جريح فقد أسرته في الحرب يناشد التحالف والمنظمات الدولية علاجه.. وضاح.. حرب عدن أفقدته والدته وابنه.. وحرب صنعاء أكملت ما تبقى

> تقرير/ عبدالقادر باراس

> لعل الأقدار كانت قاسية على المواطن العدني وضاح عبد اللاه محمد إبراهيم (أربعيني العمر)، الذي فقد عائلته في الحرب تباعا (والدته وابنه الرضيع عبد اللاه)، وكلاهما ماتا بوباء حمى الضنك المتفشي في عدن أثناء فترة الحرب في العام 2015م، ثم نزح مع أسرته إلى صنعاء عند أهل زوجته، لكن المآسي لاحقته ليفقد زوجته وخمسة من أهلها، إثر قصف صاروخي بالطيران على المنطقة التي كانوا يسكنون فيها في منطقة وعلان بمديرية بلاد الروس بصنعاء، وأصيب خلالها وضاح بإصابات بليغة تنوعت بين خلع مفصل الحوض السفلي وكسر في حوضه الأيسر وخلع في رأس عظمة الفخذ الأيسر وكسور مختلفة في المفصل والحوض.
«الأيام» بدورها اطلعت على وثائقه وما لديه من إفادات وتأكدت من صحتها.
فبعد فقدان أمه وولده وزوجته، كيف يمكن أن نتوقع أن تكون حالته النفسية؟ هذا ما جال في بالي قبيل لقائي به بمقر الصحيفة، وحالته تعد أشبه بقصة شهيد حي، ويجب أن تروى قصته انطلاقا من واقعها المأساوي المؤلم.
وقد ازدادت فصول معاناته عندما طرق أبواب عدد من الجهات الحكومية والمنظمات الأهلية برفقة جسده المنهك والمتهالك، وبصحبة تقاريره التي تفيد بضرورة استكمال علاجه، إلا أن ذلك لم يقابل إلا بعدم المبالاة أو الاكتراث لسوء حالته الصحية دون أن تهتز لهم شعره أو يرق له قلب أحدهم.
ويروي وضاح قصة إصابته لـ«الأيام» فيقول: «أصبت أثناء الحرب وفقدت أسرتي وبقيت أتعالج في صنعاء ومكثت فيها قرابة أشهر، حيث تم نقلي بالأول إلى مستشفى (48) النموذجي لإجراء الإسعافات الأولية، ومن ثم نُقلت إلى مستشفى النخبة الخاص وأجريت فيها عدة عمليات من بينها تثبيت الكسور بواسطة صفائح وبراغي، وتبين أن الإصابات هي نتيجة كسر إثر إصابتي في الحوض».
أخذ وضاح يستذكر تلك اللحظات المؤلمة التي عاشها في عدن أثناء الحرب قائلا: «كانت أياما عصيبة عشناها بسبب أوضاع الحرب وما نتج عنها من صعوبة الحياة، كنا نبحث عن الماء ورغيف الخبز، مما أجُبرنا على النزوح».
ويضيف شارحا أثناء نزوحه: «أكبر مشكلة واجهناها أثناء النزوح كان أولها تجاوز مرحلة الخطر أثناء خروجنا من خط النار، نتيجة الاشتباكات ووصولنا إلى مديرية البريقة، بعدها بأيام انتقلنا إلى منطقة كابوتا بمديرية المنصورة، لكن زاد خوفنا هناك من تفشي الأوبئة والأمراض، منها حمى الضنك التي فتكت بالمئات، وخلال أقل من شهر من نزوحنا فقدت أمي وولدي، نتيجة هذا الوباء القاتل، كان ليس بمقدورنا البقاء، بعدها سافرنا إلى صنعاء، حيث الضربة التي قصمت حياتي وهي فقدان شريكة حياتي مع أهلها الخمسة، إثر قصف طيران على منازل مهندسين زراعيين بمجمع وعلان الزراعي الحكومي، وكنا حينها نسكن في منزل زوج خالتي م. علي محمد مقبل، ولحقت بي الإصابة وقضت على صحتي، بعد كل هذا لم يتخيل لي أن تصبح حياتنا تلاحقها المأساة - قالها بحسرة - لقد فقدت روحي وقلبي، فقدت أعز ما أملكه (أمي وولدي وزوجتي) في الحرب».
ويتابع «فبعد خروجي من المستشفى وبعد الحرب عدت إلى عدن لاستكمال علاجي».
ويشير وضاح إلى أنه «توجه إلى جهات حكومية وجمعيات تهتم بشؤون الجرحى، والتي اقتصر دعمها على توفير العلاج إلى الخارج، لكنه رأى، بحسب قوله «تمييزا قبيحا واستهتارا بأرواح الجرحى، حيث وجد تميزا في تعاملها مع الجرحى، بحيث أولت العناية لجرحى معينين ومحسوبين لأطراف معينة وأهملت البقية، فمثل هذه الأفعال تمثل تمييزا فاضحا ويعد مخالفة جسيمة وانتهاكا غير مبرر لأخلاقيات وقوانين الطب المعروفة في العالم، حيث ما زال عدد كثير منهم لم يتم معالجتهم ويأملون أن ينالوا حقوقهم بالاهتمام والرعاية».
ولفت الجريح وضاح لـ«الأيام» إلى أن «مهمة الحكومة تتمثل في تقديم الرعاية لكل مواطنيها وإيلاء الاحترام الواجب لجرحاها، فمعالجتهم يجب أن تجري بدون تمييز ولا استهتار، فمن هنا أناشدهم برعاية شؤون الجرحى وضمان علاجهم».
وأخيرا فإن الجريح وضاح لا يملك إلا أن يرفع يديه للسماء داعيا الله عز وجل أن يقرأ مأساته كل ضمير إنساني حي وأن يصل صوته إلى دول التحالف والمنظمات الدولية، وخاصة منظمتي (الصليب الأحمر) و(أطباء بلا حدود)، لمساعدته باستكمال علاجه حتى لا يفقد قدرته على الحركة بالكامل، عملا بأحكام مفهوم الرحمة باعتبارها إحدى الركائز الأساسية في دستور الإنسانية.
تقرير/ عبدالقادر باراس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى