تداعيات مقتل الصماد.. للزمان والمكان دلالات أجلت النعي

> تقرير/ علاء حنش

> بعد أن لف الغموض مقتل رئيس المجلس السياسي التابع للحوثيين صالح علي الصماد، الخميس الماضي، والكيفية التي تمت بها قتله، بغارة جوية لطيران التحالف العربي التي استهدفته هو وقيادات حوثية، أم تمت تصفيته من قبل الحوثيين أنفسهم، خصوصا بعد أن تصاعدت وتيرة الخلافات، غير المعلنة، بين الصماد والحوثيين لا سيما أن الصماد كان ينادي بضرورة استمرار التحالف مع حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يرأسه علي عبدالله صالح قبل أن يقتله الحوثيون في 4 ديسمبر من العام الماضي 2017.
مراقبون قالوا إن «الغريب في الأمر أن الحوثيين أعلنوا أمس الأول عن مقتل الصماد في غارة جوية لطيران التحالف العربي في محافظة الحديدة (غربي البلاد) يوم الخميس الماضي 19 أبريل الجاري، بعد أن تكتموا على ذلك خمسة أيام، ولم يعلنوا عن مقتله إلا بعد أن جهزوا من يخلفه في منصبه»، حيث قرر المجلس السياسي التابع للحوثيين أمس الأول اختيار القيادي مهدي محمد حسين المشاط رئيسا للمجلس خلال الدورة القادمة.
وأكد مراقبون أن «مقتل الصماد يُعتبر تطورا يزيد من حالة التخبط الذي يعيشه الحوثيون، وأن من شأنه رفع حدة الصراعات في صفوف الحوثيين وإضعاف معنويات مقاتليهم في جبهات القتال.
وكان مصير الصماد مجهولا منذ عدة أيام بعدما اختفى عن المشهد السياسي، وسط أنباء عن خضوعه للإقامة الجبرية من قبل الحوثيين، على خلفية اتهامات له بالتقصير وتبديد الموارد المالية.
ويرى متابعون للمشهد اليمني أن مقتل الصماد يُعد بمثابة زلزال بالنسبة للحوثيين، فالصماد هو الرجل الثاني بعد زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، الذي اعلن مساء أمس الأول الإثنين على قناة «المسيرة» مقتل الصماد وستة من مرافقيه في بث مباشر من ضاحية بيروت الجنوبية، حسب قناة سكاي نيوز عربية.
وتوعد زعيم الحوثيين المملكة العربية السعودية بالرد على ذلك، وعدم مرور هذه الجريمة مرور الكرام، حسب زعمه.
واعتبر مراقبون أن «هذه الحادثة تُعد تطورا استراتيجيا، يدل على اختراق استخباراتي كبير اجتاز هذه المرة الدائرة المغلقة في أعلى سلم قيادة الحوثيين، ولاشك أنه سيجعل باقي قادتهم يتحسسون رقابهم كثيرا بعد مصرع الصماد».
وقالوا إن «بمقتل الصماد يكون الحوثيون قد خسروا أحد اقوى أركانهم، خصوصا وأنه يوصف في أدبياتهم بـ «القائد الأعلى للقوات المسلحة»، والتي حاول الصماد قبل مقتله لمّ شتاتها في الساحل الغربي وتحديدا في الحديدة».
*تداعيات
الأكاديمي والمحلل السياسي د. علي صالح الخلاقي قال لـ«الأيام» إن «إعلان الحوثيين لمقتل الصماد أمس (أمس الأول) جاء بعد مرور عدة أيام على الضربة القاسمة التي استهدفته من قبل طيران التحالف العربي في الحديدة».
السياسي د. علي الخلاقي
السياسي د. علي الخلاقي

وأضاف إن «مسألة الإعلان أمر وارد، حتى وأن تأخر لأيام، لظروف المواجهات، وإعادة ترتيب الاوراق، وامتصاص هذه الضربة الموجعة من قبل قيادات الحوثيين وأنصار الصماد».
وعن إعلان الحوثيين لمقتل الصماد أشار الخلاقي إلى أنهُ «لا يمكن إخفاء مثل هذا الأمر لفترة أطول، لأن الكثير من الشكوك ستبرز على السطح، وربما تكون لتداعيات اخفائه أمور لا يتوقعها الحوثيون أنفسهم، ولهذا كان الإعلان ضروريا بالنسبة لهم، ولكن بعد ترتيب أوضاعهم، واختيار بديل من المقرب لهم، وهو مهدي المشاط، الذي نعرف أنهُ كان مديرا لمكتب عبدالملك الحوثي».
وقال الخلاقي: «تداعيات مقتله كثيرة، ولها انعكاسات سلبية على الحوثيين، معنويا، وسياسيا، وعسكريا، خاصة وانه كان من المخلصين لزعيم الحوثيين، ولنهج الجماعة، وأمتلك القدرة على إدارة الأمور مع مختلف الاطياف، الأمر الذي سيترك فراغا لا يمكن أن يعوضه المشاط، ذو الخبرة الضعيفة، والنزق الطائفي، كما يصفه الكثير ممن يعرفونه عن قرب، ثم إنهم يفتقرون لتلك الدينماكية التي تميز بها الصماد خلال إدارته للمجلس السياسي، وتحركاته للجبهات، واستقطابه للكثير من أبناء القبائل بحكم انتمائه لهذه القبائل على عكس زعامات الحوثي المنتمية للسلالة الطائفية التي تسيّر الأمور من كهوفها في مران، وهذا الأمر ستكون له المزيد من التداعيات والانهيارات في المعنويات العسكرية التي بدأت، ليس فقط بمقتله، ولكن في اشتداد القبضة على الحوثيين في الساحل الغربي، واقتراب المقاومة من عقر دارهم في صعدة، الأمر الذي جعل الحوثيين يعيشون مرحلة ارتباك لم يشهدوها من قبل».
وأضاف «لا شك أن ذلك الارتباك سيستمر، لأن إعادة ترتيب الاوراق وتغطية الفراغ الذي تركه الصماد لايمكن تعويضه بسهولة في ظل الانهيارات العسكرية والسياسية والمعنوية التي يتلقاها الحوثيون».
وأوضح الخلاقي أنُ «الصماد قتل بغارة جوية للتحالف العربي أُحكمت بدقة شديدة، وبقدرة استخبارية رفيعة، بعد رصد تحركاته، حتى انفرد في مكان بعيد عن التجمعات السكانية، ووجهت له تلك الضربة القاضية، التي ربما لم يكن بمقدور التحالف القيام بها لو كان في تجمعات كبيرة أو في لقاءات مع المسؤولين بالحديدة».
واستبعد الخلاقي أن يكون الحوثيون هم من تخلصوا من الصماد في إطار الصراع الذي يحتمل أن يكون موجودا، وقال: «خلال الفترة الماضية لم نر من تصرفات الصماد إلا الإخلاص والوفاء لسيده «الحوثي»، ولم يبدر منه أي فعل يخالف ذلك حتى نذهب إلى التفكير بالتخلص منه من قبل الحوثيين، ولو حدث ذلك لتخلصوا منه بطريقة غير تلك الطريقة، ربما بتحييده أو توجيه أي تهمة له، كما فعلوا مع كثير من قياداتهم مثل «صالح الهبرة» وغيره ممن اختفوا ولم يعد لهم أي ظهور بعد ذلك الاختفاء».
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي منصور صالح إن «مقتل الصماد مثلّ ضربة موجعة للحوثيين باعتبار الرجل يمثل الواجهة السياسية للجماعة، وأكثر قياداتها نشاطا وحركة وتأثيرا».
وأضاف لـ«الأيام» إن «مقتل الصماد سيربك الحوثيين، وسيحتاجون إلى الكثير من الوقت لتجاوز نتائج هذه الخسارة التي لحقت بهم».
السياسي منصور صالح
السياسي منصور صالح

وعن كيفية مقتل الصماد أكد صالح أن «الرجل دون شك قُتل في غارة جوية، وأي محاولة للتشكيك في ذلك هي تشكيك بقدرات وجهود قوات التحالف العربي».
وأشار إلى أن «الحادثة لها دلالاتها الإيجابية بالنسبة للتحالف، الذي نجح في تحقيق هذا الاختراق الاستخباراتي في الوصول إلى ثاني أهم شخصية حوثية، وضعها التحالف في بنك أهدافه».
وقال منصور إن «الحديث عن تصدع الجبهة الانقلابية ليس له ما يدعمه، لأن الحوثيين مهما كانت خلافاتهم إلا أنهم يبدون حرصا على وحدة جبهتهم الداخلية على الاقل في هذه المرحلة الخطيرة بالنسبة لهم والتي يواجهون فيها ضغوطا كبيرة في مختلف الجبهات، وخاصة في صعدة والساحل الغربي».
وعن تأخير إعلان مقتل الصماد قال إن «الهدف منه ترتيب الأوضاع، والاتفاق على من سيخلفه، فدون شك أن الأمر يمثل أهمية كبرى، والتعامل معه يلزم الحذر واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن عدم الانهيار، ناهيك عن مخاوف الحوثيين من نشوب خلاف حول شخصية البديل، وهو ما يبدو أن زعيم الجماعة تدخل إزاءه وحسمه بتعيين مدير مكتبه وأحد أبرز الموالين له، مهدي المشاط».
وأردف صالح متحدثا عن آثار وانعكاسات مقتل الصماد على الجبهات القتالية لدى الحوثيين بقوله إن «التأثير ربما سيكون كبيرا، ومن أبرز نتائجه الحد من تحركات قيادات الحوثيين، إضافة إلى إضعاف الروح المعنوية لمقاتليهم».
من قتل الصماد؟
محللون سياسيون يمنيون اتفقوا أن «الصماد كان صيدا وهدفا ثمينا للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن».
ووصف المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي مقتل الصماد، عبر صفحته بـ«تويتر»، بأنه «ضربة قاصمة للحوثيين على يد التحالف العربي».
السياسي عبدالوهاب الآنسي
السياسي عبدالوهاب الآنسي

بدوره، السياسي والبرلماني اليمني عبدالوهاب أحمد الآنسي شكك في مقتل صالح الصماد بغارة للتحالف، وقال إنه «تمت تصفيته في خلاف داخل الحوثيين، بدليل أن الجماعة لم تعتد إعلان مقتل قيادييها بهذه السرعة ولا تفعل إلا بعد شهور».
وأضاف الآنسي في مقابلته مع قناة «الجزيرة» إن «الإعلان السريع عن مقتل الرجل الذي كان بمثابة رئيس الجمهورية بالنسبة للحوثيين يطرح علامات استفهام كبيرة».
وأكد أنه «تمت تصفيته لأنه من التيار المحسوب على الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، وحزبه المؤتمر الشعبي العام، وأن صالح كان يدفع به ليكون رئيسا للجمهورية».
وذكر الآنسي أن «الحوثيين تخوفوا من استقطاب التحالف له، وهو ما كان سيؤثر على الجماعة إعلاميا وسياسيا لذلك سارعت للتخلص منه».
وأشار إلى أن «ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان قال في وقت سابق إنهم ينتظرون انشقاقات داخل الحوثيين»، في إشارة لاحتمال انشقاق الصماد عن الحوثيين.
واعتبر الآنسي أن «اختيار مهدي المشاط خلفا للصماد يدل على أن الأمر كان مرتبا ومهيأ له، ولم يكن نتاج ضربة مفاجئة».
ويعتبر الصماد المطلوب الثاني على قائمة المطلوبين لدى التحالف العربي، بعد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، وبين قائمة تضم 40 قياديا، التي أعلنتها السعودية، ورصدت 20 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات تؤدي إلى القبض عليهم.
تقرير/ علاء حنش

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى