ورحل صاحب المهرتين ..!

> محمد العولقي

>
محمد العولقي
محمد العولقي
* صاحب المهرتين كذاب ، هذا مثل قديم حكيم ، ينطبق على كل من يقفز على قدراته ، ويزاوج بين عملين متناقضين ، لكنه لا ينطبق على فقيد الحركة الرياضية (سعد خميس).
* يبدو (سعد خميس) إستثناء "حميداً" لمحيط رياضي برع فيه وهو يزاوج بين لعبتين ، عشقهما عشقاً مبرحاً ، واختارهما توأم روحه حياً وميتاً.
* اختزن (سعد خميس) أسرار لعبة كرة السلة ، صال وجال في مستطيلها "مدرباً" ثم "حكماً دقيقاً" في موازينه وقراراته ، تماماً كما أجاد العزف على غريزته الكروية كحكم دولي "أولا"، ثم كمحاضر دولي ، يفسر قوانين وتعديلات كرة القدم ، بحس شاعر لا ينطق عن الهوى.
* من يقرأ مشوار (سعد خميس) مع قصة اللعبتين ، تنفتح أمامه أسوار الحكاية ، فلا يستطيع تفكيك ألغام براعته في اللعبتين ، تماماً كما كان حال (تشارلز ديكنز) مع قصة مدينتين.
* رسم (سعد خميس) معالم لعبتي كرة القدم والسلة ، وخاض معهما "سباقاً مريراً" ، وعندما استوعب أرشيف اللعبتين قانونيا" ، كان عليه أن يختار الواجهة الرسمية ، التي سيكون "سفيراً" لها فوق العادة.
* وضع الراحل (سعد خميس) قدميه في ملعب (القضاة) ، واختار تطبيق العدل ، ورفع بريقه في ملاعب كرة القدم ، ولقد انعكست ثقافته الكروية ، على شخصيته القيادية ، فوهبته حساً لا يعلى عليه في كشف الخطأ ، وفي اختيار المواقع المناسبة ، التي جعلته يحصي أنفاس الشاردة قبل الواردة ، ونقل (سعد خميس) فؤاده ، حيث شاء بين اللعبتين ، لكنه في النهاية ، إختار حبه الأول (كرة القدم).
* ربما كان هو أول وآخر حكم يمني يراهن على ابتسامته الصافية في تحديد مسالك المباريات الصعبة ، وربما كان أول وآخر حكم جنوبي يتوارى عن الإعلام ولا يبحث عن أضوائه الزائفة كانت إيماءة من مشجع تساوي مليون مادة صحفية معجونة بالإعجاب ، في نظر الراحل البعيد "تماماً" عن كل لغات العنف.
* رحيل (سعد خميس) صاحب المهرتين الناجح ، خسارة فادحة للكرة اليمنية ، فبرحيله تطوي الرياضة اليمنية صفحة حكم قدير ومحاضر دولي مثير ، طالما كان للقانون سيداً "فوق مستوى الشبهات".
* أعطى (سعد خميس) الكرة اليمنية زهرة حياته ، ووهبها "عمراً" ، يوازي تاريخ كرة القدم اليمنية ، رحل كما عاش فقيراً "معدماً" و"هادئاً" في رقة النسيم العليل.
* فضل (سعد خميس) العيش في محرابه التحكيمي على الستر ، لم يحدث يوماً أن طرق باب وزير عتال ، أو رفع شكوى لجهة حكومية ، كانت البساطة "تاجاً" على رأسه ، وﻷنه عاش بيننا "بسيطاً" خفيف الظل ، فقد كان محبوه من البسطاء ، الذين يقدرون كنوزه ، في قراءة فلسفة كرة القدم.
* جاء بعده حكام (بوس الواوا) فاغتصبوا حقوقه ، وحقوق أبناء جيله ، تسلقوا على كتفه ، ثم تبوأوا "مناصب رفيعة" ، منهم من كان يمسح (جوخ) الشيخ ، ومنهم من ينحني ، حتى يلامس رأسه الأرض أمام دخلاء قبليين (ما يسووا بيسة) ، وبقي (سعد خميس) "مخلصاً" ، لنزاهته وصدقه ومروءته.
* مات (سعد خميس) على فراش فقره ، وفي قلبه يسكن كنزاً "تحكيمياً" فائق الجودة ، ورحل عن هذه الدنيا ، وعبارة الكباتنة اللاعبين (ما حد يكلم سعد) ماركة مسجلة ، باسم هذا المحاضر القدير.
* تتساقط القامات (الجنوبية) في صمت ، "بعيداً" عن ضوضاء اتحاد كرة مشغول فقط بفقاعات (عيال الخالة) ، ووزارة وكلاؤها ومستشاروها ، بعدد حبات الرز الفيتنامي ، ولن يكون (سعد خميس) الأخير ، في سلسلة تجاهل ما تبقى لنا من قامات ، تحتضر على فراشها في صمت.
* رحم الله الفقيد (سعد خميس) موسوعة القانون الدولي في كرة القدم ، وعاشق لعبة كرة السلة حتى النخاع ، رحل عن دنيانا الفانية بهدوء مستفز ، مخلفاً لنا إرثاً "تحكيمياً ثرياً"، وتاركاً لنا سيرة عطرة ، ومسيرة عمل رياضية ، تطبعت بطابع ذلك النحيل ، حاد النظرات كمثري الوجه ، ناسع القامة ، صاحب الذاكرة الاعصارية التي لا تدود.
* اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ، ولكن نسألك اللطف ، في ما تبقى لرياضتنا ، من كنوز ثمينة دفنها الواقع الرديء في قاع الحرمان ، حيث لا حياة لمن تنادي..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى