حرب اليمن.. تمثل جانبا من صورة صراع أوسع يدور منذ عشرات السنين بين إيران والسعودية

> الرياض «الأيام» ستيفن كالين وسارة دعدوش

> أثار هجوم صاروخي هذا الأسبوع على الرياض احتمال تصاعد حرب اليمن في منطقة صدعتها صراعات متشابكة، غير أنه لا يزال من المستبعد فيما يبدو أن يتطور الأمر إلى مواجهة مباشرة بين السعودية وإيران.
ويتعين على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يقوم الآن بجولة في الولايات المتحدة، الموازنة بين العداء لإيران والحاجة للاستقرار، وهو يطرح على المستثمرين الأجانب خطة التحول الاقتصادي التي رسمتها المملكة، ويروج لاحتواء نفوذ إيران على المستوى الإقليمي.
ومع ذلك يقول دبلوماسيون ومحللون إن السلطات الإيرانية قد تعمد إلى تصعيد الضغط في اليمن كشكل من أشكال الردع وهي تواجه احتمال تشدد مواقف الحكومة الأمريكية بدرجة أكبر مع إعلان الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي ومايك بومبيو وزيرا للخارجية.
وكانت السعودية قد رفعت نبرة تصريحاتها المناهضة لطهران بعد أن أسقطت القوات السعودية عددا من الصواريخ التي أطلقها الحوثيون على مدن سعودية مساء يوم الأحد الماضي، وتسبب أحد الصواريخ في سقوط أول قتيل في العاصمة السعودية الرياض عندما سقط حطام صاروخ على بيت فقتل مقيما مصريا وأصاب اثنين آخرين.
وتعهد الملك سلمان، عاهل السعودية، في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام الرسمية أمس الاول الثلاثاء بأن المملكة ستتصدى «بكل حزم لأي محاولات عدائية تستهدف أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها والمقيمين على أرضها».

وقبل ذلك بيوم اتهم المتحدث باسم التحالف، الذي تقوده السعودية في محاربة جماعة الحوثي، الجماعة باستخدام صواريخ إيرانية الصنع، وقال إن السعودية تحتفظ بالحق في الرد على إيران في الوقت وبالشكل المناسبين.
وكان التحالف تدخل في اليمن في مارس 2015 في حملة من أجل إعادة الحكومة المعترف بها على المستوى الدولي، بعد أن دفعتها قوات الحوثيين إلى الخروج إلى المنفى.
وشبه المتحدث العقيد الركن تركي المالكي إيران «بالزائدة الدودية في جسد العالم، وعليها أن تصلح نفسها أو سيقوم العالم بإصلاح الوضع الإيراني».
* خيارات عسكرية محدودة
قال محللون إن من المستبعد في الأجل القريب أن يتسم رد القيادة السعودية بالعدوانية وسط تسلط الأضواء دوليا على الحرب اليمنية الدائرة منذ ثلاثة أعوام، والتي كانت سببا في أكثر الأزمات الإنسانية إلحاحا في العالم.
وقال إحسان خومن خبير الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤسسة إم.يو.إف.جي الاستشارية: «سيرغب الأمير محمد في الظهور بمظهر القائد الذي يتحلى بضبط النفس ورباطة الجأش».
وأضاف أن الأمير محمد «ربما يستغل هجمات الحوثي الصاروخية الأخيرة في تدعيم خطابه بأن التعدي الإيراني يهدم الاستقرار الإقليمي، وأن من الضروري بذل جهد دولي أكثر تنسيقا لاحتواء إيران».
وتمثل حرب اليمن جانبا من صورة صراع أوسع يدور منذ عشرات السنين بين إيران والسعودية اللتين تمولان وتدربان قوات تعمل لحسابها في كل من العراق وسوريا ولبنان، وتتبادلان الاتهامات بدعم الإرهاب.
ومن المحتمل أن ينطوي التصعيد العسكري ردا على وابل الصواريخ الأخير على المزيد من الضربات الجوية من جانب طائرات التحالف، وهي الضربات التي قوبلت بانتقادات واسعة لسقوط قتلى من المدنيين فيها. وقد ينطوي على تعبئة قوات الحرس الوطني السعودي على الحدود لشن هجوم بري منسق داخل شمال اليمن.
ويقول الدبلوماسيون والمحللون إنه لا توجد خيارات أخرى تذكر أمام التحالف تستبعد العمل العسكري المباشر ضد هدف إيراني، وهو أمر لا يزال يبدو مستبعدا ما لم يصب صاروخ من صواريخ الحوثيين هدفا سعوديا ثمينا.
وفي العام الماضي عندما أطلق الحوثيون صواريخ على الرياض وتم اعتراضها رد التحالف بإغلاق المطارات والموانئ اليمنية. وقالت الأمم المتحدة إن هذا الحصار أثار خطر حدوث مجاعة واسعة النطاق وتم رفع الحصار جزئيا.
وقالت جين كيننمونت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في تشاتام هاوس بلندن «ربما يأخذون خطوات مماثلة لكي يبدو الأمر وكأنهم يفعلون شيئا، لكنه لن يغير في الواقع العوامل المحركة للصراع».

وأضافت «خوفي أن ينساقوا وراء القيام بعمل مباشر ضد هدف إيراني ما وأن يمثل أي عمل من هذا النوع تصعيدا أكبر».
وقالت مجموعة أوراسيا الاستشارية إن نجاح ضربة يوجهها الحوثيون لهدف سعودي ثمين ستؤدي على الأرجح إلى رد عسكري حازم من السعودية لمحاولة ردع إيران.
وقال المحللون إنه على الرغم من استبعاد أن يتطور الأمر إلى مواجهة مباشرة بين السعودية وإيران فإن الخطأ في الحسابات وارد.
* جهود الوساطة
حثت الدول الغربية السعودية وحلفاءها العرب على حماية المدنيين، والسعي للتوصل إلى نهاية سريعة لحرب اليمن. غير أنها تؤيد أيضا رأي الرياض أن من الضروري الدفاع عن نفسها من الهجمات عبر الحدود والحد من انتشار النفوذ الإيراني في المناطق التي تشرف على طرق التجارة المهمة.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من عشرة آلاف شخص سقطوا قتلى في الحرب وإن 22.2 مليون يمني، أي حوالي ثلاثة أرباع السكان، يحتاجون مساعدات إغاثة. وتم الإبلاغ عن أكثر من مليون حالة إصابة بالكوليرا، فيما يمثل أسوأ تفش للمرض في العصر الحديث.
وقال المحللون إن السعودية ستواصل على الأرجح العمل في إطار حملتها العسكرية في اليمن للإطاحة بالحوثيين من العاصمة صنعاء وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وإنها قد تستمر في الوقت نفسه في دعم مساعي الوساطة.
ومع ذلك قالت مجموعة أوراسيا إن تعيين بولتون وبومبيو في واشنطن قد يشجع إيران على تصعيد أنشطتها في اليمن لإظهار قدرتها واستعدادها للعمل على إضعاف الولايات المتحدة وشركائها.
وهون اقتصاديون من أثر الهجمات الحوثية على الاقتصاد السعودي الذي يحاول الأمير محمد انتشاله من الاعتماد على صادرات النفط بمجموعة من الإصلاحات من بينها خفض دعم الطاقة وتوسيع دور القطاع الخاص.
وربما يكون المستثمرون قد أخذوا في حسبانهم بالفعل - إلى حد كبير - المخاطر التي قد تنجم عن ضربات الحوثيين الصاروخية. غير أن تصعيد الصراع اليمني وتطور الأمر إلى صراع مباشر بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعودية قد يتسبب في ابتعاد المستثمرين الأجانب. «رويترز»
*ملف صور لصواريخ حصلت عليه «الأيام» من قيادة التحالف استُعرضت كأدلة على دعم إيران للحوثيين بالسلاح





> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى