لا ترتكب هذا الجرم يا أخي..!

> نشوان العثماني

>
نشوان العثماني
نشوان العثماني
حيثما حلت الكراهية بمجتمع خيمت عليه الظلمة، ولا تصبح ترى على امتداد رقعته إلا اللا نبض سائدًا فلا حياة ولا حراك لقلب.
لا تحل الكراهية بمكان إلا ودمرته وأهلكت من فيه. وهي وإن وُجهت ضد الآخرين اليوم، (و«س» هو الآخر بالنسبة لـ«ش»)، لا تلبث إلا أن ترتد لتكون أوجع وأكثر ألمًا على أصحابها أنفسهم.. فالنار تأكل بعضها.
من أين تأتي الكراهية؟
تندلع من غياب المحبة في التربية وفي التعليم وفي الثقافة.
هذا الغياب يولّد الأنانية، وهذه تولّد الكراهية.
وهذا يعني أن الإنسان الذي لا ينشأ على قيم المحبة والإنسانية منذ الأسرة وصولًا إلى المدرسة، يشكل خطرًا على نفسه وعلى مجتمعه، ويا للأسف يصبح ضحية، يقبل أن يفعل أي شيء دون رادع من ضمير. لا ضمير حيث لا محبة. ولا إنسان حيث لا ضمير.
يصبح ضحية وإن بدأ لنا بهيئة جانٍ.
المنظومة متكاملة لا تتجزأ. المحبة لا تعرف التمييز ضد أحد، لا وفقًا للعرق ولا للون ولا للدين ولا للجغرافيا ولا للغة ولا أي محدد آخر.
الثقافة التي لا تعبأ بالمحبة لا تقدم شيئًا ذا أهمية.. في دائرة من التكرار والتدمير تظل.. بالالتفات إلى مكمن الخلل العميق تنجو.. أساسها الفكري.. كل شيء في الفكرة أولًا قبل الواقع.
وربما قلنا، إذا ما رتبنا الأولويات: ليكن الانطلاق من الأسرة. علموا أولادكم المحبة أولًا.
لكن فاقد الشيء لا يعطيه.
تدمر طفلك مسبقًا إذ تزرع فيه الكراهية، لأنك تفتقد المحبة. وأنت ضحية لهذا الافتقاد. والسلسلة مرتبطة ببعض.
فربما قلنا إذن: البدء أولًا بتقييم الداخل، أن تبحث في عالمك الداخلي عما يوصلك بتلك البذرة التي أودعها الله فيك وفي كل إنسان قبل أن تغطيها ركامات الأنا من جهة، وهذا سببه الجهل ونصف المعرفة, والظلام التاريخي من جهة أخرى, وهذا سببه الثقافة والفكر.
لقد أحبنا الله جميعًا ولم يفرق بين عباده، إذ أحب الإنسان وأوصاه بالإحسان والحب.
وفي كل منا وضع الرحمن بذرته العظيمة، بذرة المحبة والجمال. فهو محب جميل لا يزرع إلا الحب والجمال. فإن تغير هذا المسار بفعل فاعل أو شاغل، كان لزامًا علينا أن نعود إلى مسارنا الصحيح؛ مسار الإنسان لأجل أخيه الإنسان ولا مسار غيره.
ومهما أظلم هذا العالم بالكوارث والحروب والمآسي والنكبات، فليس سوى الصمود في طريق المحبة هو لنا المنقذ والملجأ والمعين على هذه الحياة التي يجب أن نحياها، ليس للأنا بل لأجل خير الإنسان حيثما كان، وبأي شكل أو لون أو لغة أو صفة... إلخ.
طريق المحبة والسلام هو طريق الله، والله هو النور والسلام.
العروة الوثقى هي أن تكون مع الله دومًا، أن تحبه فتحب الإنسان، فتحيا بسلام.
الكراهية جريمة، فلا ترتكب هذا الجرم يا أخي.
أما لماذا أقول لك هذا الكلام؟
فليس لك لا لي، وليس لي لا لك. لك إذ هو لي، ولي إذ هو لك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى