في زيارة ميدانية قامت بها «الأيام» للوقوف أمام معاناة سكان العيدروس بكريتر.. يحدث في العاصمة عدن.. مواطنون يستعينون بـ (الحمير) لنقل مياه الشرب إلى منازلهم

> رصد/ رعد الريمي

> منذ سنوات طويلة وأهالي منطقة شعب العيدروس، بمدينة كريتر بالعاصمة عدن، يشكون من أزمة مياه حادة، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن تعكر صفو حياتهم تلك المعاناة المتفاقمة.
فالمواطن في هذه المنطقة السكنية الواسعة لم يعد بمقدوره الحصول على حاجته من المياه، إلا بعد عناء طويل، وسهر حتى ساعات الفجر الأولى على أمل أن يملأ دلوه بعدة لترات محدود من مياه الاستهلاك، أوالاستسلام لدفع خسارة مالية لجلب (بوزة ماء) يروي به عطش أسرته، ويزيل عن كاهله عناء الليل الطويل.

يوضح أهالي منطقة العيدروس في كريتر أن سبب المشكلة عائد إلى ضعف ضخ المياه إلى مديرية صيرة، وانعدام صيانة وتوسعة شبكة المياه في الحي، بالإضافة إلى غياب المساواة في توزيع حصص المياه بين مديريات عدن الثمان، مشيرين إلى أن مسؤولية غياب المساواة في توزيع وضخ المياه إلى مختلف مديريات العاصمة تقع على عاتق قيادة المؤسسة والسلطة المحلية التي لم يلمسوا منها تجاوبا برغم سلسلة الشكاوى والبلاغات التي تقدموا بها منذ ما يقارب الثلاثة سنوات.
وقامت «الأيام» بزيارة ميدانية إلى المنطقة بغية سماع شكاوى الأهالي هناك، حيث شاهدت صورا لم يكن يتوقع حدوثها في العاصمة عدن، مواطنون ينقلون مياه الشرب على ظهر الدواب (الحمير)، وأمهات وأطفال تركوا منازلهم بحثاً عن ما يروي ضمأهم، وآخرون يصطفون طوابير وبأيدهم (دبب) وخزانات مياه كبيرة.
فوضى عارمة منتشرة في أرجاء المنطقة، فأزمة المياه أضحت جزءا من معاناة يومية يتجرعها المواطنون في مشاهد تعيد إلى الأذهان ما عانه سكان عدن أثناء فترة الحرب، وانقطاع المياه.
*نزاعات وظروف صعبة
يقول أهالي حي العيدروس إن خدمات المياه كانت تصل إليهم بشكل طبيعي، لكن ومنذ عودة غالبية النازحين من سكان الحي إلى بيوتهم عقب تحرير عدن في يوليو 2015م، فإن مشكلة المياه باتت تؤرق مضاجع الجميع في ظل تقاعس الجهات الحكومية لوضع الحلول المناسبة التي تنهي مشكلاتهم.

خلاصة للأوضاع الإنسانية التي يمر بها سكان المنطقة، تقول المواطنة مريم سالم، وهي من سكان الحي وتسكن بالقرب من مسجد طيبة: “إن مشكلتنا بدأت وبصورة جلية بعد الحرب حيث لم نكن نعاني بشكل كبير من مشكلة المياه التي اعتدنا على وصولها قرابة ساعات الفجر، وتستمر حتى منتصف النهار، غير أن ذلك الوضع تغير تماماً بعد الحرب”.
وتضيف: “بدأت المشكلة تتفاقم يوما بعد يوم، حتى أصبحت المياه شبه منعدمة، وبرغم كل النداءات والمناشدات التي تقدمنا بها بشأن وضع حد للتلاعب الذي يطال حصتنا من ضخ المياه إلا أننا لم نلق أدنى تجاوب”.
وتواصل قولها: “وبسبب هذه الأوضاع فقد اشتهرت في منطقتنا ركائز الربط العشوائي، و(الدينمات) و(المواطير) وما إلى ذلك من استخدامات بات يستخدمها الناس في سبيل الحصول على المياه”.
ولفتت مريم الى ما تتسبب به مشكلة انعدام المياه من مشكلات اجتماعية وأسرية، ومشاجرات بين سكان الحي أنفسهم أثناء انتظار دورهم في الحصول على المياه.
*الماء أكثر هموم الناس
تقول أمل سالم (إحدى ساكني المنطقة): “إن المعاناة تفرض علينا واقعا صعبا، حيث نضطر للبقاء إلى ساعات متأخرة من الليل في سبيل الحصول على المياه”، وقالت: “إنني وأولادي الأطفال نعاني الكثير من المشكلات نتيجة انعدام المياه عن منازلنا، في ظل عدم وجود تجاوب من قبل مدير عام المديرية، أو عاقل الحارة، أو من مسؤولي المياه في عدن”.

ويؤكد عاقل إحدى حارات الحي، إن “مشكلة المياه التي لم تجد حلاً من قبل السلطة المحلية والجهات المعنية تسببت في تخريب شبكة المياه من خلال الحفر العشوائي للمواطنين للوصول إلى الشبكة الرئيسية والضخ منها عبر (دينمات كهربائية) متسببة بوقوع حالات وفيات لمواطنين أردوا الحصول على الماء وتعرضوا لتماس كهربائي”، معبرا عن ذلك بقوله: “أصبح الماء الهم الأكبر للناس”.
ويضيف: “إن غياب المياه دفع عدداً من المستأجرين إلى مغادرة مساكنهم المستأجرة بالمنطقة والسكن في مناطق أخرى تتوفر فيها خدمة المياه”.
*الموت مقابل المياه
المعاناة التي يعانيها اهالي العيدروس لم تقتصر في الحصول على المياه بل اتجهت إلى نحو خطير، فعلى مدى ثلاث سنوات فقدت منطقة العيدروس خمسة شبان لقوا حتفهم في ساعات الفجر الأولى بصعق كهربائي بسبب مضخات المياه الصغيرة التي يستخدمها أهالي المنطقة لنقل المياه من الركائز المتفرعة من الأنبوب الرئيس الواصل من مؤسسة المياه إلى منازلهم كإحدى الاستخدامات التي يستخدمها أهالي الحي”.

وأكد الأهالي لـ«الأيام» على الحوادث الأخيرة التي شهدتها المنطقة التي كان آخرها وفاة أحد شباب الحي في شهر أكتوبر الماضي، بسبب تماس كهربائي أثناء محاولته جلب المياه.
مطالبين المسؤولين في السلطة المحلية بمديرية صيرة، ومؤسسة المياه بإيجاد حل لهذه المشكلة، مؤكدين على حقهم في الحصول على خدمة المياه التي باتت تشكل لهم معاناة خاصة.
*مشروع لم يرَ النور
تتضاعف معاناة سكان المناطق المرتفعة بمنطقة العيدروس بكريتر، فحالهم يعتبر أكثر سوءاً بسبب انقطاع المياه ما جعلهم يلجؤون إلى الاستعانة بالدواب (الحمير)، لجلب الماء.
وبشأن ما يعانيه أهالي الحي، يوضح مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي، علوي المحضار، لـ«الأيام» بأن “هناك دراسة مشروع تجاوبت معه المؤسسة يهدف إلى تمويل أهالي شعب العيدروس بالمياه من خلال مد خط مائي من جانب ملعب الشهيد الحبيشي إلى محطة ضخ العيدروس الكائنة بالقرب من مقبرة القطيع.
وأضاف: “إن المشروع سيسهم إلى حد كبير في تعزيز كمية المياه الواصلة إلى منطقة العيدروس”، لافتا إلى أن “هذه الدراسة تفتقر إلى التمويل لتنفيذها”.

ويستعرض المحضار المشكلة، قائلا: “إن المشكلة بدأت منذ عام 1996م، حيث تم تركيب مضخة في مقبرة العيدروس (القطيع) عام 1996م، وكان الوضع أفضل بكثير مما هو عليه اليوم، ولبت هذه المضخة احتياجات الأهالي بشكل ممتاز، غير أن ذلك تغير بعد أن ظهرت مشكلة انقطاع الكهرباء متسببة معها بانقطاع المياه وعدم وصولها إلى بيوت الأهالي”.
ولفت المحضار إلى أن مشكلة أخرى ساهمت في تدهور صول المياه إلى المنطقة، وقال: “التوسع العمراني والبناء العشوائي الذي يحدث في جبال المنطقة، أحد مسببات الأزمة، حيث إن المضحة تضخ بنفس الكمية وبنفس القدرة القديمة”.
ونوه إلى أهمية المشروع بالقول: “اقترحنا عمل خط مستقبل موصول من ميدان الحبيشي إلى مضخة العيدروس، على أن تمول المضخة من خط مباشر بقدرة 8 هنش (دايركت)، قد أعدت الدراسة في بداية العام الحالي، وعرضناها على مدير عام المديرية، خالد سيدو، والذي من جانبه أفاد بأنه لا يقدر على تمويل المشروع”.
واختتم مدير عام مؤسسة مياه عدن حديثه بالقول: “وفي إطار المعالجات الآنية قام المدير السابق للمؤسسة “سالمين” بعمل توصيلة لحل مشكلة العيدروس، لكن لم يجد هذا الحل أدنى منفعة، بل تسبب بضرر للجميع، وخلق مشكلة في حيي الرزميت وحقات”.
رصد/ رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى