لتخفيف آثار الحرب والصراع لدى الأطفال.. اليونيسف تؤهل 13 جمعية ومنظمة أهلية بعدن على المساحات الصديقة

> تغطية / رعد الريمي - تصوير/ كيان شجون

> لم تكن تعلم أم خالد، المتوفى طفلها (6 سنوات) بسكتة قلبية، حين الوفاة أن ولدها مات مذعورا من صوت الرصاص الذي أطلق بالقرب منه في مدينة كريتر.
إذ تقول أم خالد كعادة الأمهات في عدن «نوصي أطفالنا لشراء (الروتي) من الفرن القريب من منزلنا، والذي عادة ما يتأخر فيه طفلي لساعة أو لساعة ونصف، نظرا للزحام أمام الفرن، غير أنه في آخر مرة تأخر طويلا، حيث ذهب لشراء الروتي في تمام الساعة السادسة مساء ولم يعد إلا في التاسعة، الأمر الذي أقلقني.
عاد خالد عقب ثلاث ساعات ولون وجهه متغير وعليه آثار الهلع، ودخل بعد عودته في وعكة صحية جعلته طريح الفراش لمدة ثلاث أيام، نقلته على إثرها إلى أحد المستشفيات القريبة، وبعد ثلاث أيام من نقله إلى المستشفى توفي.
*طفلي مات مذعوراً
حينها عرفت أن طفلي مات مذعوراً، فبسبب زحام الناس أمام الفرن وتدافعهم أراد أحد الشباب الأغبياء، الذي لا يدرك ما يقوم به، فض التدافع للتخفيف من الزحام، حيث أطلق في الهواء من مسدسه عددا من الطلقات، وقد كان حينها طفلي خالد بالقرب منه ما أصابه بالذعر والخوف، وعند سماع صوت الرصاص هرب خالد واختبأ في مكان قريب والخوف والهلع يملآن قلبه، وبعد ساعة عاد للفرن واشترى الروتي، ولكن كان الهلع قد تملك قلبه ما أدى إلى وفاته عقب مرضه.
*ماهي آثار الحرب على الأطفال؟
لا يلقى الأطفال خلال الحروب الحماية التي تأخذ في الاعتبار وضعهم الخاص، إذ ستستمر آثار الحرب على نفسياتهم لفترة طويلة، ومن هولاء الأطفال أطفال مدينة عدن (المناطق المحررة)، حيث تأثر الأطفال في عدن والمناطق المحررة بشكل مباشر جراء الحرب التي شهدتها عدن والذين أصبحوا اليوم بحاجة ماسة إلى معالجة آثار الحرب على نفسياتهم وسلوكياتهم من خلال أشكال الدعم والعلاج النفسي الذي يعاني أثاره أغلب الأطفال في عدن.

وتبرز أشكال هذه الآثار مجتمعيا لدى الأطفال من خلال التبول اللا إرادي، واضطرابات النوم، والسلوك العدواني، واستحضار الذكريات المرعبة، والميل للانطوائية، واضطراب الكلام، وحالة الذعر والرهبة بشكل عام عدا ما تخلفه هذ الآثار مستقبلا على الأطفال في سلوكياتهم وشخصياتهم من تصرفات مرفوضة مجتمعيا والتي غالبا ما تظهر متأخرة.
*ماهي المساحات الصديقة؟
ولغرض كبح تنامي هذه الآثار والتغلب عليها تعمل عدد من المنظمات والمؤسسات المحلية والدولية على التخفيف من تلك الآثار على الأطفال، والتي كان آخرها الدورة التي اختتمتها أمس منظمة اليونيسف المعنية بالطفل بالتعاون مع وزارة الخدمة الاجتماعية ومكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بعدن، والتي استمرت على مدى أسبوعين، وهدفت إلى بناء قدرات العاملين والمتطوعين في المساحات الصديقة للأطفال حول مفاهيم الحماية وإدارة المساحات الصديقة ضمن أنشطة مشروع تعزيز وصول الخدمة الصحية والدعم النفسي والاجتماعي للمجتمعات المتضررة من النزاع.
ويأتي مفهوم وبرامج المساحات الصديقة كمفهوم حديث تهدف الغاية منه لتكوين أمكنة صديقة للطفل تساهم في خلق جو آمن للأطفال ليتمكنوا من المشاركة فيها بشكل منتظم من خلال اللعب وبناء علاقات اجتماعية فيما بينهم وكذلك للتعلم والتعبير عما في أنفسهم ليستطيعوا إعادة بناء حالاتهم النفسية بعد تأثرها بكوارث لحقت بهم.
*دعم نفسي لـ55 ألف طفل بعدن
وفي اختتام الدورة قال مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بعدن أيوب أبو بكر «إنه لمن دواعي سروري اختتام هذه الدورة التدريبية لعدد 13 مساحة صديقة تدعمها وتمولها منظمة اليونيسف والتي تصب ضمن المشاريع الصحية وخاصة أنها ستستهدف على مدى ستة أشهر 55 ألف طفل ستعمل جمعيات ومنظمات محلية في ثمان مديريات العاصمة عدن على تنفيذها».

وأضاف: «خاصة أن هذا البرنامج يأتي بعد أن عانى أطفال عدن من آثار الحرب السلبية، ويجب علينا كسلطة محلية بعدن ومنظمات محلية ودولية أن نعمل جميعا من أجل إعادة البسمة للأطفال وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي».. معبرا عن سعادته بمستوى التعاون والشراكة والتي هي «أكثر من رائعة مع منظمة اليونيسف»، واصفا طبيعة التعاون بـ«الرائع والأكثر من نافع والمثمر مجتمعيا».
*إزالة ضغوطات الأطفال النفسية
من جهتها قالت المعيدة بجامعة عدن كلية الآداب قسم خدمة اجتماعية والاختصاصية الاجتماعية آيات نبيل العولقي: «إننا سنعمل من خلال المساحات الصديقة التي ستنتشر في مديريات العاصمة عدن على امتصاص ما يعانيه الأطفال من آثار نفسية وسلبية جراء الحرب من خلال الألعاب الهادفة إلى تنمية مواهب الأطفال ومداركهم، وتعمل على تنمية قدراتهم والتي سيرافقها دعم نفسي واجتماعي للطفل للتخلص من أي ضغوط نفسية».

وأضافت العولقي: «كما سنعمل على مساعدتهم على حل مشاكلهم والنأي بهم عن السلوكيات الخاطئة أو الأمراض النفسية والاجتماعية التي من الممكن أن تصيبهم المستقبل وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتقدير ذاتهم لتمكينهم من التغلب على جميع العوائق التي سيوجهونها مستقبليا في حياتهم».
*تعزيز ثقة الأطفال
وقالت قبلة مشهور، أمين عام جمعية العيدروس - إحدى الجمعيات المحتضنة للمساحة الصديقة: «خلال فترة الحرب كانت هناك مأساة كبيرة على الأطفال على وجه الخصوص، وكانت لها انعكاسات كبيرة وسلبية جدا عليهم حيث عاش الأطفال مرحلة صعبة للغاية».
وأضافت: «وخاصة أن هذه المرحلة يصعب التحلل منها بشكل سريع إذ شاهدنا بروز سلوكيات غير عادية في فترة بعد الحرب سواء من بروز السلوكيات العدائية والانطوائية خالقة هذه السلوكيات على الأطفال شتاتا ذهنيا وصارفة لهم عن طبيعة المرحلة الطبيعية التي من المفترض أن يعيشوها كمرحلة طفولية من خلال مشاهدتهم يلعبون ويمرحون أو من خلال البساطة والسلوكيات المرحة المضحكة لا سلوكيات العنف والعداء والمشاكسة».
إلى ذلك قالت الاختصاصية الاجتماعية في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل انتصار محمد سعيد: «أسعدتنا جدا هذه الدورة والتي اختتمناها بمحافظة عدن بالتعاون مع منظمة اليونيسف والتي اكتسبنا فيها الكثير عن مجال الطفولة ودراسة الحالات السلوكية من أجل مصلحة الطفل وإخراجه من جو العنف إلى جو الرفاهية والاطمئنان والعمل مع الأطفال لتقييم سلوكهم وإخراجهم من جو الرعب والظروف الصعبة وتقليل مضاعفات الرعب بصورة راقية والعمل على رفع مستوى قدرات الأطفال ومهاراتهم الحياتية».
تغطية / رعد الريمي - تصوير/ كيان شجون

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى