ما هو الحل الجذري للقضاء على الإرهاب واجتثاثه بشكل نهائي من الجنوب؟

> تحليل / د. يحيى شايف الشعيبي

> للتعمق في جوهر الموضوع سيتم تناوله بمنهجية تساؤلية مع إخضاع الإجابات الفرضية للتحليل على النحو الآتي:
أولا: ما نوعية الإرهاب الذي يستهدف المجلس الانتقالي الجنوبي؟
هل هو إرهاب محلي يمني أم إقليمي أم دولي أم أنه إرهاب مشترك ومخترق يوظفه طرف بعينه بهدف استمرار الهيمنة على الجنوب؟
وتفعيلا لدقة الإجابة لابد من الإحاطة بفكرة موجزة عن الجذور الأولى لتأسيس الإرهاب في اليمن من قبل العصابات المتنفذة في صنعاء الذين اجتاحوا الجنوب عام 1994م. ومن غرائب الأقدار وعجائبها التزامن الذي حدث في العام 90م من القرن الماضي بين حدثين:
الأول: تمثل في سقوط نظام عالمي قديم وقيام نظالم عالمي جديد، فتحولت الحرب الباردة بين طرفي النظام السابق إلى حرب عصابات إرهابية بين الشركات الكبرى لنظام السوق الدولي الواحد، مثلما أقيمت الحربان العالميتان الأولى والثانية بين شركات النظام الرأسمالي الدولي الواحد.
الثاني: لسوء الحظ تمثل في سقوط الدولة الجنوبية بيد القبيلة اليمنية المتخلفة لتحل محلها، فانتهت الحرب الظاهرة بين الطرفين لتبدأ حرب الإرهاب القبلي اليمني الذي لا يستطيع أن يعيش داخل الدولة ضد المجتمع المدني الجنوبي الذي لا يستطيع أن يعيش خارج الدولة. ولكي تنجح عصابات الإرهاب ذات الطابع القبلي العشوائي الفوضوي فتحت الجنوب على مصراعيه أمام ما يقابلها خارجيا من عصابات إقليمية ودولية متنفذة وجدت في الوضع العشوائي القبلي في اللادولة - ولا سيما في الجنوب - بيئة خصبة للتوغل في مفاصل أهم موقع استراتيجي في العالم متفرد بكثرة بحاره وتفرد مضيقه وخصوبة ثرواته.
ولكي تضمن عصابات الإرهاب القبلية البقاء لمدة أطول في الجنوب عمدت إلى محاولة طمس الوجود الجنوبي من الخارطة السياسية للعالم نهائيا من خلال قيامها بتخصيص عصابات إرهابية منظمة ومتعددة.
كما وظفت بعض القوى الجنوبية كديكور لتغطية وجهها الإرهابي بطابع وحدوي كاذب وعمدت على توريطهم إرهابيا حتى يظلوا تحت الهيمنة في كل الظروف، إلا من رحم الله، وعملت بخبث على توظيف الصراع الدولي واشتغلت على تناقضاته وتجاذبات قواه في المنطقة، واستغلت الجهود والإمكانيات الدولية لمكافحة الإرهاب، لتصنع بها إرهابا لا لتقضي عليه حتى تضمن استمرار هيمنتها على الجنوب.
ثانيا: ما هي الأسباب التي جعلت الإرهاب يستهدف الانتقالي دون غيره؟
هل تعود هذه الأسباب إلى تبني الانتقالي للمشروع السيادي الجنوبي الذي بموجبه منحته الجماهير الثائرة الشرعية الميدانية ونال على إثره الرضا العربي والدولي، وصولا إلى حق استعادة الدولة الجنوبية وقطع مصالح شركات العصابات الإرهابية؟ أم لانحيازه إلى المشروع العربي من خلال مشاركته الفاعلة في عاصفة الحزم وما أنجزته المقاومة الجنوبية والتحالف العربي في تحرير محافظات الجنوب من المشروع الشيعي الإيراني، ومشاركة التحالف في تحرير اليمن من المشروع الإيراني ذاته والمهيمن عبر عصابات الحوثي الشيعية، مما قد يقطع الطريق على مصالح العصابات الإقليمية في الجنوب؟ أم بسبب ما تحققه قوات الانتقالي ممثلة بالمقاومة الجنوبية وقوات الحزام الأمني وقوات النخبة من نجاحات نوعية ضد الإرهاب دون غيرها أهلت المجلس الانتقالي إلى أن يصبح الشريك الوحيد الموثوق به دوليا في محاربة الإرهاب في الجنوب واليمن، مما قد يقطع الطريق على مصالح عصابات الإرهاب الدولية؟ أم لكل هذه الأسباب يقوم الإرهاب في استهداف المجلس الانتقالي دون غيره؟
*بدايات المقاومة
منذ اللحظات الأولى للنكبة قاوم شعب الجنوب الثائر مشروع الإرهاب اليمني المتدثر بالغطاء الإقليمي والدولي، وقدم عشرات القيادات والكوادر بعد الوحدة مباشرة في حربه مع الإرهاب. وفي حرب 1994م هيمن الإرهاب اليمني على الجنوب لتسقط الدولة الجنوبية بكل قواها بيد الإرهاب اليمني الثلاثي، ومن ذلك اليوم إلى 2007م لم يمر عام دون مقاومة جنوبية ضد الإرهاب المدعوم من العصابات الإقليمية والدولية وبعض المورطين جنوبيا، إذ جن جنونهم واستخدموا كل أنواع الإرهاب بما فيها محاصرة الثورة وعزلها وتفتيت مكوناتها وإفشال حاملها السياسي وتشويش صورتها إقليميا ودوليا حتى تحرم من الحليف الإقليمي والدولي إلى أن انكشف الستار للعالم وعرفت مسرحياتهم وانقساماتهم وصراعاتهم الزائفة في سبيل عرقلة القضية الجنوبية، إلى أن شعر الداخل والخارج بأن هذه العصابة تشكل خطرا كبيرا على العالم كله.
فأتت الجهود العربية والإقليمية والدولية بعاصفة الحزم للحد من عصابة الإرهاب الفاسدة بجناحيها الانقلابي الإيراني والمتشرعن الإخواني، فكان للمقاومة الجنوبية بقيادة القائدين عيدروس الزبيدي وشلال علي شايع وكل رفاقهما وشعب الجنوب الثائر دور مميز في تحرير الجنوب من المشروع الإيراني وملاحقته إلى الشمال.
*ضرورة الحامل السياسي
على إثرها شعرت القوى الداخلية والخارجية بضرورة وجود حامل سياسي للثورة الجنوبية بجناحيها السلمي والمقاوم، فلبى شعب الجنوب النداء ومنح الرئيس القائد عيدروس تشكيل المجلس، فشكل المجلس بقيادة وطنية وبوثائق واضحة، وأسست فروعه العليا في المحافظات والمديريات والقرى والمحافظات، وتمكن بمساندة التحالف من تأسيس قوة عسكرية صلبة تمثلت بالمقاومة والحزام والنخبة، فجن جنون عصابات الإرهاب اليمنية، فكثفت من نشاطها الإرهابي مرة ضد الأمن الذي يقوده القائد شلال علي شايع، قائد أمن عدن، لما يحققه من نجاحات عظيمة، ومرة ضد النخبة، ومرة ضد الحزام الأمني، وتتويجا وليس أخيرا ضد المجلس الانتقالي، وكانت التضحيات جسيمة إلا أن الصياح كان على قدر الوجع، لأن ما حققته قوى المجلس المقاومة داخليا والدبلوماسية الخارجية للمجلس وما أنجزته بوقت قصير من نجاحات نالت رضى الكل داخليا وخارجيا، كل تلك الأمور قيدت حركة مصالح الإرهاب اليمني والعصابات المتحالفة معه والمدعومة من إيران وقطر وتركيا، وداخليا من الانقلابيين والمتشرعنين الفاسدين، وكل هذه الحملة الغاشمة ضد المجلس كانت ولا زالت بفعل موقفه مع الحق السيادي لشعب الجنوب وانتزاعه من عصابات الإرهاب اليمنية، ولانحيازه إلى مشروع الأمة العربية بقيادة المملكة والإمارات ضد الانقلابيين والإرهابيين، ولوقوفه مع الإرادة الدولية لمحاربة الإرهاب اليمني الذي يهدد مصالح الدول الكبرى.
*إرهاب متعدد
ثالثا: ما هي الأساليب التي يتبعها الإرهاب ضد الانتقالي؟
هل اتبعت العصابات الإرهابية أساليب الإرهاب الإعلامي أم السياسي أم الاقتصادي أم الخدماتي أم العسكري؟ أم أنها توظف جميع هذه الأساليب الإرهابية كلها؟
اتبعت عصابات الإرهاب الانقلابية الشيعية والمتشرعنة الإخوانية كل أساليب الإرهاب ضد المجلس الانتقالي، وبآليات إرهاب (سياسية وإعلامية واقتصادية وعسكرية وخدماتية)، وهي نفس العمليات التي اتبعتها ضد الجنوبيين بعد الاحتلال في عام 1994م، ومع الثورة السلمية الجنوبية قبل العاصفة ومع المقاومة الجنوبية بعد العاصفة، إلا أنها كثفت من عملياتها الإرهابية بعد تشكيل المجلس والتفاف الجماهير حوله وما ناله من رضى إقليمي وعربي ودولي وانبهار وذهول في الشارع اليمني ذاته، لما تحققه المقاومة الجنوبية من نجاحات متفردة دون غيرها حتى في محافظات الشمال، وهو ما أفقد عصابات الإرهاب صوابها وحلفائها من العصابات الإقليمية والدولية المربكة للنظام العالمي الجديد، الأمر الذي جعلها تكثف وبقوة من إرهابها المتعدد عبر بقاء اللوبي الإخونجي المهيمن على الشرعية، ففي جانب الإرهاب الخدماتي عملت على تدمير البنية التحتية وحرمان الحاضن الشعبي للانتقالي من كل مقومات الحياة بهدف التخلي عنه، ليسهل ضربه، قامت بإعدام النفط ورفع أسعاره لكي ترتفع كل السلع الاستهلاكية، ولتعمق الأزمة عمدت إلى اتباع سياسة انهيار العملة المحلية بوجه الدولار، لتتضاعف الأزمة الحياتية عند المواطن بهدف إفقاره ثم الاشتغال على ناتج الإفقار حتى تربك الانتقالي بالحروبات الأهلية الجانبية، ولم تهمل الإرهاب السياسي بل عملت ولا زالت على زعزعة الثقة بين الانتقالي وقياداته وشعبه، وبينه والتحالف والإقليم والقوى الدولية، بهدف إنهاكه، ثم اتجهت إلى الإرهاب الإعلامي وعملت عبر أسطولها الضخم على شن حملة ظالمة وتدميرية غير أخلاقية ضد المجلس وقياداته وقواه المقاومة، بهدف شرعنة استهدافهم بالإرهاب العسكري من خلال تنفيذ عمليات كثيرة وكبيرة ومتسارعة ضد المجلس وقواه وقياداته وحاضنته كأقوى وسيلة حاسمة بهدف القضاء عليه.
رابعا: ما هو الحل الجذري  للقضاء على الإرهاب واجتثاثه بشكل نهائي من الجنوب؟
هل يكمن الحل النهائي في وحدة شعب الجنوب الثائر والتفافه حول المجلس الانتقالي وقواته في المقاومة والحزام والنخبة حتى استعادة الدولة الجنوبية؟ أم في مناصرة الشعب اليمني وقواه الحية المنحازة إلى المشروع العربي والإنساني الدولي للانتقالي وقواه من خلال الإبلاغ عن كل مشبوه ينخرط في عصابات الإرهاب ومحاسبته من قبل حلفائنا في دول التحالف العربي بقيادة المملكة والإمارات لإنجاح الانتقالي وقواه في المقاومة والحزام والنخبة في محاربة الإرهاب، وتمكينه من إدارة محافظات الجنوب المحررة واستكمال التحرير والدفاع عن حدود محافظات الجنوب المحرر لمنع دخول أو عودة الإرهابيين إلى الجنوب؟ أو من خلال وقوف القوى الدولية الراعية للأمن والسلم الدوليين إلى جانب المجلس الانتقالي كقوة سياسية موجودة على الأرض، وتمكينه من تمثيل الحق السيادي للجنوب في الداخل والخارج؟ أم من خلال وقوف كل هذه القوى مجتمعة في الداخل والخارج إلى جانب المجلس الانتقالي وقواه الحاسمة التي حققت نجاحات ملموسة على أرض الواقع دون غيرها، وقدمت تضحيات جسيمة من أجل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين؟
ولأن الجنوب يدفع اليوم ضريبة حماية المصالح الدولية بتصديه للإرهاب المدعوم من عصابات إرهابية دولية مارقة، وثمن مصالح المشروع العربي في مواجهة المشروع الإيراني التركي القطري، وثمن مصالح تحرير اليمن من الحوثيين، وثمن استكمال تحرير الجنوب من الاحتلال، ولأن هذه القوى الإرهابية جميعها في الداخل والخارج مجتمعة ضد الانتقالي أو حامل لقضية شعب الجنوب، فينبغي أن تجتمع كل القوى الجنوبية واليمنية والعربية والدولية التي يدفع الانتقالي ثمن دفاعه عن مصالحها وتقف وبقوة معه وتمكنه من تحقيق هدف شعبه في استعادة السيادة الجنوبية الضامنة لمصالح كل القوى المتحالفة ضد الإرهاب الداخلي والخارجي الذي تتصدره عصابات الإرهاب اليمنية الفاسدة بشقيها الانقلابي والمتشرعن.
*رئيس المركز العلمي الجنوبي.
تحليل / د. يحيى شايف الشعيبي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى