"بومبيو" يتوجه إلى الحلف الأطلسي متخليا عن صورة التشدد الملازمة له

> بروكسل «الأيام» ا.ف.ب

> بروكسل «الأيام» ا.ف.ب:
بعد ساعات قليلة على تثبيته في منصبه، وصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس إلى بروكسل حيث يعتزم التأكيد على أحد اهم مطالب الرئيس دونالد ترامب، وهو حض أعضاء الحلف الأطلسي على زيادة مساهماتهم المالية.
والتقى بومبيو، وهو من «الصقور» للمرة الاولى نظراءه من الحلف الأطلسي بعد قليل على إدائه اليمين رئيسا للدبلوماسية الأميركية، فترك انطباعا جيدا بين وزراء خارجية الحلف وبدد المخاوف من تخلي واشنطن عن النهج المتبع حيال روسيا وقوامه الردع العسكري والدبلوماسية معا، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن لوكالة فرانس برس إن «مايك بومبيو شدد بالطبع على ضرورة تقاسم أعباء (النفقات)، لكنه قام بذلك بعيدا عن أي عدائية. بل أبدى على العكس اهتماما واستمع وشارك في جميع المناقشات».
وأضاف أسلبورن أن المخاوف من حصول تشنج مع موسكو تبددت.
من جهته أكد الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي بعد المناقشات المخصصة للعلاقات مع موسكو أن «الحلف الأطلسي سيواصل النهج بمسارين حيال روسيا».
واضاف «نجد أنفسنا في وضع غير مسبوق مع روسيا. لم تعد هذه الحرب الباردة، لكنها ليست تماما الشراكة الاستراتيجية التي سعينا لإقامتها معها».
وشدد عدة وزراء أوروبيين قبل بدء الاجتماع على ضرورة الحفاظ على الحوار مع موسكو وقال الألماني هيكو ماس «لن نتوصل إلى حل للعديد من النزاعات بدون روسيا».
*تقاسم الأعباء
ودخل بومبيو على الفور في صلب الموضوع وأكد بعدما اشاد برئيس الحلف الأطلسي على رغبته في «القيام بزيارة مفيدة هنا اليوم».
والرسالة التي يحملها يعرفها الحلفاء إذ يردد ترامب منذ بدايات حملته الانتخابية أن على الأعضاء الآخرين في الحلف زيادة إنفاقهم العسكري لتخفيف العبء عن واشنطن، أكبر مساهميه.
وبعدما تعهد الحلفاء في سبتمبر 2016 بتخصيص 2 % من إجمالي ناتجهم الداخلي للدفاع، لا يزال بعضهم وخصوصا ألمانيا وبلجيكا بعيدين جدا عن هذه العتبة.
ووجه ترامب مرارا انتقادات علنية لبرلين، ووصل العام الماضي إلى حد اتهامها بالتخلف عن سداد «مبالغ مالية ضخمة»، وهو ما نفته ألمانيا نفيا قاطعا.
وقال مسؤول أميركي كبير أن «ست دول من الحلف الأطلسي تقوم بذلك، وتسع دول أخرى قدمت خططا ذات مصداقية للالتزام (بالتعهد)، وحان الوقت لأعضاء الحلف الـ13 الآخرين لبلوغ المستوى المحدد وخصوصا ألمانيا، عضو الحلف الأطلسي الأوروبي الأكبر والأكثر ثراء»، مشيرا إلى أن برلين لا تنوي زيادة إنفاقها العسكري إلا بمستوى 1,25% من إجمالي ناتجها الداخلي بحلول 2021.
وتتخذ هذه التصريحات المزيد من الأهمية في وقت تلتقي المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دونالد ترامب أمس في واشنطن.
وأبدى المجتمعون في بروكسل اتفاقا واسعا على ضرورة ايجاد طرق لمواجهة تبني روسيا لتقنيات «الحرب الهجينة» من القيام بأعمال تخريب وبث الدعاية وشن حروب الكترونية بهدف تقويض الغرب دون إثارة رد عسكري من حلف شمال الأطلسي.
لكن الانقسامات كانت سيدة المشهد في ملفين رئيسيين هما -- زيادة الانفاق العسكري بشكل كبير وهو مطلب رئيسي لترامب ترفضه ألمانيا تحديدا، والكيفية التي يمكن من خلالها الموازنة بين الرد على موسكو بحزم مع ابقاء الباب مفتوحا أمام الحوار.
ولدى استقباله المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية في مقر الحلف الأطلسي بعد أقل من 24 ساعة على تثبيت مجلس الشيوخ الأميركي لوزير الخارجية الجديد في منصبه، تحدث الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ عن ضرورة تكيف الحلف المكون من 29 عضوا مع «بيئة أمنية أكثر تطلبا».
وفي إشارة إلى أن المحادثات هي أول اجتماع وزاري للحلف الأطلسي منذ ورود الاتهامات بأن عملاء روسا استخدموا غازا للأعصاب لتسميم جاسوس سابق في مدينة سالزبري البريطانية، لخص وزير خارجية لندن بوريس جونسون المعضلة.
وتساءل «كيف تتعاملون مع بيئة عسكرية حين تكون الهجمات دون عتبة المادة الخامسة التي تنص على الالتزام بالدعم المتبادل، لكنها تتطلب في الوقت ذاته ردا مشتركا؟».
واجتمع الوزراء في البداية على مائدة الإفطار لمناقشة التهديد الروسي في محادثات يبدو أنها أرضت الوفد الأميركي.
وأشار مسؤول رفيع في وزراة الخارجية الأميركية للصحافيين بعد الجلسة إلى وجود «توافق بشأن العدوان الروسي وحجمه» مضيفا أنه يعد «مشكلة تتطلب الرد عليها».
لكن رسالة بومبيو الثانية المرتبطة بالحاجة لزيادة بقية الدول الأعضاء نفقاتها العسكرية وبالتالي تخفيف العبء عن الدولة الأكثر مساهمة في الحلف لن تحظى بالإجماع.
وزير الخارجية الامريكي الجديد مايك بومبيو مع السفير الامريكية الى حلف الناتو كاي هاتشيسون قبل اجتماع اعضاءالحلف
وزير الخارجية الامريكي الجديد مايك بومبيو مع السفير الامريكية الى حلف الناتو كاي هاتشيسون قبل اجتماع اعضاءالحلف

وبدت بعض الدول، على رأسها ألمانيا الثرية، مترددة في الوفاء بالالتزامات التي اتخذتها خلال قمة للحلف في ويلز في سبتمبر 2016 والمتمثلة بزيادة النفقات الدفاعية للوصول إلى هدف 2% من اجمالي الناتج الداخلي.
واعتبر ترامب مرارا أن عدم الوفاء بهذا الالتزام يعد بمثابة عدم دفع الدول الاعضاء لمستحقاتها. وقال مسؤولون أميركيون إن بومبيو سيحمل هذه الرسالة إلى بروكسل كما فعل سلفه ريكس تيلرسون.
ولدى وصوله، أشار وزير الخارجية الألماني هيكو ماس إلى مساهمة برلين في العمل الإنساني في العراق وسوريا قائلا «تلعب ألمانيا دورا هامة للغاية».
وتهدف محادثات يوم أمس لوزراء الخارجية الـ29 إلى جانب اجتماع وزراء الدفاع المقبل في مايو للتحضير لقمة في يوليو قد تشهد مواجهة بين الولايات المتحدة من جهة واعضاء في الحلف في مقدمتهم ألمانيا من جهة أخرى.
*«تهديد واحتلال»
وقبل بدء المحادثات، انتقد الدبلوماسيون الأميركيون ألمانيا تحديدا التي تنفق 1,24 بالمئة فقط من أجمالي ناتجها الداخلي الكبير على الدفاع.
وبعد الجلسة الأولى، قال المسؤول الأميركي «أجمعت كافة الدول (الاعضاء) على تقديم خططها (في هذا الشأن) بينها تلك التي لم تقم بذلك بعد».
وفي الوقت الذي يجتمع الوزراء في بروكسل، ستكون المستشارة الألمانية انغيلا ميركل في واشنطن لاجتماع منتظر مع ترامب، مباشرة بعد زيارة دولة قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وشاركت مقاتلات فرنسية وبريطانية في ضربات عقابية قادتها واشنطن واستهدفت ترسانة النظام السوري من الأسلحة الكيميائية. لكن ألمانيا لم تشارك في العملية بينما يرجح أن يكون لقاء ميركل بسيد البيت الأبيض أقل ودية من ذاك الذي جمعه بماكرون.
وستتصدر روسيا -- الخصم التقليدي للحلف -- جدول أعمال اجتماع أمس، الذي سيكون الأخير قبل ترك الحلف مقره العائد إلى حقبة الحرب الباردة إلى مقر جديد.. وسينظر وزراء حلف شمال الأطلسي في ما سيكون بإمكانهم القيام به لمواجهة التهديد الروسي لكن ستولتنبرغ قال إن الحلف سيبقى منفتحا تجاه «الحوار الجاد» مع موسكو.
*جنود إلى العراق
وتخشى بعض الدول الأعضاء في حلف الأطلسي من أن سمعة بومبيو كشخصية صدامية قد تنعكس على سياسة الحلف حيال روسيا التي تجمع بين الردع العسكري والدبلوماسية.
ويتوقع أن يتحدث ستولتنبرغ في نهاية الاجتماع الأخير للوزراء في قاعة مجلس شمال الأطلسي التاريخية حيث تم تفعيل المادة الخامسة التي تنص على الدفاع المشترك للمرة الأولى والوحيدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
وسيناقش الوزراء كذلك خطط توسيع مهمة التدريب التي يقوم بها حلف الأطلسي في العراق. وسيتم تأكيد التفاصيل خلال القمة التي ستعقد في يوليو. لكن ستولتنبرغ أشار إلى أن مئات العناصر سينخرطون فيها.

التقارب بين الكوريتين
وسيبرر بومبيو بحسب المسؤول الأميركي ضرورة زيادة النفقات العسكرية بالخطر الذي تطرحه روسيا التي تشكل «عاملا مزعزعا للاستقرار في أوكرانيا وجورجيا وسوريا».
ويمكن لبومبيو العسكري السابق البالغ من العمر 54 عاما والذي تولى منذ يناير 2017 رئاسة أكبر وكالة استخبارات في العالم، الاعتماد على دعم ترامب الذي وصفه الخميس بأنه «ورقة ستثنائية» للولايات المتحدة في «وقت حرج».
وأرسله في مهمة في نهاية مارس إلى بيونغ يانغ لعقد لقاء بقي سريا لفترة مع كيم جونغ أون تمهيدا للقمة غير المسبوقة المقررة بين الزعيم الكوري الشمالي وترامب بحلول مطلع يونيو..
ورحب ترامب الجمعة باللقاء «التاريخي» بين كيم جونغ أون والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن فيما اعتبره الأمين العام للحلف الأطلسي «مشجعا».
وستكون كفاءة بومبيو الدبلوماسية على المحك منذ بدء مهامه مع صدور قرار ترامب المرتقب في 12 مايو بشأن الاتفاق النووي الإيراني الذي توعد مرارا بـ«تمزيقه».
كما سيتطرق وزراء خارجية الحلف الأطلسي إلى مشروع توسيع مهمات التدريب في العراق وأفغانستان حيث لا يزال ينتشر 13 ألف عسكري من دول الحلف وحلفائهم.
وسيكون اجتماع اليوم الأخير للحلف قبل انتقاله إلى مقره العام الجديد في بروكسل.
وسيختتم ستولتنبرغ الاجتماع بالإدلاء بتصريحات في القاعة التاريخية التي تم فيها للمرة الوحيدة تفعيل المادة الخامسة من المعاهدة التأسيسية للحلف الأطلسي وتنص على الدفاع المشترك للمرة الأولى والوحيدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
وبعد بروكسل، سيتوجه بومبيو إلى الشرق الأوسط حيث سيتوقف في اسرائيل والأردن والسعودية وهي محطات اختارها بحسب المتحدثة باسم الخارجية الاميركية هيذر نويرت نظرا إلى «اهمية هؤلاء الحلفاء والشركاء الاساسيين في المنطقة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى