بسبب الفقر وانقطاع المرتبات.. أسر تحرم أبنائها من التعليم للدفع بهم إلى سوق العمل

> تقرير/ هشام عطيري

> تسببت السياسات الخاطئة لحكومة الشرعية بارتفاع مستوى الفقر بين شرائح المجتمع المختلفة، وانهيار مستمر للريال مقابل العملات الأجنبية، وهشاشة في الاقتصاد العام للبلاد.
ونتجة للأوضاع المتأزمة يوماً بعد يوم عزف الأطفال بمحافظة لحج من مقاعد الدراسة إلى العمل اليومي، بغية توفير ما تيسر من المصاريف لأسرهم التي تعاني الفقر المدقع.
المواطن منصور علي حسن من أبناء حارة العدني بمدينة الحوطة، متزوج وأب لسبعة من الأطفال، يُعاني من أمراض عدة، فضلاً عن انقطاع راتبه من السلك العسكري منذ أكتوبر 2016، ولم تُفلح متابعاته لاسترجاع مرتبه المقدر بــ48 ألف ريال.
يقول حسن في حديثه لـ«الأيام»: «التحقت بالسلك العسكري في عام 1994م برقم عسكري 379672، وبسبب مرضي بالفشل الكلوي وأمراض أخرى عدة لم اتمكن من مزاولة عملي، الأمر الذي نتج عنه قطع معاشي، ولم اجد أحداً يساعدني في متابعة القضية».
وبسبب انقطاع راتبه، واسرته الكبيرة التي يقوم باعالتها، اضطر حسن للدفع بأبنائه الأطفال للعمل في شارع المدينة، رغم عدم رغبته بذلك.
منصور حسن والد الأطفال الذي لايقدر على العمل بسبب مرضه
منصور حسن والد الأطفال الذي لايقدر على العمل بسبب مرضه

فمنهم من يصحو في الصباح الباكر متنقلاً بين أكوام ومكبات القمامة بحثاً عن المواد البلاستيكية لبيعها بريالات معدودة، فيما يذهب آخر إلى سوق السمك للعمل فيه وثالث يشتغل ببيع الخردوات، في معاناة وكفاح مستمر لا يتساوى مع ما يعودون به من مبالغ زهيدة جداً.
في المدينة الكثير من الأسر أمثال أسرة المواطن منصور علي حسن، والذي ما زال منتظرًا المساعدة في علاجه ومتابعة عودته للسلك العسكري.
*عمالة الأطفال
وتزايدت عمالة الأطفال في المحافظة بمختلف المجالات عقب الحرب التي نشبت عام 2015م، ونتج عنها ارتفاع غير مسبوق في نسبة أعداد الفقراء والأسر الفقيرة على مستوى مدينة الحوطة ومحافظة لحج ككل، متسببة بعزوف الكثير من الأطفال عن الدراسة إلى سوق العمل، رغم الجهود التي تبذلها بعض المنظمات المعنية بالأطفال لحفظ حقوقهم من خلال تنفيذ العديد من البرامج الهادفة إلى منع هذه المشكلة، والتي تحولت إلى ظاهرة باتت تعرف بـ«عمالة الأطفال».
*800ألف بحاجة للدعم الإنساني
ووفقا لوحدة التنسيق لمعلومات الأمن الغذائي بلحج، فإن خطة الاحتياجات الإنسانية للعام 2018م المعدة من قِبل منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (الاوتشا) تشير الى أن هناك 800 ألف شخص في المحافظة بحاجة إلى احتياجات إنسانية ماسة، في حين وصلت الاحتياجات الإنساسية لخطة العام الماضي إلى نصف مليون شخص، أي أن هناك زيادة لهذا العام تقدر بـ300 ألف شخص.
وحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي فإن محافظة لحج في مرحلة التقييم الرابع أي مرحلة الطوارئ وتقبع في هذه المرحلة منذ العام 2012م.

*أسباب عدة لعمالة الأطفال
وأوضح مستشار المحافظ لشؤون التربية والتعليم أحمد عبدالله الجعدي أن ظاهرة عمالة الأطفال بدأت تنتشر في اطار لحج، وأنها مرتبطة بمجموعة من العوامل، وباتت تنتهك حقا من حقوق الطفولة في العيش بأمان واستقرار، وحصوله على المأكل والمسكن والملبس والتعليم، واللعب، فضلاً عما تتركه من آثار نفسية فيهم».
وأضاف في تصريحه لـ«الأيام»: «انخراط الأطفال بالعمل في سن مبكرة عائد بدرجة رئيسة إلى الوضع الاقتصادي الذي تعيشه المحافظة جراء الحرب الأخيرة التي شنتها المليشيات الحوثية وبدعم من إيران على المحافظات الجنوبية، والتي القت بظلالها وتداعياتها على غالبية الأسر، فمنها من فقدت عائلها، أو تأخر صرف المرتبات أو انقطاعها بشكل كامل، بالإضافة إلى هبوط سعر الريال مقابل الدولار، ولهذه الأسباب وغيرها نجد الكثير من العوائل تجبر على الدفع بأطفالها للعمل في سن مبكرة؛ ليساعدوهم بتوفير وتحمل جزء من متطلبات الحياة الأساسية والضرورية».
وطالب المستشار الجعدي الجهات والمنظمات المعنية بضرورة النظر لهذه الشريحة ومساعدتها لتتمكن من تجاوز أزمتها المالية، ولإنهاء هذه الظاهرة من المجتمع بشكل نهائي».

*مخالفة لحقوق الطفل
وأشار المواطن محمد صالح مسعود إلى أن «الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد عكست نفسها على واقع حياة الأطفال، والذين يجبر بعضهم على ترك مقاعد الدراسة لسوء المعيشة والفقر ولمساعدة أسرهم بتوفير متطلبات الحياة الضرورية، فضلاً عن الواقع الحالي المتفاقم».
وقال لـ«الأيام»: «ما يتعرض له الأطفال في وقتنا الحاضر يتعارض تماماً مع ما جاء في اتفاقية حقوق الطفل من حيث حق الرعاية».
*الأطفال عرضة لمخاطر عدة
وأشار مدير عام مكتب التخطيط والتعاون الدولي جمال الوهيبي، وفقاً لـ«اليونسيف»، إلى أن «سوء التغذية في اليمن يزداد سوءا».
وتقدر مجموعة التغذية بأن حوالي 3 ملايين شخص منهم 74 % أطفال دون سن الخامسة، وأن هناك حوالي 2.1 مليون شخص مصابون حاليا بسوء التغذية منهم 1.5 مليون طفل دون سن الخامسة منهم 320 ألفا يعانون من سوء التغذية الحاد وهم بحاجة إلى مساعدات عاجلة.

وأوضح الوهيبي في تصريح خاص لــ«الأيام» أن الأطفال دون سن 15 عاما هم الأكثر تعرضا للخطر بسبب العديد من المسائل والتي يأتي في مقدمتها المشاكل الأسرية، والزواج المبكر، ومن الملتحقين بالقوات النظامية، والجماعات المسلحة، بالإضافة إلى الأطفال غير الملتحقين بالمدارس بسبب عمالة الأطفال».
وزادت ظاهرة عمالة الأطفال بشكل كبير وخاصة لدى الأسر الفقيرة والمعدمة الساعية إلى لتوفير أبسط مقومات العيش.
قضية تستدعي التحرك العاجل من قبل الجهات والمنظمات المعنية لتقديم الدعم المادي والمعنوي لتلك الأسر، مع ضرورة تكثيف حملات التوعية، ووضع الخطط والبرامج طويلة المدى للحد من الظاهرة المدمرة لحياة الأطفال، التي تسببت بمعاناة آلاف الأسر وحرمان الأطفال من الكثير من حقوقهم».
تقرير/ هشام عطيري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى