غياب الرؤية الواقعية

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
لا توجد واقعية مطلقاً في التعاطي مع قضايا الشأن السياسي، وهذا ما نعانيه منذ زمن بعيد جراء ذلك لا يمكن التوقع بانتهاء الأزمات والحروب التي تعاني منها مجتمعاتنا الفقيرة.
فما نعانيه من خلط وفوضى مجتمعية غير مسبوقة في هذا الجزء من العالم مرده غياب الفكر السياسي الثاقب والإرادة السياسية القادرة على خلق الحلول الواقعية تجاه المشكلات القائمة، حتى إن ما تخاض من حروب غير مقترنة بتحقيق رؤية سياسية يمكن أن يشكل تحقيقها نمطاً من العدالة الاجتماعية والاستقرار.
فالقضية الجنوبية عادلة من وجهت نظر الكثير من الأطراف والأحزاب والنخب السياسية، إلا أنهم في واقع الأمر لا يقرون بحق الشعب الجنوبي الذي بلغت معاناته ذروتها جراء تبعيات ذلك الخطأ التاريخي العميق، أعني الوحدة الاندماجية الفوضوية، التي لم تأخذ إطلاقاً بحسيات وحقوق شعبنا في الجنوب الذي رفع أثمان باهضة، وما زال يدفع جراء هذا الخطأ العميق. المؤسف إن الأحزاب والنخب السياسية تتعاطى مع هذه القضية من زاوية مصالح طرف دون آخر، ناهيك عن فرط استخدامها باتجاه تسويق نفسها وبغض النظر عما يخلق ذلك من تعقيدات الوضع وحالة شعور الطرف الجنوبي أنه المستهدف الوحيد من كل ما يجري، لذا نسمع حديث بعض المحللين السياسيين والشخصيات المختلفة المختل والخالي من كل كلام منطقي.. حين يتجاوزون الجنوب ويقللون من حقوقه المشروعة إلا في نطاق رؤيتهم الضيقة ومصالحهم الخاصة، لا بل إن الكثير منهم يبدو جدا مستفزا للمشاعر الجنوبية التي عانت الظلم والقهر والإبعاد، حتى وصلت الأمور إلى ما بلغته من حروب ومعاناة ونزيف دماء.
كل هذه التضحيات من وجهة نظر هؤلاء لا تستحق الالتفات ولا هي تعبير عن حالة الرفض الجنوبي للحلول التي تتجاوز حقوقهم المشروعة..
الجنوبي الوطني - من وجهة نظر هؤلاء - هو من ينكر هذا الحق، ومن لا تهز مشاعره معانات أهله في الجنوب.
مثل هذا الطرح البعيد عن المنطق أهدافه اللاحقة هي خلق تأثير إعلامي فيه الكثير من المغالطات التاريخية التي يمكنها أن تسهم مرة ثانية في وضع حلول منتقصة وتسويق حلول ترقيعية ربما تضع الجميع أمام عمق مأساة أخرى لا تقل كارثية عن إعلان الوحدة الاندماجية.
واقع لا يمكن معه خلق عوامل استقرار داخلية ولا تأمين لمصالح الإقليم والعالم في هذه المنطقة.
وتوجد نماذج كثيرة لحال الحلول التي تتجاوز إرادة الشعوب وحقوقها المشروعة والتاريخية.
والجنوبيون - وفق معطيات كثيرة - من الشعوب لحرة التي لا تقبل سياسة الأمر الواقع والحلول المفروضة بأي حال.
فهل نرى تعاملاً منطقياً واقعياً في التعاطي مع قضية شعبنا، ونسمع منطقا يحترم تضحياته.. ويكف هؤلاء عن لوم شعب يتحدث عن عدالة قضيته.. عندئذٍ يمكننا أن نتوقع تعاطيا سياسيا ناجحا مع أزماتنا الراهنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى