مبنى البعثة الكاثوليكية الإيطالية بصيرة يشكو الإهمال.. ثانوية أبان النموذجية.. من صرح تعليمي تاريخي إلى مبنى يشوهه البسط وطفح المجاري

> تقرير/ رعد الريمي

> هي الأخرى ثانوية أبان النموذجية للبنات بمديرية صيرة بالعاصمة عدن تنتقل إليها حمى البسط والعبث، كغيرها من معالم عدن الأثرية والتربوية الهامة، إذ باتت الثانوية تعاني مشكلتين رئيسيتين، أولها طفح مياه الصرف الصحي المتسببة في تكدير صفو العملية التعليمية في أروقتها، لتأتي أعمال البسط في حرم الثانوية لتضيف هما آخر تعانيه الثانوية، دون مراعاة لقداسة العملية التعليمية في مؤسسة توبوية تعتبر الأعرق على مستوى المدينة، لما يتمتع به هذا الصرح التعليمي العتيق من مكانة تاريخية موغلة في القدم.
*مشكلة طفح المجاري
إذ شكا لـ«الأيام» عدد من الطالبات بثانوية أبان النموذجية بمديرية صيرة من طفح مياه الصرف الصحي داخل الثانوية، الأمر الذي من شأنه يتسبب في انتشار الأمراض بين أوساط الطالبات والطاقم الإداري والتدريسي، خصوصا في ظل انتشار الأوبئة.

وقالت الطالبات لـ«الأيام» إن مشكلة طفح المجاري باتت سمة مشاهدة في كل شوارع عدن، «وهذا أمر نعرفه ونعانيه، لكن الغريب والمثير للدهشة أن نشاهد طفح المجاري يلاحقنا إلى داخل الأروقة التعليمية كما هو حال مدرستنا دون أن نجد أدنى تحرك من قبل الجهات المعنية لوضع حد لذلك».
وبالجملة فإن مشكلة طفح مياه الصرف الصحي داخل ثانوية أبان النموذجية موجودة منذ 3ـ 4 سنوات، ونتجت عن ربط عدد من قنوات الصرف الصحي بالمديرية بطريقة خاطئة ما تسبب في طفح المجاري بين فترة وأخرى داخل الثانوية.
وفي تصريح سابق لـ«الأيام» أفاد مدير الصرف الصحي بمؤسسة مياه عدن، زكي حداد، أن هناك نقطة تفتيش لعدد من قنوات الصرف الصحي داخل المدرسة ويجري التعامل معها بالبلاغات من خلال شفطها كلما طفحت، وان التأخر بالبلاغ من قبل إدارة المدرسة يسبب الطفح.. داعيا إدارة المدرسة إلى أن تتقدم ببلاغ إلى إدارة الصرف الصحي بشكل سريع وعاجل ليجري شفط هذا الطفح أولا بأول.
الكنيسة الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية

طفح المجاري الذي باتت تعانيه ثانوية أبان النموذجية لم يقتصر عليها بل تغلغل إلى فناء الكنيسة التي تقع بجوار الثانوية، ما يعني تشويه جديد لمعلم بارز آخر من معالم عدن وهي الكنيسة الكاثوليكية.
الـ«الأيام» بدورها التقت مدير إدارة التربية والتعليم بمديرية صيرة رائد طه، وسألته عن دوره إزاء مشكلة طفح المجاري بحرم الثانوية، والذي قال: تتمدد مياه المجاري داخل الثانوية بين الفينة والأخرى، والتي لم تك معهودة من سابق والناتجة عن أعمال صيانة لمجاري منطقة البادري، فأدى ذلك إلى طفح المياه في حرم المدرسة، مشكلة بذلك بيئة ضارة على الطالبات وخاصة في ظل انتشار الأوبئة التي تشهدها عدن».
*بسط وبناء عشوائي بحرم الثانوية
وتستمر حركة البناء والبسط العشوائي بمدينة عدن، حيث شهد حرم ثانوية أبان للبنات، أقدم مدارس عدن التاريخية، إقدام أحد النافذين على بناء وتشييد قواعد لبناء داخل المدرسة وكان مواطنون دعوا عبر «الأيام» للوقوف أمام هذه الظاهرة ومحاسبة من يقف خلفها وخاصة أنها أعمال عشوائية في حرم صرح تعليمي هام.
وبهذا الصدد صرح لـ «الأيام» مدير إدارة التربية والتعليم بمديرية صيرة رائد طه قائلا: «عقب الوحدة شهد حرم المدرسة بناء سكني حيث كان هناك بناء سابق قديم يعود لعمال المدرسة في حرم المدرسة، وكانت بجانب ذلك البناء مساحة غير أنها وبكل أسف لم تلقَ حماية فأغرت النافذين».

وأضاف: «وفي عام 2007م تم إضافة بناء ثانٍ وليت الأمر وقف على هذا النحو بل على العكس فقد توسع البناء وأضيف إليه بناء ثالث حديث وبذلك صارت هناك ثلاث بنايات في حرم الثانوية».
وتابع طه: «وبالأمس تفاجأنا أن سور المدرسة تم تكسيره وتشييد كابات في الحرم، وقد تكرم مأمور المديرية مشكور بالنزول وتكسير البناء الحديث، ولكن الاعتداءات لم تتوقف إذ وصلتنا أنباء عن المولد الكهربائي الواقع داخل المدرسة سيتم نقله إلى ليتمكن الباسطون من التوسع».
وقال: «بدلاً من أن يتم استغلال هذه المساحة في التوسع لصالح العملية التعليمية، خاصة في ظل تزايد عدد الطالبات إذ يصل عددهن في الفصل الواحد إلى 80 طالبة، نرى المساحة تذهب لأعمال بسط عشوائية، وليت الأمر يتوقف عند حدود بناء سكني بل نتفاجأ عقب كل عملية بسط ببيع ما تم البسط عليه وتحويله إلى مشروع استثماري».
وناشد طه القائم بأعمال محافظ عدن ومدير الأمن ومأمور مديرية صيرة وأبناء عدن «وقف العبث في هذا المعلم التربوي والتعليمي والتاريخي الهام، والذي لا يضر بالمبنى فقط بل ضرره يتصل بالأجيال القادمة».

*خلفية تاريخية
مثل التعليم في عدن قديما حجر الزاوية للمدينة وأبنائها، وبالعودة للخلفية التاريخية لثانوية أبان ونشأتها فهي في الأصل تابعة للبعثة الكاثوليكية كونها بنيت ملاصقة لأقدم الكنائس في عدن، وقد بنت البعثة مدرستين على جانبي الكنيسة، ففي المدخل الأيمن كانت مدرسة واليوم هي لإدارة الامتحانات بالمديرية، ومن قبل كانت مدرسة للبنات، وكان ذلك مع بداية الثلاثينيات، ومدرسة البادري في الجهة اليسرى للكنيسة، والتي بنيت في عشرينيات القرن الماضي، وكانت للبنين، وكلا المدرستين كانت تقوم بأداء العملية التعليمية بطاقم تدريسي وتعليمي من الخارج كدولة الهند وغيرها وكانت إيطاليا تدفع رواتب المدرسين آنذاك.
وفي 1967م نالت عدن استقلالها، وتمتعت بحكم ذاتي، لتتغير كثير من الأمور، ففي عام 1972م كانت هناك حركة تأميم للمدارس وكل الجاليات الايطالية والراهبات والرهبان عادوا إلى إيطاليا والهند، وكانت أول مدرسة هي (أبان) في 1971 وتم تحويلها إلى ثانوية كريتر للبنين، وكان أول عميد لها هو الأستاذ أحمد علي جرجرة وعمل فيها بحدود 9 أشهر وانتقل إلى كلية عدن، وفي عام 1973 جاء قرار الرئيس علي ناصر محمد بأن يتولى إدارة الثانويات رجال القانون.

«الأيام» وبحرصها على توثيق المعلومة التقت ثاني مدير لمدرسة أبان الأستاذ مصطفى ياسين محمد راجا منار، والذي قال: «أقر مجلس الوزراء بعدن كتجربة أولية تعيين رجال قانون لمنصب عمداء الثانويات بعدن عام 1973م، وكان الأخ محمد أحمد لكو عميدا لثانوية كريتر وأنا النائب الإداري، والأخ جعفر إسماعيل أحمد النائب السياسي، واستمرت التجربة لفترة وجيزة، وفي نهاية 1973م تم تعييني عميدا لثانوية كريتر، وكان لي نائبان إداريان الأول المرحوم أحمد عبدالله باحكيم والثاني الأخ جواد علي غانم، إلى جانب النائب السياسي مراد علي أحمد إسماعيل، وكنا جميعا فريقا منسجما ومتماسكا كل له مهامه، وأصبحت ثانوية كريتر نموذجية ومثالا للنظام والمثابرة بعد الفوضى العارمة عند إنشائها في بداية 1971م».
وأضاف: «وتجدر الإشارة إلى أن هيئة التدريس ضمت أنشط وأنجح المدرسين اليمنيين كأمثال سالم أحمد ديبان (كيمياء) ومحمد خليل اليناعي (كيمياء) ومحمد الحازمي (فيزياء) وحمود السقاف (إنجليزي ) ويونس عيسى (إنجليزي) وعبدالله بالفقيه (لغة عربية) وأحمد باحكيم وجواد غانم (رياضيات)، إضافة إلى عملهما الإداري اليومي.. ومن الدول الشقيقة نيازي علي الصاوي (فيزياء) وطلال (رياضيات) وحسن علي (رياضيات) ومحمد طبيل (أحياء) وجورج الدخيل (جغرافيا) وهيثم المهنا (جغرافيا) وفاروق الجفري (فنوف) وسليمان كاسوحه(تاريخ) وحسني المشهور (لغة عربية) وماهر الغرابلي (لغة عربية) والأخ فضل وحسن موتى (تربية عسكرية)، وكانت سكرتيرتي في المكتب هناء حامد خان ثم منيرة حداد».

وتابع راجا منار: «أتذكر أهم حدث وقع في ثانوية كريتر هو قيام معرض العلوم والفنون في مايو 1975م بجهود مشتركة من قبل كل المدرسين وكافة الطلاب الشباب، فبعد نهاية الدوام كان الطلاب يجمعون الخرداوات من الشوارع وأماكن الرمي العامة، وتحصلوا على كمية كبيرة من الاشياء التي تساعدهم في عمل مشاريعهم العلمية في علم الاحياء والفيزياء والكيمياء.. والجدير ذكره أن الأستاذ محمد خليل اليناعي تعاون معنا ومع مجموعة من الطلبة كأمثال نبيل عبادي ومصطفى رفعت وجمال كعكي وأحمد سعيد الخيبة وآخرين صمموا صاروخا صغيرا أطلق من ساحة الثانوية وسقط في ساحة معسكر 20 يونيو».
وختم بالقول: «والأهم من ذلك زيارة الرئيس المرحوم سالم ربيع علي وبرفقة المرحوم الدكتور سعيد النوبان وزير التربية والتعليم وعدد من الوزراء وأولياء الأمور وكبار الضيوف لأربع ساعات، ومشاهد العروض العلمية والفنية في 24 حجرة دراسية، وفي نهاية المطاف أهدى الرئيس مبلغ ألف دينار ما يعادل (3000)دولار، مكافاة للمشاركين في المعرض، وعقبها انتقلت إلى إدارة القبول والتسجيل في جامعة عدن بقرار من وزير التربية والتعليم».
تقرير/ رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى