تفاصيل 24 ساعة حرب.. صالح يسيطر على دار الرئاسة وأكاديمية الشرطة والتلفزيون ومعسكرات استراتيجية وسفارات

> تغطية / وهيب الحاجب - بليغ الخطابي

> فجر السبت وساعاته الأولى كانت هي اللحظات الأخيرة من عمر تحالف الانقلاب بين قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومسلحي جماعة الحوثي وأنصارها بعد نحو ثلاث سنوات من تحالف عبثي أسقط الحكومة الشرعية وأعلن حربا على محافظات اليمن والجنوب حصدت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين.
ورغم ساعات الاحتضار ومواقف الاختلاف وفرص الصدام التي مر بها شريكا الانقلاب خلال الفترة الماضية إلا أنهما استطاعا الصمود في مواجهة قوات التحالف العربي التي لاتزال حتى اللحظة عاجزة عن تحرير العاصمة اليمنية صنعاء واستعادة الدولة ومؤسساتها لتظل مغتصبة يتقاسمها الحليفان المتصارعان اليوم.
فقد انفجر الوضع عسكريا بعد منتصف ليل السبت بين قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومليشيا الحوثي في صنعاء بعد يومين من الاشتباكات المتقطعة في شارع الخمسين ومحيط جامع الصالح.
واندلعت معارك عنيفة في شارع الزراعة ومحيط جامع الصالح استخدمت فيها أسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة، وتمكنت قوات المؤتمر الشعبي العام من السيطرة على أماكن واسعة في صنعاء أهمها مبنى وزارة الدفاع والمالية.
وذكرت مصادر عسكرية أن قوات الرئيس السابق تسيطر على نحو 70 % من صنعاء، وأن سيطرة الحوثيين تتركز في منطقة الجراف شمال صنعاء.
وأكدت المصادر سقوط مايقارب 80 قتيلا ومئات الجرحى من الطرفين في المعارك التي تدور رحاها في شوراع صنعاء، حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
وشهدت منطقة الحصبة اشتباكات متقطعة اثر محاولة جنود الحرس الجمهوري والقوات الخاصة السيطرة على وزارة الداخلية ومقر شرطة النجدة والدفاع المدني.
وقالت مصادر مطلعة ان قوات الحرس سيطرت على معسكر الفرقة الأولى
مدرع وجامعة الإيمان وسلاح الصيانة ومجمع 22 مايو شمال غرب صنعاء، كما سيطرت قوات قبلية موالية لصالح على مطار صنعاء وسلمته للحرس الجمهوري واعلنت قبائل ارحب وطوق صنعاء استنفارها لمواجهة الحوثيين.
إحراق أحد الأطقم التابعة للحوثيين
إحراق أحد الأطقم التابعة للحوثيين

مصدر قبلي بمحافظة عمران أوضح في تصريح لـ«الأيام» أن مركز المحافظة وغالبية المناطق المتاخمة خاضعة لسيطرة الحوثيين، وأن هناك تحركات قبلية يقودها الشيخ علي حميد جليدان والشيخ مبخوت المشرقي- وهما مواليان لصالح- بشأن حسم الموقف خلال الساعات التالية لهذا التصريح.
وأشار المصدر نفسه إلى وساطة قبلية ومشاورات بين الطرفين، لكنه لم يبد أي تفاصل عن طبيعة تلك المشاورات، غير ان مصدرا عسكريا ذكر لـ«الأيام» أن الحوثيين متأهبون بقوة عسكرية ستتجة من عمران نحو صنعاء في محاولة لاستعادة المرافق التي سقطت بيد المؤتمر.
وفي جنوب صنعاء تمكنت قوات صالح من السيطرة على كافة النقاط الأمنية التي نصبها الحوثيون وتم استبدالها بقوات موالية للمؤتمر الشعبي العام، كما سيطرت على معسكر ومستشفى 48 ومعسكر ضبوة.
واكدت مصادر أمنية لـ«الأيام» ان قوات امنية طردت مليشيا الحوثي من اقسام الشرطة واستبدلتها بعناصر موالية لصالح.
وقصفت مليشيا الحوثي منزل أحمد علي نجل الرئيس صالح وحاصرت منازل قيادات أخرى في الحزب.
وتحدثت مصادر في وزارة الداخلية التي يسيطر عليها صالح عن تطهير عدد من المواقع الهامة شمال صنعاء حيث يتواجد الحوثيون بكثرة، مشيرة إلى سيطرة انصار صالح على اللواء الرابع.
وعصرا ذكر مراسل «الأيام» أن قوات صالح تمكنت من استعادة مبنى التلفزيون ودار الرئاسة وأكاديمية الشرطة وعدد من مباني السفارات بينها سفارتا السعودية السودان، وهي مقرات كانت تسيطر عليها مليشيا الحوثي.
مبنى بنك الأمل في الحي السياسي يحترق بالكامل
مبنى بنك الأمل في الحي السياسي يحترق بالكامل

وقالت المصادر ذاتها انه تم تطهير مديريات: بنى الحارث وسنحان، بني بهلول، بني حشيش، بلاد الروس بني مطر وحراز والحيمتين وعدد من المناطق الهامة داخل محافظة صنعاء.
وأعلن علي عبدالله صالح عن توجهات ينويها حزبه لإعلان مجلس عسكري بقيادة طارق محمد عبدالله يتولى توجيه المعارك وإدارة مسارح العمليات في مناطق المواجهات مع الحوثيين، في خطوة تبدو أنها تستهدف تعليق مهام المجلس السياسي وحكومة الانقاذ وإعلان حالة الطوارئ.
ويتمثل مخطط الانتشار العسكري لقوات صالح في صنعاء على النحو التالي:
- محمد محمد عبدالله صالح (نجل شقيق صالح الاصغر) قائد القوات في الحي السياسي وشارع الجزائر وشارع بغداد.
- طارق محمد عبدالله صالح قائد القوات في حدة ودار الرئاسة والسبعين والخمسين.
- مراد العوبلي قائد الكتائب المتواجدة داخل معسكر 48، ومن مهامها الانتشار في نطاق منطقة دار سلم حزيز وايضا اغلاق طريق ذمار صنعاء مع مجاميع قبلية من ذمار وسنحان وخولان.
- ناجي جمعان قائد المجاميع في المنطقة الشمالية ويقيم نقاط تفتيش واغلاق طريق (صنعاء عمران صعدة).
- اللواء مهدي مقولة واللواء علي صالح الأحمر قادة العمليات داخل مربعات صنعاء كافة.
وألقت المعارك الدامية في شوارع صنعاء بظلالها على الوضع العسكري في عدد من المحافظات التي يتشارك في إدارتها صالح والحوثي، إذ تمكنت قوات صالح من تطهير مدينة ذمار ومديرية آنس من مسلحي الحوثي واستبدالها بقوات نظامية موالية لحزب المؤتمر الشعبي العام، وسط أنباء عن سيطرة نسبية لقوات صالح في محافظتي إب وحجة.
وسيطرت قوات المؤتمر الشعبي العام على مركزي محافظتي ريمة والمحويت اللتين تشكلان معقلا مهما تتواجد فيهما قوات صالح.
قوات صالح تسيطر على مواقع مهمة في المحويت
قوات صالح تسيطر على مواقع مهمة في المحويت

وريمة والمحويت محافظتان تربطهما حدود مع محافظة الحديدة الساحلية التي يمون ميناؤها حليفي الانقلاب منذ بدء عاصفة الحزم، وفيها قاعدة شعبية لصالح وحزبه وهو ما يرجح أن تشهد الحديدة معارك عنيفة بين طرفي الانقلاب في حال تقدمت قوات صالح نحو الحديدة للسيطرة على الميناء.
وتفيد مصادر «الأيام» أن مليشيا الحوثي زجت بقوات عسكرية ومسلحين قبليين إلى الحديدة استعدادا لأية تحركات تنويها قوات صالح لإسقاط مواقع حيوية وعسكرية هامة في هذه المنطقة العسكرية التي شكلت الشريان الرئيس الذي يغذي حليفي الانقلاب على الشرعية منذ بدء التحالف العربي عملياته العسكرية في اليمن.
وظهر زعيم جماعة الحوثي عبدالملك بدرالدين الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح على قناتي المسيرة واليمن اليوم، يدعو كل منهما للحرب ضد الطرف الآخر ويصفه عناصره بالمليشيا.
وقال صالح في كلمة له بثتها قناة (اليمن اليوم)- قبل أن يتوقف بثها- “في هذا (اليوم) الثاني من ديسمبر أدعو جماهير شعبنا والقوات المسلحة في اليمن، إلى أن يهبوا هبة رجل واحد للدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة والحرية، ضد هذه العناصر التي نهبت مقدرات الشعب”.
واتهم صالح الحوثيين بأنهم نصبوا الحواجز في شوارع صنعاء وقطعوا الطرق ومارسوا إرهابا ضد المواطنين وأطلقوا النار على المنازل والمدنيين مما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين.
وأعلن صالح فك الشراكة مع الحوثيين، داعيا التحالف العربي إلى الحوار مع السلطة الشرعية لليمن ممثلة بمجلس النواب، حد وصفه، في وقت أعلنت قناة المسيرة الناطقة باسم الحوثيين أن صالح انقلب على الشراكة وأعلن الحرب.
صالح يجهز قوة عسكرية في ريمة والمحويت لاقتحام الحديدة
صالح يجهز قوة عسكرية في ريمة والمحويت لاقتحام الحديدة

ودعا حزب المؤتمر الشعبي العام مؤسسات الأمن والجيش إلى رفض أوامر “المليشيات الحوثية وعدم الانصياع والتنفيذ للأوامر الصادرة من القيادات الحوثية أو مشرفيها”.
وقال بيان أصدره المؤتمر عقب انفجار الوضع: “أيها اليمنيون الأحرار.. انكم مدعوون اليوم اكثر من اي وقت مضى لتضعوا حداً لتصرفات تلك العناصر المأزومة التي تريد أن تنتقم منكم ومن الوطن ومن الثورة والجمهورية والوحدة وان تعيدكم إلى القرون الوسطى وإلى الأزمنة الغابرة، وإلى ما قبل الثورة والجمهورية بعد أن تقتل ما تستطيع منكم ومن ابنائكم ورجالكم ونسائكم إشباعاً لنزعتهم الانتقامية وإفراغاً لما يكنونه من حقد عليكم.. وعلى الوطن”.
زعيم جماعة الحوثي عبدالملك بدرالدين الحوثي دعا أنصاره إلى الحرب ضد القوات الموالية للرئيس صالح وقال: “إذا أصرت المليشيات على التهور فعلى الجميع التعاون لضبط الأمن”.
وهاجم الحوثي أنصار صالح قائلا: “لم نر منكم لا رجلا ولا شرفا عندما قام عبدربه باقتحام المسجد، وكنتم كالأرانب”.
وقال: “مارسنا في الأيام الماضية أعلى درجات ضبط النفس مقابل اعتداءات لا مبرر لها والدعوات لتخريب الأمن في صنعاء توجه عدائي”.
واتهم المكتب السياسي لأنصار الله علي عبدالله صالح بالانقلاب على الشرعية والخيانة والطعن من الظهر.
وجاء في بيان للمكتب السياسي تعليقا على اندلاع الحرب “غير غريب ولا مفاجئ أن يخرج صالح منقلبا على شراكة لم يؤمن بها يوما، بل كانت مواقفه السابقة عبارة عن ظاهرة صوتية، وكانت شراكته العملية والفعلية هي مع تحالف العدوان”.
طمس شعارات الحوثي
طمس شعارات الحوثي

وأضاف البيان: “منذ التوقيع على اتفاق الشراكة في يوليو 2016 لإدارة شؤون البلد لمواجهة العدوان والحصار لم يكن من صالح ومجموعته الغوغائية إلا نقيض ذلك، معطلا عمل الدولة، مثبطا عن القتال، محرضا على الفتنة، موجها خناجره المسمومة للطعن في الظهر”.
ويتركز تواجد قوات الحوثي وأنصاره في مناطق شمال صنعاء وتحديدا في مناطق الحصبة والروضة والجراف التي يتواجد فيها مبنى وزارة الداخلية والمطار والتلفزيون وعدد من المؤسسات الإعلامية، إضافة لتواجد ملحوظ بصنعاء القديمة في باب اليمن.
فيما تتواجد قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح في مناطق جنوب صنعاء وتحديدا الستين والصافية والتحرير والطريق الرابط بين صنعاء وذمار، ويتواجد في هذه المناطق معسكرات للحرس الجمهوري ووازارة الدفاع والأمن المركزي والقومي.
وفي أول رد وموقف خارجي وصف وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش المعارك بين حليفي الانقلاب بأنها “انتفاضة وصحوة من كابوس الانجراف وراء الدعوات الطائفية المظللة والمضادة لمصالح الشعب اليمني”، وكشف قرقاش في تغريدة بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) عن وساطة قطرية (موثقة) لاحتواء الموقف وانقاذ المليشيا، قائلا: “إن الوساطة القطرية لإنقاذ مليشيات الحوثي الطائفية موثقة ولن تنجح لأنها ضد إرادة الشعب اليمني الذي يتطلع إلى محيطه العربي الطبيعي”.

وفي بيان للتحالف العربي نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) وصف ما وصل إليه الوضع بين طرفي الانقلاب في صنعاء بأنه “نتيجة للضغوط التي كانت تمارسها المليشيات الحوثية التابعة لإيران وسيطرتها بقوة السلاح على قرارات ومصير ومقدرات الشعب اليمني”، وهو ما أدى إلى انفجار الوضع بين طرفي الانقلاب، وفقا للبيان.
وأضاف التحالف: “ندرك أن الشرفاء من أبناء حزب المؤتمر الشعبي العام وقياداته وأبناء الشعب اليمني الأصيل الذين أجبرتهم الظروف على البقاء تحت سلطة المليشيات الإيرانية الطائفية قد مروا بفترات عصيبة، وينظر التحالف إلى أن هذه المرحلة من تاريخ اليمن تتطلب التفاف الشرفاء من أبناء اليمن في هذه الانتفاضة المباركة للتخلص من المليشيات التابعة لإيران وإنهاء عهد من التنكيل والتهديد بالقتل والاقصاء وتفجير الدور والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة”.
وألمح البيان إلى وقوف التحالف مع انتفاضة المؤتمر ضد مليشيا الحوثي وهزيمتها عسكريا، غير أن هذا التوجه لا يخلو من نوايا للزج بالحليفين في حرب داخلية والتخلص منهما معا.
وعن موقف الشرعية من الحرب في صنعاء عقد الرئيس عبدربه منصور هادي مساء أمس اجتماعا استثنائيا بكبار مستشاريه في الرياض لمناقشة الوضع، وصدر عن الاجتماع بيان اعتبر تحرك قوات المؤتمر لاستعادة مؤسسات الدولة انتفاضة ضد المليشيات الحوثية.
ودعا البيان كل الأطراف السياسية التي كانت تحالفت مع الحوثي إلى الالتحاق بالانتفاضة والعودة إلى مظلة الشرعية.
صالح الذي تربت جماعة الحوثي في كنفه ودعمها بالسلاح وسخر لها معسكراته ورجاله وخبراته العسكرية وقدراته وتحالف معها ضد الشرعية وأحزابها يعود اليوم للانقلاب على هذا الحليف في حرب تبدو أنها حاسمة ومفصلية ستغير كل الموازاين على الأرض، وستبدل كثيرا من عمليات التحالف العربي وتكتيكاته العسكرية، لاسيما مع إعلان صالح فك الشراكة مع الحوثيين، ودعوته التحالف العربي للحوار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى