في يوم عيدهم السنوي الأول من مايو.. عمال اليمن.. ما بين مُسرح ومقصي وبلا مرتب

> تقرير/ عبدالله مجيد

> يقضي معظم العمال في المحافظات الجنوبية يوم عيدهم السنوي الذي يصادف 1 مايو من كل عام، كأي يوم اعتادوا عليه، فليس هناك ما يُميّزه عن أيام الأسبوع الأخرى، بعد أن وجدوا أنفسهم في إجازة مفتوحة بل إجبارية لنحو ثلاثة عقود من الزمن.
حيث اتبع نظام علي عبدالله صالح بُعيد تحقيق الوحدة بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية في 22 مايو عام 1990م، اتبع نظام التسريح والإقصاء والتهميش المتعمد لكل كوادر وموظفي الجنوب من كل المرافق الحكومية، متجاوزين في ذلك مئات الآلاف من جميع القطاعات وفي مقدمتها السلك العسكري.
يقول علي فاضل، وهو أحد عمال مصنع الغزل والنسيج في العاصمة عدن: «يحتفل العمال في هذا اليوم الفاتح من مايو من كل عام بعيد خاص بهم يسمى بـ«عيد العمال» تكريماً للعامل على مستوى العالم، واعتزازاً لِما يقدمه طوال أيام العام في سيبل ازدهار وتنمية والنهوض ببلده، وكذا لدورهم الكبير وتفانيهم المستمر في ذلك، وهذا على مستوى الدول الأخرى، أما نحن فقد كافأتنا حكومة الوحدة مُبكراً بتسريحنا من أعمالنا قبل عشرين عاما، بل إنها قضت على المصنع الذي كان يضم مئات العمال كغيره من المصانع والمؤسسات الاقتصادية في دولة الجنوب والتي تزيد عن 25 مؤسسة ومصنع».
*ليس له معنى
ويضيف في حديثه لـ«الأيام»: «لقد تسببت ثقافة السطو والتدمير المُتبعة من قِبل نظام صنعاء عقب حربها الغاشمة على الجنوب إلى حرمان الآلاف من موظفي المصانع الخاصة بالدولة، وتركتهم من دون أي مصدر دخل، الأمر الذي جعلهم منذ ذلك الوقت أشبه ما يكونوا في إجازة إجبارية شديدة المرارة».
ويتابع ساخراً: «لا نريد عيداً فكل ما نريده هو إعادة مصانعنا ومؤسساتنا، حينها سنشعر أن كل يوم عمل لنا هو عيد، ليس لنا بل وأفراد أسرنا أيضا».
*بدايات العيد
وترجع الأسباب الأولى للاحتفال بهذا اليوم، إلى النزاعات التي شهدتها شيكاغو بين العمال وأرباب العمل لتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات، وفي هاميلتون، ثم في تورونتو عام 1886م، الأمر الذي أدى إلى ظهور قانون الاتحاد التجاري، الذي أضفى الصفة القانونية، وقام بحماية نشاط الاتحاد في عام 1872 في كندا.
ويعود عيد العمال في أصله إلي عام 1869 حيث شكّل في أمريكا عمال صناعة الملابس بفيلادلفيا ومعهم بعض عمال الأحذية والأثاث وعمال المناجم منظمة «فرسان العمل» كتنظيم نقابي يكافح من أجل تحسين الأجور وتخفيض ساعات العمل، قد اتخذوا من 1 مايو يوماً لتجديد المطالبة بحق العمال، قبل أن يتحول ليوم عالمي تحتفل به الكثير من دول العالم.
*نجوعهم أكثر
وعلّق أحد المواطنين ساخراً من إعلان حكومتا الشرعية والانقلاب الاحتفال بهذا اليوم على صفحته بالفيس بوك بالقول: «تصدقوا أن كلا من حكومة صنعاء وحكومة عدن أعلنتا أن اليوم الثلاثاء (أمس) إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال.. لكنهما اختلفتا على من يدفع مرتبات هؤلاء العمال.. وشعارهم اختلفنا من يحب الشعب أكثر واتقفنا أن نجوعهم أكثر».
*تزايد معاناة العمال
وتسببت الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي في سبتمبر عام 2014م وانقلابها على شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ومحاصرته وعدد من المسؤولين الكبار في الدولة إلى توقيف وتهديم وتعطيل معظم مؤسسات ومرافق الدولة، أجبر على إثرها الآلاف من العمال، ممن سُرّحوا أو تعطلت مرافق أعمالهم، على الالتحاق بجبهات القتال، أو بممارسة أعمال غير مناسبة وبعيدة عن تخصصاتهم.
عيد العمال
عيد العمال

وسُجّل خلال الثلاث السنين الماضية تزايد تردي الأوضاع المعيشية لموظفي الدولة، نتيجة لتوفق مرتباتهم وسيطرة المليشيات على جميع موارد الدولة في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، فيما شهدت مرتبات المحافظات المحررة تحسناً نسبياً مقارنة بغير المحررة.
*عمال في جبهات القتال
وألجأت الظروف المعيشية والأزمات الاقتصادية الصعبة وتردي العملة المحلية بمقابل الأجنبية بالعديد من موظفي الدولة للعمل في القطاع الخاص كأعمال البناء والمطاعم وغيرها لتجاوز ما هم فيه، بل إن هناك من اضطروا لبيع أثاث منازلهم وممتلكاتهم الثمينة والقيمة لمجابهة ظروف الحياة القاسية.
وأوضح المواطن علي محمود، وهو مالك محل تجاري في محافظة تعز، أنه «أُجبر على إغلاق محله الخاص ببيع الملابس منذ بدء سيطرة مليشيات الحوثي على المحافظة قبل ثلاثة أعوام».
وأكد محمود خلال اتصال هاتفي لـ«الأيام» أنه «توجه للمشاركة في إحدى جبهات القتال ليساهم بتحرير المحافظة من المليشيات، وليضمن له رقما عسكريا، ليكون مصدر دخل مستمر له ولأطفاله الأربعة في المستقبل».
كما دفع الوضع المعيشي المتردي بالآلاف من حملة الشهادات الجامعية العليا وشباب وكبار السن للالتحاق بالجبهات والتي أضحت مؤخراً قبلة يقصدها الكثيرون لتحسين أوضاعهم المادية وتوفير احتياجات أسرهم الضرورية.
*معاناة مستمر
وكانت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة للحكومة الشرعية قد كشفت في تقرير سابق لها في منتصف عام 2017م أن البطالة في البلاد باتت تتراوح ما بين 65 - 70 بالمائة من إجمالي القوى العاملة للأعوام الثلاثة السابقة، فضلاً عن الارتفاع في أسعار السلع والمواد الغذائية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في القدرة الشرائية، وتدني للمستوى المعيشي لفئات المجتمع الوسطى وما دونها».
وما بين احتلال للميشيات الحوثية لجميع المؤسسات والمرافق الحكومية الحيوية في المحافظات الشمالية الواقعة تحت سطوتها لأكثر من ثلاث سنين، وتسخير كل عوائدها لمصلحتها ولِما يسمى بالمجهود الحربي لمحاربة من تقول عليه بـ«العدوان الخليجي»، وعجز لسلطة شرعية التي تقضي معظم وقتها بخارج البلاد، سقط عمال الدولة وعامة الشعب في قعر المعاناة والفقر المدقع الذي لا يبدو أن نهايته ستكون قريبة.
تقرير/ عبدالله مجيد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى