تحركات مصرية عربية لدعم الحل السياسي في اليمن

> «الأيام» شيماء جلال*

> «الأيام» شيماء جلال*
الأوضاع في اليمن لا تهدأ، رغم التدخلات الدولية والاجتماعات المستمرة بين أطراف الأزمة هناك، التي كان آخرها ما طرحه مارتن جريفيثس، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، بشأن مبادرة تضمن حل الأزمة سياسيًا.
وبمجرد إعلان المبعوث الأممي عن مخطط لـ«لم الشمل» اليمنى، سعت أطراف مختلفة داخل اليمن وخارجه، إلى الوصول لما يضمن تحقيق أكبر المكاسب الشخصية الممكنة، وكان على رأس هذه الأطراف أبناء الرئيس المقتول علي عبدالله صالح، الذين شكلوا قوات عسكرية لمواجهة الحوثيين.
كيف تتحرك هذه الأطراف؟ وإلى أين يتجه اليمن خلال الفترة المقبلة في ظل تشابك التدخلات الإقليمية والدولية في البلد الذى لم يعد «سعيدًا»؟.. وهل من الممكن انتهاء الحرب هناك؟.. «الدستور» في هذا التقرير ترصد ما يدور على الساحة اليمنية.
*مبادرة أممية وتحركات مصرية
اجتمع مارتن جريفيثس، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، بأطراف النزاع اليمنية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بحضور أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي، وأطراف «حوثية».
وانتهى الاجتماع إلى أن يستكمل «جريفيثس» المشاورات في مدينة الرياض، مع الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادي، ونائبه على محسن الأحمر، ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر.
وأعلن المبعوث الأممي أنه بصدد وضع إطار عمل تفاوضي خلال شهرين، كمبادرة لحل الأزمة، خاصة بعدما التقى في مارس الماضي عبدالملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثيين، في العاصمة اليمنية صنعاء، ما نتج عنه قبول الأخير الدخول في عملية التفاوض السياسي، على أمل إنهاء الحرب.
وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة إن دولًا عربية، وعلى رأسها مصر وسلطنة عُمان، تدعم الحل السياسي للأزمة اليمنية، لتفادي خسائر كافة الأطراف، مضيفة أن «الرئيس عبدالفتاح السيسي يدعم وقف الاقتتال في اليمن بقوة، والبدء في وضع خارطة طريق سياسية، للخروج من الأزمة، وهو ما تم بحثه خلال لقائه الأول السلطان العماني قابوس بن سعيد، في مدينة مسقط، فبراير الماضي، وما تبعه من مباحثات مع محمد بن زايد، ولى عهد أبوظبي».
وكشفت المصادر ملامح المبادرة الأممية لحل الأزمة اليمنية، وقالت: «يتمثل الحل في عودة الشرعية الدستورية الممثلة في الرئيس هادي، وممارسة صلاحياته كرئيس شرعي لليمن، بالإضافة إلى عودة البرلمان اليمني، وضمان الانسحاب الكامل من العاصمة صنعاء، فضلا عن الانسحاب من القواعد العسكرية التابعة للجيش لليمني، مقابل العودة إلى طاولة الحوار الوطني بين الأطراف اليمنية المختلفة».
ليس ذلك فحسب، بل تشمل أيضًا تحول جماعة الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى أحزاب سياسية، قبل تشكيل حكومة وفاق وطني، تتيح إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية ديمقراطية، تشارك فيها الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة في اليمن. وتعتمد المبادرة بشكل أساسي على العودة إلى مخرجات الحوار الوطني، الذى توافقت حوله الأطراف اليمنية، الذى اختتم أعماله في يناير 2014، وكان أحد مخرجاته دولة اتحادية من 6 أقاليم، وهو المقترح الذى يعود للصدارة مرة أخرى، حال النجاح في جلوس الفرقاء على طاولة الحوار.
وبالتزامن مع التقدم البطيء نحو الحل السياسي، تشكلت على الصعيد الميداني قيادات جديدة، في المعركة العسكرية، لعل أبرزها العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
ويبدو أن «طارق» قرر أن يكون له نصيب في حل الأزمة اليمنية أو تفاقمها، خاصة بعد مقتل عمه، الرئيس السابق لليمن، لذلك تحرك عسكريًا على طول الساحل الغربي للبلاد، في محاولة منه إلى تحرير محافظة تعز، مستغلا نجاحه في تشكيل 3 ألوية عسكرية.
«طارق» خرج من صنعاء بعد بسط الحوثيين سيطرتهم الكاملة عليها، ثم اتجه مباشرة إلى قوات التحالف العربي ومراكز القوى بها، خصوصًا الإمارات والسعودية، مستكملا ما بدأه عمه علي عبدالله صالح قبل مقتله.
وبالفعل، بدأ وضع نواة لقوات أطلق عليها اسم «ألوية حراس الجمهورية»، عن طريق تجميع القيادات العسكرية السابقة للجيش اليمني، وقوات الحرس الجمهوري، التي كانت تخضع لقيادته وقت تولى عمه سدة الحكم.
واتخذ من مدينة «المخا» نقطة انطلاق لقواته، التي شهدت تجهيزًا عسكريًا غير مسبوق، بأسلحة وآليات حديثة.
مساعي «طارق» في تحرير صنعاء ومحافظات الشمال الواقعة تحت سيطرة القوات الحوثية، حظيت بترحيب المجلس الانتقالي الجنوبي، الذى أعلن دعمه الكامل وتأييده لقوات المقاومة الشمالية في وجه الحوثيين.
كما برز أيضًا «أحمد»، نجل علي عبدالله صالح، قائد ألوية الحرس الجمهوري السابق، عندما أكد أنه سيقود شخصيا المعركة ضد قوات الحوثيين في اليمن، ليبدأ في تكوين «التحالف الوطني لتحرير اليمن»، ودعا قوات الحرس الجمهوري إلى الالتحاق بقواعده، وخصص لذلك مكانًا لعمليات الانطلاق من محافظتي شبوة والحديدة. ويعتبر النجل الأكبر لـ«صالح» هو الأكثر نفوذا بين إخوته، إذ سبق له أن تولى قيادة الحرس الجمهوري خلال رئاسة والده البلاد، وكان يشغل منصب السفير اليمني في الإمارات.
وكانت السلطات الإماراتية تفرض الإقامة الجبرية عليه، منذ انطلاق عمليات «عاصفة الحزم» في مارس 2015، كما أدرجه مجلس الأمن الدولي في قائمة العقوبات الأممية، التي تشمل المنع من السفر وتجميد أرصدته.
السعودية تتدخل والقوات الجنوبية تؤيد الحل العسكري
أثار الدعم الإماراتي المزعوم لعائلة على عبدالله صالح- حالة من عدم الرضا لدى الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادي، وهو ما تجلى في تصريحات رسمية لوزير خارجيته، عبدالملك المخلافي، قال فيها إن الخلاف مع «أبوظبي» منع عودة الرئيس «هادي» إلى عدن. الخلاف الذى تسرب إلى العلن في التصريحات الرسمية أكدته تصريحات نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية اليمني، أحمد الميسري، عندما قال: «الوقت حان لتتوقف ازدواجية السلطة في عدن» منتقدًا بقاء الرئيس «هادي» في الرياض بقوله: «هادي ليس سفيرًا لليمن في السعودية».
وأضاف «الميسري»: «الخلاف بين الرئيس هادي وسلطات أبوظبي احتد للغاية، والسعودية تحاول حاليا تلطيف الأجواء، من باب الحرص على حياة الرئيس».
ووضع تصريح المبعوث الأممي مارتن جريفيثس بأنه «لن يكون هناك سلام إلا بالإصغاء لصوت الجنوبيين»، المجلس الانتقالي الجنوبي، في صدارة العملية السياسية، خاصة بعدما أعلن أعضاؤه تأييدهم ودعمهم لتحركات أحمد وطارق صالح، بالإضافة إلى دعم قوات «الحزام الأمني»، وهى عبارة عن قوة أمنية وعسكرية، تنشط في جنوب اليمن، تأسست عام 2016 بدعم إماراتي.
وعلى الرغم من إعلان المجلس الانتقالي تأييده لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، فإن ذلك لم يمنع من محاصرة مقر الحكومة في عدن، والمطالبة بإقالتها، مطلع يناير الماضي، بدافع اتهامات فساد، وعدم القدرة على تلبية احتياجات المواطنين بالجنوب.
وأعلن حزب الإصلاح اليمني الذى يمثل الذراع السياسية لجماعة الإخوان في اليمن، موقفه من قوات طارق صالح.
وقال علي الجرادي، رئيس الدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح، إن أي تشكيلات عسكرية أو أمنية أو تكتلات سياسية، لا تعترف بالشرعية التي يقودها «هادي»، تعتبر مهددة للدولة اليمنية.
وأضاف: «الحزب يدعم ويتبنى كل أشكال التحالفات مع الأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية لمواجهة جماعة الحوثي، شريطة أن تكون تلك التحالفات في إطار السلطة الشرعية، بقيادة الرئيس هادي ومؤسسات الدولة الرسمية ومخرجات الحوار الوطني».
الحوثيون يملكون 80 % من أسلحة الجيش
لا يمكن تجاهل القوى العسكرية للحوثي مؤخرا، خاصة مع توالي الدعم المسلح واللوجستي القادم من إيران، فضلا عما استولت عليه القوات الحوثية من أسلحة الجيش اليمني بنسبة 80٪. الجيش اليمنى تم تصنيفه كسادس جيش عربي قبيل اندلاع الثورة في اليمن، كما احتل المركز الـ45 بين جيوش العالم، ويمتلك 106 دبابات و600 مدرعة و362 طائرة حربية و94 طائرة هليكوبتر و33 قطعة بحرية و10 عربات كاتيوشا، و100 صاروخ، وأكثر من 100 مدرعة تحمل رشاشات ثقيلة ومتوسطة.
ووجهت أصابع الاتهام إلى إيران، لأنها مدت الحوثيين بعدد من الصواريخ المتقدمة محلية الصنع، من طرازي «شهاب» و«فجر»، وأعلنت الإمارات عثورها على بقايا صاروخ «كورنيت» في اليمن.
وعلى مدار السنوات الثلاث الأخيرة، أنتجت دائرة التصنيع العسكري التابعة للحوثي عددا من الأسلحة الجديدة، مثل قناصات «قاصم» و«صارم»، المضادة للأفراد، عيار 8 ملم وبمدى قاتل، يصل إلى 1600 متر، وقناصة «خاطف» المضادة للآليات والأفراد، عيار 12.7، كواحدة من القناصات التكتيكية، وبمدى يصل إلى 1500 متر.
ويسيطر الحوثيون بشكل كامل على العاصمة صنعاء، ومحافظات عمران وذمار وريمة وإب والمحويت وصعدة، أما محافظة الحديدة غربي البلاد، فيسيطرون عليها بشكل كامل باستثناء مديريتين، تسيطر عليهما قوات الحكومة الشرعية.
أما محافظة البيضاء، التي تقع وسط اليمن وتملك حدودا مع ثمان محافظات يمنية، فيسيطر الحوثيون على معظمها، لكن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تسيطر على 4 مديريات فيها فقط، بالإضافة إلى بسط سيطرتها على محافظة حجة شمال غربي اليمن.
وفى تعز، تبسط قوات الجيش الوطني سيطرتها على معظم أجزاء المدينة وعدد من المديريات، لكن محافظة الجوف أيضا منقسمة بين الحكومة الشرعية والقوات الحوثية.
*(جريدة الدستور المصرية)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى