«الأيام» ترصد رأي الشارع ومطالبهم بعد أحداث يناير عدن.. عودة الاستقرار

> رصد/ رعد الريمي - رصد/ فردوس العلمي - وئام نجيب

> عادت الحياة إلى طبيعتها أمس في مدينة عدن، ولم تسجل أي مناوشات مسلحة بين الأطراف.. العودة لم تقتصر على الحركة اليومية الطبيعية لدى الناس لكسب قوتهم، بل شملت عودة عمل عدد من المرافق الحيوية كالميناء وإدارة أمن عدن والبحث الجنائي والمعاهد المهنية وانتشار رجال المرور وغيرها من المرافق.
وكانت العاصمة عدن شهدت يومي الأحد والإثنين الأسبوع الجاري اشتباكات مسلحة بين قوات تابعة للحماية الرئاسية وقوات تابعة للمقاومة الجنوبية عقب منع متظاهرين قرروا الاحتجاج بساحة العروض بسبب تدهور الخدمات وتردي الوضع المعيشي بالمحافظات الجنوبية والمحررة.
وأجرت «الأيام» نزولا ميدانيا رصدت خلاله آراء عدد من المواطنين في عدد من المديريات وتحديداً بمديريتي المنصورة والشيخ عثمان، وحمل مضمون حديثهم أن عودة الحياة في العاصمة عدن لطبيعتها أمر يضع في الحسبان أن المواطن في عدن وبقية المحافظات الجنوبية لا ينشد سوى حياة كريمة، مؤكدين في حديثهم لـ «الأيام» على جملة من المطالب.
*طالبوا بمنع إهانة المواطن
يقول المواطن أحمد صالح (37 عاما) عامل قطاع خاص: «عادت الحياة ولكن مطالبنا لم تعد وهي في اعتقادي حجر الأساس، فأنا كمواطن في عدن بتُ أتكلف تبعات غياب الحكومة وعدم فاعليتها على أرض الواقع، فثلاث سنوات بعد الحرب ونحن نمنح الحكومة من الصبر وطول البال ما لم يمنحه شعب في العالم، وكل ذلك في سبيل أن تقدم الحكومة شيئا لهذه المدينة التي سكبت دماء أبنائها فداء لتحريرها من عدوان الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح».
وأضاف صالح: «يهمني بالدرجة الرئيسية أن لا أصرف على الحكومة ما أحصل عليه من معاشي، الذي تقلص بسبب الأحداث، فأنا ممن يشترون الماء حينما ينقطع، وممن يشترون الكهرباء حينما تنقطع وخاصة في فصل الصيف من خلال شراء المولد أو الطاقة الشمسية أو الوقود، وأنا ممن يشترون الغاز بسعر مضاعف حينما ينعدم من محلات بيع الغاز في الحواري وما أكثر انعدامه، وأنا ممن يشترون المواد الغذائية بسعرها المضاعف نتيجة غياب دعم الحكومة للسلع، وأنا ممن أدفع أجرة مضاعفة للنقل حينما ينعدم الوقود فيلجأ سائقو مركبات النقل لشراء الوقود من الأسواق السوداء ، وأنا من أسهم مع بقية أفراد مجتمعي في إصلاحات بعض حفريات الشوارع والطرقات حينما تتحول تلك الحفريات لمشكلة لمركباتنا، وأنا ممن أصرف على علاجي وعلاج أولادي بشكل مضاعف بعد أن انتهى التطبيب الصحي الحكومي ما ألجأنا للمستشفيات الخاصة أو السفر للخارج».
*نطمح بحياة مستقرة
من جهته قال لـ «الأيام» المواطن سالم علي (62 عاما)متقاعد: «عادت الحياة غير أن مطالبنا لم تعد معها، ونأمل وأن يكون هناك حلا جدريا للوضع بحيث يحفظ للمواطن مصالحه وأمنه واستقراره وكرامته ومعاشه».
أطفال يلعبون ويلهون بالحي
أطفال يلعبون ويلهون بالحي

وأضاف علي: «المواطن بحاجة إلى أمن واستقرار وخاصة أنه بات يفتقر لهذا الشيء منذ عقود، وهنا أود التنويه إلى شيء مهم فأنا أتحدث لك وأنا أشكو من انقطاع راتبي، أتحدث معك وأنا أفكر هل الصيف القادم سيكون مثل الصيف الماضي، أتحدث معك وأنا أشاهد أنهار مياه الصرف الصحي التي اجتاحت الشوارع وأحياء مديرياتنا، أتحدث معك وأنا أفكر في الدينمو الصغير الذي أجلب عبره الماء إلى صهريج منزلي (خزان المياه) بعد أن كنت لا أحتاجه حيث كانت تصلنا المياه بشكل مستمر.. هموم كثيرة تقف أمامي بسبب عدم استقرار الحياة، أأمل أن يتم إصلاحها».
*خوف من استثمار المطالب الشعبية
فيما يتحدث المواطن مهدي حيدر (44 عاما) موظف حكومي بمحلي لحج: «نحن شهدنا خلال اليومين الماضيين أحداثا دامية خلفت قتلى وجرحى، نسأل الله أن يرحم القتلى وأن يشفي الجرحى، غير أننا بالمقابل نحذر من استغلال مطالبنا الشريفة من قبل أي مكون أو جماعة أو طرف وخاصة أن مطالبنا مشروعة والتي نأمل أن يتم أخذها بشكل جدي، وأن تعمل الحكومة أو أي كيان على توفيرها ما لم فإنها ستبقى مشكلة لن ينعكس أي نجاح سياسي بغير توفرها».
وأضاف حيدر: «كما نأمل أن يعم الرخاء، داعين الجميع إلى تحكيم العقل والحكمة والابتعاد عن المشاحنة السياسية فنحن كمواطنين في الجنوب نفد صبرنا وخاصة في جانب الخدمات التي تحولت إلى جزء من اللعبة السياسية، وهذا سلوك قذر ولا يليق بنا كمواطنين لمدن ضحى أبناؤها في سبيل توفير الرخاء والعيش الكريم لأهله.. فنأمل أن لا يتم الضحك علينا وأن نشهد نهضة خدماتية في الجنوب.
*الجميع ينبذ الظواهر السلبية
فيما تناول المواطن نبراس علي (طالب جامعي في عدن) الحديث عن بعض الظواهر السلبية التي برزت مؤخرا في مدينة عدن كظاهرة حمل السلاح وانتشار المركبات غير المرقمة، وكذا ظاهرة قيادة المركبات ممن هم دون السن القانوني، والتعاملات السيئة في الحياة العامة من قبل المواطنين سواء في الأسواق أو في أماكن تجمعهم أو ممن هم في مراكز القيادة والدوائر الحكومية بمرافق الدولة.
وطالب نبراس في حديثه لـ «الأيام» بإزالة والتخلص من مثل هذه الظواهر السلبية التي أهانت المواطن والدولة والحياة بشكل عام، وقال: «أطلب من الحكومة وبقية الأحزاب والمكونات السياسية أن يحترموا المواطن وأن يتركوا المحسوبية والتعيينات الفئوية و الجهوية».. مشيراً إلى أن هذه السلوكيات بمثابة مرض عضال يفتك بجسد المجتمع.. كما طالب بأن يعمل الجميع لما فيه مصلحة المواطن وواقعه المعاش من خلال إصلاحات تسهم في توفير الخدمات كالجانب الصحي ومعالجة مشاكل الصرف الصحي والمياه والكهرباء والطرقات ومكافحة الجريمة والإسهام في دعم السلع التموينية لتصل إلى المواطن بسعر يستطيع معه توفير حاجياته وكمالياته.

48 ساعة مرت على عدن كانت كفيلة أن تشعل نار حرب أهلية، ولكن تحكيم العقل من شباب الجنوب في العاصمة الذين رفضوا اقتتال الأخوة أوقف شلال دم كان لا يمكن إيقافه إذا فاض..
48 ساعة كانت عدن فيها تحت النار، وعلى الرغم من أن أصوات الأسلحة الثقيلة كانت مفزعة إلا أن الناس تتجمع في أحيائهم «حوافيهم» يتسامرون ويتجاذبون أطراف الحديث مع شباب يلبسون الزي العسكري وآخرين يرتدون زيا مدنيا، والذين كان كل واحد منهم يحمل سلاحا على ظهره.
قدم أهالي الأحياء الطعام والماء لأولئك الشباب وكانوا خير ساتر لهم بعد أن تركوا مواقعهم، خاصة في منطقة القطيع والأحياء القريبة من خط النار.. كان الأهالي في النوافذ يترقبون بزوغ فجر جديد.
وعند فجر يوم الـ 30 يناير مر الكثير من الشباب يرتدون بزات عسكرية يحملون حقائبهم وكأنهم قادمون من رحلة سفر وعادوا إلى منازلهم.
صيرة
صيرة

ومجموعة من الصيادين ذاهبون إلى صيرة لتفقد مصدر رزقهم رغم ما كان من قوة الاشتباكات، أحدهم كان مترددا في الذهاب ولكنه وجد التشجيع من زملائه الذين كانوا يقولون له هذا مصدر عيشنا، وانتظرنا الفجر بفارغ الصبر لنطير إلى صيرة لنطمئن على قواربنا.. حينها انتظرنا ساعة، ساعتين، لعلهم يعودون، إلا أن الساعة تجاوزت التاسعة صباحا ولم يعودوا.. وقتها أيقنا بأن الطريق آمنة وسالكة.
جولة قصيرة صباح أمس - بعد مرور 36 ساعة من التوتر في أحياء كريتر - وجدنا فيها الحياة طبيعية، المطاعم والمحلات التجارية مفتوحة، حتى عمال النظافة استأنفوا عملهم بهمة ونشاط وكأنهم يزيلون حالة توتر عاشتها مدينة عدن خلال 48 ساعة مرت، يجمعون القمامة، يعملون بصمت، وهناك المتقاعدون ينتظرون رواتبهم أمام بوابة البريد.
عمال النظافة بعدن
عمال النظافة بعدن

أجواء عدن صباح أمس كانت جداً رائعة وفرائحية، مع زخات مطر تساقطت على الأرض لتغسل ذاك التوتر وتزيل الهموم، وتخبر الجميع بأن عدن بخير مهما حصل لها ستبقى عدن عصية.
في الطريق الممتد من منارة عدن (حي لقمان) ووصولا إلى قلعة الصمود والتصدي (صيرة) وجدنا كل شيء كما هو، لا توجد آثار اشتباكات، وكأن المطر غسلها أو أن عدن مثل بحرها تغتسل وتنظف نفسها.
حركة المواصلات كانت جدًا طبيعية من وإلى كريتر، ومن السوق إلى صيرة.. والملاحظ اختفاء النقاط العسكرية التي كانت بجانب المنارة، وفي جانب البيتزا، وبعد مدخل «فان سيتي» وجدنا نقطة تعمل على تفتيش السيارات المتوجهة إلى صيرة، وهناك وجدنا أسرًا تتنزه وتأخذ صورًا تذكارية.. اقتربنا منها وسألناها كيف عدن؟ قالت لنا إحداهن: «عدن جميلة».. وحين سألناها عن رأيها فيما حصل، قالت: «مالنا في السياسة، المهم عدن تتنفس ونحن نجد أجواء آمانة للتنزه».
صاحب بقالة سألناه عن وضع نازحات كبار في السن كن يفترشن الأرض أمام البقالة، قال: «لا تقلقي، رجوعن بلادهن».. فرحنا لهن حقيقة، وحين سألناه عما حصل من توتر أمني خلال اليومين الماضيين، قال: «نحن مالنا في هذه الاشتباكات».
المواطن منصور محمد قال: «الحمدلله كنا نتوقع أن تكون هناك حرب أهلية، بس ربك ستر على عدن، ونتمنى أن تُزاح الغمة لتبقى عدن كما عهدنها آمنة مستقرة».
*عشنا ساعات من القلق
كذلك قال المواطن علوي عامر: «والله عشنا حالة قلق وترقب، وكنا نتوقع 13 يناير جديدة، فشهر يناير يحمل لنا جرحا وكنا نخاف أن يزيدنا جروحا فوق جراحنا، بس الحمد لله عدّت بسلام».. ويتمنى علوي أن يعم السلام والأمن والأمان ربوع عدن خاصة واليمن عامة.
بدوره المواطن جمال محسن قال: «والله اليوم المفارقات قوية، فكم من أم فرحت بعودة ابنها من المؤسسات العسكرية سالما، وفي المقابل كم من أم بكت ضناها، ربي يرحم الموتى ويشفي الجرحى.. ونتمنى لعدن السلامة والأمن، وإن شاء الله تكون هذه آخر الحروب».
وتابع محسن : «وبعد 36 ساعة عادت الحياة طبيعية لعدن، نتمنى أن يطول أمد الحياة الطبيعية في عدن، ونفرح بحلول السلام وتوفير كافة الاحتياجات الخدمية، خاصة وأننا قادمون على صيف آخر، نتمنى أن توفر الدولة كافة سبل الراحة لهذا الشعب الصابر ولا يكون هذا الهدوء نارا من تحت الرماد».
الحاجة فاطمة محمد وجدناها عند بوابة بريد عدن، فقالت: «والله عشنا لحظات صعبة، خاصة وأن الأحداث حصلت فجأة، ونحن في آخر الشهر، فيهمنا أن نستلم رواتبنا ما لنا في الحروب، فقد شبعنا منها، بعدين الذي يحصل يحصل، المهم عليهم أن يترجموا أقوالهم إلى أفعال».
رصد/ رعد الريمي - رصد/ فردوس العلمي - وئام نجيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى