محطات نضالية أفضت إلى الـ30 من نوفمبر 1967م (13).. 1- المناضل/ محمد حسن مثنى جعدان 2- المناضل/ صالح عبدالله عبدربه

> كتب / علي راوح

> في هذه الحلقة من (محطات نضالية...) نكون مع مناضلَين جسورَين وهما: المناضل/ محمد حسن مثنى والمناضل/ صالح عبدالله عبدربه.
المناضل/ محمد حسن مثنى جعدان تحدث قائلاً: إن يوم الـ 30 من نوفمبر يوم أن نال شعبنا الجنوبي استقلاله، هذا اليوم لم يأت هبة من بريطانيا، ولكنه جاء وتحقق أولاً بفضل وإرادة من الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا الجنوبي، وفي طليعته أولئك المناضلون البواسل الذين قدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة من أجل هذا الهدف الغالي والنبيل، وهو تحقيق الاستقلال الوطني وبناء الدولة الجنوبية المستقلة.
*مقدمات ثورة 14 أكتوبر
ولكن لابد من العودة قليلاً إلى الوراء لنوضح جملة من المعطيات والأحداث التي كانت المقدمات الأولى لقيام ثورة 14 أكتوبر 63م، ومن ذلك ما حدث في فترة الخمسينيات من قيام الثورة المصرية في 23 يوليو 1952م وقيام الزعيم عبدالناصر بالتنديد بالإمبريالية وإقدامه الشجاع على تأميم قناة السويس عام 1956م، وهنا في مستعمرة عدن تفاعل شعبنا الجنوبي مع هذا المد الثوري وقام بالعديد من الفعاليات والأشكال النضالية ضد المستعمر، فتشكلت النقابات العمالية وتشكلت التنظيمات والكيانات السياسية ومنها تشكيل رابطة أبناء الجنوب وغيرها من التنظيمات ومنها حركة القوميين العرب، والجبهة الناصرية وغيرها، كما شهدت الساحة نشاطا نضالياً بين صفوف المرأة العدنية وبين صفوف الطلاب، وقامت المسيرات والمظاهرات المنددة ببقاء المستعمر البريطاني على أرض الجنوب.
وفي العام 1962م جاء الحدث الكبير المتمثل بقيام ثورة 26 سبتمبر، وهنا وجد أبناء الجنوب اليمني المحتل وأدركوا أن في انتصار ثورة سبتمبر انتصاراً لقضية الجنوب في تفجير ثورته التي ستؤدي إلى تحقيق الاستقلال وقيام دولته، وفور الإعلان عن قيام ثورة سبتمبر تدفقت الجماهير من أبناء الجنوب من كل المناطق من عدن وردفان والحواشب والصبيحة والضالع وأبين وغيرها، الجميع هبّ للدفاع عن ثورة سبتمبر، وكغيري من الوطنيين توجهنا إلى تعز للالتحاق بصفوف إخواننا المناضلين، وعند وصولنا إلى تعز استقبلنا الأخ علي صالح الحوشبي من المسيمير وكان قائد الحملة مطنوش ضيف الحوشبي، وكنت أنا ومعي الأخوة: صالح محمد برجش، سيف غالب أحمد، محمد غالب، محمد ناشر، فضل ناصر علي، أحمد سالم أحمد ، وبن محسن يحيى، ولا أتذكر البقية من المناضلين فهم كثير يصل قوامهم إلى (300) مقاتل، وقضينا في تعز قرابة أسبوع ثم رحلنا إلى حجة وهناك استقبلنا الأخوة الرعيني ومحمد عبدالغني والكهالي، وخضنا معارك شرسة في مدينة بني هجر وهي خلف حجة، وتقسمنا إلى مجموعتين من الحواشب ومجموعة من أهل قطيب، عندما شعرنا بحصار من قبل مجموعة لا نعرف هويتها كانت تدعي بأنها إلى جانب الثورة، ولكن حصل العكس، وقاتلتهم مجموعتنا بما فيها قائد المجموعة الأخ مطنوش، وأثناء الاشتباك استشهد حوالي خمسة وهم ملتحقين بمجموعة الحواشب، ودارت معارك ضارية وشرسة بيننا وبين الملكيين وبقينا في حجة ستة أشهر وكان إلى جانبنا أخواننا المصريون يديرون المعارك معنا، ثم بعد ذلك انتقلنا إلى الحديدة ومن الحديدة إلى تعز، وكان في استقبالنا شخص يدعى أحمد المنتصر من أبناء لحج، وقد التحقت بنا مجموعتنا الثانية من أهل قطيب، وعندما قابلنا المنتصر طلبنا الإذن بالعودة إلى الجنوب بعد أن أدينا واجبنا الوطني للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر.
وكذلك عادت مجاميع أخرى بمن فيهم الشهيد راجح بن غالب لبوزة والذي عند عودته كان معه أكثر من (70) مقاتلاً من أبناء ردفان مزودين بالسلاح والذخائر والقنابل، فشعرت السلطات البريطانية بخطر هؤلاء المناضلين على القوات البريطانية المتمركزة في الحبيلين وعدد من مناطق ردفان، وهنا وجه الضابط السياسي البريطاني (ميلن) في الحبيلين، وجه رسالة مستعجلة إلى لبوزة ومجموعته طالبهم فيها بسرعة تسليم أنفسهم، وأسلحتهم للسلطة البريطانية ودفع غرامة (500) شلن عن كل فرد، والتعهد بعدم العودة إلى الشمال، وعند استلام هذه الرسلة اجتمع لبوزة برفاقه وأبلغهم بطلب (ميلن) فأجمعوا على رأي واحد وهو مقاتلة القوات البريطانية وتفجير الثورة. وكانت المعركة الأولى يوم 14 أكتوبر 1963م التي استشهد فيها راجح لبوزة، ثم تولى القيادة ابنه بليل لبوزة وعبدالله المجعلي اللذين ذهبا إلى تعز للتزود بالأسلحة والذخائر، وتواصلت ثورة 14 أكتوبر التي امتد لهيبها إلى مستعمرة عدن وغيرها من مناطق الجنوب.
وعلى مدى أربع سنوات من الكفاح المسلح ومن التضحيات والشهداء الذين قدموا أرواحهم رخيصة تحقق الهدف الذي من أجله قامت ثورة 14 أكتوبر وجاء يوم الـ 30 من نوفمبر 1967م يوم الاستقلال المجيد بعد محطات نضالية متتالية ومتتابعة.

ولكن للأسف الشديد فإن كثيرا من المناضلين الحقيقيين وجدوا أنفسهم في دائرة النسيان وعدم الاهتمام بهم ولم يجدوا من يلتفت إليهم، وتعرض البعض للجوع والمرض، ولم يجدوا من يعترف بما قدموه من تضحيات ونضال مرير.. ونجدها فرصة للمعنيين بالأمر للبحث عن المناضلين الحقيقيين والاهتمام بأوضاعهم تقديراً لما قدموه.
*تواصلت المقاومة ضد المستعمر
من جانبه يتحدث المناضل صالح عبدالله عبدربه قائلاً: إن تحقيق الاستقلال يوم الـ 30 من نوفمبر 1967م يعتبر إنجازاً وطنياً هاماً حققه شعبنا الجنوبي بعد (129) عاماً من الهيمنة الاستعمارية للقوات البريطانية، التي جاء احتلالها لعدن يوم 19 يناير 1839م، نظراً لما تحتله عدن من موقع استراتيجي هام يربط الشرق بالغرب.. فعدن موقع تجاري وعسكري بمميزات خاصة لا توجد في غيرها من بلدان العالم، ولهذا كانت النظرة البريطانية مركزة على عدن منذ العام 1600م، عندما أنشأت بريطانية شركة الهند الشرقية، ووجدت أن عدن وميناء عدن موقعا هاما لطرق التجارة العالمية. ومنذ احتلال عدن لم يستكين أبناء شعبنا اليمني بل تواصلت مقاومتهم ضد المستعمر البريطاني مطالبين بخروجه، وشهدت فترة الخمسينيات انتفاضات مسلحة في جميع مناطق الجنوب المحتل، وفي عدن قامت المظاهرات والاضرابات المنددة بقوات الاحتلال، وكانت السلطات البريطانية تقمع هذه الفعاليات النضالية من مظاهرات واضرابات، تقمعها بشدة حتى أنها كانت تعتقل النساء المتظاهرات وتزج بهن في السجون، حيث كان للمرأة في عدن دور هام في النضال ربما يفوق دور بعض الرجال.
وهذ العنفوان الثوري الذي شهدته عدن في فترة الخمسينيات كان بفعل المد الثوري العربي الهادف إلى التحرر من الاستعمار الأجنبي وخاصة بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952م في مصر، وما تلتها من منعطفات ومنها إقدام مصر عبدالناصر على تأميم قناة السويس عام 1956م.. فشعبنا في الجنوب كان تواقاً ومتأثراً بتلك المنعطفات الثورية، ثم جاءت ثورة 26 سبتمبر 1962 فأدرك شعبنا الجنوبي أن هذه الثورة إذا ما انتصرت فإنها ستكون السند والمعين لتفجير ثورة في الجنوب، ستدك عرش القوة البريطانية الغاشمة التي استعبدت الوطن والمواطن الجنوبي.
ومنذ الانطلاقة الأولى لثورة سبتمبر 62م، انطلق أبناء الجنوب بكل عزيمة وشجاعة انطلقوا لنصرة الثورة وتثبيت دعائمها، فهب الرجال من عدن وردفان والضالع وغيرها، وخاضوا المعارك البطولية ضد القوات الملكية في العديد من المناطق اليمنية.
*انقلب علينا رفاقنا في الجبهة القومية
ويواصل المناضل صالح عبدالله متحدثاً عن مساهمته في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر قائلاً: تحركت مع عدد من أبناء عدن الباسلة ووصلنا إلى تعز وعسكرنا في عصيفرة، ثم انتقلنا مع مجاميع كبيرة من المتطوعين الجنوبيين إلى صنعاء ونزلنا في معسكر في باب اليمن، وبدأنا بالتدريب الميداني، وجاء إلينا ضباط مصريون وقاموا بتوزيعنا على الوحدات العسكرية، منا من ذهب إلى الصاعقة ومنا من ذهب إلى المظلات وآخرين في السلاح المدفعية، وكان نصيبي أن أخذوني إلى سلاح المدفعية (م.ط) أنا وزميلي أحمد الفائق، وواصلنا التدريب، ومن ثم قمت بمهمات عسكرية متعددة بين صنعاء والحديدة، وقدمنا التضحيات واستشهد العديد من أبناء الجنوب، ثم بعد ذلك انتقلنا إلى المحابشة وهناك خضنا معركة بقيادة محمد المطري وحققنا نجاحاً وانتصاراً على الملكيين واستولينا على سيارتين (لاندروفر) محملتين بالأسلحة والقنابل، ثم عدنا إلى الحديدة وقمنا بالتدريب على المدافع الثقيلة على يد خبراء روس.. بعدها مرضت وعدت إلى عدن، وفي عدن واصلت نضالي في إطار جبهة التحرير، مع العديد من رفاقي المناضلي، كنا نقوم بالعمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال البريطاني جنباً إلى جنب مع رفاقنا في الجبهة القومية، كنا شركاء في النضال وفي الكفاح المسلح وهدفنا هدف واحد وهو جلاء المستعمر عن أرض الجنوب وتحقيق الاستقلال، ولكن بريطانيا لعبت لعبتها فانفجر الاقتتال الأهلي بين (القومية والتحرير)، فقررنا الرحيل فتوجهت مع العديد من رفاقي إلى تعز وكان معي أحمد المجعلي وصالح المجعلي وجعبل وآخرون، وهناك التقينا بالسيد هاشم عمر (القائد حقنا) وبعدها طلب محمد عبده نعمان وزير شئون الجنوب مقابلة جميع الفرق التي انسحبت من عدن إلى تعز فالتقى السيد هاشم عمر بكل من بليل لبوزة ونصر بن سيف والصماتي وطلب منهم الاجتماع مع محمد عبده نعمان الذي طلب منهم المشاركة في دحر حصار صنعاء وتحديداً من جهة نقيل يسلح فذهبنا إلى هناك وطلعنا النقيل فوجدنا أفرادا من سلاح الصاعقة محصنين في النقيل ومعهم مدفع (م.ط) وبقينا معهم وجاء إلينا أحد الأفراد ، وبلغونا أن كلا من: السيد هاشم عمر، ونصر بن سيف، وسالم يسلم الهارش، وأخ لمحمد عبده نعمان، قد استشهدوا، وأصيب علي بن علي شكري والسحولي ثم ذهبنا لإسعاف المصابين إلى مستشفى إب تبرعنا بالدم، ثم ذهبنا إلى ذمار وعسكرنا مع مجموعة من جيش التحرير الذين انسحبوا من نقيل يسلح مع بليل لبوزة، ومن ثم قررنا الذهاب إلى معبر لأنهم اكتشفوا أن قائد المعسكر هناك أحمد العنسي متآمر مع الملكيين ضد المقاتلين من جبهة التحرير وجيش التحرير، وبعدها عدنا إلى تعز والتقيت بشخص يدعى عبدالوارث محمد عمر العبسي الذي عرض علينا الالتحاق معهم في الجبهة القومية فقلنا له نريد العودة إلى عدن، فأعطانا رسائل إلى سعيد الجناحي بعدم اعتراضنا من قبل أي أحد في عدن فعدنا.
كتب / علي راوح

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى