«الأيام» في قلب معركة الساحل الغربي وتنقل تفاصيلها من الخوخة

> تغطية وتصوير / نجيب المحبوبي

> تمكنت المقاومة الجنوبية المتمثلة بألوية العمالقة مسنودة بالمقاومة التهامية والجيش النظامي من فرض سيطرتها التامة على مدينة الخوخة وتأمين الخط الرابط بينها وبين مديرية يختل.
وعقب سقوط الخوخة تمكنت قوة متقهقرة لميشيا الحوثي من التسلل إلى كثبان رملية وأشجار مطلة على الخط الرابط بين الخوخة ويختل في محاولة لفرض حصار على القوات التي سيطرت على الخوخة.

ولجأ الحوثيون إلى زرع الألغام والعبوات الناسفة ونشر العديد من القناصين لإعاقة المقاومة عن استخدام هذا الخط؛ ما تسبب بسقوط شهداء وجرحى بالإضافة لتدمير آليات عسكرية.
«الأيام» كانت في أرض الحدث وشاركت أبطال المقاومة والجيش تقدمهم ونقلت تفاصيل ومشاهدات حية عن المعركة.
تقدم المقاومة الجنوبية والتهامية مسنودة بالجيش النظامي وصل حتى يوم أمس أطراف مدينة حيس التي تبعد عن مدينة الحديدة قرابة 87 كيلومترا، وتتأهب القوة مجتمعة لاقتحام مناطق حيوية في محيط الحديدة المدينة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، تمهيدا لاقتحامها بالكامل.
كيف سقطت الخوخة
تبعد مدينة الخوخة عن يختل 50 كيلومترا، وكانت يختل آخر مركز هام سيطرت عليه المقاومة منذ شهور بعد أن شنت هجوماً مباغتا على الحوثيين أجبرهم على التراجع نحو مدينة الحديدة.


مقاتلون وقادة ميدانيون أفادوا في أحاديث متفرقة أجرتها معهم «الأيام» في أرض المعركة بأن عملية تحرير الخوخة استمرت ثلاثة أيام تكبد خلالها العدو خسائر فادحة في المعدات والأرواح، وأكدوا أن المقاومة تمكنت في وقت قياسي عقب اقتحام أسوار المدينة من السيطرة على مبنى إدارة الأمن ومعسكر أبو موسى الأشعري، وهذا المعسكر يعد أكبر قاعدة عسكرية تتبع قوات البحرية في اليمن.


سقوط معسكر أبو موسى شكّل ضربة قاصمة لظهر المليشيا أجبرها على التراجع والتقهقر، غير أن فلولا من القوة الحوثية المتراجعة لجأت إلى التسلل ليلا والتخفي في مواقع تطل على الخط الرابع بين مدينتي يختل والخوخة، وهو ما سبب إرباكا لقوات المقاومة التي تسعى للتقدم، مع فرض نوع من الحصار على القوات المتواجدة في الخوخة بمنع الإمداد القادم من يختل التي باتت تحت السيطرة التامة، وكانت هي المنطلق لتحرير الخوخة.
فتح الحصار
شكلت عملية تسلل الحوثيين إلى الخط الرابط بين يختل والخوخة حصاراً للقوة التي تتمركز في الخوخة عقب تحريرها، إذ قطعت المليشيا خط الإمداد بزرع العبوات الناسفة ونشر القناصين بشكل كبير كونها قوة متقهقرة وتريد عمل المستحيل لاستعادة الخوخة التي تعتبر أحد أهم مراكزهم التي يتزودون منها بالسلاح القادم لهم من إيران.

تمشيط كثبان رملية كان يتحصن فيها قناصة حوثيون
تمشيط كثبان رملية كان يتحصن فيها قناصة حوثيون

الحال لم يدم طويلا وفك الحصار كان بالنسبة للمقاومة مسألة موت أو حياة، تقدم أو تراجع، وبالتالي نصر أو هزيمة، لاسيما أن هناك قوات عسكرية كبيرة من المقاومة والجيش تتمركز بالخوخة وقطع الخط يعني عزلها تماما وفصلها عن الرأس المدبر والشريان المغذي والوحيد في الخوخة، لهذ كان لا بد من عملية عسكرية هي بمثابة عملية فدائية للتعامل مع القناصين والفلول الحوثية المنتشرة على طول الخط، وكذا مع حقول الألغام والعبوات التي زرعها الحوثيون مع انسحابهم.

العملية بدأت بمسح للعبوات والألغام وتم التعامل معها لتتمكن المقاومة من فتح ثغرات لاقتحام أوكار القناصين والفلول الهاربة والمتحصنة في الكثبان الرملية والأشجار، بعدها تم تجهيز مقاتلين للقيام بالمهمة وفق خطة عسكرية أشرف عليها قادة عسكريون كبار، فتم اقتحام تحصينات المليشا والتعامل مع القناصين بنجاح في عملية نوعية وبوقت قياسي أفضى إلى تصفية الفلول وتأمين الخط والسيطرة عليه بشكل تام.

ووفقا لأحاديث المقاتلين لمندوب «الأيام» فإن الخط الرابط بين مدينتي الخوخة ويختل كانت آخر معاقل الحوثيين التي سقطت تحت سيطرة المقاومة، لتصبح معها المنطقة مؤمنة بشكل كامل يسهل معها التقدم نحو مدينة الحديدة، وهو التكتيك العسكري القادم للمقاومة وللجيش، وفقا لما أفاد به قائد ميداني في الجبهة.
الخوخة.. الأرض الطيبة
بعد تأمين الطريق بساعات استطعنا الدخول إلى مدينة الخوخة الساحرة بشاطئها وجمالها وبساطة أهلها، وتمكنت القيادة من تموين المقاتلين الذين أسقطوا المدينة بالعتاد والغذاء والماء لإحكام القبضة عليها وتأمين النصر من أية محاولات حوثية للعودة.
المقاومة في الخوخة
المقاومة في الخوخة

تجولنا في شوارع الخوخة الجميلة التي حاول الحوثيون تشويهها بصرختهم الوهمية وأعلامهم الخضراء التي أنزلها المقاتلون الأبطال بالتعاون مع أهل مدينة الخوخة الذين عبروا عن فرحتهم بانتصار المقاومة ودحر الحوثيين وعودة الحياة إلى طبيعتها ما شجّع كثيرا من الأسر النازحة على العودة إلى مدينتهم.

ابطال المقاومة الجنوبية في شوارع الخوخة
ابطال المقاومة الجنوبية في شوارع الخوخة

تحررت الخوخة وسقطت المدينة وبات معسكر أبو موسى بعدته وعتاده تحت سيطرة المقاومة الجنوبية والتهامية والجيش النظامي، غير أن هناك نوعا من التوجس والحذر لدى المرابطين بالمدينة خشية قذائف الهاون التي اعتاد الحوثيون استخدامها لاستهداف المواقع والمناطق التي تسقط من أيديهم وينسحبون منها لتتخفى فلولهم في أماكن تساعدهم على إطلاق هذا النوع من القذائف.

أحد القيادات الميدانية بالخوخة قلل من فرضيات هذه المخاوف وأكد لـ«الأيام» أن “المقاومة والجيش نشرا فرقا لتمشيط المناطق المحيطة وتصفيتها من أي تواجد لفلول حوثية هاربة أو متخفية”.
87 كم عن المعركة الكبرى
المقاومة الجنوبية والجيش النظامي مستمرون في القتال بجبهات الساحل الغربي منذ ثلاث سنوات، وانضمت لاحقا المقاومة التهامية لتشكل رافدا مهما للمعارك وسير عملياتها، كون المقاتلين التهاميين أكثر دراية بطبيعة المنطقة وتحصيناتها ووديانها، الأمر الذي من شأنه أن يغير كثيرا من الأمور في تكتيكات التقدم نحو مدينة الحديدة وسيسهل لا محالة في اقتحامها والتوغل فيها كمدينة على الأقل.

الصرخة الحوثية تتهاوى
الصرخة الحوثية تتهاوى

التقدم نحو مدينة الحديدة وإن كان يتطلب أولا تأمينا للمناطق التي تحررت (يختل، الخوخة والخط الرابط بينهما) إلا أنه يشكل ضغطا كبيرا على قوات العدو المتمركزة في المدينة وضواحيها، وسيحد كثيرا من حركة ميناء الحديدة ونشاطه العسكري الذي يعتبر مركز القوة للحوثيين منذ انطلاق عاصفة الحزم، ومن المرجح أن يستميت الحوثيون في الدفاع عن نفوذهم في هذا المنطقة التي يعد سقوطها انهيارا أخيرا بالنسبة لهم، غير أن الإسناد الجوي من مقاتلات التحالف والغطاء الذي سيشكله للتقدم البري من اتجاه الخوخة سيقلل من قدرات المليشيا ويحد من تحركاتها في معركة تحرير المدينة.

وتتكون المقاومة التهامية من لواءين تبلغ قوتهما قرابة 1500 مقاتل، أغلبهم من محافظة الحديدة وتعز، ويقودهم قائد لواء تهامة العميد الركن أحمد الكوكباني، وتلقت هذه القوة تدريبات عسكرية في إرتيريا على نفقة دولة الإمارات العربية.
ويطالب منتسبو المقاومة التهامية برفع الظلم المفروض عليهم من قبل أبناء المحافظات الشمالية منذ عشرات الأعوام.
ناقلة جند تركها الحوثيين ورحلوا
ناقلة جند تركها الحوثيين ورحلوا

السيطرة على باب المندب وذوباب والمخا وأخيرا الخوخة ثم التقدم نحو مدينة الحُدَيدة، ومن ثم إلى ميناء ميدي في أقصى شمال غرب اليمن على ساحل البحر الأحمر، هي في الأساس استمرار لعملية «الرمح الذهبي» التي بدأتها المقاومة الجنوبية بدعم من قوات التحالف العربي قبل نحو سنتين في مسعى إلى عزل صنعاء والانقلابيين كتكتيك لعمليات أخرى من المفترض أن تستهدف تحرير صنعاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى