منفذ وطريق بري يربطان بين اليمن والسعودية يتحولان إلى كابوس للمسافرين.. عمليات فساد كبيرة في الوديعة تدعمها مراكز نفوذ قبلية شمالا

> تقرير / عادل المدوري

> حينما بدأت مركبتنا ذات الدفع الرباعي بالانطلاق صوب جنوبي المملكة العربية السعودية، كانت عقارب الساعة تشير الى الواحدة والنصف ليلا في الرياض العاصمة، بينما بدت الشوارع هادئة، والمتاجر مغلقة.
انطلقنا عبر طريق الحائر الذي بات معروفا لجميع المسافرين، ومن هناك بدأ العد التنازلي بغية الوصول الى الحدود الدولية المباشرة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية وهما البلدان الاكبر على التوالي في شبه جزيرة العرب، الى منفذ شرورة الذي يبعد عن العاصمة السعودية اكثر من (1000 كم).
كانت الساعات تمضي ببطء شديد، وهناك امضينا ما يزيد على (16) ساعة حتى شرورة، لكن مع هذا العناء كانت عوامل الراحة متوفرة الى حد ما بالنسبة للمسافر داخل الاراضي السعودية، على جنبات الطريق ينتشر رجال أمن بأعداد كبيرة، وهؤلاء ينتشرون قرب حواجز تفتيش بمحاذاة الطرقات الى جانب نقاط الضبط الامني.
طريق العبر
طريق العبر

والطرقات التي تأخذ امتدادا واسعا تخلو من المنعطفات والتعرجات كما انها واسعة وفسيحة وهذا يبدو من ابرز العوامل المساعدة للمسافرين على الطريق التي تحتضن عددا لافتا من محطات الوقود التي تطبق فيها الاشتراكات الخاصة، وهذه المحطات تتولى وزارة المواصلات صيانتها، كما ان كل (200 - 300 كم) بنيت فيها محطة للتزود بالوقود.
والى جانب هذا تتميز هذه المحطات بوجود دورات مياه للنساء والرجال على حد سواء، كما ان هناك مساجد لكلا الجنسين، واسواق ومطاعم وكوفي شوب وعديد خدمات يحتاجها المسافرون.
وعلى جهتي الطريق تعلق على اعمدة نصبت يمينا وشمالا ارشادات للطرق الرئيسية والفرعية والمخارج وانارة، وهذا محل اهتمام الجهات الرسمية في العربية السعودية.
*الوديعة.. منفذ الصعاب
لكن الوضع يبدو مختلفا تماما في الجزء الواقع في الاراضي اليمنية، كنا انهينا اجراءات الخروج في جوازات منفذ شرورة السعودي سريعا، لكن الذي يلفت الانتباه حيث دلفنا صوب الاراضي اليمنية هي الحالة المتردية التي تبدو بارزة على مظاهر الحياة هناك.
منفذ الوديعة في محافظة حضرموت هو احد المنافذ الحدودية اليمنية مع المملكة العربية السعودية و بحسب احصائيات كانت الإيرادات الجمركية في الميناء البري الذي يأخذ اسم المنفذ ذاته بلغت خلال الفترة من الأول حتى الحادي والثلاثين من شهر يوليو من العام 2012 مليارا و176 مليونا و834 ألفا و219 ريالا مقارنة بإيرادات النصف الأول كاملة من العام الحالي التي بلغت مليارين و660 مليونا و477 ألف ريال وهذه الإحصائيات كانت قبل الحرب، حينها كانت جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية مفتوحة، لكنها الآن باتت مغلقة جميعها عدا منفذ الوديعة وبالتالي تضاعف بخلاف الفترات الماضية.
ويظهر مئات المسافرين يصطفون في طوابير طويلة في رحلة انتظار بغية الدخول او الخروج الى المنفذ، لكن هذا يحدث في الغالب بعد ان يمضي هؤلاء اياما واسابيع بعد ان مكثوا في طوابير هزلية.
إزدحام السيارات عند منفذ الوديعة
إزدحام السيارات عند منفذ الوديعة

ومن بين هؤلاء مالكي شاحنات، لكن هؤلاء الاخيرين يقضون قرابة الشهر أو اكثر الى ان يحين دورهم.
وفي خضم العشوائية وبطء الاجراءات في المنفذ الذي يشار اليه في تزايد معاناة المسافرين على الطريق الدولية، يبدو ان الوضع بات عاملا مساعدا في ممارسة الفساد على نطاق واسع، ويجمع البعض جبايات غير قانونية ورشاوى ايضا.
وبات يشار الى شخصيات نافذه من آل الأحمر بالوقوف خلف تزايد العبث بالميناء المهم في المحافظة النفطية، ويبدو الأمر متصلا بالقوات العسكرية المتواجدة هناك والتي تبسط سيطرتها بالكامل على المنفذ الجديد، كما انها تمارس ابتزازا على الداخل والخارج ما اضطرهم الى دفع رسوم مرتفعة.
والوديعة يوجد بها منفذان احدهما قديم فيما الآخر أنشئ حديثا، لكن المنفذ الجديد لا يبتعد عن المنفذ القديم سوى بـ200 متر تقريبا، لكن الحديث هو الأكبر، وقبل اندلاع الحرب الاخيرة في مارس من العام 2015، كان هناك مخطط لنقل جميع المرافق في المنفذ القديم الى الجديد، لكن تواصل وتيرة الصراع حال دون نقلها.
وتدور احاديث في الاثناء ان المنفذ الشهير بات في وضع تقاسم بين قوى نفوذ حزبية وقبلية، مع بدء الاحتجاجات الشعبية في صنعاء ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بالتوازي مع تهاوي النظام في الدولة حينها، قبل ان تقود السعودية تحالفا عربيا ضد الحوثيين، وبعيد ذلك كان الفريق علي محسن الاحمر قد كلف الشيخ هاشم الاحمر وهو نجل الشيخ القبلي البارز عبدالله بن حسين الاحمر بتحريك كتيبة عسكرية يقودها مجاهد الغليسي قبل ان تسيطر هذه القوات على هذا الشريان الحيوي الهام والاستيلاء على موارده.
*قطاع طرق (العبر - عتق)
بعيد مغادرتنا لمنفذ الوديعة، الذي باتت العشوائية ومعها الفساد يأخذان حيزا واسعا من محيطه كما بدا لنا، اتجهنا صوب طريق العبر - عتق، التي تعد احدى الطرق الحيوية التي تربط محافظتي شبوة وحضرموت، كما انها من الخطوط الدولية الهامة التي ينتقل عبرها المسافرون القادمون من المملكة العربية السعودية والمتجهون كذلك نحو شبوة ومأرب وأبين وعدن ولحج و الضالع ومناطق مختلفة.

وينتشر قطاع الطرق بشكل لافت هناك، لاسيما في الاماكن والاجزاء التي لم تصلها الاصلاحات والسفلتة، وبدا القلق واضحا على وجوه المسافرين عبرها، وبالتوازي مع عمليات الفساد الهائلة التي يحتضنها المنفذ الشهير، ويعتقد ان ايرادات يوم واحد من المنفذ يمكن ان تسهم في سفلتة الطريق بالكامل.
وتوازيا مع الانفلات الأمني في محيط المنفذ، كان أنيس العنتري، وهو احد ابناء يافع، قد قتل واصيب آخرون في طريق العبر شبوة بعد ان تعرضوا لعملية تقطع.
ويعتقد مسافرون مروا بالطريق الدولية الشهيرة ان حوادث التقطع التي انتشرت على نطاق واسع في المحافظة جاءت بدفع من قبل عناصر موالية للحوثيين في شبوة بغية خلق صراع بين أبناء المناطق الجنوبية، لكنهم قالوا ان قوات النخبة باتت مطالبة بسرعة بسط سيطرتها على كافة المنطقة الجغرافية هناك لحماية أمن المدنيين والمسافرين عبر الطريق الدولية.
*طريق آمنة (عتق - عدن)
في الطريق الى عدن من شبوة تنتشر قوات النخبة الشبوانية التي قادت عمليات أمنية ضد تنظيم القاعدة في المحافظة، وتبدو الانجازات الامنية واضحة للعيان، مع ان بعض العمليات التي تضرب القوات الامنية لازالت مستمرة، لكن هذه القوات التي تدعمها دولة الامارات، ثاني كبرى دول التحالف الذي تقوده الرياض، قدمت نفسها محاربة جيدة للتنظيمات الأرهابية في محافظة شبوة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى