ناشط يحكي قصة اعتقاله والتهجم عليه من قبل حزب الإصلاح بسبب كتاباته: ثقافة الإصلاحيين ترهب العقول وتوجهاتهم تعزل الفرد عن الواقع

> حاوره / صلاح الجندي

> نشط عبدالله هاشم المريش على شبكة التواصل الاجتماعي كمواطن يحدوه أمل في أن يحيا حياة طيبة خالية من الفساد آمن بالحرية المنضبطة، غير أن ملالي تعز (حزب الإصلاح) الحاكمين بأمر الله، حد قوله، ضاقت عليهم تلك الكتابات والمنشورات التي كتبها في مواقع تواصله الاجتماعي.
وفي الوقت الذي تركت الكثير من الجرائم دونما ضبط داخل المدينة، وجهت الجماعة أذرعها الأمنية بالقبض عليه مستخدمين إمكانات الدولة والنظام الجمهوري لإقامة ظلمات مملكتهم السوداء.
«الأيام» وهي تتلمس أوضاع تعز وقضايا المواطنين أجرت هذه المقابلة مع الناشط عبدالله المريش، والذي ذكر فيها ما تعرض له من اعتداء وتفاصيل علاقته السابقة مع جماعة الإخوان التي كان ينتمي لها سابقا.. فإلى الحوار.
* من هو الناشط عبدالله المريش؟
- عبدالله هاشم سعيد علي المريش متزوج حاصل على دبلوم محاسبة والآن طالب مستوى أول حقوق.
* منذ متى بدأت نشاطك على صفحة التواصل الاجتماعي على الفيس بوك؟
- بدأت تقريبا قبل 7 سنوات مثلي مثل كل الشباب الذين بدأوا استخدام التواصل بعد الأحداث التي عصفت بالشرق الأوسط وكنت دائما أكتب وأنتقد ولم يحصل لي ما حصل الآن.
* كيف كانت تجربتك مع جماعة الإصلاح؟
- التحقت بركبهم منذ نعومة أظفاري رضعت تعصبهم ونمت معي في مراحل حياتي، غير أن فترة اغترابي خارج الوطن فتحت عيني على ثقافة التنوع واختلاف الاجناس والأفكار، كانت محطة لمراجعة الذات بعدها تهاوت أصنام عنصريتهم المقيتة بفؤس الحرية، وكانت خلاصة تجربتي معهم أن اجتهادهم الذي هو محض بشري والمرسوم عبر برنامج سياسي يطرح على ارض الواقع كنصوص سطحية في حين أنه نتاج تجربة بشرية تخطأ أو تصيب ليس بالضرورة إذا عارضت برنامجهم تكون قد عارضت قطعيات الدين.
فثقافتهم هي ثقافة ترهب فيها العقول وتحجر عليها وتجعل أتبعاهم في توجهات معزولة في ظل عالم متعدد تجعل ذلك الفرد مفصولا عن الواقع ويعتقد أنه في أسمى القرب والطاعات بينما هو قد فرق جماعة المسلمين وجعل الانتماء ليس للأمة وإنما لحزب سياسي اختزل فيها كل أحكام الدولة وحوّل القيادة السياسية إلى سلطة بأمر الله تقتات على السلطة الشرعية، وإلا لماذا تعقد بيعة لجماعة وما مكانة السلطة الشرعية لتلك البيعة، أوليست تلك البيعة هي تأصيل الخروج عن السلطة التشريعية، ولمن تجب الطاعة للقيادة السياسية أم لقيادة الحزب؟ وكيف تؤمن بالنظام السياسي وأنت تجعل الطاعة واجبة في حق القيادة الحزبية وليست للقيادة السياسية.
إيمان هذه الجماعة بالنظام الجمهوري والتداول السلمي للسلطة إنما هو مرحلي بغية الوصول للسلطة والا ما المبرر لتلك المناهج التي يتربى عليها المنتمون لهذا الحزب والتي تختزل جماعة المسلمين فيهم.
* ماهي ثقافة التبعية التي يمارسونها وكيف تقَيد الحريات؟
- التبعية تعني في ثقافتهم أن تضرب حول العضو المنتمي لهم جدرانا إسمنتية تعزله عن فضاءات العالم الذي حوله برحابته ولا يكون ذلك إلا بثقافة الكراهية ونزع الشرعية عن كل المختلفين معك، فالعلاقة مع الآخر هي علاقة ريبة وتخوين، فالوطنية محصورة عليهم، والشرعية ترياق يمنح من قيادتهم لأعضائهم كإكسير حياة ولا يدرك هؤلاء الاتباع أن الاختلاف في التأويل لا في التنزيل وأن ما أنا عليه صحيح يحتمل خطأ وما عليه غيري خطأ يحتمل الصواب.
* منذ متى بدأ اختلافك مع حزب الإصلاح المستهدف لك؟
- انكشفت لي الحقيقة عن ماذا يحدث في تعز خاصة واليمن عامة تقريبا منذ أقل من ست أشهر بعد عودتي إلى اليمن من السعودية والتي كنت أعمل بها منذ سنوات كثيرة فقد كنت مخدوعا بالإشاعات التي كانت تنتشر بسرعة عبر التواصل الاجتماعي مثل كثير من الشباب.
* ما أبرز القضايا التي تناولتها صفحتك؟
- صفحتي لا تختلف عن معظم صفحات الشباب الباحثين عن الحقيقة والأمل، فلذلك كانوا يشنون على صفحتي حربا شعواء وأكثر من عدة مرات تم اختراقها وإلصاق كتابات فيها لتشويه صورتي ولكن قاومتهم كوني أعرفهم جيدا وأعرف أساليبهم الخبيثة، فلم أكترث وأنظر إلى تحريضهم لي وسبهم وشتمهم فحاولت أن أجعل صفحتي نصائح كثيرة لهم بأن يصححوا أفكارهم وأخطاءهم وأساليب تعاملهم مع المجتمع.
وكانت أحد أبرز القضايا التي أحببت أن أوصلها لهم هي أن الدين الإسلامي دين حياة، فالنظام الاجتماعي بمفهومهم مازال قاصرا، فمثلا مفهوم التعاون والتكافل يتم طرحه للجميع وبالتالي تجمع التبرعات تحقيقا لهذا المبدأ، ولكن عند إعادة التوزيع كانت نتاج التبرعات بأيديهم يعاد توزيعها في إطار تحديد الانتماء السياسي فلا تخرج عن المنتمين والموالين لهم.
فمعيار الحاجة لا تميز بين إصلاحي وغير إصلاحي، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه عندما بعثه لليمن "فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أغنياهم فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ".
وأيضا إحدى القضايا عندما كانت لهم تجربة وكانوا جزءا من المقاومة نجد أن بناء الجيش الوطني ومن تم الدفع بهم عبرهم برغم أنها وظيفة عامة لها شروطها والأصل أن تكون وفق الشروط المحددة بشغل الوظيفة العامة إلاَ أن الاستئثار الحزبي والمحاصصة الحزبية كانت حاضرة ورغم نقدهم للنظام السابق في الازدواج الوظيفي إلا أنهم كانت الأرقام التي ازدوجت من الذين دفعوا بهم أضعاف ما كان في النظام السابق ومن الملاحظ عندهم أنَ شغل الوظيفة العامة تشترط لديهم أن تكون له درجة حزبية وشهادة في إطار الحزب، فقد وصلت ثقافة المحاصصة الحزبية للسلك العسكري والأكاديمي ما حدا بقيادي في الدولة أن يهمس في أحد اللقاءات في مدينة تعز مع عدد من القوى السياسية بأن ما يمارس في تعز يمثل انقلابا أبيض.
* ما هو الدافع الذي جعلك تكتب وتنتقد؟
- نفسٌ تواقة للحرية تؤمن بالحكمة والعقل وعرض القناعات على العقل والدليل الشرعي فوجدت هؤلاء يريدون دُمى في أيديهم "لا أسمع لا أرى لا أتكلم" إلا ما يرونه، هم يريدون منك أن ترى الأشياء بأعينهم دون أن تعرضها على العقل السليم، شعارهم "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ"، يرون أنفسهم الحق المطلق الذي لا يقابله إلا الباطل واكتشفت أن قبولهم بالتعدد السياسي ما هو إلا "تُقية" لأجل الوصول للسلطة.
كل ذلك كنت أراه واقعا أمام عيني وخلق في نفسي قناعات مضادة فأبيت إلا أن أكون على مسافة واحدة من الجميع وسفينة الوطن تحمل الكل وإذا أراد فصيل معين أن ينفرد بالقيادة ستغرق سفينة الوطن وإذا ما نظرت إلى هذا الفصيل بمنظار آخر وشراهته للسلطة ستجد أنه في تعز يمارس انقلابا أبيض على باقي القوى السياسية.
* ماهي خلفيات اعتقالك؟
- لم يرُق لهم أن أخرج من القطيع وزاد غيضهم تدويني وكتاباتي عبر تغريدات في وسائل التواصل الاجتماعي لتجربتي المُرة معهم، كنت أتلقى شتائم وسباب وتهديدات وتهم منهم لا يصح أن تصدر من مسلم عادي بل يخجل إبليس من التلفظ بها وتحمر خدوده فضلاً عن أن تصدر ممن يدعي الريادة والعمل الدعوي الإسلامي.
ثم تصاعدت حرارة النقد وكشف أخطائهم وأساليبهم الخبيثة واستخدامهم الدين لأجل مصالحهم الشخصية وتصفية الحسابات، وعند تعرض الداعية الوسطي، رحمه الله، عمر دوكم لاستهداف من أيادي آثمة لم تتجه جحافلهم وأذرعهم الأمنية لخلايا القتلة والإرهابيين واتجهت الحملة الأمنية معززة بأطقم عسكرية نحو منزلي لمحاصرته وترويع الساكنين فيه، من أجل قمع حريتي وتكميمي.
على الرغم أنه لا يوجد لديهم أوامر عليا بالقبض من النيابة العامة ولم يسبق هذا الهجوم المباغت بكل ما أوتوا من قبل بالحضور ولكن الحاكم بأمر الله لم يكن يهمه القبض على القتلة الحقيقيين بقدر ما يهمه ثقافة "أيجرؤ" عبدالله هاشم أن يخرج من القطيع ويقولها في وجه قياداتهم "لا" وفي أجنداته تكميم الأفواه ومحاصرة شوارد الأفكار في ظل عالم متنوع تتلاقح فيه الثقافات وتعبر الأفكار دون حواجز تذكر.
* كيف كانت عملية القبض؟
- في يوم الجمعة عصرا تم تطويق المنزل ومحاصرته وترويع والدتي الطاعنة في السن والنساء والأطفال ثم التهديد بالاقتحام، وكنت لا أعرف ما سبب كل هذه الهجمة وأسأل عن سبب القبض علي، وكنت أعتقد أنهم أخطأوا الاسم كانت الإجابات من المحاصرين لا نعلم، أوامر عليا بالقبض عليك، ودون أي مسوغ شرعي أو قانوني ثم قررت أن أجنب أسرتي المتاعب، ما كان يحُز في نفسي تلك الأدمع التي كانت تنهمر من عيني والدتي كانت تخشى علي مصيري.
وصلت لإدارة الأمن وكان التحقيق معي بحادثة الاغتيال الإرهابي الذي أودى بحياة الداعية عمر دوكم الذي لا تربطني به أي صلة أو علاقة أو حتى معرفة، ولم أكن أعلم سبب اقتيادي والقبض علي وأخذ تلفوني وتفتيشه حتى وصلت إلى إدارة الأمن وكان الربط بين كتاباتي وحادثة الاغتيال منعدما ولا يمكن أن يكون ولو بأي شكل من الأشكال أن يكون هناك ارتباط واضح.
وعرفت بعد ذلك أن القبض بسبب الكلام أو الانتقاد لهذا الحزب، كذلك رسالة ترويع وتهديد لمن قد يفكر مستقبلاً أن يحذو حذوي، كوني الوحيد الذي في منطقتي تجرأ على هذا الحزب المسيطر وخرج على سلطة الحاكم بأمر الله.
*هل ما زلت تستطيع الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟
- تم أخذ تعهد والتزام بعدم الكتابة أو الانتقاد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فلا أستطيع الكتابة كوني أعيش في محيط هم المسيطرون عليه أمنيا وعسكريا ولا أحب أن أجلب لوالدتي المشاكل كونها طاعنة في السن، فقد مات عليها أربعة من أولادها وأيضا والدي الحبيب هاشم سعيد المريش الذي افتقده كثيرا وليته يعلم ما فعلوه بي.
* ما الذي توجهه للرأي العام ؟
- أوجه لهم أن يطالبوا بالحرية وعدم تكميم الأفواه فقضيتي ليست شخصية بل قضية رأي عام، فعلينا أن نؤمن بالحرية كحق منحه الله عز وجل للعباد ولا يملك أي مخلوق أن يسلبه منك ولا يقيده عليه إلا ما ضبطه الشرع والقانون.
علينا أن نؤمن بالتعدد والتنوع وأن ننشر ثقافة السلام والعيش المشترك وأن نستعيد الدولة المدنية وأن نؤمن بتكافؤ الفرص وننبذ الحزبية المقيتة، علينا أن نؤسس أركان دولة النظام والقانون ونجعل ساحة التباري هي البرامج السياسية المطبقة على أرض الواقع وأن نغرس ثقافة التسامح ونبذ العنف والإرهاب والكراهية والعنصرية وإلغاء الآخر.
علينا ألا ننسى أننا بشر نختلف ونتفق وأن سنة الاختلاف حاصلة بل هي سنة الخلق.
حاوره / صلاح الجندي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى