السفير الأمريكي السابق: بدون صالح سيُنظر إلى الحوثيين كحركة طائفية موالية لإيران

> واشنطن «الأيام» جيرالد فايرستاين

> أدى مقتل علي عبد الله صالح العنيف في 4 ديسمبر، بعد انتهاء عطلة نهاية الأسبوع في صراع مكثف في العاصمة اليمنية صنعاء، إلى إنهاء مهنة مدتها ثلاثة عقود للزعيم السياسي المهيمن في اليمن منذ تأسيس الجمهورية في عام 1962، وسوف يتذكر الجميع الخير الذي فعله، مثل توحيد اليمن في عام 1990، وتشجيع العديد من الخطوات لتحديث البلاد على مدى حكمه، لكنه سوف يتذكر أيضاً البعض الأشياء السيئة. حكم صالح الفاسد حرم الشعب اليمني من مليارات الدولارات التي كان يمكن أن تستخدم لدفع التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وعدم قيامه بتعزيز التنمية المؤسسية الحقيقية تركت البلاد غير مستعدة لمواجهة مابعد الانتفاضة الشعبية في عام 2011 التي أجبرته للخروج من منصب الرئاسة.
ولم يتقاعد صالح بهدوء بعد استقالته في عام 2012، فقد ناور صالح من أجل تقويض خليفته عبدربه منصور هادي، وعرقلة الانتقال السياسي الذي قبله في عام 2011. وفي نهاية المطاف، فإن جهوده لاستعادة منصبه في أعلى التسلسل السياسي في اليمن أدى إلى تحالفه غير المحتمل مع أعدائه الحوثيين.
لم يكن أبدا ترتيب مريح، ومع مرور سنوات الصراع التي طحنت الكل، ارتفع مستوى انعدام الثقة بين الطرفين حتى تمكن الحوثيين بنجاح من عزله وتهميشه. وكان هذا هو الواقع الذي أدى إلى المأساة المذهلة فمناورة صالح في نهاية الأسبوع للتخلي عن حلفائه الحوثيين والسعي إلى التقارب مع السعوديين وتحالفهم فشلت. كانت مناورة صالح “الرجل الذي رقص على رؤوس الثعابين” الأخيرة التي فشلت بشكل مذهل.
أين يترك هذا اليمن؟ ربما ليس في موقف مختلف تماما مما كانت عليه قبل أحداث عطلة نهاية الأسبوع. وبينما انضم صالح إلى الحوثيين في عام 2014 كشريك متكافئ وأضاف للشراكة مع الحوثيين قدرات عسكرية وجلب الدعم القبلي، نجح الحوثيون في القضاء على ميزته على مدى الشهور والسنوات التي تلت ذلك. حيث قام الحوثيون باختراق الوحدات الموالية لصالح، بما في ذلك الحرس الجمهوري، ووضعوا أتباعهم محل الموالين الصالح في صفوف الضباط. عندما بدأ الصراع، كانت قوات علي عبد الله صالح قادرة على استخدام صواريخ سكود في القتال، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود إلى السعودية. في الأسابيع الأخيرة، من الواضح أن الحوثيين كانوا هم في قيادة ترسانة سكود اليمنية، واستفادوا من التدريب والمساعدة من الحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله.
في حين أن الوحدات المتبقية الموالية لصالح قد تتخلى عن الحوثيين وتضافر جهودها مع التحالف المناهض للحوثيين، فإنه ليس من الواضح أن انشقاقهم سيغير التوازن في المأزق العسكري الذي دام عاما كاملاً بين الحوثيين وقوات "الحكومة/التحالف العربي".
القبائل، التي تضع أصبعها دوماً في السماء لتعرف اتجاه الرياح، ستكون مترددة في ارتكاب انتفاضة مناهضة للحوثيين في غياب دلائل واضحة على أن الانتفاضة سوف تنجح.
وبالمثل، من السابق لأوانه الحكم على ما إذا كانت نهاية الائتلاف الحوثي - صالح ستؤثر على آفاق التوصل إلى حل سياسي للنزاع أم لا. وعلى الرغم من أن العديد من اليمنيين والمجتمع الدولي كانوا يأملون منذ زمن طويل في أن يجلب صالح الحوثيين إلى طاولة المفاوضات ويساعد في إبرام اتفاق لاستعادة الانتقال السياسي، فإن هذا التفاؤل بدا مبالغا فيه دائما. ومن خلال ثلاث جولات من المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، لم يكن هناك دليل على أن صالح كان له أي تأثير على مواقف الحوثيين التفاوضية.
ولكن، في القضاء على الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أدخل الحوثيون تعقيدا في وضعهم. غيابه من المشهد يحرم الحوثيين من وجود رمزي مهم يعطيهم بعض المصداقية كحركة عريضة القاعدة تدعو إلى حكومة جيدة وتعارض الفساد. وبدون صالح، سيتم النظر إلى الحوثيين بشكل أكثر تجرداً كحركة شيعية طائفية موالية لإيران مع طموحات طائفية لإعادة تأسيس الإمامة الشيعية الزايدية التي حكمت اليمن الشمالي حتى عام 1962. هذه ليست رؤية تستدعي معظم اليمنيين.
وهكذا، من المرجح أن يعاني الحوثيون من مزيد من التدهور في دعمهم الشعبي، الذي تراجع بالفعل نتيجة للصراع الذي يبدو بلا نهاية ومشاركتهم المتصاعدة في الفساد وتكتيكاتهم العنيفة والمسيئة ضد السكان المدنيين. والسؤال الكبير هو ما إذا كان هذا الواقع الجديد سيجبرهم على العودة إلى طاولة المفاوضات أو يؤدي إلى تعنتهم.
الحرب الأهلية في اليمن ستنتهي في نهاية المطاف كما تفعل كل الحروب. نتيجة أخرى لقتل صالح سيكون تأثيره على الحركة السياسية التي أسسها، المؤتمر الشعبي العام، الذي كان لثلاثين عاما الحزب الحاكم في اليمن. فعندما يحين الوقت لجلب الموظفين الأكفاء والخبراء في الحكومة لبناء المؤسسات وتشغيل دولة حديثة، فإن المؤتمر الشعبي العام فقط سيكون لديهم المهارة والخبرة اللازمة لاتخاذ متطلبات الحوكمة. ماالذي سيحدث للحزب مع ذهاب صالح، هذا سيكون الاعتبار الرئيسي في المفاوضات في المستقبل. في حين أن ابن صالح، أحمد علي، من المرجح أن سيسعى لقيادة الحزب، وهناك القليل من الأدلة على أن لديه مهارات والده السياسية أو القدرة. وبالتالي، ستكون هناك حاجة إلى قيادة جديدة.
مما لا شك فيه أن الفهم هو أن الحوثيين يقومون الآن بعمليات إعدام في جميع أنحاء صنعاء تهدف إلى القبض على الموالين لصالح أو قتلهم. وهذه علامة مشؤومة على مستقبل اليمن.
*السفير. جيرالد فيرستين كان السفير الأمريكي الأسبق في اليمن وهو مدير معهد الشرق الأوسط لشؤون الخليج والعلاقات الحكومية. تقاعد من الخدمة الخارجية الأمريكية في مايو 2016. / ترجمة خاصة بـ«الأيام».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى