بعد تحريرها من مليشيات الحوثيين.. معاناة مستمرة وغياب للخدمات في ظل تجاهل وصمت الجهات الرسمية

> تقرير / صلاح الجندي

> مضت حوالي 4 سنوات منذ بدء الحرب التي شنها الحوثيون على البلاد.. وفي محافظة تعز (جنوبي غرب البلاد) تسبب الحوثيون بمأساة إنسانية بالغة، لكن مديرية الصلو (إحدى مديريات المحافظة والوقعة جنوبي شرق المدينة) تعاني الأمرين رغم تحريرها، وتبدو الحكومة اليمنية غائبة عن المشهد، كما أن المنظمات الإغاثية لا تقدم خدماتها للسكان المحليين في المديرية.
وهناك ترك الحوثيون كثيرا من المآسي، كما أن بعض القرى لاتزال تعاني من قذائف الجماعة العشوائية التي لازالت مستمرة حتى اليوم.. «الأيام» كانت هناك في الصلو، وكان الآتي حصيلة ما خرجنا به:
اصطدم الحوثيون بامتلاك الصلو مرتفعات جبلية تطل على عدن وكثير من المدن، وهو ما أدى إلى حالة إرباك في صفوف الجماعة المسلحة التي كانت حشدت قواتها صوب المدينة في عديد مناسبات لكنها فشلت قبل أن تحررها أخيرا قوات اللواء 35 مدرع.
*طرق وعرة لجأ إليها السكان
يتطلب وصول مئات المسافرين إلى عائلاتهم بمديرية الصلو تجنب الطرق المدمرة نتيجة للحرب، ويظهر سائقو مركبات وهم يحاولون تحاشي هذه الطرق التي أغلق بعضها أيضا بسبب الحرب.
وهذه الطرق التي تنتشر بمحاذاتها نقاط تفتيش، خصوصا تلك التي تندرج ضمن المناطق التي تخضع للحوثيين، تشهد عمليات تفتيش دقيقة تتضمن تجاوزات دون مراعاة للسن أو الجنس، مما يصاعد من المخاوف لدى المسافرين هناك.
يطلق الأهالي في الصلو على طريق الحضرة، وهو أكثر الطرق خطورة في المنطقة، «طريق الموت»، وهي التي تصل الدمنة بجبال الصلو وقدس، لكن المسافرين لجأوا إليها بعد أن باتت الطرق الأخرى غير صالحة بفعل الصراع المستعر في البلاد.
ومع وعورتها يبدو أنه ليس هناك بديل سوى المرور عبر هذه الطريق الطويلة والبعيدة جدا، لكنها أيضا الأسهل والأقرب حالياً للمديرية وبعض المناطق التابعة لمديرية قدس المحاذية لجبل الصلو.

في أعلى نقيل شاهق تظهر مركبات تصعد للأعلى على متنها مواطنون، وهذه مغامرة توازي سباقات التسلق، لكن الأبطال هنا مدنيون يخوضون سباقا بغية الوصول إلى عائلاتهم.
تقول لـ«الأيام» أم مجد، وهي إحدى نساء قرية تابعة لمديرية الصلو، إنه حالما تتلقى اتصالاً من زوجها الذي يعمل في محافظة الحديدة الساحلية يخبرها بالعودة تخشى عليه كثيرا بالتوازي مع الخطورة التي باتت سمة رئيسية في الخطوط الواصلة إليهم.
وتسببت الحرب التي انطلقت منذ حوالي 4 أعوام في رفع الكلفة التي يستمر المدنيون بدفعها، لكن الجهات الرسمية لم تفعل شيئا تجاه السكان في مناطق شتى من البلد الفقير.
واتخذ الحوثيون معالم أثرية في المدينة مواقع عسكرية لهم، في خطوة لجأت إليها الجماعة المسلحة بغية توريط التحالف العربي الذي تقوده السعودية بقصف هذه المواقع وكسب ورقة ضغط دولية في الأثناء ذاتها، إضافة إلى تأليب الشارع الشعبي.
لكن تحرير المديرية بالكامل من قبل قوات اللواء 35 مدرع قطع الطريق على الحوثيين لاستهدافها.
*قصف متواصل لقرى الصلو
عانت مديرية الصلو كثيرا من مخلفات الحرب والدمار، وكان العشرات من المدنيين بينهم أطفال ونساء قضوا جراء القصف المدفعي من قبل الحوثيين والذي استهدف بلدات المديرية، كما أن الكثير من السكان نزحوا من قراهم بعد أن دمرت منازلهم.
لكن القذائف ليست وحدها من تحصد أرواح الناس هناك، إذ إن شبكة من الألغام كان الحوثيون قد زرعوها على نطاق واسع ساهمت في قتل الكثير من السكان، وسعى الحوثيون إلى صناعة ألغام مماثلة لجغرافية المنطقة، حيث صنعت ألغاما أشبه بالحجارة والصخور والمواد التي يستخدمها المواطنون للزراعة، في نية واضحة لاستهداف المدنيين والأطفال.
*حياة معطلة
بعد تحرير المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الحوثيين في الصلو بات مفاجئا للزائر هناك، من الوهلة الأولى، حال المدينة التي تعاني جدا ولا يبدو أن مكافأة التحرير أعطيت للمدينة.
أضحت الحياة في المديرية شبه معطلة، وبينما المدارس والمستوصفات مغلقة، وخدمات المياه ضربت ونسفت شبكات توزيعها، تظهر خدمات الاتصالات وقد ضربت أبراجها ونهبت، فيما معظم أبراج وأسلاك الكهرباء صارت خارج جاهزية العمل بالكلية، وتعطي شبكة طرق المديرية تأكيدا بأن الصلو عاشت خارج دائرة اهتمام كل سلطات الدولة وحكوماتها المتعاقبة طيلة العقود الماضية.

لكن الذي ضاعف من المعاناة تزايد حالات النزوح الجماعي لعدد من القرى التي تحولت إلى قرى أشباح هروبا من الموت القادم مع الحوثيين الذين ارتكبوا أعمال قتل وعنف في المنطقة، وأحالوا الحياة في المديرية إلى جحيم إضافي، كما فرضوا حصارا قاتلا على المديرية وقطعوا الطريق الوحيدة الرابطة بين أسواق الدمنة والراهدة التي تمد المديرية بكافة احتياجاتها من المواد الغذائية والدوائية وكافة المستلزمات والاحتياجات الأساسية لحياتها.
تقول ياسمين الصلوي التي يعود لقبه أسرتها إلى المدينة ذاتها: «وسائل الحياة في المدينة شبه معدومة، والسبيل للعيش بات صعبا جدا ومعظم الأسر نزحت خارج المديرية».
وتمضي ياسمين في حديثها لـ«الأيام» قائلة: «الحرب المضنية التي انتهت بتحرير المدينة، تحتاج فيها القرى إلى ما يعيدها إلى الحياة مجددا، نحتاج إلى الخروج من ركام الحرب التي جثمت علينا وأحالت المدينة خرابا».
وعن احتياجات المدينة تقول ياسمين: «المديرية بحاجة إلى الماء والغذاء والدواء، والأمن والأمان يحتاج إليهما السكان أيضا بعد الذي حل بهم من دمار وخراب وخوف وذعر».
*معاناة السكان
قال الباحث والناقد منصور السروري إن الوضع في الصلو بات كارثيا «نتيجة ما خلفه الحوثيون من دمار وتشريد ومعاناة وقطع للطرق التي كانت تسهل للمواطنين شراء موادهم من أماكن سيطرتها».

ويضيف السروري: «ازدادت الأوضاع سوءا جراء سعي الحوثيين الذين كانوا ارتكبوا جرائم ضد المدنيين للانتقام من المديرية بطرق أبشع، لقد واصلوا إطلاق القذائف على بعض القرى من مناطق خدير بالمدافع الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا، ويضاف إلى ذلك أن الطريق الوحيدة الرئيسية للمديرية قطعت لمنع وصول أي شيء من الاحتياجات الضرورية كالغذاء والدواء وغيرهما».
السروري ناشد عبر «الأيام» المنظمات والمؤسسات المحلية والدولية العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية سرعة المبادرة لإنقاذ الأطفال والنساء وكبار السن وكافة الأسر من انتشار الجوع والأمراض وتفاقم نتائج سوء التغذية وانعدام كافة الخدمات الأساسية.
*مدينة مهمة
تعد مديرية الصلو إحدى أهم مديريات محافظة تعز، وفيها امتداد لحضارة عريقة، تحد المديرية من الشمال مدينة خدير ومن الجنوب مديريتا المواسط وحيفان، فيما تبلغ مساحتها 89.3 كم، وتضم إدرايا (11) عزلة و(65) قرية، من أهمها: (الضعة، الضباء، الورد، الضهرين، الشرف، القابلة، الصعيد، المنصورة، حمدة، الحريبة، الحقيب، الأشعوب والعكيشة).
ووصف مؤرخون قلعة «الدملوة» المشهورة التي تعد أحد أبرز المواقع الأثرية والسياحية في المدينة بأنها من عجائب اليمن.
وهناك مدينة الحنون وهي مدينة علمية أثرية كان يتوافد إليها طلبة العلم في العقود السابقة، وكذلك مدرسة اروس التاريخية، وسد المدد الموجود في قرية الصعيد، وكذلك وادي الجنات المشهور والذي يتواجد تحت قلعة المنصورة والمطل على خدير.
تقرير / صلاح الجندي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى