الشرعية والانتقالي تنافسا على الجنوب كوطن وتناسياه كمواطن

> جمال مسعود

> انشغل الساسة الجنوبيون المتعددة اتجاهاتهم وتوجهاتهم في تجميع المناصرين وترتيب البيت الخاص بكل فئة على طريقتها وبما يلبي متطلباتها المرحلية وتطلعاتها المستقبلية، وكرس كل فريق من الفرق السياسية المتنافسة كل جهده واهتماماته وموارده المشروعة في سبيل إنجاح مشاريعه وبرامجه، والبعض منهم لم ينأَ بنفسه عن استثمار الطاقات والقدرات البشرية الجنوبية وصبها في قوالب وتكييفها بما يتلاءم مع الإمكانيات المتاحة والمستدرجة والمتسلقة والطوعية تحت مبدأ خدمة الوطن واستخدامه بما هو ممكن ومسموح به وفي إطار المصلحة المتبادلة بين الخدمة والقيمة.
وعلى الرغم من التباين الواضح بين نظرة الفرق السياسية المتنافسة للجنوب كوطن، فالبعض منهم ينظر للجنوب كجزء من المنظومة اليمنية المتأزمة الغارقة في أتون حرب لم وقد لن تنتهي بسبب الضباب والعتمة التي خيمت على الأجواء السياسية في هذه المرحلة بالذات، فتسعى تلك الفئة إلى محاولة تقييد الجنوب وإحاطته بشبكة متعددة الخطوط كلما فك المواطنون الجنوبيون شبكة تظهر خلفها شبكة أخرى لا يعلم الخبراء والمحللون والمهتمون عددها وأماكن تواجدها ومدى الترابط فيما بينها، وهو الذي أعاق أصحاب النظرة الانفصالية للجنوب عن تحديد وقت الانطلاقة وكيفيتها نحو إعلان الانتصار بحسب نظرة الفئة السياسية الجنوبية الناشئة الممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي الخارج من رحم الحراك الجنوبي والثورة الجنوبية السلمية والمسلحة، وهو الذي يعد طرفا جنوبيا ذا توجه سياسي يسعى لقيادة المرحلة القادمة للجنوب على طريق الدولة المستقلة افتراضا، فصار المواطن الجنوبي غارقا بين حالات المد والجزر والشد والجذب وعدم الحسم بين القوى السياسية المنتسبة للجنوب كوطن في اتجاهين متناقضين سقط المواطن الجنوبي بسببها بين فكي الرحى يطحنانه طحنا كل بطريقته.
فالجنوبيون في فئة الشرعية أعلنوا وبكل قساوة وظلم تعليق المواطن الجنوبي في قائمة الانتظار، ليتمكن أخوه الشمالي من الانتصار، فسدوا عليه مجرى الهواء والطعام والدم، كالذبيحة التي وجب قطع المجاري الثلاثة لتتم تذكيتها، فأوشك المواطن الجنوبي أن يختنق بجنوبه الممنوع من الصرف عن الوحدة اليمنية حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر النصر الشمالي، فتركوه في غياهب النسيان والإهمال، لا وزن له ولا قيمة ولا اعتبار، مسترخصين تضحياته التي جلبت النصر المشرف للشرعية والتحالف العربي على حد سواء ودون مقابل استلمه غير رفعته وكرامته المقدسة لديه فقط، فحكموا عليه بظلم وقسوة لزوما أن يبقى في قائمة الانتظار حتى لو انفجر أو ثار، هناك من سيتكفل بترويضه وتهدئته ممن تم تربيتهم على تلك الوظائف الترويضية لمروضي الأسود في السرك الجنوبي.
وبجانب هذا الفصيل "الشرعية" ينبري فصيل المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل دور المفوض باسم الشعب الجنوبي على المشهد السياسي، منشغلا بترتيب الوطن الجنوبي بخطى ثابتة راسخة ومدروسة وعلى مهل، ولكنها تمشي عكس عقارب الساعة مع حالة التدهور والانهيار المتسارعة في الحركة والإزاحة، تاركا الشعب يحل مشاكله أو يصبر حتى يكتمل البناء السفسطائي، ففي كل يوم يبني المجلس الانتقالي الجنوبي لبنة في بيت الوطن الجنوبي تنهار بمقابلها معنويات المواطن الجنوبي وتزداد مأساته ومعاناته، ومع كل تأخير يزداد الضغط عليه ووقع مرغما بين طرفي الجنوب السياسي المهتمين بترتيب المتناقض في البيت الجنوبي المستحيل الالتقاء حوله، متناسين واجب المسارعة في إنقاذ المواطن الجنوبي الذي تدوس عليه مشاريع بناة الجنوب كوطن في الاتجاهين المتناقضين، ويتم سحقه بأقدام من يستقيمون على ظهره لبناء بيته، وهو في كل يوم تذوب شمعته ويخدش حياؤه وتهان كرامته، مذلولا بين الحاجة والفاقة وقلة الحيلة والخذلان.
ولكننا نخشى أكثر ما نخشاه أن ينفجر هذا المواطن ويثور بركان غضبه قبل أن يكمل البناة الشكل النهائي للوطن الجنوبي بحسب الرسم والتخطيط الهندسي من قبل الخبراء، فتخيب آماله وتذهب أحلامه أدراج الرياح، وتبدأ مأساته الجديدة فوق القديمة مباشرة وحرمانه من لذة الانتصار ونشوة التحرير والفرحة التي أتت إليه بكل فخر بعد طرد الحوثيين والعفاشيين، لتتبخر بسبب حرارة الأجواء السياسية والمتناقضات وغياب زمام المبادرة والتحفظ على القرار الجنوبي حاليا إلى حين.
جمال مسعود

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى