> تقرير/ وئـام نجيب

الحاج سالم علي محمد النعيمي، أحد المتقاعدين التابعين لمكتب الثقافة عدن، لا يقوى على المشي إلا بالاستعانة بعصا (عكاز) ليتمكن من الوصول إلى مكتب البريد بمدينة كريتر والبقاء والتحرك بجهد، قبل أن يحصل على مرتبه الزهيد الذي لا يلبي المتطلبات والحاجيات الأساسية لأسرته.
يقول الحاج النعيمي (سبعيني العمر): "أنا من أبناء حي شعب العيدروس بكريتر، ومن متقاعدي مكتب الثقافة بعدن، وكان راتبي قبل التقاعد وبعده لا يتجاوز الـ26 ألف ريال يمني، وما زال كذلك حتى تم زيادته إلى 30 ألف ريال يمني، مقابل 35 سنة خدمة".
ويضيف: "أقطن في المنزل بمعية زوجتي وابني البالغ من العمر 22 عاما، والمنتمي للمقاومة، ولا أتحصل على معاشي هذا إلا بشق الأنفس، وليته يكفي لتلبية احتياجاتنا المعيشية الأساسية، حيث أحاول جاهداً خلال أيام الشهر توفيرها عبر (الدين) من عدة أشخاص في الحي، والبقالة القريبة لمنزلي.. باختصار، نحن نعيش على الموجود، وهو حال الكثيرين من أهالي عدن لاعتمادهم بشكل رئيس على المعاش، ولا دخل آخر لهم، بل إن من يتحصل على 60 ألفا هو الآخر يعاني نتيجة للارتفاع المهول في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية".
*وعود كاذبة
وشكا الحاج النعيمي من الوعود الكاذبة من قبل الجهات المختصة بصرف المعاشات في البريد، وقال في حديثه لــ«الأيام»: "أنا رجل مسن، ونتيجة لتقدم سني لم أعد قادراً على المشي كثيراً، ولهذا لا أذهب إلى مكتب البريد بكريتر إلا عندي سماعي عن وجود المرتب، وهذا يعني أني مقدم على معاناة وتعب وإرهاق وما إلى ذلك من الأمور التي أضحت من المسلمات أثناء عملية صرف المعاشات، وفي المقابل نسمع بين فترة وأخرى عن وعود بزيادة معاشاتنا التقاعدية، وقد وعد رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي بذلك من خلال إصداره قرارا بذلك قبل الحرب الأخيرة التي شهدتها العاصمة عدن، ولكن مع الأسف كل تلك القرارات والتوجيهات كانت مجرد كلام لا أكثر".
ويعود النعيمي بذكرياته للزمن الجميل للمقارنة ما بين الماضي والحاضر وما بينهما من بون شاسع.. وأطلق تنهيدة من أعماق صدره أوحت بمدى ما يكابده من مصاعب الحياة وقساوتها وقال: "كان مرتبي في الماضي يقدر بــ500 شلن تساعدنا على العيش الكريم بل والدخول في جمعيات (هكبات)، كانت حياتنا رخاء بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولا أحد منا يعرف شيئا اسمه (الدين)، غير أن الأوضاع المعيشية تدهورت بعد حرب صيف 94م، نتيجة لكثرة أعداد السكان في مدينة عدن بسبب الوافدين إلى المدينة من المحافظات الشمالية حتى يومنا هذا، والسكان في تزايد مستمر والاحتلال ما يزال باقياً".
متقاعدون يحتجون ويقطعون الطريق لعدم صرف معاشهم
متقاعدون يحتجون ويقطعون الطريق لعدم صرف معاشهم

وحمّل النعيمي الحكومة "المسئولية كاملة لِما يتكبده المواطن في عدن والتدهور المستمر في البلد نتيجة لغيابها وتواجدها الدائم خارج البلاد".
وأضاف ساخراً: "المواطن الذي يريد اللقاء بالحكومة لمعالجة قضاياه وأموره عليه الذهاب إليها حيث تسكن في فنادق الرياض بالمملكة العربية السعودية.. إنها حكومة لا تشعر بما نشعر به، ولا تتعرض لحرارة الشمس ولهيبها لأوقات طويلة في انتظار الحصول على راتب زهيد، وهناك فساد بمبالغ مهولة لو انفقت في إصلاح أوضاع الموظفين لحلت الكثير من مشكلاتهم المالية المتفاقمة، وهنا لا ننكر أيضاً بأن سلوكيات الناس تغيرت وتبدلت فلم يُعد يوجد من يمد يديه لأخيه وجاره كما كان في السابق، حيث كانت مجتمعاتنا يسودها التعاون والتكافل والرحمة على خلاف ما هو حاصل اليوم".
*وضع صحي صعب
يقول الحاج النعيمي، بينما كان يقعد أمام البريد لعله يستلم راتبه الذي طال انتظاره: "الوضع المادي يرغمني على تجاوز وضعي الصحي، منذ عام أجريت فحصا في عيادة خاصة، وأكدت نتائج الفحص أني أعاني من المياه البيضاء في العين اليمنى، ولضيق الحال والظروف الصعبة لم أتمكن من إجراء عملية إزالة المياه، كما أنني لم أعد أقوى على المشي، وسأعود اليوم من البريد إلى المنزل ولن أتمكن من الخروج منه إلا بعد يومين أو ثلاثة أيام لعدم مقدرتي على المشي لفترات طويلة لاسيما وأن منزلي مرتفع، والوصول إليه يتطلب مني قطع ثلاث مراحل تتوسطها فترات قعود لوقت زمني، نتيجة لما أعانيه من اختناق وضيق في التنفس أثناء المشي المتزايد والصعود إلى الأماكن المرتفعة، ولا يوجد لدي قريب أعتمد عليه لمتابعة واستلام معاشي".
*حرماني من الضمان الاجتماعي
ويوضح الحاج النعيمي في حديثه لـ«الأيام» أنه منذ العام 2006م يتابع بغرض الحصول على مخصص الرعاية الاجتماعية، إلا أنه لم يتحصل عليها رغم متابعاته المستمرة، وأكد أن كل ما يجده من الجهات المعنية هو الحث على مواصلة المتابعة فقط.
 أحد المتقاعدين المسنيين ممتد أمام بوابة البريد
أحد المتقاعدين المسنيين ممتد أمام بوابة البريد

ويضيف: “زوجتي تتحصل على ذلك المخصص الخيري، ومنذ فترة طلبوا منها إحضاري لتسجيل اسمي بدلاً عنها، حيث تغير النظام في استلام مخصص الرعاية الاجتماعية، باستلامها من قبل الزوج وتكون باسمه وليس باسم الزوجة، ومنذ بدء الحرب حتى يومنا هذا توقف صرفها".
واختتم الحاج سالم علي محمد النعيمي حديثه لــ«الأيام» بالقول: "إننا لم نتطلع لأي شيء مستحيل، فكل ما نطلبه لا يتجاوز زيادة المعاش، لنتمكن من مواجهة ظروف الحياة المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار، مع انتظام صرفه واحترام كبر سننا عند صرفه، لا أن يشعروننا وكأننا متسولون أمام مكاتب البريد".
تقرير/ وئـام نجيب