خنجر الفساد

> مدين مقباس

>
مدين مقباس
مدين مقباس
الفساد في الحروب شيء طبيعي ومعتاد حدوثه في أي بلد يشهد حربا مشتعلة لأكثر من عامين ونصف، لكن الفساد في اليمن تجاوز كل التوقعات مقارنة ببقية الأقطار المشتعلة بالحروب التي لديها موارد وإمكانيات كبيرة تمكنها مستقبلاً من التغلب على آثار ونتائج الحروب، مثل الفساد والخروج من آثاره بأقل تكلفة.
ففي هذا البلد الذي يدمر فيه المجتمع والإنسان ككل، وتمزق نسيجه الاجتماعي وتنهب ثرواته وتدمر بنيته التحتية واقتصاده الحروب والأزمات، استشرى الفساد بأبشع صوره وما ينتج عنه من جرائم متعددة طالت كل جوانب الحياة، والكارثة أن البعض أصبح مكرهاً على التعايش معه، في ظل إشاعة مرتكبيه فكرة واعتقاد أن ملفاته سيتم إغلاقها ضمن أي اتفاق سلام قادم، وذلك لشرعنة وتبرير استمراره، وهذا شجع على اتساع رقعته.
ولا شك أن استمرار ارتكاب جرائم الفساد سيقضي على ما تبقى من قيم وأخلاق حميدة في المجتمع، بعد أن أصبحت تطال حياة البسطاء وتمس معيشتهم، بل ويشجع على خلق مناخ لارتكاب جرائم مضافة ناتجة عن جرائمه المباشرة.
قد يتغلب اليمن بمساعدة الخارج على معالجة الآثار المباشرة الناتجة عن الحرب، ويتم معالجتها مع الزمن، لكن ثقافة الفساد والسلوك التدميري الذي أنتجه استمرار ممارسته بكل أشكاله وأسوأ صوره إذا لم يتم التنبه له مبكراً، حتماً سيؤسس لمراحل قادمة يصعب التعامل معها أو معالجة آثاره، وسيكون المجتمع هو فقط من سيتحمل النتائج والمسئول عن معالجتها، ولن يكون بمقدورنا أن ننتظر الآخرين ليقوموا بتنظيف مجتمعنا من هذه الآفات والأوساخ التي خلفتها الحرب أو أن نرمي التهم على الآخرين كسبب لتشكله.
ما يؤلمنا هو صمت القوى المعتدلة والمستقلة والنخب المختلفة المعول عليها أن تحرك المياه الراكدة أمام ما يحصل ولو بالتلويح لتجار الحروب وحيتان الفساد أن جرائمهم لن تسقط بالتقادم، ولن يفلت مرتكبوها من العقاب.
ما نخشاه أن يتم فعلًا إغلاق هذه الملفات كثمن لوقف الحرب في حال توصل أطراف الصراع في اليمن إلى أي صيغة اتفاق “سلام” لوقفها، ويكون المجتمع والمواطن البسيط هو فقط من يدفع ثمن آثار الحرب ونتائج جرائمهم، ونتحول بصمتنا إلى أشبه بمن يحفر قبره بنفسه لتسليم رقابنا لخنجر الفساد الذي لا يرحم ولن يستثني أحدا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى