محطات نضالية أفضت إلى الـ30 من نوفمبر 1967م (7).. الأخت المناضلة / رضية شمشير

> كتب / علي راوح

> المرضى والحاقدون مازالوا يحاولون النيل من الدور النضالي البارز لأخواتنا وأمهاتنا (في عدن بالذات).. و بين الحين والآخر تكشف لنا الأيام وجهاً جديداً من هذا الطابور الحاقد والواهم الذين مهما أطلقوا من تهم ضدهن فلن يستطيعوا النيل من الروح الوطنية التي جسدتها المرأة اليمنية في مختلف المراحل والعصور. ولأمثال أولئك يكفينا اليوم أن نعطي شهادة تاريخية عن الدور النضالي الذي قامت به المرأة الجنوبية في مختلف مناطق الأرض اليمنية دفاعاً عن الثورة وتحقيق أهدافها المجيدة.
وإلى الكثير من الحقائق عن الدور النضالي النسائي في مساندة ودعم الثورة، كما تبرزها لنا الأخت رضية شمشير، العضو المؤسس للاتحاد العام لنساء اليمن والشخصية الإعلامية والسياسية الوطنية البارزة.
*ثورة 23 يوليو أسهمت في المد الثوري
تقول الأخت رضية:إذا تحدثنا عن البدايات الأولى للنشاط السياسي للمرأة الجنوبية، فلا شك أنكم تدركون أن لثورة 23 يوليو 1952م في مصر إسهاماً فاعلاً في المد الثوري الذي شهدته حركة التحرر الوطني العربية بشكل عام، ومن ضمنها اليمن، ففي تلك الفترة، ورغم صغر سني، إلا أنني كنت أدرك الأشياء بشكل بسيط، ولكن بعد ذلك وعبر المقربين لي ومن الآخرين استطعت أن أفهم الكثير من الأدوار التي أسهمت فيها المرأة العدنية من حيث دورها في المساهمة في إطار الحركة العمالية في منتصف الخمسينيات، وكذا فيما بعد، سواء في المشاركة بدعم ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر. والحقيقة إن تشكيل جمعية المرأة العربية جاء مواكباً لذلك المد، حيث انخرط فيها العديد من الأخوات، وهكذا استطاعت المرأة العدنية في مستعمرة عدن أن تنجح في تشكيل جمعية المرأة العربية، بعد أن خرجت بعض الأخوات من جمعية المرأة العدنية ليشكلن هذه الجمعية، والتي كانت تضم كل النساء من جميع المشارب والانتماءات الأسرية والسياسية والثقافية، ومع تشكيل هذه الجمعية استطاعت المرأة أن تشارك في بعض الملتقيات النسائية في القاهرة في إطار الاتحاد النسائي المصري الذي كان يدعو لبعض اللقاءات والاجتماعات النسائية العربية لتشكيل ما يمكن تسميته بـ(وحدة الحركة النسائية العربية)، على نمط الوحدة التي تحققت بين مصر وسوريا.. كما أعطت متسعاً لدور المرأة في هذا المد القومي العربي.
لكن يمكننا أن نعتبر عام 1956م نقطة تحول هامة في حياة المرأة العدنية.. لماذا؟، لأنه في هذا العام قامت الثورة المصرية بتأميم قناة السويس.. حينها خرجت الحركة العمالية اليمنية في شوارع عدن - في ظل وجود المستعمر - تهتف بسقوط الاستعمار، ومشيدة بنجاح عملية التأميم في مصر.. وكانت المرأة العدنية في مقدمة الصفوف للحركة العمالية، وتشهد بذلك معظم شوارع مدينة عدن وخاصة شارع الميدان بكريتر وشارع الحدادين وغيرها من الشوارع التي كانت تضم الكثير من التجمعات العمالية.. وهؤلاء الأخوات حملن فيما بعد رسالة طيبة وعظيمة.
*اعتقال عدد من المناضلات
وتواصل رضية شمشير: وتلك المشاركة في ذلك الوقت وذلك الزمان كانت تعتبر عظيمة وكبيرة ومبكرة، حتى إنه تم اعتقال عدد من النساء ووضعهن في سجن عدن المركزي، ومنهن: رضية إحسان الله ونعمة سلام، وزينب ذو الفقار، وهذه الأسماء من النساء المشهود لهن بدور وطني، تم اعتقالهن قسراً كما ذكرت، ووضعهن في السجن إبان حكم الاستعمار البريطاني الذي جعل من الديمقراطية مجرد شعار، فيما قام بقمع حرية التعبير، ووصل به الأمر إلى أن يزج بالمرأة في السجن عندما عبرت عن حقها، فخرجت الأخوات من السجن أكثر صلابة وتصميماً على مواجهة المستعمر والدفع بالحركة النسائية إلى مقدمة الصفوف النضالية لتحتل موقعها إلى جانب نضال الحركة العمالية آنذاك.
وبالفعل كان لجمعية المرأة العربية دور وطني كبير والتي انضوت في صفوفها العديد من الأخوات منهن من لا يزلن موجودات حتى اليوم ومنهن من غادرن الحياة ومنهن من هاجرن إلى الخارج، والبعض الآخر اقتنعن بما قدمن من عطاءات في مرحلة معينة وتركن للأخريات مواصلة المشوار. ومازلت أذكر العديد من أسماء النسوة الرائدات من الرعيل الأول والثاني ومنهن الفقيدة/ ليلى جبلي ورضية إحسان ونعمة سلام وزينب ذو الفقار، وصافينار خليفة ونور خليفة وثريا باسنيد وعائدة علي سعيد، وفوزية محمد جعفر ونجوى مكاوي وخورشيد خان وهناء خان، وغيرهن من الأسماء اللاتي كن يعملن جنباً إلى جنب، فمنهن من كن يقدمن العمل على أنه عمل ثقافي، ومنهن من كن يسهمن في العمل السياسي بطريقة غير مباشرة، إلى أن تحددت أكثر رؤية الرفض للوجود الاستعماري، بعد تفاقم المعاناة، التي كانت تعاني منها مستعمرة عدن حينها، فتم خروج الأخوات في مسيرات احتجاجية معبرة عن رفض ذلك الواقع.. في مقدمة الصفوف تلك الأسماء من النساء المشار إليها سابقاً، وتلت ذلك فيما بعد خطوة الإضراب في كلية البنات وكلية البيومي والذي تزامن مع قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، وكان حينها الإضراب لا يزال قائماً.. وكان المد الثوري في ذروته على مستوى الوطن العربي، مثل انتصار ثورة الجزائر واتساع حضور حركات التحرر الضاغطة مما أجبر المستعمرين على الرحيل من أقطار الوطن العربي.
*وفد نسائي يقابلن السلال ويقدمن الدعم
ومن دور المرأة في الإسهام والدور الداعم لثورتي سبتمبر وأكتوبر تقول رضية: يشهد التاريخ أن المراة العدنية كان لها دورها الإيجابي في دعم ثورة سبتمبر، حيث قام وفد نسائي فور قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م بالتوجه من عدن إلى صنعاء برئاسة المناضلة رضية إحسان الله وعضوية الأخوات: ليلى جبلي وعائدة علي سعيد وفتحية ناجي الصياد، وخورشيد خان، وزينب ذو الفقار، ونعمة سلام، للالتقاء بالمشير السلال.. وكن يحملن دعماً لثورة سبتمبر، لكن لا يمكن لأحد أن يتخيل ما هو ذلك الدعم.. لقد كن يحملن صرة وضعن فيها كل ما يمكن من مصوغات ذهبية وغيرها، طبعا ما قدمنه كان شيئاً بسيطا، ولكن كان يحمل من التعبير المعنوي الشيء الكبير والكثير، وعندما قدمن تلك المصوغات للمشير السلال قلن له هذا من نساء الجنوب، دعماً لثورة سبتمبر، هكذا كان الفهم وبُعد النظر عند المرأة العدنية.
*في إضراب الطالبات في خور مكسر كن في المقدمة
ولا أقصد أن دور المرأة العدنية اقتصر على تقديم ذلك الدعم المادي البسيط فقط، ولكن المرأة العدنية قدمت أبناءها وإخوانها وزوجها ضمن القوافل المتطوعة التي توجهت للدفاع عن ثورة سبتمبر، كما كان لها دور فعال من خلال المسيرات التضامنية والمظاهرات الشعبية ووقوفها الوقوف المشرف لمناصرة الثورة، باعتبار هذه الثورة هي المنطلق نحو تحرير الجنوب المحتل، وفعلاً فلم تمر سوى سنة واحدة، حتى انطلقت ثورة 14 أكتوبر من جبال ردفان وتحدد المسار الجديد لكي يكون القطاع النسائي في إطار الجبهة القومية ولكي تقود المرأة العدنية النضال بمفهوم صحيح من حيث حمل السلاح والمشاركة في تحديد معالم الطريق الصحيح لدور المرأة في النضال السياسي.. ولا ننسى أن في إضراب الطالبات في ثانوية خور مكسر كان العديد من الأخوات في مقدمة الصفوف الطلابية وهن اللاتي شكلن القطاع النسائي في الجبهة القومية، وواصلن المشوار من خلال الاجتماعات التنظيمية وتوزيع المنشورات وإيواء الفدائيين والمشاركة في المسيرات الشعبية بشكل مستمر.. وكان لهن دور كبير في عملية الزحف على المجلس التشريعي عام 1965م، وبنفس الوقت كان العديد منهن يتحركن إلى بعض المحافظات لتوصيل ومرافقة بعض الفدائيين، وحمل الرسائل من منطقة إلى أخرى.
*التحرير إلى جانب القومية
وإلى جانب الجبهة القومية كانت جبهة التحرير والتي كانت لها قطاعاتها الطلابية والنسائية فالكل أسهم في النضال بغض النظر عما حدث فيما بعده، وكما أسلفت فإن ثورة 26 سبتمبر 1962م كانت هي الثورة الأم التي أنجبت ثورة 14 أكتوبر التي انطلقت بعد عام واحد من ثورة سبتمبر، وفعلاً كانت انطلاقة ثورة 14 أكتوبر 1963م وقيام الجبهة القومية وجبهة التحرير فتهيأت الظروف أكثر لإسهام المرأة في العمل النضالي، وهنا لم يقتصر الدور على المرأة العدنية بل المرأة اليمنية بشكل عام في مختلف الإمارات والمشيخات الجنوبية الشرقية اللاتي شاركن في النضال ضد المستعمر حتى تحقق الاستقلال في الـ 30 من نوفمبر 1967م، وبعد الاستقلال وتحديداً في عام 1968م تشكل الاتحاد العام لنساء اليمن الذي واصل نضاله في مجال التنمية والإعمار.
*كان لي دور في القطاع النسائي لجبهة التحرير
وعن دورها ومساهماتها الشخصية في مسيرة العمل الوطني خلال فترة الكفاح المسلح قالت رضية شمشير: أما عن دوري الخاص فقد كانت تربطني صلة قرابة بالمناضلة رضية إحسان، وكانت تتحرك وأنا ملازمة لها، ولكن بحكم صغر سني لم أكن في البداية أعرف لماذا تتحرك، ولكن بدأ ينمو في ذهني الهدف من ذلك، حيث كانت تخرج دائماً بسيارة إلى منطقة شعب العيدروس وتنزل في بيت المناضلين أبو الأحرار والنعمان، وحينها عرفت أن هذه المرأة تؤدي دوراً نضاليا وأنها تحمل الأطفال معها لكي تموه على المستعمر تحركاتها، فبدأ هذا الموقف يترسخ في ذهني أكثر وأكثر، وبدأتُ في نشاطي في إطار الجمعية العربية للمشاركة في المسرحيات وبرامج الأطفال والانتقال في بعض الرحلات التي كانت عبارة عن تمويه للنشاط النضالي، مثلاً كنا نقوم برحلات إلى لحج ضمن العديد من الأطفال فكان هناك من يقابلنا ويسلم أو يستلم بعض الأشياء المخفية في زنابيل، وهذه الأشياء جعلتني أدرك الدور النضالي النسوي، وفيما بعد كان لي دور في إطار القطاع النسائي في إطار جبهة التحرير ضمن عدد من الأخوات أمثال: هناء خان، إنتصار أديب ونجاة عقبة، وهنّ اللاتي شكلن القطاع النسائي في مدينة كريتر، وبعدها في أبريل 1967م ومع قدوم لجنة تصفية الاستعمار استشهد أخي حيدر، فاضطررت للمغادرة إلى تعز، ومنها طلبت منحة لمواصلة الدراسة في الخارج، ومن ثم عدت إلى عدن لخدمة بلدي.
كتب / علي راوح

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى