من وماذا وراء عرقلة زيارة المبعوث الأممي إلى عدن؟

> عدن «الأيام» خاص

> صنعاء المحتلة والخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية آمنة واستقبلت المبعوث الأممي الجديد بمباركة الشرعية، وعدن المحررة غير آمنة ويستحيل وصول جريفثس إليها والمكوث فيها ولو لساعات معدودة.
مفارقة عجيبة لا تخضع لأي منطق لا سياسي ولا عسكري، ولا حتى أمني، غير اللعب على وتر الجنوب وإعادة إلحاقه بالأصل الشمالي وحكومته الموصوفة بالشرعية.
وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيثس أعلن أمس الأول، في بيان، تأجيل زيارته إلى مدينتي عدن والمكلا الجنوبيتين. وفقا لما نقلته وسائل إعلام منها وكالة «إرم نيوز».
وقال جريفيثس إنه «تم تأجيل زيارته إلى مدينتي عدن والمكلا لدواعٍ أمنية ولوجستية».
وأكد أنه مازال يخطّط لعقد مناقشات في عدن والمكلا، ويتم حالياً العمل على إعادة جدولة الزيارة للأسابيع المقبلة، سعياً لاستئناف العملية السياسية في اليمن.
وكان مقررا أن يصل جريفثس إلى العاصمة عدن أمس الأول الخميس للقاء قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي وعدد من مكونات الحراك المطالبة بالاستقلال.
وفي حين يرى محللون سياسيون أن عدم تمكّن أو تمكين المبعوث الأممي من زيارة عدن والمكلا هو فشل ذريع لحكومة الشرعية التي تدعي سيطرتها على 80 % من الأراضي اليمنية.. يعتقد آخرون أن حكومة الشرعية هي نفسها من سعت إلى عرقلة الزيارة أو تأجيلها والاستئثار ببرنامجها على أقل تقدير.
ويؤكد هؤلاء على أن السبب الرئيس لعرقلة المبعوث الأممي إلى عدن هو الواقع المفروض على الأرض بوجود قوات المقاومة الجنوبية وسيطرة المجلس الانتقالي مع غياب تام للحكومة الشرعية والرفض الشعبي لأي سلطات تنفيذية أو عسكرية شمالية، وهو- بحسب المراقبين- ما يوصل حقيقة هذا الواقع إلى الأمم المتحدة للنظر فيه والتعامل معه سياسيا على غرار الواقع المفروض على الشرعية في صنعاء وبعض محافظات الشمال.
مصدر دبلوماسي جنوبي أوضح في تصريح لـ «الأيام» أن حكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين في الشمال هم المستفيدون من الحيلولة دون زيارة المبعوث إلى عدن والاطلاع على حقائق الواقع والاستماع للمكونات الجنوبية.
وأشار إلى أن «حكومة الشرعية والحوثيين سلكا كل الوسائل السياسية والدبلوماسية خارجيا وداخليا لعرقلة جهود المبعوث في عدن خشية المكاسب السياسية للمجلس الانتقالي وحلفائه الأقليميين التي قد تترتب على مباحثات جريفثس في عدن والمكلا، وربما في مدن جنوبية أخرى».
وقال «حكومة بن دغر عملت كل ما بوسعها وكثفت جهودها في كل من الرياض والقاهرة وجنيف ولندن وواشنطن لعرقلة الزيارة، واستغلت الجانب الأمني رغم علمها أن عدن آمنة أكثر من أي مدينة يمنية أخرى، وكذلك الحوثيون حاولوا تفريخ حراك جنوبي في صنعاء ورتبوا لهم لقاء مع المبعوث الأممي بغرض التمويه والتقليل مما هو حاصل على الأرض في عدن وبقية الجنوب، وبغرض أن يكون للحوثيين تواجد وحضور داخل القضية الجنوبية، فاستغلوا حراك خالد باراس الذي شارك بمؤتمر الحوار الوطني، وهي في الأخير كلها محاولات خبيثة من أعداء الجنوب لتقزيم ما وصلت إليه تضحيات شعب الجنوب وما قطعته ثورتهم نحو الاستقلال وفك الارتباط عن الشمال».
المصدر ذاته حمل المجلس الانتقالي جزءا من نجاح الحوثيين والشرعية في عرقلة الزيارة وتوجيه برنامجها وفقا وتوجهات حكومة بن دغر التي لا تعترف بمطالب الجنوبيين.
وقال «العمل الدبلوماسي داخل المجلس الانتقالي الجنوبي قاصر إلى حد كبير جدا، ويبدو أن هذه الدائرة لا تدرك مهامها جيدا، إذ كان من المفترض أن تكثف دائرة العلاقات الخارجية جهودها، وتفتح قنوات تواصل واتصال مع الأمم المتحدة ومع مكاتب المبعوث الجديدة، ومع دول التحالف العربي لجهة الترتيب للزيارة والتعريف بالوضع الأمني في الجنوب، وتفنيد إدعاءات حكومة الشرعية وتزييف وتزوير الحوثيين، وهذا إن حصل كان سيعزز كثيرا من الثقة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والمبعوث الأممي وفريق العمل التابع له».
وأضاف: «دبلوماسية الحوثيين لعبت دورا في الترتيب للقائهم مع المبعوث الأممي.. وحلفاؤهم في المنطقة لعبوا دورا في هذا الجانب، وكان لهم لقاء ناجح استطاعوا فيه عرض قضيتهم على جريفيثس وإيصال رسالتهم إلى المجتمع الدولي مباشرة دون وكالة ودون إملاءات وتزوير كما يُراد للجنوب وقضية الجنوبيين».
وتشير مصادر في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى أن الزيارة أُجلت ولم تُلغَ، إذ مازالت قائمة وسيصل جريفثس عدن والمكلا قريبا.
واعتبر عضو هيئة رئاسة الانتقالي لطفي شطارة أن تأجيل الزيارة يأتي في إطار التحضيرات والإعداد.
وقال شطارة في منشور على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس «كل تأخير فيه خير .. وثقوا أن اللقاء بالسيد جريفيث قريب جدا، والانتقالي هو الرقم الصعب في الجنوب والأكثر عقلانية رغم محاولات البعض جره الى مناكفات جانبية».
وأضاف «نقول لهم ستظلون منا كجنوبيين وإن فعلتم ما تفعلون.. رجال الدولة يتصرفون بحكمة وصبر ورحابة صدر.. وهذا ما تفعله قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي».
وبين جهود الشرعية والانقلابيين لعرقلة وصول الأمم المتحدة إلى الجنوب وإطلاعها على ما بعد مواجهات عدن وسيطرة المقاومة عسكريا، وبين جهود الانتقالي لاستقدام المبعوث الأممي وإطلاعه على ما لم ترغب الشرعية في إظهاره.. يبقى جريفثس معلقا في انتظار من ينتصر في هذه المواجهة ليقرر بعدها وجهته ويتخذ قراره.. فهل ستنتصر دبلوماسية الانتقالي أم سيطغى لؤم الشرعية وخبث الانقلابيين؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى