عُدتُ بعد أن أصبحت جائعة

> مريم العفيف

> هو لم يكن قط يدعي الصدق وإن كانت ملامحهُ غليظة ونبراتهُ قاسية، لطالما أخبرني أني من ملائكة السماء، قال لي إن هذهِ الروح التي بداخلك لن تؤذي أحداً هي فقط ستكون جائعة للانتقام المفرغ منك، أخبرني أن المرأة الجميلة هي التي تعانق سحب السماء بتفردها الأنثوي، كان يؤمن بي كثيراً إلى حد غيرة كل من هم حولنا مني ووقتها لم أكن أعرف أن الغيرة كورم خبيث يأكل القلوب ليهجرها سلام الحب، أخبرني أنني سأعود طفلة أحن لحديث أمي ولمسة يدها، وأصابعها التي ما إن تشبك بشعري تشعرني بطمأنينة لا مدى لها، أخبرني أنني سوف أشتاق لتلك الحمامة الصغيرة التي كانت تلف من شريطة بيضاء على شعري.
تنهدت طويلاً وتذكرت حين وعدتني أمي أنها لن توقف دعواتها لي، وأخبرتني أنني سأرفض ملياً أن أقص لو شعرة من خصلاتي التي تصل أسفل ظهري لأنني أشبهها كثيراً فهي تعشق ظفائري التي ازداد بها جمالاً.
أخبروني أن قطعة الحلوى الصغيرة التي كانت تسرقها مني بنت جارتنا ستصبح قطعة حلوى كبيرة وأنني سوف أتمنى لو أنها معي كي أعطيها قطعة تفوق حجم تلك التي كانت تبث المشاجرات بيننا وكانت تسبب قطع الوصل والود، كانت جزءًا من بداية الحرمان الذي لم نعِ في وقتها أن الحياة أنانية جداً تكره العلاقات الجميلة.
كرهت قطعة الحلوى وكرهت دموعي وكرهت صراخي وكرهت كل شيء كان يمنعني من أن أستمتع بلحظاتي تلك، كرهت لعبتي حتى، وكرهت ابنة عمتي التي كانت تشجعني على خصام بنات حاراتي، ورأيت حين كبرت بسنين أن تأثير الكره كتأثيرها عليّ وليس من العقل أن أخسر مرتين، وعادت بي روحي إلى أن أتذكر الهمسات الطيفية التي أعادت لي اتزان مشاعري كتبت لهما.. «عدت.. وسأكون بخير».
مريم العفيف

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى