عدن.. مدينة الفضائل

> جمال حسين عبدالباري

> عدن سيدة الموانئ، وعروس البحر، هي المدينة الفاتنة الساحرة التي أسرت كل القلوب، وكل من جاء إليها لا يريد أن يفارقها حتى يوارى جثمانه ترابها الطاهر الزكي.. كم أعجبت بتلك الكلمات الدقيقة الرقراقة التي كتبها القامة الأدبية الأستاذ القدير نجيب يابلي - حفظه الله - عن فضائل عدن وهي:
- من دخلها جائعاً شبع.
- من دخلها عارياً اكتسى.
- من دخلها خائفاً أمن.
- من دخلها جاهلاً تعلم وتفقه.
ولا أبالغ لو كتبت هذه الكلمات الرائعة بماء الذهب، ويتم تعليقها بيافطات عريضة في مداخل هذه المدينة التاريخية، ليعلم من جهل، وليتذكر من نسي.. أعرف رجلاً ثمانينياً طاعناً في السن قد ترك بلاده هرباً من الحكم الإمامي المُستبد وذلك في الأربعينات، وجاء شاباً يافعاً في الخامسة عشرة من عمره، وحط رحاله في عدن، ثم تزوج وكون أسرة كبيرة وعاش فيها معززاً مكرماً حتى بلغ ما بلغ من عمره، سألته ذات يوم: ماذا رأيت في عدن يا والدي؟ فأجابني بدون تفكير:
(عدن التاريخ والحضارة، هي الأم التي احتضنت من كل أطياف وأجناس الناس منذ زمن، هي مدينة العلم والمحبة والسلام، ولم أرَ قط مدينة رائعة مثلها في حياتي)،
وإني - والله - أتعجب من بعض أقوام منهم من يستنكف ويستنكر ويدير ظهره لهذه المدينة الجميلة التي في يوم ما شرب من مائها العذب، وتنفس من هواها، وتمرغ في ترابها الطاهر، وتعلم وتفقه فيها، بل واستنفع منها، فتراه في الأخير جاحداً وناكراً للمعروف، "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان".
لقد تناسى بعضهم - وللأسف - أن عدن كانت قبلة للشعوب كافة، وقد تقاطروا إليها فرادى وجماعات للتجارة والعلم والتفقه في الدين أو للتوطن والإقامة، فكانت ولا زالت (أرض الخير) لكثير منهم، تباركت بهم وتباركوا بها، فأصبحت كما قال آنفاً ذلك الشيخ العجوز هي الأم والوطن والملاذ، مما يجعل الاعتزاز والافتخار بالانتماء لتربة عدن وأهلها وعلى من يعيش فيها، فهي مدينة الترويض الإنساني للقادمين إليها من مختلف أنواع البشر.
هذا أمر ليس بجديد على مدينة تاريخية أزلية عمرها يزيد على ثلاثة آلاف عام.
وأهل عدن هم البسطاء، وهم السهل الممتنع في تعاملهم الراقي ومشاعرهم الفياضة الصادقة، أخلاقهم ليست مصطنعة، بل هم يتعاملون على سجيتهم وطبيعتهم، فأخلاقهم حضارية إسلامية عربية أصيلة، جُبلت فيهم واختلطت بدمائهم، وورثوها عن آبائهم وأجدادهم الذين كبرت بهم عدن وكبروا بها.
اللهم احفظ عدن المحرومة، واحفظ رجالها الأوفياء، واحفظ شبابها الأبطال.. اللهم احفظ وبارك في نسائها وأولادهن الصغار ، واحفظ اليمن قاطبة.. اللهم آمين.
جمال حسين عبدالباري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى