المشهد في تعز أكثر مأساوية وقذائف الحوثيين ترسم لوحة دامية لحياة الكثير من الأطفال

> تقرير / صلاح الجندي

> المشهد في تعز أكثر دموية والصورة اصبحت أكثر ايلاما ومن بين القذائف الواقعة على المدنيين وضجيج الحرب الذي لا يهدأ، يعلو صراخ الاطفال وخوفهم من شبح الموت، الموت الذي يغتال نشوه الطفولة ويسلبهم حياتهم، ويجب على المنظمات ان ترفع رصيد الانتهاكات الإنسانية على المليشيات الانقلابية في تعز، ليضاف ذلك إلى قائمة طويلة من الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين.
منذ ثلاثة أعوام والحرب مستعرة، الدمار لحق بالمدينة جلها، والموت حصد أرواح الكثيرين، والأبرياء وحدهم من يدفع الثمن، يدفعون حياتهم ثمنا رخيصا للرصاص المتناثر في الأزقة والشوارع، وللقذائف المتساقطة على الحارات الآهلة بالسكان من قبل أعداء الحياة، من لا يعرفون مبادئ الحرب والقتال، فينتقمون من الابرياء، الذين لا حول لهم ولا قوة، واصبحت الصورة في تعز: ابرياء غارقون في الدموع وآخرون تمزقت اجسادهم واضحت اشلاء.
*هروب من الموت
تتعرض يوميا الكثير من الأحياء السكنية في تعز للقذائف المستمرة من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية والتي راح ضحيتها مئات الأبرياء من الاطفال والنساء، فلا يخلو بيت في تعز من المعاناة والمأساة التي تخلفها هذه القذائف.

في ايام العطلة المدرسية يذهب رداد الى الجبل الذي بجوار قريته يرعى الاغنام بحذر شديد خوفا من وجود لغم في ذلك المكان الذي كانت المليشيات قد سيطرت عليه في وقت سابق.
لم يدرك رداد عبده أحمد والذي يبلغ من العمر 13 سنة، أن قذائف الموت الحوثية ستلاحقه الى ذلك المرعى القريب من منزله، حيث سقطت احدى القذائف على الجبل في قرية الميهال بمديرية جبل حبشي مطلع الاسبوع الأول، وخلال هروب رداد عند سماع دوي القذيفة سقط من الجبل، ما أدى الى كسر قدمه اليسرى، واصابات متعددة بالوجه والرأس، حسب افادة أحد الأطباء في مستشفى الثورة.
نقل رداد الى مستشفى الثورة العام بتعز وحالته سيئة صحيا ونفسياً، جراء الخوف الذي اصابه حين سقطت القذيفة في الجبل، فجعلت منه القذيفة جسدا موجوعا وروحا مفزوعة كغيره من الاطفال الذي يصحون وينامون على اصوات هذه القذائف.
ويصف د. مروان البخيتي، أحد اطباء قسم الطوارئ في مستشفى الثورة، حالة الأطفال في تعز بالمأساوية، موضحا انهم في قسم الطوارئ يستقبلون الكثير من الاطفال الذين اصابتهم قذائف المليشيات وهناك اطفال قتلوا جراء تلك القذائف.
ويضيف د.مروان "هكذا هي حياة اطفالنا وهم يقضون أوقاتهم وايامهم تحت ضجيج القذائف في مدينة تعز المنكوبة".
*جرائم حرب ضد الطفولة
لم تكف المليشيا عن بث الخوف وتوزيع الموت، قبل أيام سقطت قذيفة على تجمع للأطفال في أحد احياء تعز شارع 24 المجاور للدفاع الجوي، واستشهدت الطفلة سارة، اضافة للأحياء المجاورة كحي شعب الدبا وحوض الاشراف الذي بات موطنا لقذائف الرعب التي تصدرها مليشيات الموت من اماكن سيطرتها.
وفي حي الضباب ارتكبت المليشيات الانقلابية مجزرة دموية اهتزت لها الإنسانية، بعد أن قصفت قرية "شحط" بمنطقة الضباب بصواريخ الكاتيوشا، من أماكن تمركزها في مفرق شرعب شمال تعز.
وحصدت صواريخ المليشيات التي سقطت على منطقة الضباب قبل اسبوع امرأتين وطفلا وطفلة، وجميعهم من اسرة المواطن عبدالله عبدالخالق الراعي الذي يبيع الجبن كل يوم بجوار محطة الكباب في منطقة الضباب غرب تعز.

كما استهدفت المليشيات الانقلابية بقذيفة هوزر شارع الضبوعة في تعز، قبل خمسة اشهر، ووقعت في الحي الذي كانت تتواجد به الطفلة ملاك جميل (8 سنوات)، ما أدى إلى اصابتها وقطع يدها اليمنى، ورسمت فيها مشهدا مأساويا للطفولة المهدورة، حين اصبحت ملاك بيد واحدة، بعد أن بترت يدها الأخرى، غير أنها وبعزيمة قوية، تحدت هذه الاعاقة، وتحدت قبح المليشيات التي ارادت لطفولتهم الموت، وواصلت دراستها وحققت المراتب الاولى بين زملائها، كما افادت والدتها.
لم ترحم الحرب وأدواتها الاطفال، فهي تنثر رعبها في كل الأحياء والشوارع، ويمسي ويصبح ابناء هذه المدينة مذعورين في انتظار سقوط اي قذيفة على منازلهم وشوارعهم.
في مشهد مأساوي سقط صاروخ المليشيات الانقلابية على منطقة العين بمديرية الشمايتين بريف تعز، وادى لسقوط عدد من الضحايا من عدة اسر في المنطقة، وهم الطفل محمد ياسين شرف البالغ من العمر 9 سنوات، والطفلة داليا منصور شرف 11 سنة، والطفل باسم منصور شرف 13 عاما، و الطفلة ماريا جميل حليس 16 عاما، والحاج ياسين شرف محمد البالغ 57 عاما.
جميعهم اصابهم الصاروخ بإصابات خطيرة ومختلفة، ونقلوا الى مستشفى الثورة العام بتعز، البعض منهم حالتهم حرجة كونهم من أسر معدمة وفقيرة، ورصدتهم تقارير المنظمات الدولية في عام 2011 بأنهم تحت خط الفقر، وفي بداية 2015م وضعوا في قائمة العشرة ملايين مواطن الذين يعانون سوء تغذية، وفي 2017م احتضنتهم قائمة المجاعة واليأس والخذلان.
أم داليا منصور تقول بصوت مُوجوع: "لم يكتفوا بقتلنا بالرصاص والقناصات، لماذا يلاحقونا بالصواريخ، ماذا يريدون منا؟!، نحن اسر فقيرة، الآن يلاحقوننا واولادنا ويعمدون الى حرق بيوتنا!".

وناشدت أم داليا الحكومة والتحالف النظر الى معاناة تعز والاسراع في تحريرها من وحشية المليشيات.
بحسب معلومات عسكرية فإن الصاروخ الذي اطلقته المليشيات وسقط بالمكان من نوع كاتيوشا ومن مخازن الجيش اليمني الذي تحت سيطرة الانقلابيين".
أما الجريح ياسين شرف محمد البالغ من العمر 57 عاما، فكان قبل اصابته بقذيفة المليشيات الانقلابية مصابا بالشلل النصفي الذي أقعده على فراش المرض، والذي ضاعف وجعه اصابته بجروح بعد سقوط الصاروخ، ما جعل ياسين نموذجا للضحايا المدنيين، الذين يجب ايصال معاناتهم للجميع للنظر في وضعهم البائس وحالتهم الصحية المتدهورة.
ياسين رب الأسرة التي اصابتها شظايا الصاروخ، يعول أسرة من 10 أفراد، وهو من أبناء عزلة بني يوسف قرية المحبس، أصابته جلطة في وقت سابق، لم تمكنه من العلاج بسبب حالته المادية، ما ضاعف حالته الصحية حتى أصابه الشلل النصفي، وهو الان يحتاج لأيادي بيضاء تخفف عنه ما يعانيه.
بقلب مكلوم قال ابن عم ياسين: “كان ياسين نائما في فراشه الذي لا يغادره بسبب الشلل النصفي، وبعد سقوط الصاروخ تعرض للإصابة مع بقية اسرته".
تقرير/ صلاح الجندي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى