«الأيام» ترصد معاناة منتسبي الداخلية والدفاع في طوابير عملية صرف مرتباتهم.. عقيد بالجيش: تسلمنا راتب شهر بخلاف ما سمعنا عن صرف مرتب شهرين

> تقرير/ وئام نجيب

> في مشهد غير مألوف وتحت وطأة المعاناة وحرارة أشعة الشمس وضرب الرصاص والزحام الخانق يصطف عدد من منتسبي وزارة الداخلية والدفاع، الذين أرغمتهم ظروف الحياة الصعبة على الاصطفاف في سبيل الحصول على مرتباتهم التي غابت لأشهر، مسبب لهم غيابها معاناة مضاعفة وبلاء متراكما ومأساة بالغة.
وأمام مصرف الكريمي للصرافة في عدد من فروعه تتواصل عملية صرف رواتب شهرين كاملين دفعة واحدة لمنتسبي الوزارة الداخلية والدفاع عبر شركة الكريمي عقب تأخر الصرف من قبل الوزارتين (الدفاع والداخلية)، التي قالت إن تأخرها نتيجة ما خلفته الحرب من آثار.
الكهل والعجوز والشاب جميعهم أمام المصرف يصطفون بأعداد كبيرة ضمن منتسبي وزارة الداخلية، ووزارة الدفاع بشكل غير منتظم، اقتطعوا جزءا من الشارع، الأمر الذي أعاق أخذ الصور لهم أو السماع لمعاناتهم بشكل مستطرد، ولولا وجود طقم عسكري، لغرض تأمين عملية الصرف وفصل تدافع الناس بسبب عدم التزام البعض بالنظام، خالقين بعشوائيتهم وغثائيتهم زحاما خانقا للحركة المرورية للمارة منهم والمركبات.

«الأيام» فضلت مشاركة منتسبي الداخلية والدفاع هموهم، مستطلعة مجموعة من منتسبي الداخلي الذين يصطفون أمام مصرف الكريمي فرع- كريتر، الكائن في شارع الهُريش بالعاصمة عدن، الذين تعددت همومهم بين الشكوى من حقارة المرتبات وطول انتظارها وبين شكوى المنقطعين منهم الذين تم فصلهم إبان النظام السابق، وبين شكوى من عدم انتظام المنتسبين وما يسببه عدم انتظامهم في صفوف صرف المرتبات.
*ازدحام مرير
يقول أحد منتسبي وزارة الدفاع - عقيد بشؤون الضباط: «مضى على خدمتي في الوزارة 48 سنة، وبرغم ذلك فإني التزمت وأتيت في صباح اليوم (أمس) فور سماعي نبأ صرف مرتباتنا، غير أني تفاجأت بصرف راتب شهر واحد فقط، وهو شهر يناير العام الجاري، بالرغم أننا كنا ننتظر مرتبات 7 أشهر، وهي المتأخرة من العام الماضي، وهذا عائد إلى عدم انتظام عملية الصرف من قبل الحكومة».
أعادت صورة صرف المرتبات ذاكرة العقيد بشؤون الضباط إلى عمليات صرف المرتبات التي كانت قبل الوحدة، مشيرا في حديثه، وهو يلاقي المعناة، إلى المقارنة بين عملية الصرف ما قبل الوحدة، وعملية الصرف الحالية، إذ يقول «لا توجد مقارنة بين فترة ما قبل الوحدة والزمن الحالي، لأن في السابق كانت هناك دولة نظام وقانون، وكانت تصرف الرواتب بطريقة منتظمة، بخلاف ما عليه الوضع الحالي الذي لم تنتظم فيه عملية صرف المرتبات، ويتم صرفها لنا بعد مرور شهرين وثلاثة أشهر، إضافة إلى السبعة الأشهر المتأخرة».
ويتابع العقيد «وها نحن اليوم نقف أمام هذا الطابور الطويل على أمل أن يتبع الناس النظام والقانون، لكي يتسنى للجميع استلام مرتباتهم والذهاب إلى منازلهم، وأسرتهم بسلام، وقد اجتهدنا بأن تمضي العملية بنظام، حيث تم تسجيل أسمائنا بورقة، غير أن العساكر والمصطفين عمدوا على تمزيقها، وعملوا على دخول الأفراد على حساب الطابور».
واختتم حديثه بالقول: «بالرغم من أن الفوضى تعج هنا وهناك في هذا الطابور الطويل وذاك القصير، لكن التنظيم بدا نوعاً ما في دخول الأفراد تباعاً للطابور من قبل طقم العسكر المكلف بتأمين عملية الصرف».

*راتبي التقاعدي حقير
فيما يستعرض الملازم ثاني متقاعد معاناته، ولكن من جهة أخرى، إذ يقول: «تمت إحالتي إلى التقاعد في 94 براتب معاش تقاعدي لا يتجاوز الـ30 ألف ريال يمني لا غير، وذلك ضمن المبعدين في 2012، وقد عملنا على تقديم ملفات للمطالبة بالعودة إلى العمل، وعلى إثر ذلك تم استصدار قرار بذلك في عام 2014، بحيث يتم تسوية رواتبنا».
وأضاف «إن ذلك القرار لم يُطبق، نظراً للحرب الأخيرة التي شنتها جماعة الحوثي وأنصار صالح الانقلابية، وهأنذا أقف اليوم بالطابور الطويل لغرض استلام معاش ولدي الذي استشهد في العمل كغيره من الضباط، على أمل أن أستلم راتبي الخاص الذي لم أستلمه منذ 7 أشهر».
*أصبحنا نشحت رواتبنا
بلهجة شديدة وبتعابير قاسية فرضتها ظروف الحياة الصعبة يقول اللواء المتقاعد من ديوان الوزارة: «من منظوري الشخصي لا أعتبر هذه المبالغ التي تُصرف لنا رواتب، وإنما أشبهها بالصدقة».
وأضاف: «وتشبيهي هذا نابع مما نلاقيه من معاناة وعدم انتظام صرفها، ناهيك عن تراكمها منذ 7 أشهر، إذ يكمن العيب بالأفراد أنفسهم الذين لم يتم وضعهم في المكان المناسب والصحيح، وليس العيب في الوحدة».
*تغير وضع المعسكرات
فيما يبين الملازم أول بالوزارة الداخلية، الذي التحق بالعمل في عام 77، قائلاً: «أنا من اخترت العزوف عن العمل بكامل إرادتي في عام 88، عقب ملاحظتي بأن الوضع قد تغير بعد حرب 13 يناير في 86م، فقد تحولت المعسكرات إلى لوكندات تسودها المحسوبية وغابت عنها سمة العسكرة».
وأضاف «ما يحدث اليوم في عملية صرف الرواتب هو بمثابة الصدقة ليس إلا؛ ناهيك أن البعض من الموجودين في الطابور غير مستحقين، لأنهم لم يكونوا متواجدين أثناء فترة الحرب، حينما كانت عدن تحتاجهم بالفعل».
تقرير/ وئام نجيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى