محطات نضالية أفضت إلى الـ30 من نوفمبر 1967م (6).. المناضل الفدائي/ محمد الصغيري

> كتب / علي راوح

> في ذكرى الاستقلال الوطني، يكتسب الحديث عن ذكريات النضال ضد الاستعمار البريطاني في معركة الحرية والاستقلال أهمية كبيرة في تسجيل هذا التاريخ، وتعريف الأجيال الشابة على صفحات نضال الآباء والأجداد، وما قدموه من تضحيات، وما عانوه من صعوبات ومشاق في النضال الوطني لتحرير الوطن من المستعمر الأجنبي..
وفي هذه الحلقة من محطات نضالية، نتناول أحد المناضلين القدامى الذين قدموا التضحيات حتى تحقق هدفهم في جلاء المستعمر من الجنوب..
ذلكم هو المناضل/ محمد الصغيري، أحد الذين كان لهم شرف المساهمة في العمل الفدائي في صفوف الجبهة القومية، ثم التنظيم الشعبي.
التحق الصغيري في العمل الفدائي في إطار الجبهة القوية، مع عدد من زملائه امثال عبدالحميد الصلوي، وغيره حيث تم تسليمهم للمناضل قاسم الشرجبي الذي قام بعملية اختيار لهم للتأكد من حقيقة نواياهم من التقدم للانضمام إلى صفوف الجبهة القومية ومدى رغبتهم في المشاركة في الكفاح المسلح ضد الاحتلال، حينها كان الصغيري يعمل كمساعد رئيس قسم الكهرباء في مستشفى (الملكة) مستشفى الجمهورية حالياً، فنجح في اختبار قبوله كفدائي في صفوف الجبهة القومية، ومارس نشاطه حتى إعلان دمج القومية والتحرير في 13 يناير 1966م.
عندها اثيرت الكثير من التساؤلات لدى القواعد فيما يتعلق بعملية الدمج والتي جاءت مفاجئة ولم تأخذ اراء وموافقة القواعد، وكان من الضروري (بحسب عدد من المناضلين) ان تكون لوقواعد الجبهة القومية رأي وموقف من هذا الدمج ونزولاً عند رغبة قواعد الجبهة القومية اصدر بيان ان يوضح ان عملية الدمج عمل فردي قام به الاخوة: طه مقبل وسالم احمد زين وعلي السلامي واخرين، وفيما بعد صدر تعميم من قبل المسئولين في الجبهة القومية يطالب بالعودة إلى صفوف الجبهة القومية.
لكن عدد من قواعد الجبهة القومية، قد رفضت وبدأوا في التفكير واجراء العديد من الاتصالات مع بعض المناضلين أبان خروج الجناح العسكري عن الجبهة القومية، نتج عنه تشكيل التنظيم الشعبي للقوى الثورية.. وكان للمرحوم المناضل عبدالرحمن الصريمي دور فعال في هذا المجال.
وما يمكن تأكيده ان العمليات الفدائية ضد الاحتلال قد توقفت بعد عملية الدمج، وعندما تشكل التنظيم الشعبي تم إستئناف العمليات الفدائية، وكان التنظيم الشعبي يضم عدداً من الفرق الفدائية مثل : فرقة صلاح الدين، وفرقة النصر وفرقة النجدة، وفرقة الفتح، وفرقة المجد، وفرقة الوليد، حيث كان الصغيري في البداية ضمن فرقة الوليد والتي كانت تنفذ عملياتها في منطقتي المعلا والتواهي، ثم تولى قيادة فرقة المجد التي كانت مسئولة عن العمل الفدائي في كريتر وخور مكسر والمعلا، وكانت كل فرقة فدائية تتكون من (50) عضواً أو أكثر، إضافة إلى الجانب الشعبي والطلابي، وكان المسئول عن هذا الجانب الأخوين علي عبدالله عمر ومحفوظ، ونفذ الصغيري أول عملية فدائية وهي الهجوم على معسكر الاحتلال بالمعلا الواقع بجانب المعهد الفني ومعه أحد زملائه (يدعى قائد) الذي كان من أشهر الملاكمين في المعلا، ورغم أن جنود الاحتلال كانوا يتمركزون فوق سور المعسكر الذي يطل على كافة الجهات المحيطة بالموقع إلا أن الصغيري ورفيقه تمكنا من التسلل ومفاجأة الجنود بالقاء القنابل على حراسة المعسكر ومن ثم رمي القنابل داخل المعسكر وتكللت العملية بالنجاح والانسحاب بسلام ولم يتمكن الجنود البريطانيون من النيل منهما أو القاء القبض عليهما، ولكنهم قاموا باطلاق النار عشوائياً في كافة الاتجاهات
*أنواع عديدة من الأسلحة
استخدمت الفرق الفدائية التابعة للتنظيم الشعبي انواعاً عديدة من الاسلحة الخفيفة وبعض الاسلحة الثقيلة، كما استخدمت الرشاشات والمسدسات والالغام وكذا مدافع الهاون وقاذفات الـ(ار ، بي ، جي)
ومدافع الهاون بمواسير المياه وفق (الطريقة المصرية) حيث كان الفدائيون قد تلقوا تدريبات على ذلك من قبل خبراء مصريين، وإستخدام مواسير المياة ساعد الفدائيين كثيراً في عملية التمويه والإخفاء، حيث كانت القوات البريطانية تقوم باغلاق المناطق وتبدأ بعملية تفتيش في تلك المناطق التي كان يصعب على الفدائيين الانسحاب منها، فكانوا يضطرون إلى ترك مواسير المياه في مواقع العمليات، وشملت تلك العمليات التي استخدمت فيها مواسير المياه الهجوم على مطار عدن والبريقة وضرب دوريات الاحتلال في الجولات ومنها الدوريات في جولة كالتكس. وهناك العديد من العمليات الفدائية التي شارك فيها الفدائي الصغيري التي إستهدفت قوات الاحتلال البريطاني والتي قام بها التنظيم الشعبي في اطار العمل الفدائي المنظم ضد قوات المستعمر البريطاني، ومن اهم العمليات التي نفذتها فرقة المجد التي يقودها الصغيري وكانت ضد مجموعة من الجنود البريطانيين الذين يتمركزون على مدرسة بازرعة في طريق العيدروس بكريتر، حيث نفذها ومعه سالم عبده المعمري، وعبد الغني شمسان واخرون كانوا في عمل تغطية لحماية منفذي العملية وتوالت العليات الفدائية التي كانت تقوم بها فرقة المجد بقيادة محمد الصغيري، عمليات بشكل مكثف ضد الاهداف البريطانية والمعسكرات وكل موقع يتواجد فيه جنود الاحتلال في مدينة عدن، وكذا ضد عملاء البريطانيين الذين كانوا يعملون لصالح الاستخبارات البريطانية حيث لحق كثيراً من الضرر بالمناضلين من خلال المعلومات التي كان يقدمها العملاء للمخابرات البريطانية. لقد شكلت جبهة عدن خط المواجهة الأول مع قوات الاحتلال البريطاني كما كانت العمليات الفدائية التي جرى تنفيذها من قبل التنظيم الشعبي في المناطق الاكثر تحصيناً لجنود الاستعمار كانت تعبيراً عن حقيقة المد الثوري المتصاعد والرافض لكافة اشكال الاستعمار وبقائه. كما أكدت تلك العمليات الفدائية عن حقيقة العزم والايمان العميق في تحرير شعب الجنوب ونيل حريته وإستقلاله الذي تحقق يوم الـ 30 من نوفمبر 1967م بعد تضحيات جسام قدمها الشعب الجنوبي وفي طليعته اولئك المناضلون الذين قدموا ارواحهم رخيصة في سبيل ذلكم الهدف، اولئك المناضلون الذين اجتازوا كافة الحواجز والمعوقات للوصول إلى مخابئ الاستعمار مهما كانت تحصيناته واسلحته الامر الذي ادركه المستعمر وادرك حقيقة ضعفه امام لهيب العمليات الفدائية وعجزه عن حماية جنوده من تلك الضربات الموجعة والمميتة، فما كان منه (أي المستعمر) إلا ان عجل برحيل جنوده والخروج من ارض الجنوب قبل الوقت الذي حدده سلفاً.
*الفدائي الصغيري في المقدمة
يقول بعض ممن رافقوا الفدائي محمد الصغيري: كنا نعمل كفريق واحد في التنظيم الشعبي، وكان الصغري اكثر حرصاً على المشاركة في تنفيذ العمليات الفدائية، كان ينسى بأنه قائد لفرقة المجد ويتقدم على بقية فرقته في الهجمات المسلحة، وكان هدفه وهدفنا جميعاً هو إزالة الاستعمار والانتصار للقضية الوطنية التي نقدم أرواحنا قرابين لانتصارها، هكذا كان هدفنا هو تحقيق الحرية ونيل الاستقلال لشعب الجنوب، ولا نبالي قط بالأخطار والتحركات المكثفة التي كان يقوم بها الجنود البريطانيون للبحث عنا، فقد كنا نقوم بالاعداد الدقيق والتخطيط المحكم والمتكامل لتلك العمليات الفدائية والتي كان لها صدى على المستويين العربي والعالمي وتتصدر الصفحات الاولى في الصحافة العربية والعالمية.
*عمليات التدريب والتسليح
كانت عملية التدريب للملتحقين بخلايا العمل الفدائي تتم في مدينة تعز وكذلك في مدينة عدن، وعلى وجه الخصوص في الشيخ عثمان وغيرها من المناطق، وكانت الاسلحة تصل من قبل قيادة جبهة التحرير العسكرية برئاسة عبدالله محمد المجعلي المسئول العسكري ومن القيادة العربية بواسطة محمد شاهر الصبيحي.
*المشاركة في إسقاط مدينة كريتر
من أبرز العمليات الفدائية التي قامت بها فرقة المجد بقيادة محمد الصغيري ومعها بقية فرق التنظيم الشعبي عملية حصار مدينة كريتر في 20 يونيو 1967م التي جاءت بعد نكسة حزيران / يونيو 67م، وبدأت بتمرد أفراد الـ،ارم بوليس، ومن ثم قيام السجناء بعملية مصادمة وتمرد ضد الجنود الإنجليز وتحطيم ابواب السجن، وبالمقابل عمل الفدائيون على محاصرة كريتر وتطويقها كلياً والقيام بتنفيذ عمليات فدائية ضد البريطانيين الذين حاولوا التسلل والهروب، فتم إسقاط كريتر لمدة اسبوعين كاملين، وفي هذه العملية استشهد رفيق الفدائي الصغيري وهو المناضل «مشهور» أثناء مطاردته لمجموعة من الجنود البريطانيين في كريتر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى