات، وتزايد الحالات الإنسانية فيها، فبات الكثيرون غير قادرين على الذهاب لشراء حاجياتهم الأساسية.
*تخاذل القيادات
وروى مقاتلون في الجيش الوطني في أحاديثهم لـ«الأيام» كيف ساهمت قيادات الجبهة التي عينها قائد محور تعز في التخاذل وعدم الإسناد بالذخيرة و تسيد العشوائية في المعارك، وهو ما أجبرهم على الانسحاب من منطقة القوز الأعلى.
وأشاروا إلى أنه “لولا صمود أفراد المقاومة الشعبية من أبناء المنطقة والتصدي للانقلابيين لسقطت مناطق الأشروح وبني بكاري”. كما شكوا من عدم توفر الذخيرة وتخاذل قيادات المحور، ولواء 17 في إسناد الجبهات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى