أيها الجنوبيون.. اللحظة فاصلة تستدعي وحدة الخطاب والموقف والقرار

> صالح شائف

> بعد مقتل علي عبدالله صالح، فإن الأمور ستزداد تعقيدا وخطورة، وهناك غموض مازال ينذر بتحولات ومفاجآت عديدة ينبغي الاستعداد لها، وأن يتقن الجنوبيون فن ومهاراة خوض المعارك السياسية القادمة وكتداعيات مؤكدة لهذا الحدث الجلل، وأن يستوعبوا ويتعاملوا مع كل الوقائع والأطراف بحذر شديد والقدرة على الإمساك بقواعد اللعبة السياسية في ميدان مفتوح للجميع ولكل اللاعبين وعلى كل الخيارات أيضا.. والأهم في كل ذلك إسراع الخطى في توحيد الموقف سياسيا، والاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات الممكنة الحدوث، أكانت سياسية أو عسكرية أو غيرهما، قد تحدث بشكل مباشر أو غير مباشر، بما في ذلك العبث بأمن واستقرار الجنوب ابتداء من عدن، وتنفيذ المخططات المعدة سلفا والتهديدات المتعددة بشأن فرض الحلول الجاهزة التي تجاهر بها الشرعية اليمنية القائمة، وترددها على مسامعكم كل يوم. مع أهمية التفاهم الجدي وفتح قنوات الحوار المسؤول والتواصل مع الجناح الجنوبي في هذه الشرعية، ولمصلحة الجنوب أولا وأخيرا.
فما يجري في صنعاء ليس ببعيد عنكم أو مقطوع الصلة عن كل ما جرى ويجري في الجنوب منذ هزيمة ثنائي الانقلاب (الحوثعفاشي) أو معزولا عن خارطة التفاهمات التي تمت وستتم تباعا بشأن التسويات المرتقبة، داخليا وخارجيا.. وبأن المصالحات الشمالية على تعدد مساراتها وعناوينها.
وهو الأمر الذي أشرنا إليه مرارا ومنذ وقت مبكر، قد وصلت كما يبدو إلى درجة الاقتراب من عقد الصفقات الملبية لمصالح كل أطراف الهيمنة والنفوذ التقليدية الفاعلة بدرجة رئيسية.. غير أن مقتل علي عبدالله صالح سيربك الوضع ويخلط الأوراق على الجميع، وسيعيد ترتيب المشهد العسكري والسياسي وخارطة التحالفات، وتبدل المواقف على كامل المشهد في اليمن ومعه تفتح الأبواب على أكثر من احتمال لما قد ستؤول إليه الأمور على خطورتها لاحقا.
ومع ذلك لن يكون الجنوب بمعزل عن أي تفاهمات وصفقات مشبوهة قادمة، بل سيكون هو القاسم المشترك الأعظم الذي يوحدهم جميعا، وسيكون هدفا تاليا لتحركاتهم القادمة، وعلى أوسع نطاق وبكل السبل والوسائل المتاحة لهم ليكملوا ما كانوا قد بدأوا به أصلا، ومازال مستمرا وبطرق وأشكال عدة، وبوسائل خسيسة ودنيئة. فالأوضاع على درجة كبيرة من التعقيد والتشابك والتداخل، وإلى درجة يعجز معها العقل فك بعض طلاسمها وشفراتها، أو فهم ما يخفيه الغموض الشديد والمخيف، وعلى أكثر من صعيد.
وكما يبدو من قراءة الأحداث المتسارعة الإيقاع، وما قد نتج وسينتج عنها من تحولات وتبدلات، ولو جزئيا، في التحالفات والمواقف، بأن القادم سيكون أكثر خطورة، وتصبح المفاجآت غير السارة للكثير من الأطراف وللجنوبيين تحديدا أمرا وارد الحدوث. ولذلك فإن التحرك السريع والمسؤول لمواجهة أية تداعيات لما يدور في صنعاء والتعامل معها بيقظة عالية وحنكة سياسية، وبعيدا عن الانفعالات غير المحسوبة النتائج، أو سوء التقدير، وأن يبقى الموقف الموحد القائم على رص الصفوف عنوانا لهذا التحرك الذي يجسد وحدة وإرادة كل أبناء الجنوب، ليكون ذلك أساسا قويا لحضور الجنوب وقضيته على طاولة التسويات، وكندٍّ تفاوضي وطرف كامل الحقوق، لا أن يكون تابعا وملحقا أو متلقيا ضعيفا لما قد تفرضه بقية الأطراف من حلول مرفوضة وغير مقبولة للشعب، أو تنتقص- وبأي شكل كان- من حقوقه الوطنية والسياسية والتاريخية المعلنة، وعلى قاعدة التفاهم الأخوي الذي يلبي حقوق الجميع ويصون ما تبقى من عرى المحبة ووشائج الأخوة، ويحمي المصالح والمنافع المشتركة، ويضمن انسيابها ودون عوائق بين الشمال والجنوب مستقبلا.
لقد حان الوقت ليظهر أحرار الجنوب ومناضلوه قدرتهم على خوض معركة إنقاذ الجنوب والانتصار لقضيته الوطنية العادلة وإثبات مصداقيتهم التي باتت على المحك أكثر من أي وقت مضى، وأن يبرهنوا للجميع بأنهم قادرون على تجاوز تبايناتهم واختلافاتهم التي وصلت حد الخصومة والتخوين للبعض من قبل البعض في بعض الأحيان، ولأسباب ذاتية خالصة، وأن تتوحد كلمتهم وصفوفهم وموقفهم وقرارهم في هذه الظروف الحرجة والاستثنائية.
والطريق إلى ذلك واضح وجلي إن خلصت النوايا وصدقت المواقف، وبغير ذلك فإن التاريخ لن يرحمهم ولن يعفو عنهم الشعب، وسيتحملون المسؤولية عن تخاذلهم وتهاونهم وانغماسهم المقزز في ذواتهم ومنافعهم الشخصية العابرة، وبمصالح وأهداف (كياناتهم) المتنافرة والمتناثرة وعديمة الفعل والجدوى، وعلى حساب آمال ودماء وتضحيات ومستقبل الجنوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى