صالح والحوثي وانقلاب المعادلة.. تحليل: سقوط صنعاء الطريق الى تهاوي مناطق سيطرة الحليف المهزوم

> رصد/ ذويزن مخشف - علاء عادل حنش

> انفجر الوضع في صنعاء بين قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي وقوات الحوثيين، بعد يومين من تصاعد الخلاف الذي أدى إلى استخدام السلاح بشكل محدود قبل أن يتطور الموقف وينفجر فجر أمس السبت.
ظهر صالح في حديث متلفز بقناة (اليمن اليوم) أمس وسط اشتباكات عنيفة اجتاحت شوارع صنعاء في الجهة الجنوبية، حيث منطقة سيطرته الفعلية التي حاول مسلحو الحوثي اجتياحها واسقاطها في ايديهم في هجوم واسع على منازل ابن شقيقه وقائد حرسه طارق محمد عبدالله صالح.
والمفاجأة هي إعلان قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية تأييد صالح وقواته في المواجهة العسكرية لمسلحي الحوثيين الذين سيطروا على صنعاء في 21 سبتمبر 2014 بمساعدة من قوات صالح الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.
*تفنيد سياسي وعسكري
يرى محللون أن الاشتباكات في صنعاء هي تحصيل حاصل متوقع من تحالف هش ظلت الأيادي تمسك الزناد منتظرة انفراط هذا التحالف والشراكة التي جاءت على أساس الانتقام والانقلاب على الدولة.
يقول المحلل السياسي الشاب ماجد المذحجي إن “صالح قام بحركة مسترخية وفتح بابا في الخلف على التحالف مغامرا مغامرة عسكرية وهو مطمئن الظهر”.
وأضاف إن “ردة فعل التحالف بتأييد المؤتمر طبيعية باعتبار أن جماعة الحوثيين إحدى المشاكل التي دشنت الحرب وأنها وكيل إيراني متقدم”.
لكن المذحجي يعتقد أن الحوثيين ما زالوا أقوياء، وأن صالح هزمهم نفسيًا أكثر ما هزمهم على الميدان. ويقول: “صحيح أن قوات صالح تتقدم وتستعيد أماكن مهمة في صنعاء وتحديدًا في الجزء الجنوبي لكن فعليًا الحوثيون لا زالوا اقوياء، لاننا لم نشهد اشتباكات قوية واسعة في الجزء الشمالي من صنعاء حتى الان ما يعني سيطرة الحوثيين الكلية”.
وتابع: “الحوثيون يدركون أن خروجهم من صنعاء وهزيمتهم يعني خروجهم من المعادلة السياسية ولن يكونوا جزءًا من أي تسوية سياسية ما يعني أن معركة صنعاء معركة مصيرية لبقائهم في التسوية، بالإضافة الى أنهم (الحوثيون) يشعرون أنهم عرضة لثأرات واسعة وفي حال ابدوا مزيدًا من الضعف وهزموا سيتعرضون لتنكيل واسع خارج أي معيار، لذلك المعركة الفعلية تدور حاليًا في صنعاء وخلال الساعات القادمة سنشهد ملامح حضور الحوثيين في المعركة”.
ويعتقد المذحجي أن صالح قبل اندفاعه الى المواجهة اعد مقاتليه، “صالح ربما فاجأ الجميع بتجهيزه قوة عالية وخطة منسقة في كثير من الاماكن الى جانب غضب الجماهير الذي استفاد صالح منه، وهو أهم الملامح التي كشفت أن الحوثيين دون غطاء وبدون جماهير”.
ويعلق المذحجي من منظور سياسي حول رسائل خطاب صالح بقوله: “صالح لم يخاطب الجمهور العام فقط بل خاطب من يستطيعون احداث فرق، لان هناك قبائل مترددة في الدخول في ساحة المعركة لانها تخشى الحوثيين الذين كرسوا على مدى سنتين سوطًا من نار على الناس.. وصالح بدأ فعليًا يستنهض من خلال قطع الخطوط من عمران وهذا يبين أن صالح انخرط كليًا في المعركة ومن التحق معه مطمئنون أن صالح لن يتركهم في نصف الطريق بالاضافة لمخاطبته دول الخليج أن أي تدخل منهم يعتبر محمودًا، ولكن ليس في صنعاء بل في قطع الإمداد عن الحوثيين، وأنهُ لم يعد الخصم وهو اتقاء لاي عمليات عسكرية، وهذا ما تمخض بإصدار التحالف بيان تأييد ودعم “الانتفاضة” ضد الحوثيين، ما يعني أن رسائل صالح اُستجيب لها لكن ليس كليًا”.
ويرى المذحجي أن “غطاء صالح لعملياته العسكرية تحتاج إلى أن يقطع خطوط إمداد للحوثيين باتجاه صنعاء ويجب ضربها وأن لا يغذوا خطوطهم بالافراد ولا بالسلاح وضرب اي تجمعات للحوثيين بالطيران”.
وأضاف: “سمعنا تصريحات لافتة لنائب الرئيس هادي يشدد على دعم الانتفاضة وان الجيش الوطني منخرط في هذا المسار، وتبين لنا التواطؤ بين قوات صالح والجيش الوطني، وهذا ليس بشيء خجول الى جانب افصاح نائب الرئيس ان الحوثيين يضغطون عليهم في الجبهات التي يتمركز الحوثيون فيها”.
*كيف ورط صالح الحوثيين
ويتطابق حديث المحلل السياسي والكاتب الصحفي الجنوبي أحمد حرمل مع وجهة نظر المذحجي التي تحدث بها الى قناة الحدث أمس.
قال حرمل في تعليق طلبته «الأيام» حول الوضع في صنعاء إن “تحالف صالح مع الحوثيين كان تحالف "الضرورة" وليس تحالفا استراتيجيا؛ لانه لا يمتلك مقومات الاستمرار والبقاء. أراد صالح من هذا التحالف أن يخوض أنصار الله الحرب ضد هادي وحلفاءه نيابةً عنه وهو كان يخطط للعودة إلى الحكم وهو يعرف بأن غرور وغباء الحوثيين سيجعلهم يرتكبون أخطاء عديدة”.
وأضاف لـ«الأيام» إن “صالح ورط الحوثيين في الحرب وتحالف معهم ليس حبًا فيهم بل نكاية بهادي وساعدهم في السيطرة على المرافق والمؤسسات الايرادية وجعلهم يغرقون في الفساد الى أن خسروا شعبيتهم وانقلب عليهم في الوقت المناسب بعد ان خسروا اهم عناصر القوة لديهم والتي هي (القبيلة)”.
المذحجي و حرمل و الشامي و بادي
المذحجي و حرمل و الشامي و بادي

يستطرد حرمل قائلا: “مثلت القبائل مخزونا هائلا من المقاتلين لمليشيات الحوثي خلال السنوات الثلاث الماضية إلا أن ممارسة جماعة الحوثيين غير الأخلاقية في تجنيد الأطفال وفرضه على القبائل أن يعززوا جبهات القتال باولادهم بالقوة وقيامهم بانتهاكات كثيرة من اعتقالات وإخفاء قسري وعجزهم عن القيام بتوفير حاجات الناس من رواتب وخدمات وغيرها جعلهم يخسرون هذه الورقة ويخسرون كل شيء اكتسبوه”.
وأكد حرمل أن ما “تشهده صنعاء الان هو أمر متوقع وزيارة الملك سلمان لروسيا مثلت نقطة تحول مفصلية حيث تمكن من إقناع روسيا بالتخلي عن الحوثيين وأن خطة السيطرة على صنعاء اعدها خبراء عسكريون روس زاروا صنعاء تحت مسمى فريق طبي مكون من 32 خبيرًا قدموا لصنعاء لعلاج صالح”.
وقال إن “الخطة شارك في إعدادها الى جانب الخبراء الروس قيادات عسكرية موالية لصالح وأخرى موالية لعلي محسن من خارج صنعاء وصالح من داخل صنعاء، وهذا سيعجل بهزيمة الحوثيين وستلتحم قوات صالح وعلي محسن في صنعاء بحسب ما خطط له التحالف”.
*مأذنة الصالح.. معركة الحسم
وبالنظر الى الدوافع التي ادت الى انفجار الوضع عسكريا بين حلفاء الانقلاب فإنها لا تعدو ان تكون شخصية اكثر منها وطنية وعامة متصلة بأحوال الناس.
وتسبب الصراع على اعتلاء مأذنة جامع الصالح وتأمين منطقة السبعين، حيث فعالية الاحتفال بيوم المولد النبوي التي نظمتها جماعة الحوثي، باندلاع المواجهة العسكرية بين الحوثيين وأنصار صالح.
يقول عضو المجلس السياسي لحركة أنصار الله في صنعاء القيادي الحوثي ضيف الله الشامي إن “من اعتلى منصة جامع الصالح عندما تسلموها بعد انتهاء الفعالية وكانوا متواجدين فيها اصلًا وحاولوا ان يجعلوه مبررًا بأنهُ تم احتلاله لكن هم اليوم يعتلون المنابر التي هي اساسًا للأذان والان تُستخدم لقنص كل المارين والمواطنين الذين يمرون في ميدان السبعين ومحيط جامع الصالح”.
وأكد في حديثه لقناة الجزيرة أن “هذه موجة ستنتهي وستنتهي هذه الورقة التي لعبت بها الامارات والسعودية، ونحن فرحنا بهذه الموجة التي دخلت في هذا الوضع لانها كشفت الحقيقة واسقطت القناع بالرغم من اننا كنا نتمنى ان تكون لهؤلاء نهاية مشرفة لكن كبُر عليهم ان يكونوا شرفاء، والحروب الست شاهد على ذلك”.
وأضاف “الامور ستتكشف في الايام القادمة (وفاقد الشيء لا يعطيه) فحتى لو تحدث حزب المؤتمر عن تأسيس حكومة او مجلس سياسي او مجلس عسكري بأي المسميات يمكن ان يتحدث عنها وهي اساسًا لا قيمة لها وليس لها أي اعتبار فمن يتحركون اليوم هم عبارة عن مجاميع مسلحة تابعة لعناصر قيادية من المؤتمر الشعبي العام على رأسهم طارق صالح(نجل شقيق صالح) الذي دربهم على القناصة واعتلوا جامع الصالح من اجل ان يعتدوا على المواطنين وهم لا يمثلون المؤتمر الشعبي ولا يمثلون قياداته وان كان علي عبدالله صالح ظهر في ذلك، لكن هذا يعطي دلالات واضحة ان الرجل لا يمكن ان يكون إلا مرتميًا في احضان اعدائنا اعداء اليمن خوفًا على مصالحه”.
ويشير الشامي الى أن “الشعب اليمني لا يمكن ان يرمي بثلاثة اعوام من التضحية والصبر والفداء من اجل مصلحة اسرة واحدة تريد ان تستمر في نهب ثروات البلد وقد بنت المدن وبنت القصور واصبحت تميت الشعب اليمني جوعًا وتستلم مليارات الدولارات من الخارج مقابل أن تفوز على حساب هذه التضحيات”.
*موقف الحكومة الشرعية
يؤكد المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي من مقر إقامته في عدن أن “الحكومة تتابع عن كثب ما يحدث في صنعاء من احداث متسارعة وأن هناك اجتماعا رفيع المستوى عقده الرئيس هادي مع مستشاريه ومجلس الدفاع الاعلى لاصدار موقف نهائي مما يحدث في صنعاء”.
وقال في حديثه لقناة “الحدث” “ما يحدث في صنعاء انتفاضة شعبية حقيقية يشارك فيها كل ابناء الشعب اليمني بكل المكونات الاجتماعية والسياسية ضد المكونات والمليشيات الدموية التي اذاقت اليمنيين المر خلال السنوات الثلاث الماضية”.
وأشار الى أن ما يدور في صنعاء يكشف للعالم مدى بشاعة المليشيات وممارساتها على كافة ابناء الشعب اليمني بمختلف انتماءاتهم السياسية والطائفية والمناطقية والتي اوقفت الحياة داخل اليمن وفتحت المعتقلات واوقفت وسائل الاعلام وفجرت المساجد ودور العبادة ومارست خلال ثلاث سنوات ما لم تمارسه أي جماعة في العصر الحديث بالمنطقة.
ودعا كافة اليمنيين للخروج في انتفاضة شعبية لتطوي صفحة المليشيا بشكل نهائي، والتي ارادت أن تحكم اليمنيين بدعوى الحق الالهي الذي تدعي انهُ منح لها لحكم اليمن مدى الحياة، وتريد أن تقضي على آمال اليمنيين، لكن اليمنيين في صنعاء قالوا كلمتهم ان اليمن لن تكون الا عربية، وان ما تفاخر به قادة ايران بأن صنعاء هي العاصمة الرابعة في المنطقة التي سقطت في ايدي ايران ذهب ادارج الرياح، وأكد اليمنيون للعرب والعالم ان صنعاء هي اول عاصمة عربية ستتحرر من اوهام المد الفارسي البغيض وصنعاء لن تكون إلا عربية مائة في المائة”.
وأوضح بادي نوع التواصل بين الحكومة والمؤتمر قائلًا “صرحت قبل اشهر ان حكومة الشرعية تتواصل مع شخصيات وقيادات كبيرة في المؤتمر الشعبي العام ضاقت ذرعًا من ممارسات الحوثيين واضطهادهم لها ونحن على تواصل مع كل من يرد على المليشيا الحوثية، وكما قلنا ان أي شخص أو طرف أو جهة أو حزب يرفض المليشيات ويرفض ممارساتها هو محل ترحيب من قبلنا وما حدث بصنعاء نقطة مهمة تؤكد أن اليمنيين خلال السنوات الثلاث الماضية تعلموا ان لا حل لهم الا بالدولة وبالشرعية وبرئيس منتخب وان لغة السلاح ولغة العنف لن تؤدي إلى إلا مزيد من الدمار والهلاك”.
وقال عما إذا كان هناك تحرك عسكري باتجاه صنعاء “تابع العالم خلال الاسابيع الماضية التحرك العسكري الكبير والناجح إلى حد كبير في محيط صنعاء وحقق الجيش الوطني انتصارات كبيرة في هذه الجبهات وندعو ونمد يد العون لكل الايادي التي تساهم في اسقاط الانقلاب الفاشل”.
ويرى محللون وعسكريون أن إسقاط صنعاء بيد أحد الحليفين يمهد الطريق لإسقاط باقي مناطق سيطرة الطرف المنتصر لانتزاعها من الطرف المهزوم.
رصد/ ذويزن مخشف - علاء عادل حنش

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى