قراءة في تداعيات فك الارتباط.. كيف أصبحت قضية الجنوب هي المشكلة وهي الحل؟

> تحليل/ د. يحيى شايف الشعيبي

> - ما هي القضية الجنوبية كمشكلة وكحل معا؟ هل هي قضية هوية؟ أم قضية دولة؟ ٲم قضية وطن؟
- لماذا القضية الجنوبية هي المشكلة وهي الحل؟
هل هي المشكلة لأن الهوية الجنوبية تم طمسها والحل يكمن في استعادة ما تم طمسه، أم لأن الدولة الجنوبية تم تدميرها والحل يكمن في استعادة ما تم تدميره، ٲم لأن الوطن الجنوبي تم احتلاله والحل يكمن في تحرير ما تم احتلاله؟
- كيف ٲصبحت القضية الجنوبية هي المشكلة وهي الحل؟ 
هل أصبحت هي المشكلة بفعل الكيفية التي تم فيها استبدال الهوية الجنوبية بالهوية اليمنية؟، ٲم بفعل الكيفية التي دمرت فيها القبيلة اليمنية الدولة الجنوبية المدنية؟، أم بفعل الكيفية التي تم فيها احتلال الجيش اليمني للوطن الجنوبي، والحل يكمن في ابتكار الآليات التي نستعيد بها الهوية والدولة والوطن؟.. وللإجابة عن هذه الأسئلة سنتابع تفاصيلها عبر النقاط الآتية:
ٲولا: ٲسباب القضية الجنوبية ورفض الجنوبيين لها وسنتناولها على النحو الآتي:
ٲ- طمس الهوية الجنوبية
دٲب النظام اليمني منذ وقت مبكر على إحلال هويته اليمنية المصطنعة محل الهوية الجنوبية موظفا الظروف الإقليمية والدولية كلما سنحت له الفرصة في ذلك فمع بداية القرن العشرين تركت تركيا صنعاء وٲخواتها للأئمة الزيدية المتمردة ليعلن فيها الإمام يحيى مملكته الهاشمية قبيل الحرب العالمية الأولى في العام 1911م ومع نهاية الحرب العالمية الأولى في العام 1918م انسحبت تركيا من إب وتعز والحديدة وسلمتها للإمام يحيى كقوة موجودة على الأرض فأعلن تغيير مملكته من المملكة المتوكلية الهاشمية إلى المملكة المتوكلية اليمنية محولا الهوية الجغرافية لليمن إلى هوية سياسية طامحا بهذه التسمية ضم كل المناطق الواقعة يمين الكعبة بما فيها جزء من دول الخليج والجنوب والشمال وجزء من السعودية إلى مملكته الجديدة، فاعترف حينها بقيام الاتحاد السوفيتي ليعترف به السوفيت مباشرة وعلى إثرها دخل الإمام في حروب متعددة مع جيرانه في إب وتعز والحديدة فأخضعهم لهويته بينما فشل بإخضاع الجنوب بالقوة فرسمت الحدود بينه وبين الجنوب العربي كما رسمت الحدود بينه وبين السعودية بعد معارك دامية واشترطت عمان ٲن يلتزم الإمام بأنها خارج مشروعه اليمني حال استلامها وثيقة الاستقلال من الأمم المتحدة فوافق الإمام، وعندما قامت الحركة اليمنية المناهضة للإمام منذ الأربعينات قاوموا الإمام بنفس مشروعه اليمني ناقلين هذه الثقافة التوسعية إلى الجنوب التي انطلقوا منها ضد الإمام لتواجه بالرفض الجنوبي ومع استلام استقلال الجنوب عام 1967م تم الالتفاف على الهوية الجنوبية فأحلت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية محل الجنوب العربي لتستكمل حلقات الطمس عام 1969م بحذف لفظة الجنوبية وإحلال لفظة الديمقراطية محلها.
ب ـ تدمير الدولة الجنوبية
وتحت راية الهوية اليمنية قامت في الجنوب دولة مدنية جنوبية قوية بدعم من السوفيت وبجهود كل ٲبناء الجنوب، وفي ليلة وضحاها تم تسليمها في نهاية النظام العالمي الثاني للقبيلة اليمنية بحجة عودة الفرع إلى الأصل كنتاج لثقافة الوهم اليمنية وقد قاوم الجنوبيون هذه المؤامرة منذ اليوم الأول ودفعوا الثمن غاليا.
جـ ـ احتلال الوطن الجنوبي
ومع بداية النظام العالمي المعاصر (العولمة) لم يكتف النظام القبلي في اليمن بتدمير مؤسسات الدولة الجنوبية بل عملوا على توجيه جيشهم الفئوي لاحتلال الجنوب (ٲرضا وإنسانا ودولة) وهو الأمر الذي قاومه الجنوبيون لشهور ودفعوا الثمن غاليا ولا زالوا.
ثانيا: الهيمنة على القضية الجنوبية والتصدي الجنوبي لها وسنتناولها على النحو الآتي:
ٲـ خطة الهيمنة على الثورة الجنوبية
لا توجد قضية حقيقية في سلطة القبيلة اليمنية سوى مظالم مجزٲة هنا وهناك، فعندما بدٲت المقاومة الجنوبية منذ حرب 1994 م بأشكال متعددة ابتداء من “موج” السلمية و“حتم” المسلحة واللجان الشعبية الميدانية وتحريك القضية في ٲروقة الاشتراكي وصولا إلى إعلان تاج كتيار منظم لمقاومة الاجتياح اليمني في العام 2004م سرعان ما توجه المحتل لصناعة قضية صعدة شمالا بهدف تمييع القضية الجنوبية فلم يفلح بتوقيف القضية الجنوبية التي تصاعدت بعد إعلان جمعية المتقاعدين العسكريين والمدنيين في مارس 2007 م في الضالع وتبنيها لاعلان الثورة الجنوبية في يوليو 2007 في عدن سارع المحتل اليمني إلى إعلان قضية الحديدة غربا وقضية مأرب شرقا بهدف احتواء قضية الجنوب فباءت جهوده بالفشل، فحاول ٲن يقسم قضية الجنوب إلى قضيتين: قضية عدن وقضية حضرموت، ولم يفلح فسرعان ما بادر إلى ما يسمى بثورة التغيير اليمنية بهدف الالتفاف على الثورة الجنوبية وعندما فشل في توقيف الثورة الجنوبية بادر إلى إسقاط رٲس النظام دون منظومته والدعوة إلى ما يسمى بموتمر الحوار العام بإشراف إقليمي بهدف جر الثورة الجنوبية إليه وعندما رفضت الثورة الجنوبية ذلك سلمت سلطة اليمن القبلية صنعاء وكل محافظات الشمال للحوثيين ليتم محاصرة الرئيس هادي من قبل الحوثيين ثم تهريبه إلى عدن لإيجاد حجة للتحرك جنوبا لإخضاعها مرة ٲخرى لسلطة القبيلة في صنعاء.
ب ـ خطة تهميش المقاومة الجنوبية 
عندما وصل الحوثيون بمشروعهم الفارسي إلى عدن بحجة ملاحقة هادي الذي تم تهريبه إلى خارج الجنوب تصدى لهم شعب الجنوب المسالم الأعزل بكلما يملك من إمكانيات بينما القوات المسلحة لهادي ولجانه الشعبية وكل حلفائه تخلوا عنه منذ اللحظة الأولى لوصول الحوثي إلى عدن، حينها سرعان ما ٲعلنت عاصفة الحزم من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات ضد الاحتلال الحوفاشي وعلى إثرها تشكلت المقاومة الشعبية الجنوبية من رجال الثورة السلمية إلى جانب المقاومة الجنوبية المشكلة منذ العام 2012م في مرحلة اللاسلم واللاحرب وصمدت المقاومة الجنوبية دون غيرها وتم دعمها جوا من قبل التحالف موفرة تكاليف هائلة للتحالف في حالة أن قرر النزول إلى الأرض، فحققت المقاومة الجنوبية المشبعة بروح التحرير نجاحات هائلة أذهلت المحتل اليمني بجناحيه الانقلابيين والمتشرعنيين إذ عملوا بكل قوة للقضاء على المقاومة الجنوبية من خلال تذويبها مرة في إطار اللجان الشعبية اليمنية وأخرى في إطار المقاومة الشعبية ففشلوا واصبحت المقاومة الجنوبية امرا واقعا مما جعلهم يرهنوا مشاركتهم مع التحالف بفرض الحصار الاعلامي على المقاومة الجنوبية فلم يكتب لهم النجاح، ولا سيما بعد ان تمكنت القوات الجنوبية من طرد الحوثيين من محافظات الجنوب المحرر فعمدوا الى تعطيل قرار اعتماد المقاومة الجنوبية ضمن الميزانية التي يقدمها حلفاؤنا في التحالف بهدف القضاء عليها الا ان المقاومة الجنوبية استمرت في مشاركة حلفائنا داخل الجنوب وخارجه محررة الساحل الغربي ومنطقة البقع وغيرها وحققت نجاحات لم تحققها ما يسمى باللجان الشعبية اليمنية او ما يسمى بالجيش الوطني الذي اختفى عن بكرة ابيه في الجنوب وعجز عن تحرير صنعاء وٲخواتها الى اليوم.
علما أن ما يسمى بالشرعية المنفية لم يجعل لها موطئ قدم على الارض الا المقاومة الجنوبية، وبدلا من رد الجميل عمدت والى اليوم لتعطيل الحياة في محافظات الجنوب المحرر نكاية بالمقاومة الجنوبية.
ج ـ خطة تعطيل الحامل السياسي والحليف
ادرك المحتل منذ اللحظة الاولى لاجتياح الجنوب بان خروجه منه مسألة وقت وان ذلك ممكنا حال اشتعلت ثورة منظمة يقودها حامل سياسي قوي بمبادئه وامكانياته المادية والمقاوماتية وبدعم اقليمي ودولي، ولكي لا يحصل شعب الجنوب على ذلك ان قامت ثورة تحررية، وهو ما حصل بالفعل وحينها لابد من التعطيل المكثف للحامل السياسي فان نجح بذلك يكون قد افرغ ما بداخل الجنوبيين من ثورة وضمن بقاءه لمدة اطول، فعمد قبل العاصفة على جعل الثورة السلمية مجرد ظاهرة صوتية من خلال منع اي تشكيل سياسي لقيادة الثورة وعندما فشل عمل على تفكيك المكونات ولم يفلح فاتجه الى استنساخها ولم يطمأن حتى عمد الى اختراق بنيتها الا انه لم يتمكن من القضاء على وحدة الهدف السيادي ولم يستطع ان يوجد البديل لها ولم يتمكن من منع الجماهير من الالتفاف حولها رغم وضعها المجزأ لكنه اربك الحليف الاقليمي والدولي من تبني اي من مكوناتها، وفي مرحلة العاصفة صدم بالمقاومة الجنوبية كقوة مسلحة على الارض حققت نجاحات كبيرة الى جانب التحالف وحصلت على دعم التحالف فاشتغل بنفس آليته لجعلها مجزأة ومتنافرة، الا ان حاجة التحالف لتنظيم المقاومة الجنوبية التي هزمت المشروع الايراني في المنطقة العربية دون غيرها قد جعل للمقاومة الشعبية الجنوبية قيادة في كل الجبهات في محافظات الجنوب المحرر حتى يتم الحفاظ على الانتصار، وبدأ العمل لتحويل هذه القيادة إلى حامل سياسي.
وبعد تحرير الجنوب ولا سيما في 4/ مايو 2017م صدم المحتل بتفويض شعب الجنوب قيادة لتشكيل حامل سياسي كاول خطوة نحو حامل يحظى بتشريع ميداني ساحق وتوالت تشكيلات المجلس ابتداء بتشكيل هيئة رئاسته ثم انجاز وثاثقه وتشكيل دوائره وجمعيته الوطنية ومركزه الاستراتيجي وكلها تمت في ظل تجمعات مليونية شرعنت لها ميدانيا ثم انتقل الى تشكيل فروعه في المحافظات والمديريات والقرى والأحياء في سياق مشاركات شعبية عريضة ودخل في حوارات تمثلت في استيعاب الاغلبية العريضة من كل الوان الطيف المؤمن بالسيادة الجنوبية ولا زالت مفتوحة وستظل كذلك لان المجلس ثمرة نضال كل الجنوبيين وينبغي ان يستوعب الكل المؤمن بالسيادة الجنوبية، وكما اصبح يملك قوة عسكرية منظمة على الارض ولهذا حظي بدعم اقليمي ودولي ولا سيما من حلفائنا الرئسيين في دول التحالف العربي بقيادة المملكة والامارات.
الامر الذي جعل المحتل الانقلابي والمتشرعن يشن حربا خبيثة ضد الانتقالي الى اليوم في كل المجالات السياسية والدبلماسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والامنية مستخدما عدة آليات قذرة ابرزها حرب انهيار العملة ورفع الأسعار وحرب تدمير الخدمات واستثمار الازمات وحرب الفساد والحرب الارهابية والحرب النفسية الاعلامية وحرب التشكيلات المضادة بالرؤية والاستراتيجية والتكتيك.
ثالثا : كيفية حل القضية الجنوبية ومؤازرة الجنوبيين لها، وسنتناولها على النحو الآتي:
ٲ ـ تمكين الانتقالي من محافظات الجنوب المحرر إداريا وٲمنيا.
ﺑ ـ استكمال تحرير الجنوب، وعدم السماح لعودة الجيش الشمالي إليه.
ج ـ تمثيل الانتقالي للقضية الجنوبية في الداخل والخارج.
د ـ إعادة إنتاج الجيش والأمن الجنوبيين ودمجهما مع المقاومة الجنوبية الباسلة.
هـ ـ إعادة القيادات والكوادر والموظفين الجنوبيين المدنيين والعسكريين والأمنيين الذين تم تسريحهم، ونفيهم، وإعفاؤهم قصرا من قبل المحتل اليمني المتخلف، وتعزيزهما بالكوادر والموظفين من الجيل الجنوبي الصاعد. 
وـ إعادة جميع الأراضي والمساحات السكنية والتجارية والزراعية العامة والخاصة في الجنوب المحرر، والتي تم مصادرتها من قبل المحتل اليمني بعد عام 1994م.
ز ـ تعويض الجنوب المحرر في كل ما لحق به من دمار شامل في الأرض والثروة والإنسان والدولة منذ العام 1994م إلى يوم الاستقلال.
ح ـ تقديم كل قيادات الاحتلال اليمني للمحاكمة كمجرمي حرم في كلما ارتكبوه من مجازر وٲعمال وحشية ضد الشعب الجنوبي طيلة فترة الاحتلال. 
ط ـ إقامة إقليمين بخمس ولايات، الإقليم الأول في الجنوب (ج.ي.د.ش) سابقا بولايتين، والثاني في اليمن (ج.ع.ي) بثلاث ولايات.
ي ـ ترتيب الوضع الوطني في اليمن الشمالي لما يضمن تعايش الكل فيه.
ك ـ الإشراف الإقليمي والدولي على عملية تفاوضية بين الجنوب واليمن تفضي إلى فك الارتباط بين الطرفين.
ل ـ إقامة علاقات تكاملية بين اليمن والجنوب في سياق التكتل العربي الخليجي .
*رئيس المركز العلمي الجنوبي
تحليل/ د. يحيى شايف الشعيبي*

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى