جاءت في وقت عصيب تشهده المنطقة.. إشهار جمعية عدن للمغتربين.. المغتربون العائدون.. أزمة جديدة فهل تتحمل الحكومة مسؤوليتها تجاههم؟

> عدن «الأيام» رعد الريمي - علاء عادل حنش

> أسهم المغتربون إسهامًا كبيرًا - خلال الفترة الماضية وخاصة فترة الحرب التي شنها الحوثيون في 2015م - في دعم الجبهات بالمال والسلاح بالإضافة إلى تنظيم حملات إغاثية للنازحين والمتضررين من الحرب في عموم الوطن.
كما أسهمت تحويلات المغتربين خلال العقود السابقة في الحفاظ على التوازنات المجتمعية ومكافحة الفقر، وفي استقرار العملة ورفد الوطن بالعملات الأجنبية، وكذا أسهمت أموالهم في خلق واقع تنموي وإغاثي من خلال استثماراتهم داخل الوطن وهباتهم الخيرية التي لعبت دورا مهما في المرحلة الصعبة.
وحمل عدد من المسؤولين الدولة في تقصريها تجاه المغتربين، وعدم الاستفادة من تحويلاتهم النقدية، وتطوعيها في المنظومة الاقتصادية.
جاء ذلك خلال حفل إشهار جمعية عدن للمغتربين الذي نُظم أمس في قاعة "كورال" بالعاصمة عدن بحضور عدد كبير من المغتربين والسلطات المحلية والمجلس الانتقالي الجنوبي وقيادات من المقاومة الجنوبية.
*التهميش طال المغترب بالآونة الأخيرة
وقال رئيس جمعية عدن للمغتربين عادل السنيدي إن "الجمعية لم تتأسس لمجرد التأسيس بل لغرض أكبر من ذلك، وهي كفيلة بأن تظهر ذلك الغرض جليا على أرض الواقع من خلال دمج المغتربين بالمجتمع وتسهيل استثماراتهم في البلد".
ونوه إلى أن "الأحداث الدراماتيكية التي عصفت بالبلد بالإضافة إلى أوضاع المغتربين في بلاد المهجر جعلت عددا من المغتربين يتداعون لإنشاء جمعية المغتربين بهدف متابعة ملف المغتربين في الداخل والخارج والمطالبة بمنح العائدين تسهيلات جمركية ورفع الوعي لدى المغترب في كيفية الحصول على حقوقه، الأمر الذي من شأنه الإسهام في الجمع بين الخبرة ورأس المال بما يخدم الأعمال المشتركة".
وأشار إلى أن "الصورة النمطية عن المغترب من قبل الكثير الذين يعتبرون المغترب غنيًا غير واقعية"، موضحًا أن "في الآونة الأخيرة عانى المغترب الكثير من التهميش والألم والبعد عن الوطن وخاصة في ظل القرارات السيادية الأخيرة في بلاد المهجر التي دفعت بالكثير من المغتربين إلى مغادرة بلد الاغتراب بصورة اضطرارية سواءً أكان ذلك اليوم أو غدا".
وناشد السنيدي الدولة أن "تقف مع المغترب للإسهام في حل مشاكله والوقوف معه"، وناشد رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي "الوقوف مع إخوانه وأبنائه المغتربين".
واعتبر أن إشهار الجمعية جاء كلبنة فاعلة وجادة في سد الفراغ بين المغترب والدولة.
*رافد اقتصادي
بدوره استعرض وكيل محافظة عدن محمد سعيد المفلحي مكانة المغتربين، وأكد أن "المغتربين مثلوا بتحويلاتهم أحد أهم الروافد الأساسية للاقتصاد الوطني خلال الأعوام السابقة، حيث تشير الإحصائيات إلى أنه في مطلع الثمانينيات كانت دولة اليمن تعتمد على تحويلات المغتربين في الخارج".
وأضاف: "احتلت اليمن المرتبة الخامسة بين الدول العربية من حيث حجم التحويلات بحسب صندوق الأمم المتحدة الدولي للتنمية واتحاد المصارف العربي حيث أشارت التقارير إلى أن حجم التحويلات بلغت أكثر من 2 مليار دولار للعام الواحد في الأعوام السابقة".
وقال المفلحي إن "التحويلات ساهمت في انخفاض قيمة الدولار أمام الريال اليمني، كما مثلت التحويلات المالية من قبل المغتربين مصدر دخل أساسي لمئات الآلاف في الوطن، إذ كانوا دائما إلى جانب إخوانهم، وداعمين لأهاليهم في السراء والضراء بالمال ولإغاثة المشاريع التنموية والخدمية في الوطن".
ونوه إلى أن "هناك كارثة باتت قريبة التحقق من خلال عودة آلاف المغتربين من السعودية وغيرها والتي ستخلق تداعيات كارثية على الوضع الداخلي منذرة بالعديد من الآثار الداخلية والاجتماعية والأمنية والسلبية، لا سيما في مثل هذه الظروف الصعبة التي تواجهها البلاد والتي لا زالت فيها كثير من الجبهات مشتعلة ضد العصابة الحوثية الانقلابية".
*دعو للوقوف مع المغترب
وقال المفلحي إن "الإحصائية الأولية تشير إلى عودة أكثر من 300 ألف مغترب خلال السنوات القادمة، الأمر الذي سيضاعف الأعباء ما يتطلب من الجميع سواء الحكومة أو السلطات المحلية أو رجال المال والأعمال أو منظمات إنسانية ومحلية ودولية تكاتف الجهود لاستيعاب المغتربين ودمجهم في المجتمع حين عودتهم".
صورة عامة من الحضور
صورة عامة من الحضور

وأوضح الوكيل المفلحي أن تلك المسؤولية تقع على الدولة، وقال: "الواجب على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها أمام المغتربين والعائدين الذين ظلوا يرفدون البلد بالعملات الصعبة ودعم المشاريع الخدمية والإغاثية وقد ظلوا إلى جانب شعبهم في الظروف الصعبة كالحرب، فكيف لا نكون معهم في محنتهم والتي على الحكومة الإسهام في حل أزمة المغتربين عبر جملة من الخطوات لعل أهمها تشكيل لجنة وزارية تكون مهمتها متابعة مشاكل المغتربين والعائدين وإعفاء المغتربين من الضرائب والرسوم والسماح لهم بإدخال معداتهم للعمل، ومنح الشباب العائدين أولوية التجنيد ومنح كل عائد قطعة أرض مجانية تمكنه من الاستثمار والسكن الشخصي، بالإضافة إلى تأسيس صندوق خاص لدعم المغتربين، وتعزيز العلاقة مع دول المغتربين ومنح المغتربين أولوية الاستثمار في الوطن وتذليل كافة الصعوبات".
*أوضاع تنذر بعودة الآلاف
من جانبه أكد مدير عام مكتب شؤون المغتربين بعدن نجيب عبدالحق عثمان أن “المغتربين أسهموا بأموالهم في خلق واقع ملموس من خلال استثماراتهم داخل الوطن التي لعبت دورا مهما”.
واعتبر نجيب أن "تحويلات المغتربين من الموارد المهدرة والتي لم تستفد منها الدولة ستتمكن الدولة أن تحدث من خلالها نقلة اقتصادية في استفادت منها".
منوها إلى أن المغتربين وتحويلاتهم يتأثرون بحسب الأوضاع السياسية في المهجر سواء أكان هذا التأثير من خلال نقص التحويلات أو عودتهم إلى الوطن وفقدهم مصادر دخلهم.
وأشار إلى جملة من هذه الأحداث كأزمة الخليج التي أثرت سابقا كثيرا في حياة المغتربين وعودتهم، ورفعت نسبة البطالة في البلد، ومن تلك الأحداث حرب الصومال في عام 92م، وأحداث 2001م في أمريكا والتي كان من آثارها قتل عدد من المغتربين وسلب ونهب أموالهم بخلاف ما تعرضوا له من مضايقة، وآخرها ما فرضته السعودية من نظام “السعودة” للأعمال والتي كان لها أثر كبير على المغتربين في السعودية، إذ نتوقع عودة عدد كبير من المغتربين.. يأتي كل ذلك والدولة لم تعمل على وضع خطط لاستيعابهم ومنحهم امتيازات لازمة تمكنهم من توفير مصدر دخل لهم في الوطن”.
*دعم الجرحى وأسر الشهداء
وأكد القيادي في المقاومة الجنوبية العقيد طيار عادل الحالمي أن "للمغتربين دورا كبيرا في دعم الثورة السلمية وعلاج الجرحى ودعم أسر الشهداء في عموم محافظات الجنوب".
وأشار إلى أن الدور الذي لعبه المغتربون إبان الحرب بدعم المقاومة الجنوبية وتسليحها من خلال قيام عدد من المجموعات الجنوبية في المهجر بدعمهم.
بدوره قال نائب عميد كلية الآداب جامعة عدن للشؤون الأكاديمية د.قاسم عبد المحبشي إن “تأسيس جمعية عدن للمغتربين كان لابد منها خصوصًا مع إجراءات المملكة العربية السعودية بفرض نظام (السعودة) على كل مغترب”، واعتبرها المحبشي إجراءات تعسفية بحق المغتربين خصوصًا وأن ملايين اليمنيين يتواجدون في المملكة.
وأضاف لـ«الأيام» أن "هناك مغتربين مضى على اغترابهم في السعودية ما يربو على الـ80 عامًا، وأن أكثرهم لا يعرفون حتى الكلام بسبب عيشهم في الصحراء، يرعون الأغنام".
وأكد المحبشي أن “تأسيس الجمعية له أهمية بارزة لدى المغتربين”. واعتبر أن “اليمن تمتلك ثروة وطنية وقومية هائلة من المغتربين منتشرة في كل بقاع العالم، وتعرفوا على تجارب الآخرين الناجحة، فأثبتوا جدارتهم، فتجد نجاحاتهم في عدد من القطاعات مثل التعليم والاستثمار وغيره، الأمر الذي يجلب الفخر والاعتزاز بهم”.
وأشار إلى أن "المغتربين المتواجدين في الصين مضى على تواجدهم قرابة الـ15 عامًا منذُ دخولهم إليها، ليصبح المغتربون اليمنيون أكبر جالية على المستوى الأجنبي والعربي في الصين الشعبية".
وعن وجود تنسيق بين جميع المغتربين اليمنيين في دول العالم قال المحبشي: "لا أعتقد أن هناك تنسيقا بين مغتربي كل دول العالم بسبب كثرهم، ولكن تأسيس الجمعية يعتبر بذرة طيبة، وبداية لاستعادة حقوق المغتربين".
وطالب بضرورة أن "تتعاطف كل الجهات الرسمية والشعبية والمدنية مع الجمعية ليصل صوتها إلى كل مكان". معللًا ذلك بغياب مجال المغتربين، وأنه من الضروري منحهم الأمل في أن الوطن يحبهم، وأن عودتهم مهمة لإعمار وطنهم. وأكد أن "كل ذلك لن يتحقق إلا بوجود دولة ورأس مال وعدالة وقانون ومطارات وتنيمة وغيرها"، مختتمًا حديثه بمثل شعبي مشهور "الخبز مُر في بلاد المغتربين".
وتسعى جمعية عدن للمغتربين إلى أن تكون همزة الوصل بين المغترب والحكومة للمطالبة بتسهيل إجراءات عودة المغتربين وإعفائهم من الرسوم الجمركية ومتابعة صرف منحهم مساحة من الأرض ليتسنى لهم بناء مساكن لهم وإقامة مشاريع استثمارية من شأنها أن تساهم برفد الاقتصاد المحلي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى