وهم العلاقات الخارجية لن يحقق نجاحا للقضية الجنوبية

> كتب/ المراقب السياسي

> إن أعمال المجلس الانتقالي بحاجة ماسة إلى مراجعة داخلية تضمن استمرار زخم المجلس ووصوله إلى تطلعات شعب الجنوب الحر الأبي.
في الفترة الماضية ركز المجلس على بناء مكوناته الداخلية، ومهما شابها من عيوب فإنها قابلة للإصلاح، ليستوعب المجلس الطيف الجنوبي كاملا، فمهما تعددت أطياف الجنوبيين فإن هدفهم واحد بمسميات مختلفة.
لقد أغفل المجلس الجانب السياسي الديبلوماسي في التعامل مع الدول الكبرى خارج حدود البلاد، فسفارات دول مثل بريطانيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وكندا تعلم بوجود المجلس الانتقالي، لكنها لا تعلم ما هو المجلس، وما الذي ينوي عمله في المستقبل.
وقد استغلت أطراف سياسية يمنية هذا القصور بحكم وجودهم ووجود كل تلك السفارات في المملكة لتقديم صورة مشوهة عن المجلس الانتقالي الجنوبي، بأنه مجلس عدواني ولديه مليشيات مسلحة تقوم بتهديد وتوسيع حالة انعدام الاستقرار في الجنوب، وهو في الحقيقة عكس الموجود على الأرض، فالمجلس هو صمام أمن الجنوب، بينما عدة أطراف سياسية تحاول يشتى الوسائل زعزعة الأمن في المناطق المحررة بالجنوب.
إن الحديث الى أي من هؤلاء السفراء الغربيين والدوليين يؤدي إلى السؤال الأول لهؤلاء الأجانب "ما هي رؤية المجلس السياسية؟" أما السؤال الثاني فهو "هل يهدد المجلس الأمن والسلم في الجنوب؟".
إن مثل هذا التساؤل يعكس خللا كبيرا في أعمال المجلس، فإما إن بعض أعضاء رئاسة المجلس غير عالمين بالعمل السياسي، وهذه كارثة، أو أن السياسيين في المجلس غير آبهين بأعمالهم، وهي كارثة أكبر.
العمل السياسي هو رؤية ملزمة للسياسي تجاه الشعب أولاً، والعالم الذي نعيش فيه ثانيا، ويضمن من خلالها المتعامل مع المجلس نوعا من القواسم المشتركة للمصالح.
المجلس الانتقالي هو تجربة جنوبية رائدة، فلأول مرة يشكل جنوبيون جسما سياسيا قادرا على التعامل مع الجميع، والتعيينات التي شملت أعضاء الرئاسة والجمعية الوطنية والمكونات الأخرى للمجلس هي تعيين وليست تخليدا، وليس من العيب التغيير، بل هو ضرورة ملحة لاستمرار المجلس ونجاحه.
لقد مل الجنوبيون من صور مقابلات السفراء الأجانب مع الجنوبيين من مختلف توجهاتهم، فالحقيقة اليوم أن سفراء تلك الدول يقولونها بوضوح بشكل شخصي وعلانية نحن ضد الانفصال، باستثناء دولة واحدة، وهناك الكثير من العمل السياسي المضني أمام الجنوبيين لإقناع العالم بتلبية تطلعاتهم.
ولكم في جنوب السودان عبرة، فالمقاومون السودانيون نسجوا شبكة علاقات خارجية حتى حضرت هيلاري كلينتون حفل الاستقلال داخل جنوب السودان، في دلالة واضحة على الدعم الأمريكي لعملية الانفصال، أما الجنوبيون فلم يصلوا إلى ذلك المستوى بعد، ولن يصلوه بالتمني، ولكن بعمل سياسي متناسق وشاق.
إن السفراء الأجانب ينظرون اليوم إلى الشرعية بازدراء، بل إنهم يقولونها صراحة في أحاديثهم الخاصة مع اليمنيين بأن الشرعية لا تستحق الدعم، أما عن الانتقالي، فأكثرهم حياء يقول لك نحن لا نعرف شيئا عن الرؤية والتوجهات السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي.
إن التفوق في العمل السياسي الديبلوماسي خارج اليمن ليس بيد الشرعية، على الرغم من امتلاكها لوزارة خارجية وسفراء واعتراف دولي، بل هو بيد الانقلابيين الحوثيين، فهم اليوم يتعاملون مع الكل ويمدون السفراء ومراكز البحث والمنظمات بتقارير يومية تشرح وجهة نظرهم، ويقول المثل "التكرار يعلم الشطار"، وفي إعلان الخارجية الأمريكية قبل أيام، أن الحوثيين يجب أن يكونوا ضمن التسوية السياسية المقبلة، دلالة واضحة على حجم تأثيرهم.. ووصول نائب المبعوث الأممي إلى صنعاء هو دلالة أخرى على أهمية الحوثيين السياسية، حيث لم يصل نائب المبعوث إلى عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى