لماذا تعرقل الحكومة الحسم العسكري وتمانع الوفاق السياسي؟ الشرعية تعتقد أن استتباب الأوضاع في الجنوب سيدفع للمطالبة بالاستقلال

> تحليل / عبدالله ناجي بن شملان

> المتتبع لطبيعة إدارة العمليات العسكرية وتوجيه الحرب وإدارة المناطق المحررة خلال السنوات الثلاث من الحرب ضد الانقلابيين، يلاحظ أن الحكومة بما تملكه من قوة عسكرية نظامية غير مؤهلة لتحرير أي منطقة من المناطق شمالا وجنوبا، لولا دعم المقاومة والإسناد العسكري الجوي والبري لدول التحالف.
وقد كان للمقاومة الجنوبية بدعم التحالف الدور الأبرز في تحرير محافظات الجنوب بفترة قياسية، واستمرارية زحفها لتحرير مناطق عدة في الساحل الغربي على مشارف محافظة الحديدة، وإسناد الجبهة الشمالية باتجاه صعدة مركز ثقل الانقلابيين الحوثيين.
يكمن الفشل الأول للحكومة الشرعية في تفكيرها للسيطرة على إدارة الحل السياسي قبل إدارة عملية التحرير، أي أن الحكومة لا ترغب أساسا في إحراز نصر عسكري على الانقلابيين لأن عملية الحسم العسكري ستُظهِر قوى جديدة ضاغطة وسيقلل ذلك من فرص الساسة التقليديين في حكومة الشرعية وأحزابها في السيطرة الفعلية على إدارة الحوارات والتحكم بالشأن السياسي لما بعد عملية التحرير.
ولذلك فهم يعرقلون الحسم العسكري ويحبذون الحوار السياسي واقتراح الحلول التي ستمكنهم من العودة إلى الحكم مجددا، بعيدا عما هو موجود في الواقع على مستوى الشمال والجنوب. ويعزز هذا الرأي ما صرح به وزير الإعلام مؤخرا من أن الحكومة لا تنوي الدخول إلى صنعاء وإنما تمهد لإجراء حوار سياسي مع الانقلابيين.
كذلك حكومة الشرعية فشلت في إدارة المناطق المحررة على مختلف المستويات الأمنية والاقتصادية والخدمية، ولم يكن ذلك فشلا طبيعا بل أوجدت الحكومة الأسباب والعراقيل لذلك الفشل المتعمد بهدف عدم تمكين الجنوبيين من إدارة ذاتهم، وخلق العراقيل التي لا تجعلهم يفكرون أبدا بأي وضع سياسي لهم خارج الدولة المركزية في صنعاء. ويعزز هذا الطرح ما صرح به وزير الخارجية اليمني قبل أشهر من أن استتباب الأوضاع الأمنية والخدمية في الجنوب سيدفع الجنوبيين للمطالبة بالاستقلال.
ولذلك فإن دور الحكومة الشرعية في الجنوب معرقل وملموس لأي استقرار أمني وخدماتي، ولا زالت الحكومة ممسكة بعناصر الفساد والإفساد في إدارة المرافق الحكومية والخدمية في محافظات الجنوب المحررة وتستعمل ضدها مختلف وسائل الاستبداد في استنزاف أي موارد لغرض التنمية، عكس ما هو موجود في محافظة مأرب التي يسيطر عليها الإصلاح ولا تسمح بتوريد مواردها إلى البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.
مما يعني أن العقلية الاستبدادية الحاكمة لا زالت تستعمل القوة والخداع لكبت الإرادة الشعبيه الجنوبية ومطالبها العادلة، والتي بعدالتها ستشكل مدخلا لأي حلول سياسية قادمة.
إن تعنت سلطة الشرعية وإصرارها على عدم الاعتراف بالقضية الجنوبية وبأي حامل سياسي لها، واغتصاب حق تمثيل الجنوبيبن وقضيتهم، يعقد من إمكانية حسن النوايا تجاه الجنوب وقضيته، مما سيجعل أبواب الحل العادل للأزمة اليمنية مغلقة، وقابلة للانفجار واستمرارية الصراع، ومن خلال ذلك ستحاول سلطة الاستبداد السابقة والحالية بشخوصها ورموزها وأحزابها وأجهزة إعلامها ومراكزها الدينية والكهنوتية أن تصنع حربا ثالثة ضد الجنوبيين وقضيتهم باسم الوحدة والشرعية والحوار.
من خلال المعطيات السابقة يتبين لنا أن عملية الحسم العسكري غير واردة وان استمر لسنوات طويلة، فالشرعية لن تخسر شيئا بل ستكسب طالما هناك من ينفق على الحرب، ويدفع رواتب الشرعية والانقلابيين، ومن يصرف على السلطة وازلامها واعلامييها في الفنادق الفخمة في الرياض وغيرها.
من ذلك نستدل على ان سلطة الشرعية تعرقل مسارات الحرب والسلام في أن واحد، اما الشي الخطير على مستقبل البلاد وامام اي بناء مؤسسي لدولة مدنية فسلطة ما يسمى بالشرعيه قد زرعت الغاما امام اي تفكير لليمنيين شمالا وجنوبا، وذلك من خلال زرع قوى عسكرية وسياسية غير ذات وئام وسلام في الساحة اليمنية، بما فيها المليشيات والقاعدة وحزب الاصلاح، والوية غير معروفة الولاء والانتماء، مرهونة بحسابات سياسية حزبية وفئوية، ستكشفها الايام لاحقا.
ثانيا ان اقدام سلطة الشرعية على تجنيد مئات الالاف من العسكر سيصبح لغما موقوتا امام الميزانية والتنمية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن اي حلول سياسية للأزمة يفرض معها ضمان حفظ امن الجوار والذي يتطلب قوة عسكرية محدودة العدد والتسليح، بما يعني الاستغناء عن مئات الالاف من العسكر، وهؤلاء العسكر بالاخير سيخلقون مفارز الارهاب والفوضى القادمة.
رابعا،، هناك عدم امكانية لبناء دولة مؤسسات ودولة مدنية، طالما حكومة وسلطة الشرعيه قد تجاوزت معايير التوظيف والخدمة وقامت بتوظيف الالاف من الجهلة والتنابلة والمداحين والقذافين في مراتب قيادية عليا وبالذات في الخارجية والاعلام وقيادات الوزارات والمصالح التي تحولت الى اقطاعيات عائلية لتوظيف الابناء والبنات والزوجات والاصهار وذوي الولاء الحزبي والقبلي.
بما يعني ان الدولة الحديثة لا تبنى على الجهلة معدومي الخبرة والكفاءة والتخصص، ولا تبنى على عدم تكافؤ الفرص. لا تبنى بالعصبوية والحزبية والولاء، وبذلك فإن على الشرعية استعادة الدولة، وبناء الدولة الحديثة هو تضليل ونفاق يدخل في اطار الخيانة العظمى المتجاوزة لخيانة الانقلابيين، من المنظور السياسي والمبشرة بمستقبل الدولة الرعوية وليس المدنية، والفاتحة لأبواب جهنم في اليمن شماله وجنوبه، ان لم يتم عقل هذه الشرعية والحجر على تصرفاتها، لكونها شرعية عاجزة وناقصة الأهلية والمشروعية.
تحليل / عبدالله ناجي بن شملان

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى