في حلقة نقاشية بذكرى إعلان الحرب على الجنوب 27 أبريل 1994م.. ساسة جنوبيون: أي معالجة دولية لا تنطلق من قضية 94 ستكون قاصرة

> تغطية/ رعد الريمي

> أكد رئيس مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب أ. قاسم داود أن أكبر ضحايا حرب صيف عام 1994م على الجنوب هم المتقاعدون والمدنيون والأمنيون والعسكريون، والذين ما زالوا حتى اليوم محرومين من مرتباتهم على الرغم من الثورات والانقلابات والمؤتمرات والإصلاحات في اليمن.
وأوضح داود في كلمته التي ألقاها خلال الورشة النقاشية التي نظمها مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب، أمس الأول، بالعاصمة عدن، برعاية الدائرة السياسية بالمجلس الانتقالي الجنوبي تحت عنوان "الجنوب.. تركة الحرب والاحتلال وتحديات استعادة وبناء الدولة"، بمناسبة مرور 24 عاماً على شن الحرب على الجنوب عام 1994م، أوضح أن "أول دفعة تم طردها من قِبل نظام صنعاء بلغ عددها (168)ألفا، وهو ما يعني أن المعاناة هنا طالت مليون وثمانمائة ألف فرد جنوبي، إذا افترض أن كل مسرح يعيل أسرة مكونة من ستة أفراد".
وأضاف: "إننا نستذكر هذا اليوم المشؤوم لأسباب، أهمها أن الحرب مازالت قائمة على الجنوب ومستمرة بكل الأساليب، سواء أكانت حربا أمنية وعسكرية، أو خدمات سياسة، وتهميش وخلق فتن وافتعال صراعات وغيرها، ولهذا لابد لأي توجه جاد من قبل المجتمع الدولي ومنظماته أن ينطلق من معالجة آخر قضية، وهي قضية 94م ونتائجها، وأي معالجة لم تنطلق من هذه النقطة فستكون معالجة قاصرة، لاسيما أن الأطراف معروفون للشمال والجنوب في حال أرادت سلاما للمنطقة”.
وأشاد داود بإحاطة المبعوث الأممي لليمن، والتي قال “إنها تضمنت جملة منصفة أمام مجلس الأمن فيما يتعلق بالجنوب وأن لا سلام ولا تنمية دون الاستماع لتظلمات وتطلعات الجنوبين وتضمينها اتفاقا سياسيا.. إنه نص سياسي أفضل من أي تعبيرات سابقة وردت وهي ثمرة لنضالات الجنوبيين”، داعياً في ذات السياق الجنوبيين إلى “استثمارها، لاسيما أن هناك جهدا محموما من قبل بعض الأطراف التي لا تريد للجنوبيين أن يخرجوا من محنتهم التي دخلوها في عام 94م فضلاً عن المستفيدين من القضية”.
*نيل الاستحقاق بات قريبا
من جانبه أكد الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي أحمد حامد لملس أن "المجلس الانتقالي مُنفتح على كل الآراء والطرح الجنوبي الذي يتفق معه في الطرح العام، وأن المجلس يقف مع الاصطفاف الجنوبي حيث لا يستطيع أي طرف أن يلغي الآخر".
وأضاف في كلمته بمناسبة مرور 24 عاما على شن الحرب على الجنوب بأن "الجنوب بات أكثر قرباً من نيل استحقاقه المنشود، خصوصاً باقترابه من طاولة المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة”، مؤكداً في ذات السياق أن "جنوب اليوم ليس جنوب 67، أو86، أو94، لاسيما بعد أن أصبح أكثر نضجًا واستيعابا للمرحلة الحالية".

ولفت لملس إلى أن "الجنوب بات بحاجة لجهود كل النخب الجنوبية لتوحيد الكلمة والرأي حول القضية الأساسية"، مضيفا: "نعم هناك تباين إلا أن الهدف يجب أن يكون واحدا".
*أساليب كثيرة لاحتلال الجنوب
وقدم في الورشة النقاشية، التي عقدت في فندق كورال بخور مكسر عدن، وشارك فيها ممثلون عن منظمات المجتمع المدني والحقوقيين والمتقاعدين العسكريين والصحفيين، عدد من الأوراق، حملت الأولى منها عنوان "ماضي وحاضر ومستقبل الجيش والأمن في الجنوب”، تناول خلالها العقيد ركن د.عبدربه محمد عمر المحرمي نبذة تاريخية عن بنية الجيش والأمن قبل عام 90، وتأثره بالصراعات السياسية قبل وبعد عام 90، والحرب على الجنوب في 94، وسلسلة الاغتيالات التي طالت الضباط والجنوبيين مروراً بالحرب الأخيرة على الجنوب، وكذا رؤيته المستقبلية لبناء الجيش والأمن الجنوبي.
وأوضح المحرمي أنه "منذ اليوم الأول من قيام دولة الجنوب وهي هدف لكثير من القوى المحلية والأجنبية التي ترغب في القضاء عليها في المهد، من خلال إعلان الحرب عليها بصور وأساليب متعدد، كأساليب إعلان الحرب في السبعينات التي كانت تحت شعار (مكافحة المد الشوعي القادم من الجنوب)، وتارة بإعلان الحرب في عام 27 أبريل 1994م تحت شعار (اجتثاث الحكم الشيوعي الماركسي في الجنوب)، وفي 25 مارس 2015م بشعار (مكافحة الإرهاب واجتثاث القاعدة وداعش من الجنوب)، فضلاً عن تعطيل العمل بكافة اتفاقيات الوحدة عشية إعلان الحرب على الجنوب 27/ 4/ 1994م، وتنصل نظام شمال عما تم الاتفاق عليه بالشراكة ما بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الممثلة للجنوب، والجمهورية العربية اليمنية الممثلة للشمال، دفع نائب الرئيس علي سالم البيض إلى الاعتكاف في عدن”.
جانب من الحضور
جانب من الحضور

وأضاف: “بل إن إعلان الحرب تزامن مع جملة من التحركات أبرزها التحريض الديني والقضاء على الألوية الجنوبية الموجودة في الشمال وتدمير اللواء الثالث مدرع في عمران، وإصدار الفتاوى التكفيرية وإشراك المجاهدين العائدين من أفغانستان ضمن الوحدات المقاتلة، وإفراغ المحافظات الجنوبية من الأسلحة وتدمير البنية التحتية، وتحول كافة الكوادر للشمال، وتدمير جهاز التحريات لتسهيل عليهم تنفيذ أعمالهم القذرة، ونشر القاعدة في المحافظات الجنوبية وخاصة في أبين”، مؤكداً أن “الحرب الثانية حرب 2015 على الجنوب لا تحمل الصراع الطائفي، وإن غلفت به، بل إن حقيقتها تكريس لاجتياح الأول في عام 1994م، خصوصاً أن المقاومة الشمالية لم تتشكل لصد وإيقاف تقدم قوات الحوثيين، أما ما تشكل في محافظة تعز من قبل حزب الإصلاح فكان بنتيجة استمرار القتال والصراع ضمن مراكز القوى الشمالية على السلطة”.
*إعادة تأسيس مسارات الحل
فيما تناول د. صالح طاهر سعيد، أستاذ الفلسفة السياسية، المساعد بكلية الآداب- جامعة عدن، في ورقته خيارات الحرب والسلام في الحالة اليمنية، وإعادة تأسيس مسارات الحل السياسي، من خلال ثلاثة أبعاد يمثل الأول منها الهدم المتواصل الذي طال كامل البنيان الشعوبي والاجتماعي والسياسي في كل من الجنوب والشمال، وأن الحل المناسب لذلك هو عملية إعادة بناء تتطلب ربط الفكرة العامة لإعادة البناء وما يتصل بها من ضرورة إعادة تشكيل وعي الذات الوطنية ووعي تحديدات الحق والعلاقات الحقوقي والإقرار طبقا لذلك بحقيقة الشعبية والدولتين بدلاً من زيف اليمن الواحد أو زيف اليمن المتعدد الأقاليم.
فيما يكمن الحل الثاني في البعد البنيوي طبقا للبناء التاريخي الحقوقي والاجتماعي والسياسي المتمثل بالشعبين والدولتين، وطبقًا للمكونات الداخلية لكل طرف تتم إعادة الهيكلة السياسية والإدارية التي تمهد للاعتراف بالحقوق الثابتة لكل طرف (هوية وسيادة وتقرير مصير).
فيما يتجه الحل الثالث نحو مسار الحل السياسي، وهنا يمكن التمييز بين حلين: الحل الانتقالي وهو حل يعيد وضع المرحلة الانتقالية في مسارها الصحيح، بحيث تقوم على الإقرار بالمعادلة الثنائية بين الجنوب والشمال وتعاد الهيكلة السياسية طبقاً لذلك، حكومة في الجنوب لإدارة الجنوب، وحكومة في الشمال لإدارة الشمال، والرئاسة مشتركة بسقف زمني يتم الاتفاق عليه، يتولى كل طرف خلال المرحلة الانتقالية إعادة بناء مؤسسات الدولة في دائرة اختصاصه مع الالتزام بالحدود الدولية بين الطرفين المعروفة حتى عام 1990م، وإلغاء كافة التعديلات الإدارية التي خلقت داخل جغرافي وسكاني بين الطرفين، ويمكن تسمية خطوات ووظائف المرحلة الانتقالية بخطوات وإجراءات إعادة التأسيس، والسير صوب إعادة الأشياء إلى أصولها الحقيقية”.
عاملات بمصنع العسل والنسيج - أرشيف
عاملات بمصنع العسل والنسيج - أرشيف

وأوضح صالح في ختام ورقته أن "الحل النهائي هو إجراء انتخابات في نهاية المرحلة الانتقالية داخل كل طرف تليها عملية الدخول بمفاوضات ندية بين الطرفين تحت إشراف عربي ودولي لتحديد مستقبل العلاقة بين الشعبين والدولتين بين الاتفاق على إقامة اتحاد كونفدرالي بين الدولتين أو انصراف كل دولة لإعادة بناء ذاتها وترك موضوع الاتحاد لإنضاجه على المستوى العربي، وتكون الدولتان جزءا من المسعى العربي العام".
*اتجاهات اقتصادية جديدة
وتناولت الورقة الأخيرة المقدمة من قبل د. سعود علي عبيد أ.م بكلية الاقتصاد بجامعة عدن تحت عنوان "الاتجاهات العامة لحل المشكلات الاقتصادية لدولة الجنوب المستعادة”.
وقال عبيد: "إن الصورة المشوهة التي تولدت عن فترة وقوع الجنوب تحت عوامل (الإلغاء والإقصاء والاستلاب) طوال الفترة (1994 - حتى الآن) تُحتم علينا ضرورة البحث عن نموذج بديل ومناسب ومن ثم تطبيقه على الواقع لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، وتصحيح نموذج للتنمية، من خلال خاصيتين أساسيتين أولهما: تختص بمعالجة كل الآثار السلبية التي عانى منها الجنوب اقتصاديا واجتماعيا، ثانيهما: تختص بتصحيح نموذج للتنمية الاقتصادية مع الأخذ بعين الاعتبار المحاذير ألا يكون تكرارًا لنموذج التنمية الذي كان سائداً في الجنوب قبل الوحدة الاندماجية في مايو 1990م، وأن يكون نافيا للنموذج الذي ساد في مرحلة الوحدة الاندماجية، وكذا أن يكون نموذج التنمية البديل مختلفا عن نماذج التنمية التي جرى تجريبها وتطبيقها، أكان في الجنوب، أم في مناطق أخرى من مناطق البلدان النامية”.
واختتمت الورشة بعدد من المداخلات التي دارت بين المشاركين وأثرت النقاش، والتي قدمها ممثلون عن منظمات المجتمع المدني والحقوقيين والمتقاعدين العسكريين والصحفيين”.
تغطية/ رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى