عشرات الجرحى المعاقين وذوو الشهداء يحتجون أمام قصر معاشيق لمطالبة الحكومة بصرف المرتبات

> تقرير/ رعد الريمي

> حينما هرولت المليشيات الانقلابية إلى عدن وبقية المحافظات الجنوبية لاجتياحها في حرب 2015، تجر أمامها ترسانة ضخمة من الأسلحة والآليات العسكرية، لم يستكين أبناء عدن والمحافظات الأخرى البواسل لذلك العدوان الغاشم ولم يخضعوا له، وكانوا سدا منيعا وسياجا فولاذيا حول مدنهم ومناطقهم، وواجهوا تلك المليشيات بأسلحتهم الشخصية، وسطروا أروع الملاحم البطولية في التصدي لذلك العدو البربري، حتى تمكنوا من طردهم يجرون أذيال الهزيمة، بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية ودولة الامارات، ودفع أبناء الجنوب ضريبة لذلك الصمود الأسطوري سقوط العديد من الجرحى والشهداء، الذين رووا بدمائهم الزكية تربة أرضهم الطاهرة.. إلا أن للأسف الشديد لم يلق جرحى تلك الحرب وأسر الشهداء الجزاء الأمثل والرعاية التي تليق بتضحياتهم الجليلة.. ومع تزايد المعاناة وتزايد الإهمال اضطر الجرحى وأسرهم وأسر الشهداء، للنزول إلى الشوارع للفت الانتباه حول أوضاعهم المعيشية والصحية السيئة، وتنفيذ العديد من الاجتجاجات لمطالبة الحكومة بتنفيذ التزاماتها تجاههم بما يكفل العيش الكريم.

وتجمهر أمس العشرات من الجرحى المعاقين أمام قصر المعاشيق بعدن، للمطالبة بالمرتبات والمستحقات التي تمتنع السلطات الحكومية عن صرفها. قال وكيل محافظة عدن لشؤون الشهداء والجرحى، علوي النوبة، والذي كان يتقدمهم في كلمة له في الوقفة الاحتجاجية: “إن وزاة الدفاع لم تستجب للخطابات المرسلة إليها بشأن التعزيز المالي لمرتبات جرحى الإعاقة الدائمة ومستحقات الشهداء”.
وأوضح الوكيل أن وزارة الدفاع هي الجهة المسؤولة عن صرف مستحقات الجرحى المرقمين وفق إجراءات رسمية وتوجيهات حكومية.
وقال: “تواصلنا مع وزارة الدفاع بأكثر من مذكرة وأكثر من خطاب، كونها الجهة المسؤولة عن التعزيز المالي، ولكن للأسف إلى الآن لم نجد أية استجابة”.
وطالب الجرحى المحتجون الحكومة ممثلة بوزارة الدفاع بسرعة استكمال إجراءات التعزيز المالي والصرف، وكذا صرف مكرمة الملك سلمان، التي حُرم منها كثير من الجرحى وأسر الشهداء.
ورفع المحتجون لافتات جاء في إحداها: “نطالب رئيس الحكومة بسرعة صرف مكرمة جرحى الحرب الأبطال”، وقالوا في لافتة أخرى: “يا حكومة، عام كامل وأسر الشهداء بدون مرتبات”، وفي لافتة: “نطالب رئيس الوزراء بسرعة ترقية جرحى الحرب العسكريين والموظفين”.
وقال النوبة: “اليوم خرجت أسر الشهداء والجرحى في هذه الوقفة الاحتجاجية تنديدا بما طالهم من إهمال، وللمطالبة بأبسط حقوقهم التي مضى عليها أكثر من سنتين ونصف وهم محرومون منها، حيث لم يستلموا أي مستحقات وهم يعانون الأمرين”.
وأضاف “لي الشرف أن أكون وسط هؤلاء الضحايا الأبطال، ولي الشرف أن أتحلى ولو بنصف شجاعة الذين هم طريحو الفراش ومقعدين بسبب الإصابة”. وتابع: “يعاني الجرحى كثيرا، فبعضهم طريح الفراش وبعضهم فقد بصره وآخر بات مقعدا، وبعضهم حضر للوقفة وبعضهم لم يستطع، وكل هؤلاء لم يتحصلوا على مرتباتهم ولا مكرمة ولا مستحقات، فمن المعيب اليوم أن تتعامل الحكومة مع هؤلاء الذين ضحوا من أجل الوطن، وعجزنا نحن أن نكون بشجاعتهم في يوم من الأيام، فهل بعد كل ذلك نظلمهم ونحرمهم حقوقهم”. وقال: “إننا كسلطة محلية استكملنا توثيق البيانات وقاعدة البيانات ورفعناها لرئاسة الوزراء، وبموجب هذا الاستكمال يكون قد آن الأوان لكي تقوم رئاسة الوزراء بدروها والتوجيه بالتعزيز المالي لوزارة الدفاع كون الجرحى وأسر الشهداء يحملون أرقاما عسكرية رسمية وقانونية وفق إجراءات سليمة”. وطالب النوبة رئيس الوزراء بتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية القاضية بالتوجيه لوزير المالية لاستكمال إجراءات التعزيز المالي الخاص بمرتبات الجرحى المرقمين أسوة بمأرب وبقية المحافظات”.

وناشد ضرورة ترتيب الدعم النفسي لجرحى الحرب، وكذا الدعم بالمستلزمات الطبية، “كون هذه المتطلبات هي أبرز ما بات يحتاجه الجرحى، وكذا اعتماد المستحقات الخاصة بأسر الشهداء الذين مضى عليهم عام كامل بغير مرتبات”.
وتقول نبيلة أحمد (أم شهيد سقط في المخا): “أولادنا شهداء قتلوا في المخا ولهم سنة بغير رواتب ولا إكرامية ولا مبالغ، فهل بعد التضحية بأولادنا هناك تضحية أغلى، فلماذا لم يرد لنا - كأسر شهداء - جزء مما ضحينا به في سبيل الوطن”. وتضيف: “وليت الأمر اقتصر على ذلك، بل خلف لنا أولادنا الذين استشهدوا أولادهم وهم الآن أيتام، فهل يليق بمن ضحوا بأسرهم وأهاليهم أن يعاني أهاليهم وزوجاتهم وأبناؤهم هذه المعاناة، إننا ومن هذه الوقفة نطالب بحقوق أولادنا وهي مطالب بسيطة مقارنة مع شهداء ضحوا بأرواحهم”.
مريم صالح (زوجة جريح مقعد في البيت) تقول: “زوجي جريح مقعد لم يستلم أي مبلغ ولا حتى الراتب الأساسي لكي يعين نفسه أولا كجريح حرب، بعد أن أصبح حاله كغيره من الجرحى الذين باتوا يعانون الأمرين، مرارة العلاج في هذه المدينة التي لا يرتقي فيها مستوى العلاج للمطلوب وانعدام الراتب”.
وقال أنيس القرشي (مندوب شهداء وجرحى أبين): “إننا نطالب رئيس الجمهورية ودولة رئيس الوزراء بصرف مستحقات المرحلة الثالثة للشهداء والجرحى على وجه الخصوص ومرتبات ومستحقات المرحلة الأولى والثانية لأكثر من عام، وكذا المكرمة السعودية 5000 ألف ريال سعودي للشهداء والجرحى الذين اُستثنوا”.

وجاء في بيان أصدره وكيل المحافظة لشؤون الشهداء والجرحى: “اليوم بعد مرور ثلاث أعوام وباعتباري وكيلا للشهداء والجرحى نتشرف أن نلبي دعوة الجرحى والوقوف معهم للمطالبة بتنفيذ توجيهات فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي بسرعة إطلاق رواتب إخواننا الجرحى ذوي الإعاقة الدائمة والمكرمة المقدمة لهم، وأيضا دفع رواتب الشهداء المنقطعة منذ عام”. وأكد البيان أن الوقفة الاحتجاجية أمام قصر معاشيق “تأتي تلبية لدعوة جرحانا الأبطال للوقوف معهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة، خاصة بعد أن استكملنا من جهتنا كسلطة محلية كل الإجراءات المتعلقة بقاعدة بيانات رسمية توثق كل جريح وشهيد ومتابعة كل ما يتعلق بالجرحى والشهداء من خلال مكاتب مخصصة في هذا الصدد”. وطالب البيان رئيس الوزراء بتنفيذ توجيهات الرئيس عبدربه منصور هادي القاضية بسرعة صرف مكرمة الملك سلمان المخصصة لجرحى الحرب المعاقين.
ولفت البيان إلى “الواجب الذي يجب أن تضطلع به الدولة تجاه الجرحى وأسر الشهداء من خلال التكفل بالتأمين الصحي لأفراد أسر الشهداء، وتفعيل قانون رعايتهم ومنح أبنائهم الأولوية في التوظيف وفي المنح الدراسية والعلاجية”. كما طالب البيان الصادر من مكتب وكيل المحافظة لشؤون الشهداء والجرحى بالعاصمة عدن ومكاتب شؤون الشهداء والجرحى في كل من: لحج - الضالع - أبين، رئيس الوزراء بتنفيذ توجيهات فخامة الرئيس بسرعة اعتماد التعزيز المالي لمرتبات الجرحى المعاقين، وصرف مرتباتهم ابتداء من هذا الشهر ( ديسمبر)، وكذا قرار الترقية للجرحى العسكريين والموظفين بثلاث درجات.

وقال البيان، الذي حمل مطالب الجرحى وأسر الشهداء: “نطالب رئيس الوزراء بتفعيل رحلات إخلاء طبي إلى الخارج للجرحى الذين يحتاجون لاستكمال العلاج، والتكفل بعلاجهم، بالإضافة إلى إنشاء صيدلية مجانية للجرحى المعاقين طريحي الفراش المقعدين في منازلهم بغرض تأمين متطلباتهم من المستلزمات الطبية التي يحتاجونها بشكل يومي".
ويطالب مكتب وكيل العاصمة عدن لشؤون الشهداء والجرحى رئاسة الوزراء بالتوجيه بإرسال تعزيز مالي بمبلغ 73 مليون ريال يمني هي مرتبات شهر ديسمبر للشهداء وجرحى الإعاقة الدائمة الذين تم ترقيمهم في القوات الحكومية بتوجيهات رئاسية، غير أن الحكومة ممثلة برئيسها أحمد عبيد بن دغر تمتنع عن تنفيذ التوجيهات وتعرقل أي جهود للسلطة المحلية بشأن استكمال إجراءات صرف المرتبات.
الجدير ذكره أن رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر رصد مبلغ مليون دولار أمريكي للجنة طبية اقتصرت على حصر الجرحى في محافظة تعز الشمالية. كما أن جرحى الحرب في محافظة مأرب وعدد من المحافظات الشمالية يستلمون مرتباتهم شهريا وبإجراءات مسهلة.
ويعاني آلاف الجرحى وذوو الشهداء في محافظات عدن ولحج وأبين والضالع ظروفا صعبة جراء إصابة بعضهم بإعاقات دائمة لزموا معها الفراش، ولم يتمكنوا من إعالة أسرهم أو توفير المستلزمات الطبية التي يحتاجونها.

ويقول مسؤولون في السلطة المحلية بعدن وأهالي جرحى إن “تخاذل الجهات الحكومية عن رعاية الجرحى المعاقين صعّب حياة المقعدين، وباتوا غير قادرين على توفير المستلزمات الطبية. كالحفاظات والعلاجات البسيطة".
ويظل السؤال المطروح: إلى متى سيظل الجرحى وأسر الشهداء يستجدون حقهم من حكومة لا تعرف معنى التضحية، وفقط تفقه التلسق على رقاب أولئك الأبطال؟
وتشير التقارير الحديثة الصادرة عن الدائرة إلى أن عدد الجرحى 8900 جريح تم ترقيم 1200 من أصل 3000 يعانوا من إعاقة دائمة.
تقرير/ رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى